بندر الغضيان
18 - 7 - 2003, 05:05 PM
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قال الله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، وأن سعيه سوف يرى } (النجم:39-40) .
يجيب الله سبحانه وتعالى بعد عدة أقسام بهذا الجواب العظيم ، على أن الإنسان مرتهن بعمله ، وأن استحقاقه بمقدار جده واجتهاده ، والمتبصر في الحياة يرى مكانة العلم ، وهي التي تسير دفة العالم من حولنا ، فجل بناظريك حول العالم المتقدم ترى أن العلم والوعي هما السببان الرئيسيان في تقدمه ، { ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسيرٌ } (الملك:4) ، يقول لك إن العلم نور في نور .
وأمتنا الإسلامية ، أمة اقرأ ، والتي - كما يقال - لا تقرأ ، بدأت رسالتها الخالدة بكلمة ( اقرأ ) ، ولم تبدأ بفرض صوم أو صلاة أو زكاة أو جهاد على أهمية ذلك ، وهو أمر مطلوب لبقاء الدين ، ذلك لأن العلم والتعليم دين ويقين يدعو إلى الإيمان بل هو من قوة الإيمان .
السؤال هنا : كيف نصنع جيلاً ناجحاً لمستقبلنا ، وكما أرادها الله أن تكون خير أمة أخرجت للناس ؟
ويبدو لي بأن الجواب ينحصر في الأمور التالية :
أولاً / إدارة عادلة واعية :
فمدير المدرسة ربان السفينة يديرها كيفما يشاء ، إن صلح صلحت أمور المدرسة كلها ، فالحكمة تقول : أعطني مديراً ناجحاً ، أعطك مدرسة ناجحة ، فقيادة بلا شعب كشعب بلا قيادة لا ينجح أحدهما إلا بالآخر .
والمدير الكفء يكون قدوة في كل شيء ، فعله قبل قوله ، وهو يجمع خلاصة أفكاره وتجاربه ليقدمها لمدرسيه ، فهو الأب الروحي لهذه المدرسة ، يسأل عن أحوال هذا المدرس وذاك التلميذ بقلب حنون عطوف يطبق العلاقات الإنسانية في معاملاته ، وتتدفق بين جوانبه الحكمة والحنكة والذكاء والأخلاق العالية الكريمة في كل تصرف من تصرفاته .
ثانياً / معلم مخلص كفء :
فالمدرس هو حجر الأساس للعملية التعليمية والمرتكز الذي يعول عليه تنفيذ المنهج المدرسي ، ومن المهم أن يكون هذا المدرس قد أُعد إعداداً جيداً لممارسة هذه المهنة ، وهي - رسالة الأنبياء - فيبدع ويبتكر ، يحلل ويركب ، يعمل بلا كلل أو ملل ، واسع الاطلاع وخياله يعانق حدود السماء ، بل لا حدود له ، يحلق مع طلابه في عالم الإبداع دون أن تقف أمامه أي معوقات أو مبررات كضيق المبنى أو النصاب الكامل ، أو مستوى التلاميذ وغير ذلك ، شغوفاً بالعلم وأهله ، وهو طالب علم لا يشبع وكأنه شارب ماء البحر ، كلما شرب ازداد عطشاً .
خلاصة القول : عندما تكون وزارة التربية والتعليم العقل المفكر فإن المعلم هو العقل المنفذ .
ثالثاً / ولي أمر متجاوب متعاون :
حيث لا تكتمل العملية التعليمية بدون رب الأسرة ، والذي لا تنحصر مسؤوليته فقط في توفير المأكل والمشرب *****كن ، ولكن التربية الصالحة تعتبر بحق حياة .
ونحن محتاجون إلى عشرات الكتب وعشرات المحاضرات عن التربية ليمكننا أن نتعامل مع أبنائنا والمرحلة التي يمرون بها على أساس علمي سليم ، وتعتبر التربية الصالحة عن طريق القدوة الحسنة أفضل مثال يحتذى به ، فعندما نأمر بالصدق نكون أول المسارعين إليه ، وعندما نطلب من أبنائنا - مثلاً - إقفال التلفزيون وعدم السهر عنده ونطلب منهم المذاكرة ، يكون واجبنا أن نحمل أي كتاب من المكتبة ليلاحظ حبنا وشغفنا بالعلم ، ليطابق القول العمل والنظرية بالتطبيق العملي .
رابعاً / تلميذ مجتهد مطيع :
فعندما يؤدي كل من المدير والمدرس وولي الأمر دوره ، وتكون الكرة في ميدان التلميذ ، لا بد له أن يستجيب لهذا الأمر فيؤدي دوره بتوفيق من الله ، وقد حثنا الدين الإسلامي على تنشئة الولد ورعايته حتى قبل ولادته من خلال اختيار الأم الصالحة ، ( اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس ) ، ثم في تسميته وتربيته ، قال رسول الله (ص) : " الولد سبع أمير ، وسبع أسير ، وسبع وزير " .
( التجارة الناجحة )
إخواني الأعزاء : هل أدلكم على تجارة تنجينا من خسارة تطلعنا للنجاح فقط ؟ إنه التفوق والتميز ينجينا من طموحنا الهزيل إلا وهو النجاح فقط ، فمن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه .
قال رسول الله (ص) : " اللهم لا تبقني ليوم لم أزدد فيه علماً " .
وفي رواية أخرى : " من تساوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان أمسه أفضل من يومه فهو ملعون " والعياذ بالله .
وغير ذلك من الأحاديث تحت شعار ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) . ولنرفع شعار انتهى زمن النجاح ليبدأ زمن التفوق .
فهذا أحد الأدباء يقول : " الدرس الأول يعلمنا أن البنيان هو الإنسان ، وإن الدرس الآخر يعلمنا إن الإنسان هو البنيان " .
أخواني الأعزاء : للتفوق ثمنه ، فنحتاج إلى تربية لا تعرف القنوط أو الانهزام أو الخنوع أو التراجع ، أن نصنع من الأبناء أشخاصاً حديديين فولاذيين من خلال تقوية إرادتهم ونفوسهم وتعويدهم على القوة الروحية والجسدية وخلق الهمم العالية .
ولنعلمهم كيف عاش علماؤنا الأفذاذ في الماضي ، الذين سطروا أسماءهم في صفحات التاريخ الخالد، وهم باقون ما بقي الدهر .
ولا بأس أن نأخذ العبرة من العلماء العالميين أمثال أديسون الذي قال له أحد أصدقائه : لقد أخفقت في أكثر من 10 آلاف تجربة لاختراع المصباح الكهربائي ، فلماذا لا تكف عن تضييع وقتك ومالك ؟ فقال أديسون : أخطأت ، لقد نجحت في اكتشاف 10 آلاف محاولة لا توصلني إلى ما أريد .
وما أجمل قول الشاعر المتنبي :
إذا غامرت في شرفٍ مروم فلا تقنع بما دون النجـوم
( التربية الصالحة مصنع الرجال )
فنعلم أبناءنا كيف تكون الحياة كفاحاً وجداً وعملاً ونجاحاً ، ولنعلمهم كيف يحفرون في الصخرة، ويزرعون في البر ، ويسقون من عرقهم الزرع .
إخواني : فقط .. وفقط .. وفقط … إذا أجدنا تربية الأبناء نستطيع أن نقول إننا أنشأنا جيلاً ناجحاً يعيد الأمجاد لأمتنا في مستقبلها المشرف .
فما أجمل أن نعيش مع أبنائنا الصغار المتفوقين لحظات التفوق ، لحظة بلحظة ، ثانية بثانية ، ونحن نترقب وجوههم ، في خوفهم وقلقهم ، في ترددهم وتوجسهم ، ثم في فرحهم وسرورهم .
نعم ، هكذا هو حال التلاميذ المجدين ، وما أجملها من أوقات سعيدة …
إنها لحظة التفوق ، إنها لحظة التميز .
منقول
قال الله تعالى : { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ، وأن سعيه سوف يرى } (النجم:39-40) .
يجيب الله سبحانه وتعالى بعد عدة أقسام بهذا الجواب العظيم ، على أن الإنسان مرتهن بعمله ، وأن استحقاقه بمقدار جده واجتهاده ، والمتبصر في الحياة يرى مكانة العلم ، وهي التي تسير دفة العالم من حولنا ، فجل بناظريك حول العالم المتقدم ترى أن العلم والوعي هما السببان الرئيسيان في تقدمه ، { ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسيرٌ } (الملك:4) ، يقول لك إن العلم نور في نور .
وأمتنا الإسلامية ، أمة اقرأ ، والتي - كما يقال - لا تقرأ ، بدأت رسالتها الخالدة بكلمة ( اقرأ ) ، ولم تبدأ بفرض صوم أو صلاة أو زكاة أو جهاد على أهمية ذلك ، وهو أمر مطلوب لبقاء الدين ، ذلك لأن العلم والتعليم دين ويقين يدعو إلى الإيمان بل هو من قوة الإيمان .
السؤال هنا : كيف نصنع جيلاً ناجحاً لمستقبلنا ، وكما أرادها الله أن تكون خير أمة أخرجت للناس ؟
ويبدو لي بأن الجواب ينحصر في الأمور التالية :
أولاً / إدارة عادلة واعية :
فمدير المدرسة ربان السفينة يديرها كيفما يشاء ، إن صلح صلحت أمور المدرسة كلها ، فالحكمة تقول : أعطني مديراً ناجحاً ، أعطك مدرسة ناجحة ، فقيادة بلا شعب كشعب بلا قيادة لا ينجح أحدهما إلا بالآخر .
والمدير الكفء يكون قدوة في كل شيء ، فعله قبل قوله ، وهو يجمع خلاصة أفكاره وتجاربه ليقدمها لمدرسيه ، فهو الأب الروحي لهذه المدرسة ، يسأل عن أحوال هذا المدرس وذاك التلميذ بقلب حنون عطوف يطبق العلاقات الإنسانية في معاملاته ، وتتدفق بين جوانبه الحكمة والحنكة والذكاء والأخلاق العالية الكريمة في كل تصرف من تصرفاته .
ثانياً / معلم مخلص كفء :
فالمدرس هو حجر الأساس للعملية التعليمية والمرتكز الذي يعول عليه تنفيذ المنهج المدرسي ، ومن المهم أن يكون هذا المدرس قد أُعد إعداداً جيداً لممارسة هذه المهنة ، وهي - رسالة الأنبياء - فيبدع ويبتكر ، يحلل ويركب ، يعمل بلا كلل أو ملل ، واسع الاطلاع وخياله يعانق حدود السماء ، بل لا حدود له ، يحلق مع طلابه في عالم الإبداع دون أن تقف أمامه أي معوقات أو مبررات كضيق المبنى أو النصاب الكامل ، أو مستوى التلاميذ وغير ذلك ، شغوفاً بالعلم وأهله ، وهو طالب علم لا يشبع وكأنه شارب ماء البحر ، كلما شرب ازداد عطشاً .
خلاصة القول : عندما تكون وزارة التربية والتعليم العقل المفكر فإن المعلم هو العقل المنفذ .
ثالثاً / ولي أمر متجاوب متعاون :
حيث لا تكتمل العملية التعليمية بدون رب الأسرة ، والذي لا تنحصر مسؤوليته فقط في توفير المأكل والمشرب *****كن ، ولكن التربية الصالحة تعتبر بحق حياة .
ونحن محتاجون إلى عشرات الكتب وعشرات المحاضرات عن التربية ليمكننا أن نتعامل مع أبنائنا والمرحلة التي يمرون بها على أساس علمي سليم ، وتعتبر التربية الصالحة عن طريق القدوة الحسنة أفضل مثال يحتذى به ، فعندما نأمر بالصدق نكون أول المسارعين إليه ، وعندما نطلب من أبنائنا - مثلاً - إقفال التلفزيون وعدم السهر عنده ونطلب منهم المذاكرة ، يكون واجبنا أن نحمل أي كتاب من المكتبة ليلاحظ حبنا وشغفنا بالعلم ، ليطابق القول العمل والنظرية بالتطبيق العملي .
رابعاً / تلميذ مجتهد مطيع :
فعندما يؤدي كل من المدير والمدرس وولي الأمر دوره ، وتكون الكرة في ميدان التلميذ ، لا بد له أن يستجيب لهذا الأمر فيؤدي دوره بتوفيق من الله ، وقد حثنا الدين الإسلامي على تنشئة الولد ورعايته حتى قبل ولادته من خلال اختيار الأم الصالحة ، ( اختاروا لنطفكم فإن العرق دساس ) ، ثم في تسميته وتربيته ، قال رسول الله (ص) : " الولد سبع أمير ، وسبع أسير ، وسبع وزير " .
( التجارة الناجحة )
إخواني الأعزاء : هل أدلكم على تجارة تنجينا من خسارة تطلعنا للنجاح فقط ؟ إنه التفوق والتميز ينجينا من طموحنا الهزيل إلا وهو النجاح فقط ، فمن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه .
قال رسول الله (ص) : " اللهم لا تبقني ليوم لم أزدد فيه علماً " .
وفي رواية أخرى : " من تساوى يوماه فهو مغبون ، ومن كان أمسه أفضل من يومه فهو ملعون " والعياذ بالله .
وغير ذلك من الأحاديث تحت شعار ( وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ) . ولنرفع شعار انتهى زمن النجاح ليبدأ زمن التفوق .
فهذا أحد الأدباء يقول : " الدرس الأول يعلمنا أن البنيان هو الإنسان ، وإن الدرس الآخر يعلمنا إن الإنسان هو البنيان " .
أخواني الأعزاء : للتفوق ثمنه ، فنحتاج إلى تربية لا تعرف القنوط أو الانهزام أو الخنوع أو التراجع ، أن نصنع من الأبناء أشخاصاً حديديين فولاذيين من خلال تقوية إرادتهم ونفوسهم وتعويدهم على القوة الروحية والجسدية وخلق الهمم العالية .
ولنعلمهم كيف عاش علماؤنا الأفذاذ في الماضي ، الذين سطروا أسماءهم في صفحات التاريخ الخالد، وهم باقون ما بقي الدهر .
ولا بأس أن نأخذ العبرة من العلماء العالميين أمثال أديسون الذي قال له أحد أصدقائه : لقد أخفقت في أكثر من 10 آلاف تجربة لاختراع المصباح الكهربائي ، فلماذا لا تكف عن تضييع وقتك ومالك ؟ فقال أديسون : أخطأت ، لقد نجحت في اكتشاف 10 آلاف محاولة لا توصلني إلى ما أريد .
وما أجمل قول الشاعر المتنبي :
إذا غامرت في شرفٍ مروم فلا تقنع بما دون النجـوم
( التربية الصالحة مصنع الرجال )
فنعلم أبناءنا كيف تكون الحياة كفاحاً وجداً وعملاً ونجاحاً ، ولنعلمهم كيف يحفرون في الصخرة، ويزرعون في البر ، ويسقون من عرقهم الزرع .
إخواني : فقط .. وفقط .. وفقط … إذا أجدنا تربية الأبناء نستطيع أن نقول إننا أنشأنا جيلاً ناجحاً يعيد الأمجاد لأمتنا في مستقبلها المشرف .
فما أجمل أن نعيش مع أبنائنا الصغار المتفوقين لحظات التفوق ، لحظة بلحظة ، ثانية بثانية ، ونحن نترقب وجوههم ، في خوفهم وقلقهم ، في ترددهم وتوجسهم ، ثم في فرحهم وسرورهم .
نعم ، هكذا هو حال التلاميذ المجدين ، وما أجملها من أوقات سعيدة …
إنها لحظة التفوق ، إنها لحظة التميز .
منقول