أبو همس
7 - 4 - 2006, 10:18 PM
هذه الكلمات الرائعة ألقيت من قبل رئيسة وحدة التربية الإسلامية في اللقاء التربوي بمديرات المدارس ، وهي نبراس لكل من يحمل رسالة ، ويرعى جيلاً ، فبوركت كاتبتها ، وقائلتها ، وكل من عمل بها .ومما جاء فيها :
روى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قال : لما أعطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما أعطى من تلك العطايا قريش
وفي قبائل العرب، و لم يكن للأنصار منها شيء و جد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة حتى قال قائلهم : لقى رسول صلى الله عليه وسلم قومه ...؟! فيغفرالله لرسول الله يعطى قريشاً ويتركنا
وسيوفنا تقطر دماً، فدخل سعد بن عباده فقال: يا رسول إن هذا الحي من الأنصار قد و جدوا عليك في أنفسهم في هذا الفيء الذي أصبت قسّمت في قومك , وأعطيت عطايا في قبائل العرب، و لم يكن لهذا الحي من الأنصار منها شيء .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟
قال : يا رسول الله ما أنا إلا أمرؤ من قومي .
قال: فاجمع لي قولك في هذه الحظيرة .. فأرسل إلى الأنصار فاجتمعوا في مكان أعد لهم , ولم يدع معهم أحدا غيرهم , ثم قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : ( يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم ؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي ؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ؟ وكنتم عالة فأغناكم الله بي ؟ )
وكلما قال لهم من هذا شيئاً قالوا : بلى .. الله ورسوله أمنّ وأفضل . ثم قال : ( ألا تجيبون يا معشر الأنصار ؟ ) .
قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ للهِ ولرسولهِ المنُّ و الفضلُ .
فقال صلى الله عليه وسلم : ( أما والله لو شئتم لقلتم , فلصدَقتم و لصدّقتم , أتيتنا مكذبا فصدقناك , و مخذولا فنصرناك , وطريدا فآويناك و عائلا فآسيناك ) فصاحوا : ( بل المن علينا لله ورسوله ).
ثم تابع رسول الله عليه الصلاة و السلام ( أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما لـيسلموا ووكـلتكم إلى إسلامكم ! ألا تــرضون يا معــشر الأنصـار أن يـذهـب الناس بالـــشاة
والبعير . وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالله لما تنقلبون به خيرا مما ينقلبون به والذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت إمرءا من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعباً , لسلكت شعب الأنصـار سـتلقون .. أثـرة من بعـدي فاصـبروا حـتى تلقوني عـلى الـحوض , اللهم ارحـم الأنــصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ) فـبكى الـقوم حتــى أخضلت لــحاهم , وقــــالوا
( رضينا بـالـله ورسوله قسماً وحظاً ونصيباً ) .
فـــوائـــد تــربـــوية :
1- أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجتمع الأنصار في مكان واحد و لم يدع معهم أحدا ... فهذا الأسلوب من الأساليب التربوية الناجحة لمعالجة الخطأ , حيث يكون هناك مجال واسع لفتح الحوار والمناقشة بدون وجود أطراف أخرى قد تتسبب في تأزم الموقف .
2- قيام الرسول صلى الله عليه وسلم بحمد الله والثناء عليه في بداية خطبته يعتبر ذلك مدخلاً لتهدئة النفوس وتهيئة الـجـو الإيماني فـتكـون الـقــلـوب بعـد ذلـك ســــاكنة و هـــادئة لتلــقي مـا يـقوله عــليه الـسـلام .
3- استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب استرجاع الذاكرة , و تذكر الفضائل قبل الحكم عـلى المــوقف الحالـــي
و الموازنة بين الأمرين فذكر فضله عليهم ( ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ربي , و كنتم متفرقين فألفكم الله ربي , و كنتم عالة فأغناكم الله بي ) حينئذ تذكروا فضله عليهم فهتفوا قائلين ( بلى , لله ولرسوله المن والفضل ) ومن ذلك يجب أن يستفيد الآباء والمربون في وقتنا الحاضر من هذا الجانب وهو عدم اتخاذ موقف شديد القسوة تجاه الفرد بمجرد خطأ بسيط في نظرنا دون أن ننظر إلى الإيجابيات العظيمة , بل علينا الموازنة والترجيح .
4- عندما سأل عليه الصلاة و السلام ( ألا تجيبون يا معشر الأنصار )؟ هذا السؤال يدل على أنه أراد أن يعطيهم الفرصة لإبداء رأيهم حتى يستفرغ ما في نفوسهم , وهذا هو أسمى وأرقى معاني حرية التعبير عن النفس دون وجود الضغوط الكابحة.
فمن منا تعالج القضايا بهذا المستوى التربوي الرفيع ؟
5- قول الأنصار بماذا نجيبك يا رسول الله , لله ولرسوله الفضل والمنّة , يدل دلالة واضحة على استمرارية الالتزام الخلقي والأدب الرفيع مع الرسول صلى الله عليه وسلم وهم في أحرج موقف وهذه ومضة تربوية تكون وساماً لرسول الله الذي ربى تلك النفوس التي استطاعت أن تثمر نتائج إيجابية رفيعة المستوى في أشد المواقف .
6- استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب المحاماة , وهذا ما ينادون به في القوانين الوضعية المعاصرة فلقد نصب نفسه محامياً عن الأنصار فتكلم عنهم بلسانه عن حقائق... تلك الحقائق تظهر فضلهم عليه فقال عليه الصلاة و السلام ( أما ولله لـو شئتم لـقلتم فلـصدقتم و لـصـدقتم آتيتنا مـكـذباً فــصــدقــنــاك
ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك , وعائلاً فآسيناك )
أخــتـي الــحـبيبة :إنها كلمات صادقة محكمة نطق بها أسمى محام عرفته البشرية , أرأيت محامياً يترافع ضد نفسه !! إنها النبوة وعندما قال ذلك أكد ما في نفوسهم بلسانه عليه الصلاة والسلام وهذا هو السمو التربوي الذي يجب أن يقتبس منه المربون والآباء فيذكرون فضائل أبنائهم أوالمتعلمين فيكون ذلك أدعى لتقبلهم التوجيه والإرشاد من آبائهم أو معلميهم .
7- من الضرورة التربوية تفسير وتوضيح سبب إعطائه عليه الصلاة والسلام لأهل مكة , فقد فسر عليه الصلاة و السلام سبب إعطائه لهم وذلك عندما قال ( أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم من أجل لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا ) فإذاً السبب ليس القرابة إنما كان ذلك من صلب الدعوة
وهو الرغبة في إسلامهم , فالهدف من العطاء الوصول لغاية سامية وهي الإسلام وهل هناك أفضل من هذا الهدف ؟ وبذلك استطاع الرسول عليه الصلاة و السلام أن يزيل الغشاوة عن النفوس التي حاول الشيطان أن يستثمرها . وكذلك المربي يجب عليه أن يوضح ويفسر كل عمل يعتقد أنه غامض على من حوله , وذلك حتى لا يجعل للشيطان مدخلاً يدخل منه فيعظمه في نفوس المتعلمين .
8- قول الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصار ( ووكلتكم إلى إسلامكم ) يدل دلالة واضحة أنه عليه الصلاة والسلام كان معتقداً اعتقاداً جازماً باستقرار الإيمان في نفوسهم رضي الله عنهم , ووكلهم إلى الإسلام ولم يقل ذلك إلا نتيجة تربيته لهم , والعلاقة الوطيدة بينه وبينهم فعرف ما في نفوسهم من محبتهم لدين الله
وهكذا يجب أن يكون المربون والآباء مدركين لنفسيات الأبناء والمتعلمين .
9- (ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة و البعير و ترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟)
ما أبلغة من سؤال !!
إنه سؤال استثار الجانب الوجداني للأنصار رضي الله عنهم فأراد عليه الصلاة والسلام أن يبين الفرق بين اختيار الناس و اختيارهم فعندما يختار الناس الشاة والبعير فهم يختارون نبيهم .
وهل هناك مقارنة بين الاختيارين ؟ فتلك المقولة تدفع النفس والفكر والوجدان في كشف الحقائق الصادقة عن مدى حب الرسول صلى الله عليه وسلم ( المعلم ) للمتعلمين ( الأنصار رضي الله عنهم ) ولا تنجح العملية التربوية و التعليمية في تحقيق أهدافها إلا بوجود المحبة المتبادلة بين المعلم والمتعلم .
10- أراد صلى الله عليه وسلم أن يثبت محبته لهم فقال ( لو سلك الناس شعباً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار و لم ينسهم في الآخرة فقال : ( فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ) فإن كسب الناس الشاة والبعير , فالأنصار كسبوا الدنيا والآخرة ففي الدنيا : عودة رسول الله معهم ومحبته لهم وفي الآخرة : اللقاء بصاحب الخلق العظيم عند حوض الكوثر وأيضاً طلب الرحمة لهم ولأبنائهم وأبناء أبنائهم
( اللهم ارحم الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ) .
وجاءت بعد ذلك نتائج تلك الموعظة النبوية التربوية فبكى القوم حـتـى أخضلت لـحـاهـم من الــبـكـاء , وبهذا عالج الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الموقف بتلك الخطبة الإيمانية التربوية .
11- ( قول بعض الأنصار يغفر الله لرسول الله يعطي قريشاً و سيوفنا تقطر بدمائهم ) أنه ينبغي على من يشك في أمر ما .. لا يجد له تفسيراً واضحاً أن يلتقي بمسئوله أو رئيسه ويحاوره محاورة هادئة
ويستفسر منه عن سبب ذلك ولا يجعل للشيطان مدخلاً لتعظيم الأمور لتستمر العلاقة بين المعلم والمتعلم بدلاً من أن تتحطم على أبواب اختلاقات وأوهام من طرف واحد .
أختي الكريمة :حقا لقد بلغ هذا الرسول الكريم صلوات ربي و سلامه عليه أعلى درجات الكمال البشري
إنه القائد الفذ والمربي الناجح عليه الصلاة والسلام .... إن اللسان ليعجز عن التعبير في وصف مدى النجاح الذي حققه هذا القائد العظيم عليه الصلاة والتسليم في معالجته لأعسر وأشد المواقف متخذاً
( الحكمة , والحب , والتواضع , والصراحة , إعطاء كل ذي حق حقه ) وسائل لتهدئة النفوس فإذا بها تعود خاضعة محبة نادمة لا تملك إلا التسليم بكل رضا .
وصدق الله العلي العظيم حيث يقول :
( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) .
دعوة : ( لقراءة سيرته عليه الصلاة و السلام ثم دراستها و تطبيقها فإن في ذلك الفوز و النجاح في الدارين )
والحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على الرسول الفاضل الأمين ,,
بتصريف عن كتاب : من أساليب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في التربية لخالد نجيب العامر
إعداد : وحدة التربية الإسلامية بمحافظة الطائف .( منقول )
روى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قال : لما أعطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما أعطى من تلك العطايا قريش
وفي قبائل العرب، و لم يكن للأنصار منها شيء و جد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القالة حتى قال قائلهم : لقى رسول صلى الله عليه وسلم قومه ...؟! فيغفرالله لرسول الله يعطى قريشاً ويتركنا
وسيوفنا تقطر دماً، فدخل سعد بن عباده فقال: يا رسول إن هذا الحي من الأنصار قد و جدوا عليك في أنفسهم في هذا الفيء الذي أصبت قسّمت في قومك , وأعطيت عطايا في قبائل العرب، و لم يكن لهذا الحي من الأنصار منها شيء .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟
قال : يا رسول الله ما أنا إلا أمرؤ من قومي .
قال: فاجمع لي قولك في هذه الحظيرة .. فأرسل إلى الأنصار فاجتمعوا في مكان أعد لهم , ولم يدع معهم أحدا غيرهم , ثم قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : ( يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم ؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله بي ؟ وكنتم متفرقين فألفكم الله بي ؟ وكنتم عالة فأغناكم الله بي ؟ )
وكلما قال لهم من هذا شيئاً قالوا : بلى .. الله ورسوله أمنّ وأفضل . ثم قال : ( ألا تجيبون يا معشر الأنصار ؟ ) .
قالوا : بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ للهِ ولرسولهِ المنُّ و الفضلُ .
فقال صلى الله عليه وسلم : ( أما والله لو شئتم لقلتم , فلصدَقتم و لصدّقتم , أتيتنا مكذبا فصدقناك , و مخذولا فنصرناك , وطريدا فآويناك و عائلا فآسيناك ) فصاحوا : ( بل المن علينا لله ورسوله ).
ثم تابع رسول الله عليه الصلاة و السلام ( أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما لـيسلموا ووكـلتكم إلى إسلامكم ! ألا تــرضون يا معــشر الأنصـار أن يـذهـب الناس بالـــشاة
والبعير . وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟ فوالله لما تنقلبون به خيرا مما ينقلبون به والذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت إمرءا من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلك الأنصار شعباً , لسلكت شعب الأنصـار سـتلقون .. أثـرة من بعـدي فاصـبروا حـتى تلقوني عـلى الـحوض , اللهم ارحـم الأنــصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ) فـبكى الـقوم حتــى أخضلت لــحاهم , وقــــالوا
( رضينا بـالـله ورسوله قسماً وحظاً ونصيباً ) .
فـــوائـــد تــربـــوية :
1- أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجتمع الأنصار في مكان واحد و لم يدع معهم أحدا ... فهذا الأسلوب من الأساليب التربوية الناجحة لمعالجة الخطأ , حيث يكون هناك مجال واسع لفتح الحوار والمناقشة بدون وجود أطراف أخرى قد تتسبب في تأزم الموقف .
2- قيام الرسول صلى الله عليه وسلم بحمد الله والثناء عليه في بداية خطبته يعتبر ذلك مدخلاً لتهدئة النفوس وتهيئة الـجـو الإيماني فـتكـون الـقــلـوب بعـد ذلـك ســــاكنة و هـــادئة لتلــقي مـا يـقوله عــليه الـسـلام .
3- استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب استرجاع الذاكرة , و تذكر الفضائل قبل الحكم عـلى المــوقف الحالـــي
و الموازنة بين الأمرين فذكر فضله عليهم ( ألم آتكم ضلالا فهداكم الله ربي , و كنتم متفرقين فألفكم الله ربي , و كنتم عالة فأغناكم الله بي ) حينئذ تذكروا فضله عليهم فهتفوا قائلين ( بلى , لله ولرسوله المن والفضل ) ومن ذلك يجب أن يستفيد الآباء والمربون في وقتنا الحاضر من هذا الجانب وهو عدم اتخاذ موقف شديد القسوة تجاه الفرد بمجرد خطأ بسيط في نظرنا دون أن ننظر إلى الإيجابيات العظيمة , بل علينا الموازنة والترجيح .
4- عندما سأل عليه الصلاة و السلام ( ألا تجيبون يا معشر الأنصار )؟ هذا السؤال يدل على أنه أراد أن يعطيهم الفرصة لإبداء رأيهم حتى يستفرغ ما في نفوسهم , وهذا هو أسمى وأرقى معاني حرية التعبير عن النفس دون وجود الضغوط الكابحة.
فمن منا تعالج القضايا بهذا المستوى التربوي الرفيع ؟
5- قول الأنصار بماذا نجيبك يا رسول الله , لله ولرسوله الفضل والمنّة , يدل دلالة واضحة على استمرارية الالتزام الخلقي والأدب الرفيع مع الرسول صلى الله عليه وسلم وهم في أحرج موقف وهذه ومضة تربوية تكون وساماً لرسول الله الذي ربى تلك النفوس التي استطاعت أن تثمر نتائج إيجابية رفيعة المستوى في أشد المواقف .
6- استخدم الرسول صلى الله عليه وسلم أسلوب المحاماة , وهذا ما ينادون به في القوانين الوضعية المعاصرة فلقد نصب نفسه محامياً عن الأنصار فتكلم عنهم بلسانه عن حقائق... تلك الحقائق تظهر فضلهم عليه فقال عليه الصلاة و السلام ( أما ولله لـو شئتم لـقلتم فلـصدقتم و لـصـدقتم آتيتنا مـكـذباً فــصــدقــنــاك
ومخذولاً فنصرناك وطريداً فآويناك , وعائلاً فآسيناك )
أخــتـي الــحـبيبة :إنها كلمات صادقة محكمة نطق بها أسمى محام عرفته البشرية , أرأيت محامياً يترافع ضد نفسه !! إنها النبوة وعندما قال ذلك أكد ما في نفوسهم بلسانه عليه الصلاة والسلام وهذا هو السمو التربوي الذي يجب أن يقتبس منه المربون والآباء فيذكرون فضائل أبنائهم أوالمتعلمين فيكون ذلك أدعى لتقبلهم التوجيه والإرشاد من آبائهم أو معلميهم .
7- من الضرورة التربوية تفسير وتوضيح سبب إعطائه عليه الصلاة والسلام لأهل مكة , فقد فسر عليه الصلاة و السلام سبب إعطائه لهم وذلك عندما قال ( أوجدتم يا معشر الأنصار في أنفسكم من أجل لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا ) فإذاً السبب ليس القرابة إنما كان ذلك من صلب الدعوة
وهو الرغبة في إسلامهم , فالهدف من العطاء الوصول لغاية سامية وهي الإسلام وهل هناك أفضل من هذا الهدف ؟ وبذلك استطاع الرسول عليه الصلاة و السلام أن يزيل الغشاوة عن النفوس التي حاول الشيطان أن يستثمرها . وكذلك المربي يجب عليه أن يوضح ويفسر كل عمل يعتقد أنه غامض على من حوله , وذلك حتى لا يجعل للشيطان مدخلاً يدخل منه فيعظمه في نفوس المتعلمين .
8- قول الرسول صلى الله عليه وسلم للأنصار ( ووكلتكم إلى إسلامكم ) يدل دلالة واضحة أنه عليه الصلاة والسلام كان معتقداً اعتقاداً جازماً باستقرار الإيمان في نفوسهم رضي الله عنهم , ووكلهم إلى الإسلام ولم يقل ذلك إلا نتيجة تربيته لهم , والعلاقة الوطيدة بينه وبينهم فعرف ما في نفوسهم من محبتهم لدين الله
وهكذا يجب أن يكون المربون والآباء مدركين لنفسيات الأبناء والمتعلمين .
9- (ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة و البعير و ترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟)
ما أبلغة من سؤال !!
إنه سؤال استثار الجانب الوجداني للأنصار رضي الله عنهم فأراد عليه الصلاة والسلام أن يبين الفرق بين اختيار الناس و اختيارهم فعندما يختار الناس الشاة والبعير فهم يختارون نبيهم .
وهل هناك مقارنة بين الاختيارين ؟ فتلك المقولة تدفع النفس والفكر والوجدان في كشف الحقائق الصادقة عن مدى حب الرسول صلى الله عليه وسلم ( المعلم ) للمتعلمين ( الأنصار رضي الله عنهم ) ولا تنجح العملية التربوية و التعليمية في تحقيق أهدافها إلا بوجود المحبة المتبادلة بين المعلم والمتعلم .
10- أراد صلى الله عليه وسلم أن يثبت محبته لهم فقال ( لو سلك الناس شعباً وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار و لم ينسهم في الآخرة فقال : ( فاصبروا حتى تلقوني على الحوض ) فإن كسب الناس الشاة والبعير , فالأنصار كسبوا الدنيا والآخرة ففي الدنيا : عودة رسول الله معهم ومحبته لهم وفي الآخرة : اللقاء بصاحب الخلق العظيم عند حوض الكوثر وأيضاً طلب الرحمة لهم ولأبنائهم وأبناء أبنائهم
( اللهم ارحم الأنصار وأبناء أبناء الأنصار ) .
وجاءت بعد ذلك نتائج تلك الموعظة النبوية التربوية فبكى القوم حـتـى أخضلت لـحـاهـم من الــبـكـاء , وبهذا عالج الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الموقف بتلك الخطبة الإيمانية التربوية .
11- ( قول بعض الأنصار يغفر الله لرسول الله يعطي قريشاً و سيوفنا تقطر بدمائهم ) أنه ينبغي على من يشك في أمر ما .. لا يجد له تفسيراً واضحاً أن يلتقي بمسئوله أو رئيسه ويحاوره محاورة هادئة
ويستفسر منه عن سبب ذلك ولا يجعل للشيطان مدخلاً لتعظيم الأمور لتستمر العلاقة بين المعلم والمتعلم بدلاً من أن تتحطم على أبواب اختلاقات وأوهام من طرف واحد .
أختي الكريمة :حقا لقد بلغ هذا الرسول الكريم صلوات ربي و سلامه عليه أعلى درجات الكمال البشري
إنه القائد الفذ والمربي الناجح عليه الصلاة والسلام .... إن اللسان ليعجز عن التعبير في وصف مدى النجاح الذي حققه هذا القائد العظيم عليه الصلاة والتسليم في معالجته لأعسر وأشد المواقف متخذاً
( الحكمة , والحب , والتواضع , والصراحة , إعطاء كل ذي حق حقه ) وسائل لتهدئة النفوس فإذا بها تعود خاضعة محبة نادمة لا تملك إلا التسليم بكل رضا .
وصدق الله العلي العظيم حيث يقول :
( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) .
دعوة : ( لقراءة سيرته عليه الصلاة و السلام ثم دراستها و تطبيقها فإن في ذلك الفوز و النجاح في الدارين )
والحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على الرسول الفاضل الأمين ,,
بتصريف عن كتاب : من أساليب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في التربية لخالد نجيب العامر
إعداد : وحدة التربية الإسلامية بمحافظة الطائف .( منقول )