ام بيان
14 - 6 - 2006, 10:02 PM
أخوتي الأعزاء السلام عليكم ورحمة الله ...
نقلت لكم هذا الموضوع ..
وبإذن الله فيه الخير الكثير لأبناء هذا الجيل ..
في هذا الموضوع المهم نفصّل -بإذن الله تعالى- ست مهارات مهمة، وهي:
1 – اترك محاضراتك.
2 – اختصر إجابتك.
3 – قلّل أسئلتك.
4 – اختر أسئلتك.
5 – تكلم لمجرد الحديث.
6 – صارح ابنك المراهق.
المهارة الأولى من مهارات الحديث كصديق، هي:
اترك محاضراتك:
كثير من جلسات الآباء مع الأبناء فيها محاضرات طويلة، ويتكرر فيها تشغيل شريط معين لكل مناسبة، فإذا تشاجر الولد مع أخيه يشغل الأب محاضرة "عيب عليك"، وإذا ضرب الأب ولده وأنّبه ضميره بعد ذلك شغل محاضرة "أنا أحبكم وضربتكم لأجل مصلحتكم".
الولد يقول في قراره: يا الله هذه عاشر مرة أسمع فيها نفس الكلام، الكلام بهذه الطريقة لا يفيد كثيراً، لذلك نستطيع أن نتخيل مدى نجاح أو فشل التعليم النظامي الذي يقوم على تلقي الكلام من المعلمين ست ساعات يومياً لمدة 12 سنة على الأقل، فيخرج أولادنا وهم لا يحسنون الكلام مع الناس، ولا يعرفون الاستماع لغيرهم، بالإضافة إلى أنهم ينسون كل ما أخذوه؟
12 سنة من عمر الإنسان ثمن غالٍ جداً، لمجرد شهادة ومن أجل وظيفة!
الأب الحكيم يحاول أن يجعل كلامه مختصراً ومحدد الهدف، وإن كان لا بد أحياناً من بعض المحاضرات فلتكن محاضرات وقائية قبل الخطأ وليست علاجية بعد الخطأ، وبذلك تخلص ابنك من ضغط الاتهام ومسؤولية الدفاع عن النفس وتحوله إلى شريك في الكلام يساهم معك في إثبات صحة ما تقوله من خلال تجاربه الشخصية ويتحول من معارض إلى مُغَيِّر.
توقفك عن إلقاء المحاضرات إلا القليل من التوجيهات الوقائية والمختصرة قدر الإمكان سيضاعف تأثير الكلام وفائدته، لذلك دعنا نستبدل المحاضرات الطويلة والمملة بخير الكلام وخير الكلام ما قلّ ودلّ، أحياناً نقع في المحاضرات بسبب إسهابنا في الإجابة عن سؤال سأله المراهق.
المهارة الثانية: اختصر إجاباتك:
يميل الآباء للتحدث كثيراً وإظهار ثقافتهم الواسعة أمام أبنائهم، فإذا سأله ابنه سؤالاً محدداً يجيب الأب ويتفرع في الإجابة ويطيل ويأخذ راحته والابن مهما يكن بشر يمل، وحبه واحترامه لوالده يمنعه أن يقول: يا أبتِ يكفي، ولذلك تلاحظ اختفاء أي علامة اهتمام، ينتظر فقط متى يعتقه أبوه، والأب مسترسل في الكلام كأن الولد يقول في نفسه: أنا غلطان أني سألتك - قيمة كلام هذا الأب مهما كانت لن تكون بقيمة كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم- ورغم ذلك كان - عليه الصلاة والسلام- يتخير الأوقات المناسبة في كلامه يخشى أن يمل الصحابة الذين هم أكثر تشوقاً لحديثه - عليه الصلاة والسلام- من تشوق الأبناء لحديث هذا الأب، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يتخولنا في الأيام بالموعظة كراهة السآمة علينا" رواه البخاري ومسلم.
لذلك وجب إصلاح هذا الخلل في كلامنا، ليس فقط مع المراهقين، بل حتى مع الطفل الصغير، ويكفينا ويكفيه الإجابة على قدر سؤاله، هذا إذا كنا نريده أن يسأل مرة ثانية.
المهارة الثالثة: قلل أسئلتك:
يقول الدكتور عبد الكريم بكار في كتابه (دليل التربية الأسرية) علينا أن نحذر من الاستقصاء ومحاولة التحقق من كل صغيرة وكبيرة في حياته، إذ ليس هناك أي مصلحة في أن ينكشف الابن أمامنا على نحو تام، ويقول الحسن البصري: "ما استقصى كريم قط"، وقال سفيان الثوري: ما زال التغافل من شيم الكرام، ويقول الشاعر:
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي
هذا القدر من التغافل المعقول يريحنا أولاً ثم يريح أبناءنا من الأسئلة الكثيرة، وبالذات الأسئلة العادية والصغيرة هذه الأسئلة مهما كانت عادية وصغيرة تمثل سلطة وسيطرة، وهذا الذي يحتاج المراهق أن يتخلص منه ولو ظاهرياً، حتى تستمد شخصيته شيئاً من القوة والاستقلال بذاته عن والديه، ولذلك تجده يجيب باختصار وضيقة نفس ويترهب منها، والأهل يظنون خطأ أنه مخف شيئاً أو فعل فعلاً خاطئا، ويشكون فيه والأفكار تكثر وهو ما عمل شيئاً مجرد أنه يتضايق من الأسئلة..
تخيلي يا أختي الفاضلة الضيق الذي يشعر به الزوج مثلاً عندما تكثرين عليه الأسئلة، وكل دقيقة تفتحين له محضراً (سين جيم، سين جيم) يتضايق الزوج ولن يتحمل، كذلك المراهق عندما يجد سلطة واضحة أو سيطرة مباشرة عليه.
أخي الفاضل أختي الفاضلة، رغم تقليل الأسئلة تستطيعون أن تعرفوا أكثر عن حياة ابنكم والمعلومات التي تطمئنكم من خلال المهارة الرابعة من المهارات، وهي: اختر أسئلتك.
المهارة الرابعة: اختر أسئلتك:
مثلاً تريد أن تعرف شيئاً عن صديق ابنك الجديد ؟ لست بحاجة لأن تلبس ملابس الشرطة، وتسأل: ما اسم صاحبك؟ من والده؟ ماذا تعملون مع بعض؟ وأين تذهبون؟
تستطيع أخذ أضعاف هذه المعلومات من خلال الصداقة التي بينك وبين ابنك، اختر له سؤالاً مفتوحاً، مثلاً: كلمني عن صاحبك فلان، ما أكثر شيء أعجبك فيه؟ إذا كنت تريد أن تعرف شيئاً عن المكان الذي قصداه يمكن أن تسأل مثلاً ما أكثر ما أعجبك في مشوار اليوم، سؤال يطلب المعلومة ويمنح الثقة والمحبة في نفس الوقت، إذن اختر أسئلة غير مباشرة، وكذلك تحتوي على شيء يشجعه على الكلام ويشعره بالأمان والراحة، وكل ما اهتممت باختيار أسئلتك أتتك معلومات أكثر دون بحث عنها لكن تظل عند المراهقين بعض الأسرار الخاصة، وهذا طبيعي، يقول الدكتور مأمون المبيض في كتابه (أولادنا من الطفولة إلى الشباب): "من غير المعقول أن تتوقع أن يخبرك المراهق بكل شيء في حياته فهو يهوى أن تكون له أسراره التي تشعره باستقلاله وحريته".ا.هـ
العنصر الرابع: شاركه المتعة:
(13) سنة عمر محمد حينما عرض عليه أبوه أن يشركه في هوايته المفضلة وهي رياضة الغوص، وفعلاً تدربوا عليها وعلى الاستعداد لرحلاتها والتعاون مع معداتها من بذلة غوص وأسطوانة أوكسجين وبقية التجهيزات، وكيف يتصرفون في المواقف الطارئة، صار محمد ووالده يشكلون ثنائياً مميزاً في فريق الغوص يستمتعون معاً في مخلوقات الله، ويستمتعون بقربهم من بعض حتى تحت سطح الماء.
سألتُ محمد عن أثر هذه الهواية المشتركة مع والده على علاقتهم وعليه هو شخصياً قال: علاقتي بوالدي ممتازة جداً صارت عندنا اهتمامات مشتركة تأمل معي أخي القارئ العبارات القادمة يقول: وصرت أقضي معه وقتاً أطول لوحدنا، وهذا هو الشيء الذي أحبه يقول أيضاً: الغوص قربني من أبي كثيراً، وأعطاني ثقة أكبر في نفسي، أحس أني أعمل شيئاً، كثيرون لا يعرفون كيف يعملونه،ثم الغوص علمني الجرأة والخشونة والحذر والصبر والاعتماد على النفس، مثلاً تجهيزات الغوص ثقيلة ومتعبة في نقلها وحملها والعناية بها، ومع ذلك عودني أبي أنه لا يساعدني لكي أكون مسئولاً عن نفسي مسؤولية كاملة،
نقضي في الرحلة البحرية يوماً كاملاً تحت الشمس الحارة، وأحياناً يتعبنا الموج ودوار البحر، وأيضاً لابد أن ننتبه من الكائنات البحرية الخطرة، سألت أبا محمد نفس السؤال عن أثر اشتراكهم في الهواية على علاقتهم وعلى شخصية ابنه، قال: الآن لا أشعر أن بيني وبين محمد أي حواجز، علاقتنا صداقة أكثر من أي شيء آخر، والحمد لله رب العالمين، الهواية أكسبت محمداً خبرة اجتماعية جيدة من خلال اشتراكنا باستمرار مع فرق الغوص، وأكسبته صفات كثيرة وحلوة، كنت فقط خائفاً أنه يمل منها، لكن الحمد لله صار محباً للغوص أكثر مني، وحصل على عدة جوائز فيه. ا.هـ.
هذا النشاط المشترك بين الأب وابنه لا أشك أنه ساهم في إشباع الكثير من حاجات محمد النفسية، وساعده على تحقيق إنجازات أكثر روعة من رياضة في الغوص، إنجازات يتمناها كل أب لابنه محمد الآن عمره (15 سنة)، وترتيبه الأول على المدرسة، و- بفضل الله- أتم حفظ القرآن الكريم كاملاً.. نسأل الله - تعالى- أن يبارك في حفظه، وأن يجعله وإخوته قرة عين لوالديهم، وأن يجزي من رباه خير الجزاء.
مشاركة الابن مع والده في نشاط ممتع وإيجابي ليس فقط عاملاً مساعداً على تميز الابن وبناء شخصيته، بل حتى في علاجه من بعض الأمراض والمتاعب النفسية.
تأملوا معي قصة أبي عمر لم يوفق أبو عمر في ****ه الأول وانتهت الأمور إلى الطلاق، بعد مدة لاحظ أن ابنه عمر، وعمره (9 سنين) بعدما كان يتكلم بشكل طبيعي بدأ يتلعثم في الكلام ويتعثر في النطق ويتأتيء كثيراً، استمرت المشكلة، راجع إحدى عيادات النطق والكلام لكي يأخذ تدريبات لحركات اللسان ونطق الحروف، ولكن بدون فائدة، الحقيقة لم يكن محتاجاً لهذا النوع من العلاج، هذا الذي فهمه أبو عمر لما قال له أحد الأطباء: المتاعب النفسية لها ظواهر خارجية، وإذا لم نعالج الناحية النفسية قد تعود المشكلة من جديد بعد مدة كان سن عمر (11 سنة) لما قرر والده قراراً مهماً، وهو أن يتدرب مع أبنائه على ركوب الخيل ويشتركون جميعاً في نادي الفروسية، وبالفعل ارتبطوا بالخيل، وأصبحت هوايته الجميلة وجزءاً من حياتهم فيها تنافسهم وعنها أحاديثهم تكسرت خلالها الحواجز بين الأب وأبنائه، وتكسرت معه المخاوف في نفوس الأبناء، وأهدتهم الفروسية الكثير من الثقة بالنفس والخشونة والرجولة والشجاعة، وبدأ عمر يتخلص تدريجياً من التلعثم حتى اختفت تماماً - بحمد الله- وانقلب ضعفه إلى قوة، سألت أبا عمر عن آثار اشتراكهم في الهواية على علاقته بابنه، فقال بالحرف الواحد: عمر ولدي الآن (15 سنة) لو قلت لك: تكسرت الحواجز بيننا فهذا قليل بالنسبة للحقيقة، الأمر أكثر من هذا، صرنا أصدقاء بمعنى الكلمة، وهذا أهم شيء. انتهى كلامه.
هنيئاً للأب بابنه وهنيئاً للابن بوالده الذي استثمر وقته وجهده في أعظم ثروة -مع ابنه- إذن نشترك مع أبنائنا وبناتنا في نشاط ممتع، ومن لم يستطع أن يتفرغ لأبنائه لظروف حقيقية فهو معذور فعلاً، فلا أقل من انتهاز الفرصة السانحة للمشاركة في اللعب، سواءً في المنزل أو خارجه، واستمتِعْ بصداقة أبنائك كما يستمتع بها أبو محمد وأبو عمر وغيرهم كثير، وسترى أبناءك يشتركون معك في أعظم ما يقوي العلاقة، يشتركون معك في أغلى شيء وأعظم أمانة وسر الوجود يشتركون معك في عبادة الله الواحد القهار، وهذا هو العنصر الخامس من عناصر بناء الصداقة.
العنصر الخامس: شاركه العبادة:
المراهقون والمراهقات مهيئون تماماً للتدين والاستقامة على الدين بطبيعتهم كمراهقين يقول معروف زريق في كتابه (خفايا المراهقة): "يحقق الدين بالنسبة للمراهق ارتياحاً نفسياً واطمئناناً داخلياً بعد أزمات عنيفة مرت به وأحدثت هزات في كيانه، فهو ملاذ أمين يلجأ إليه المراهق كلما عصفت به مشكلة"ا.هـ.
سبحان الله كما أن الله فجر الناحية الجنسية لدى المراهقين فإنه برحمته وحكمته - سبحانه وتعالى- قابلها بتفجر الناحية الروحية والتعلق بالله، وأما الفئة غير المتدينة من المراهقين فإنك تجد حتماً صارفاً صرفهم عن طبيعتهم، إما أصدقاء سوء أو أجهزة فساد تحارب التقوى في قلوبهم، والأصل أن الفرصة مهيأة لك تماماً أيها الأب وأيتها الأم لاستخدام صمام الأمان الحقيقي لابنك في الدنيا والآخرة، وهو: علاقته بالله، فقط تجنب التوجيه المباشر بقدر الإمكان لكون المراهقين حساسين وينزعجون من الأسلوب الإملائي المباشر، الذي يثير عنادهم، لذلك استخدم التوجيه غير المباشر بقدر الإمكان حتى إذا شعرت أنك نجحت في ربط ابنك بالله ووفقك الله للإخلاص، وشعر ابنك أن نصائحك فعلاً إرضاءً لله، وليس لتحكم فيه وفرض السلطة عليه باسم الدين، عندها تفيد النصائح المباشرة ويتقبلها، وخصوصاً إذا كانت موجزة ومختصرة، تركز فيها على الأمور المهمة والأساسية،وتتجنب غيرها.
هذا لقمان عندما ربط ابنه بالله أهدى نصائحه العظيمة، وجعل نصائحه موجزة مختصرة، وركز فيها على الأمور المهمة والأساسية وتجنب غيرها، ورغم الإيجاز والاختصار والاكتفاء بالقضايا الكبرى لم ينس حاجة ابنه للحب والتلطف فمهد لنصائحه بكلمة الرفق الأبوية "يا بني" ثم لاحظ الوصية التي بعدها "لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم"، وفيها إشارة للآباء والأمهات بتعليم أبنائهم العقيدة الصافية وتحصينهم ضد الشرك المشترك فيه كثير من بلاد الإسلام.
ولا شك أن للتربية الدينية منذ سنوات الطفولة المبكرة وربط كل شيء بالله وتنمية مراقبته في نفس الطفل، لا شك أنها أكبر معين للوالدين عندما يصبح مراهقاً، ومن الاشتراك في العبادة الاشتراك في تلاوة القرآن الكريم وحفظه وفي قيام الليل - إن أمكن- اجعل البيت بما فيه من مراهقين يشتركون في التصدق بشيء من أموالهم لمشروع خيري بسيط، كحفر بئر مثلاً أو غيرها من مشاريع الخير، وهناك التبرع الشهري للأسرة كل شهر يشترك الأولاد والبنات والوالدين في التبرع بشيء قَلَّ استخدامه في المنزل؛ شهر بالملابس والأحذية يشتركون في جمعها وغسلها وترتيبها، الشهر الذي بعده بالكتب والمجلات غير المستخدمة، الذي بعده بالأشرطة الإسلامية التي تم سماعها، وشهر بالأواني وأدوات المطبخ التي يرى تجديدها، وآخر بألعاب الأطفال، والذي بعده بالأجهزة الكهربائية وهكذا، إضافةً للناحية التربوية سيحبون الصدقة أكثر من حبهم لممتلكاتهم في المستقبل - بإذن الله- .
ومن أجمل صور الاشتراك في العبادة وأعمقها تأثير الاشتراك مع الأبناء في صيام الاثنين والخميس تلاحظون اجتماع الأسرة حول مائدة الإفطار برمضان ولحظة سماع أذان المغرب ما أجملها مشاعر! وما أحلاه من اجتماع! لا تحرموا أنفسكم وأبناءكم منها كل اثنين وخميس أو على الأقل أيام البيض اشترك مع ابنك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنتِ كذلك أيتها الأم اشتركي مع ابنتك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواءً للأب أو للأبناء في أمر الصلاة وعند الغيبة أثناء الكلام، في أمر التلفزيون، في الاستخدامات الخاطئة للإنترنت، في الإصلاح بين الإخوان أو حتى بين الوالدين، اشتركي معها في الأمر والنهي في مجالس النساء وفي المدرسة وفي السوق، علميها حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عنه الناس" فتتعلم أن رضا الله عنها قبل رضا الناس، وأن الحياء من الله أشد على قلبها من الحياء من العاصيات، وأن الدين يحول ضعفها قوة، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، علميها حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "لتأمرنّ بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم عذاباً ثم لَتَدْعُنَّ ولا يستجاب لكم" من خيانة الأمانة ألا نعلم أبناءنا وبناتنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد ما سمعنا هذا الحديث "لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم عذاباً ثم لتدعن ولا يستجاب لكم"..
لا تقولي: ابنتي صغيرة، قال - تعالى- معلماً الآباء جميعاً في وصايا لقمان لابنه: "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (لقمان:17) شجعي زوجك أن يتوقف لتارك الصلاة في الطريق والمجاهرين بالمعاصي يأمرهم وينهاهم، شجعي أبناءك ينهون المغتابين في المجالس والمدارس، دعي أبناءك من صغرهم إذا دخلوا بقاله ينهون من فيها عن بيع الدخان والمجلات الفاسدة، وإن دخلوا مطعماً يأمرون من فيه باستخدام الدجاج المذبوح في البلد الإسلامي، وهكذا نُدخل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل نواحي حياتهم، فيتعلم المراهق مجاهدة هوى النفس ومجاهدة هوى الناس، ويكتسب الشجاعة والإقدام والثقة والحكمة بالدعوة والصبر على الأذى المرتبط بهذه العبادة العظيمة، لاحظي قول لقمان لابنه: "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ" (لقمان: من الآية17).
ويتعلم أيضاً أن ينتصر للحق ويعلي كلمة الله فتكونون بذرتم في نفس المراهق بذرة الجهاد في سبيل الله،
وإن كنت تحذرين عليه من مصاحبة أصدقاء السوء، فاحرصي على مصاحبته النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وإن كنتِ تحذرين عليه من الجرائم والسجون فأخرجيه من السجن الذي هو فيه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الدنيا سجن المؤمن"
أسأل الله - تعالى- أن يرزقنا عيشة السعداء وميتة الشهداء ومرافقة الأنبياء، وأن يجمعنا ووالدينا وذرياتنا والمؤمنين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر آمين.
نقلت لكم هذا الموضوع ..
وبإذن الله فيه الخير الكثير لأبناء هذا الجيل ..
في هذا الموضوع المهم نفصّل -بإذن الله تعالى- ست مهارات مهمة، وهي:
1 – اترك محاضراتك.
2 – اختصر إجابتك.
3 – قلّل أسئلتك.
4 – اختر أسئلتك.
5 – تكلم لمجرد الحديث.
6 – صارح ابنك المراهق.
المهارة الأولى من مهارات الحديث كصديق، هي:
اترك محاضراتك:
كثير من جلسات الآباء مع الأبناء فيها محاضرات طويلة، ويتكرر فيها تشغيل شريط معين لكل مناسبة، فإذا تشاجر الولد مع أخيه يشغل الأب محاضرة "عيب عليك"، وإذا ضرب الأب ولده وأنّبه ضميره بعد ذلك شغل محاضرة "أنا أحبكم وضربتكم لأجل مصلحتكم".
الولد يقول في قراره: يا الله هذه عاشر مرة أسمع فيها نفس الكلام، الكلام بهذه الطريقة لا يفيد كثيراً، لذلك نستطيع أن نتخيل مدى نجاح أو فشل التعليم النظامي الذي يقوم على تلقي الكلام من المعلمين ست ساعات يومياً لمدة 12 سنة على الأقل، فيخرج أولادنا وهم لا يحسنون الكلام مع الناس، ولا يعرفون الاستماع لغيرهم، بالإضافة إلى أنهم ينسون كل ما أخذوه؟
12 سنة من عمر الإنسان ثمن غالٍ جداً، لمجرد شهادة ومن أجل وظيفة!
الأب الحكيم يحاول أن يجعل كلامه مختصراً ومحدد الهدف، وإن كان لا بد أحياناً من بعض المحاضرات فلتكن محاضرات وقائية قبل الخطأ وليست علاجية بعد الخطأ، وبذلك تخلص ابنك من ضغط الاتهام ومسؤولية الدفاع عن النفس وتحوله إلى شريك في الكلام يساهم معك في إثبات صحة ما تقوله من خلال تجاربه الشخصية ويتحول من معارض إلى مُغَيِّر.
توقفك عن إلقاء المحاضرات إلا القليل من التوجيهات الوقائية والمختصرة قدر الإمكان سيضاعف تأثير الكلام وفائدته، لذلك دعنا نستبدل المحاضرات الطويلة والمملة بخير الكلام وخير الكلام ما قلّ ودلّ، أحياناً نقع في المحاضرات بسبب إسهابنا في الإجابة عن سؤال سأله المراهق.
المهارة الثانية: اختصر إجاباتك:
يميل الآباء للتحدث كثيراً وإظهار ثقافتهم الواسعة أمام أبنائهم، فإذا سأله ابنه سؤالاً محدداً يجيب الأب ويتفرع في الإجابة ويطيل ويأخذ راحته والابن مهما يكن بشر يمل، وحبه واحترامه لوالده يمنعه أن يقول: يا أبتِ يكفي، ولذلك تلاحظ اختفاء أي علامة اهتمام، ينتظر فقط متى يعتقه أبوه، والأب مسترسل في الكلام كأن الولد يقول في نفسه: أنا غلطان أني سألتك - قيمة كلام هذا الأب مهما كانت لن تكون بقيمة كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم- ورغم ذلك كان - عليه الصلاة والسلام- يتخير الأوقات المناسبة في كلامه يخشى أن يمل الصحابة الذين هم أكثر تشوقاً لحديثه - عليه الصلاة والسلام- من تشوق الأبناء لحديث هذا الأب، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه- قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يتخولنا في الأيام بالموعظة كراهة السآمة علينا" رواه البخاري ومسلم.
لذلك وجب إصلاح هذا الخلل في كلامنا، ليس فقط مع المراهقين، بل حتى مع الطفل الصغير، ويكفينا ويكفيه الإجابة على قدر سؤاله، هذا إذا كنا نريده أن يسأل مرة ثانية.
المهارة الثالثة: قلل أسئلتك:
يقول الدكتور عبد الكريم بكار في كتابه (دليل التربية الأسرية) علينا أن نحذر من الاستقصاء ومحاولة التحقق من كل صغيرة وكبيرة في حياته، إذ ليس هناك أي مصلحة في أن ينكشف الابن أمامنا على نحو تام، ويقول الحسن البصري: "ما استقصى كريم قط"، وقال سفيان الثوري: ما زال التغافل من شيم الكرام، ويقول الشاعر:
ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي
هذا القدر من التغافل المعقول يريحنا أولاً ثم يريح أبناءنا من الأسئلة الكثيرة، وبالذات الأسئلة العادية والصغيرة هذه الأسئلة مهما كانت عادية وصغيرة تمثل سلطة وسيطرة، وهذا الذي يحتاج المراهق أن يتخلص منه ولو ظاهرياً، حتى تستمد شخصيته شيئاً من القوة والاستقلال بذاته عن والديه، ولذلك تجده يجيب باختصار وضيقة نفس ويترهب منها، والأهل يظنون خطأ أنه مخف شيئاً أو فعل فعلاً خاطئا، ويشكون فيه والأفكار تكثر وهو ما عمل شيئاً مجرد أنه يتضايق من الأسئلة..
تخيلي يا أختي الفاضلة الضيق الذي يشعر به الزوج مثلاً عندما تكثرين عليه الأسئلة، وكل دقيقة تفتحين له محضراً (سين جيم، سين جيم) يتضايق الزوج ولن يتحمل، كذلك المراهق عندما يجد سلطة واضحة أو سيطرة مباشرة عليه.
أخي الفاضل أختي الفاضلة، رغم تقليل الأسئلة تستطيعون أن تعرفوا أكثر عن حياة ابنكم والمعلومات التي تطمئنكم من خلال المهارة الرابعة من المهارات، وهي: اختر أسئلتك.
المهارة الرابعة: اختر أسئلتك:
مثلاً تريد أن تعرف شيئاً عن صديق ابنك الجديد ؟ لست بحاجة لأن تلبس ملابس الشرطة، وتسأل: ما اسم صاحبك؟ من والده؟ ماذا تعملون مع بعض؟ وأين تذهبون؟
تستطيع أخذ أضعاف هذه المعلومات من خلال الصداقة التي بينك وبين ابنك، اختر له سؤالاً مفتوحاً، مثلاً: كلمني عن صاحبك فلان، ما أكثر شيء أعجبك فيه؟ إذا كنت تريد أن تعرف شيئاً عن المكان الذي قصداه يمكن أن تسأل مثلاً ما أكثر ما أعجبك في مشوار اليوم، سؤال يطلب المعلومة ويمنح الثقة والمحبة في نفس الوقت، إذن اختر أسئلة غير مباشرة، وكذلك تحتوي على شيء يشجعه على الكلام ويشعره بالأمان والراحة، وكل ما اهتممت باختيار أسئلتك أتتك معلومات أكثر دون بحث عنها لكن تظل عند المراهقين بعض الأسرار الخاصة، وهذا طبيعي، يقول الدكتور مأمون المبيض في كتابه (أولادنا من الطفولة إلى الشباب): "من غير المعقول أن تتوقع أن يخبرك المراهق بكل شيء في حياته فهو يهوى أن تكون له أسراره التي تشعره باستقلاله وحريته".ا.هـ
العنصر الرابع: شاركه المتعة:
(13) سنة عمر محمد حينما عرض عليه أبوه أن يشركه في هوايته المفضلة وهي رياضة الغوص، وفعلاً تدربوا عليها وعلى الاستعداد لرحلاتها والتعاون مع معداتها من بذلة غوص وأسطوانة أوكسجين وبقية التجهيزات، وكيف يتصرفون في المواقف الطارئة، صار محمد ووالده يشكلون ثنائياً مميزاً في فريق الغوص يستمتعون معاً في مخلوقات الله، ويستمتعون بقربهم من بعض حتى تحت سطح الماء.
سألتُ محمد عن أثر هذه الهواية المشتركة مع والده على علاقتهم وعليه هو شخصياً قال: علاقتي بوالدي ممتازة جداً صارت عندنا اهتمامات مشتركة تأمل معي أخي القارئ العبارات القادمة يقول: وصرت أقضي معه وقتاً أطول لوحدنا، وهذا هو الشيء الذي أحبه يقول أيضاً: الغوص قربني من أبي كثيراً، وأعطاني ثقة أكبر في نفسي، أحس أني أعمل شيئاً، كثيرون لا يعرفون كيف يعملونه،ثم الغوص علمني الجرأة والخشونة والحذر والصبر والاعتماد على النفس، مثلاً تجهيزات الغوص ثقيلة ومتعبة في نقلها وحملها والعناية بها، ومع ذلك عودني أبي أنه لا يساعدني لكي أكون مسئولاً عن نفسي مسؤولية كاملة،
نقضي في الرحلة البحرية يوماً كاملاً تحت الشمس الحارة، وأحياناً يتعبنا الموج ودوار البحر، وأيضاً لابد أن ننتبه من الكائنات البحرية الخطرة، سألت أبا محمد نفس السؤال عن أثر اشتراكهم في الهواية على علاقتهم وعلى شخصية ابنه، قال: الآن لا أشعر أن بيني وبين محمد أي حواجز، علاقتنا صداقة أكثر من أي شيء آخر، والحمد لله رب العالمين، الهواية أكسبت محمداً خبرة اجتماعية جيدة من خلال اشتراكنا باستمرار مع فرق الغوص، وأكسبته صفات كثيرة وحلوة، كنت فقط خائفاً أنه يمل منها، لكن الحمد لله صار محباً للغوص أكثر مني، وحصل على عدة جوائز فيه. ا.هـ.
هذا النشاط المشترك بين الأب وابنه لا أشك أنه ساهم في إشباع الكثير من حاجات محمد النفسية، وساعده على تحقيق إنجازات أكثر روعة من رياضة في الغوص، إنجازات يتمناها كل أب لابنه محمد الآن عمره (15 سنة)، وترتيبه الأول على المدرسة، و- بفضل الله- أتم حفظ القرآن الكريم كاملاً.. نسأل الله - تعالى- أن يبارك في حفظه، وأن يجعله وإخوته قرة عين لوالديهم، وأن يجزي من رباه خير الجزاء.
مشاركة الابن مع والده في نشاط ممتع وإيجابي ليس فقط عاملاً مساعداً على تميز الابن وبناء شخصيته، بل حتى في علاجه من بعض الأمراض والمتاعب النفسية.
تأملوا معي قصة أبي عمر لم يوفق أبو عمر في ****ه الأول وانتهت الأمور إلى الطلاق، بعد مدة لاحظ أن ابنه عمر، وعمره (9 سنين) بعدما كان يتكلم بشكل طبيعي بدأ يتلعثم في الكلام ويتعثر في النطق ويتأتيء كثيراً، استمرت المشكلة، راجع إحدى عيادات النطق والكلام لكي يأخذ تدريبات لحركات اللسان ونطق الحروف، ولكن بدون فائدة، الحقيقة لم يكن محتاجاً لهذا النوع من العلاج، هذا الذي فهمه أبو عمر لما قال له أحد الأطباء: المتاعب النفسية لها ظواهر خارجية، وإذا لم نعالج الناحية النفسية قد تعود المشكلة من جديد بعد مدة كان سن عمر (11 سنة) لما قرر والده قراراً مهماً، وهو أن يتدرب مع أبنائه على ركوب الخيل ويشتركون جميعاً في نادي الفروسية، وبالفعل ارتبطوا بالخيل، وأصبحت هوايته الجميلة وجزءاً من حياتهم فيها تنافسهم وعنها أحاديثهم تكسرت خلالها الحواجز بين الأب وأبنائه، وتكسرت معه المخاوف في نفوس الأبناء، وأهدتهم الفروسية الكثير من الثقة بالنفس والخشونة والرجولة والشجاعة، وبدأ عمر يتخلص تدريجياً من التلعثم حتى اختفت تماماً - بحمد الله- وانقلب ضعفه إلى قوة، سألت أبا عمر عن آثار اشتراكهم في الهواية على علاقته بابنه، فقال بالحرف الواحد: عمر ولدي الآن (15 سنة) لو قلت لك: تكسرت الحواجز بيننا فهذا قليل بالنسبة للحقيقة، الأمر أكثر من هذا، صرنا أصدقاء بمعنى الكلمة، وهذا أهم شيء. انتهى كلامه.
هنيئاً للأب بابنه وهنيئاً للابن بوالده الذي استثمر وقته وجهده في أعظم ثروة -مع ابنه- إذن نشترك مع أبنائنا وبناتنا في نشاط ممتع، ومن لم يستطع أن يتفرغ لأبنائه لظروف حقيقية فهو معذور فعلاً، فلا أقل من انتهاز الفرصة السانحة للمشاركة في اللعب، سواءً في المنزل أو خارجه، واستمتِعْ بصداقة أبنائك كما يستمتع بها أبو محمد وأبو عمر وغيرهم كثير، وسترى أبناءك يشتركون معك في أعظم ما يقوي العلاقة، يشتركون معك في أغلى شيء وأعظم أمانة وسر الوجود يشتركون معك في عبادة الله الواحد القهار، وهذا هو العنصر الخامس من عناصر بناء الصداقة.
العنصر الخامس: شاركه العبادة:
المراهقون والمراهقات مهيئون تماماً للتدين والاستقامة على الدين بطبيعتهم كمراهقين يقول معروف زريق في كتابه (خفايا المراهقة): "يحقق الدين بالنسبة للمراهق ارتياحاً نفسياً واطمئناناً داخلياً بعد أزمات عنيفة مرت به وأحدثت هزات في كيانه، فهو ملاذ أمين يلجأ إليه المراهق كلما عصفت به مشكلة"ا.هـ.
سبحان الله كما أن الله فجر الناحية الجنسية لدى المراهقين فإنه برحمته وحكمته - سبحانه وتعالى- قابلها بتفجر الناحية الروحية والتعلق بالله، وأما الفئة غير المتدينة من المراهقين فإنك تجد حتماً صارفاً صرفهم عن طبيعتهم، إما أصدقاء سوء أو أجهزة فساد تحارب التقوى في قلوبهم، والأصل أن الفرصة مهيأة لك تماماً أيها الأب وأيتها الأم لاستخدام صمام الأمان الحقيقي لابنك في الدنيا والآخرة، وهو: علاقته بالله، فقط تجنب التوجيه المباشر بقدر الإمكان لكون المراهقين حساسين وينزعجون من الأسلوب الإملائي المباشر، الذي يثير عنادهم، لذلك استخدم التوجيه غير المباشر بقدر الإمكان حتى إذا شعرت أنك نجحت في ربط ابنك بالله ووفقك الله للإخلاص، وشعر ابنك أن نصائحك فعلاً إرضاءً لله، وليس لتحكم فيه وفرض السلطة عليه باسم الدين، عندها تفيد النصائح المباشرة ويتقبلها، وخصوصاً إذا كانت موجزة ومختصرة، تركز فيها على الأمور المهمة والأساسية،وتتجنب غيرها.
هذا لقمان عندما ربط ابنه بالله أهدى نصائحه العظيمة، وجعل نصائحه موجزة مختصرة، وركز فيها على الأمور المهمة والأساسية وتجنب غيرها، ورغم الإيجاز والاختصار والاكتفاء بالقضايا الكبرى لم ينس حاجة ابنه للحب والتلطف فمهد لنصائحه بكلمة الرفق الأبوية "يا بني" ثم لاحظ الوصية التي بعدها "لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم"، وفيها إشارة للآباء والأمهات بتعليم أبنائهم العقيدة الصافية وتحصينهم ضد الشرك المشترك فيه كثير من بلاد الإسلام.
ولا شك أن للتربية الدينية منذ سنوات الطفولة المبكرة وربط كل شيء بالله وتنمية مراقبته في نفس الطفل، لا شك أنها أكبر معين للوالدين عندما يصبح مراهقاً، ومن الاشتراك في العبادة الاشتراك في تلاوة القرآن الكريم وحفظه وفي قيام الليل - إن أمكن- اجعل البيت بما فيه من مراهقين يشتركون في التصدق بشيء من أموالهم لمشروع خيري بسيط، كحفر بئر مثلاً أو غيرها من مشاريع الخير، وهناك التبرع الشهري للأسرة كل شهر يشترك الأولاد والبنات والوالدين في التبرع بشيء قَلَّ استخدامه في المنزل؛ شهر بالملابس والأحذية يشتركون في جمعها وغسلها وترتيبها، الشهر الذي بعده بالكتب والمجلات غير المستخدمة، الذي بعده بالأشرطة الإسلامية التي تم سماعها، وشهر بالأواني وأدوات المطبخ التي يرى تجديدها، وآخر بألعاب الأطفال، والذي بعده بالأجهزة الكهربائية وهكذا، إضافةً للناحية التربوية سيحبون الصدقة أكثر من حبهم لممتلكاتهم في المستقبل - بإذن الله- .
ومن أجمل صور الاشتراك في العبادة وأعمقها تأثير الاشتراك مع الأبناء في صيام الاثنين والخميس تلاحظون اجتماع الأسرة حول مائدة الإفطار برمضان ولحظة سماع أذان المغرب ما أجملها مشاعر! وما أحلاه من اجتماع! لا تحرموا أنفسكم وأبناءكم منها كل اثنين وخميس أو على الأقل أيام البيض اشترك مع ابنك بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنتِ كذلك أيتها الأم اشتركي مع ابنتك في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سواءً للأب أو للأبناء في أمر الصلاة وعند الغيبة أثناء الكلام، في أمر التلفزيون، في الاستخدامات الخاطئة للإنترنت، في الإصلاح بين الإخوان أو حتى بين الوالدين، اشتركي معها في الأمر والنهي في مجالس النساء وفي المدرسة وفي السوق، علميها حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "من أرضى الله بسخط الناس رضي الله عليه وأرضى عنه الناس" فتتعلم أن رضا الله عنها قبل رضا الناس، وأن الحياء من الله أشد على قلبها من الحياء من العاصيات، وأن الدين يحول ضعفها قوة، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، علميها حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم- "لتأمرنّ بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم عذاباً ثم لَتَدْعُنَّ ولا يستجاب لكم" من خيانة الأمانة ألا نعلم أبناءنا وبناتنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد ما سمعنا هذا الحديث "لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم عذاباً ثم لتدعن ولا يستجاب لكم"..
لا تقولي: ابنتي صغيرة، قال - تعالى- معلماً الآباء جميعاً في وصايا لقمان لابنه: "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" (لقمان:17) شجعي زوجك أن يتوقف لتارك الصلاة في الطريق والمجاهرين بالمعاصي يأمرهم وينهاهم، شجعي أبناءك ينهون المغتابين في المجالس والمدارس، دعي أبناءك من صغرهم إذا دخلوا بقاله ينهون من فيها عن بيع الدخان والمجلات الفاسدة، وإن دخلوا مطعماً يأمرون من فيه باستخدام الدجاج المذبوح في البلد الإسلامي، وهكذا نُدخل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل نواحي حياتهم، فيتعلم المراهق مجاهدة هوى النفس ومجاهدة هوى الناس، ويكتسب الشجاعة والإقدام والثقة والحكمة بالدعوة والصبر على الأذى المرتبط بهذه العبادة العظيمة، لاحظي قول لقمان لابنه: "يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ" (لقمان: من الآية17).
ويتعلم أيضاً أن ينتصر للحق ويعلي كلمة الله فتكونون بذرتم في نفس المراهق بذرة الجهاد في سبيل الله،
وإن كنت تحذرين عليه من مصاحبة أصدقاء السوء، فاحرصي على مصاحبته النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، وإن كنتِ تحذرين عليه من الجرائم والسجون فأخرجيه من السجن الذي هو فيه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "الدنيا سجن المؤمن"
أسأل الله - تعالى- أن يرزقنا عيشة السعداء وميتة الشهداء ومرافقة الأنبياء، وأن يجمعنا ووالدينا وذرياتنا والمؤمنين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر آمين.