ابولمى
26 - 9 - 2003, 05:39 AM
كتب الدكتور علي موسى في "الوطن" بعدد 1087 في 24/7/1424هـ تحت عنوان "أوجه وأشمغة وأسماء مستعارة" والذي تحدث فيه عن وضعية كثير من المواطنين وخصوصاً الشباب الذين يهربون من الضوء ويكتبون ويتصلون بأسماء مستعارة ولا يستطيعون النقاش أو الحوار وضعفهم الشديد في المواجهة وعدم القدرة على المناورة والإقناع وتعليقاً على ما ذكر أقول صحيح ما ذكرت فالكثير من الشباب يهرب من المواجهة وتسليط الضوء عليه حتى وإن كان يرغب في إيصال أفكاره أو المشاركة برأيه ولذلك يتخذ طرقا بديلة وغير مباشرة كالاتصال على قناة فضائية أو عبر الإنترنت باسم مستعار للتعبير عن رأيه بعيداً عن الأضواء وحتى الطلبة الجامعيون يعانون من ذلك فلا يستطيع أحدهم أن يناقش أستاذه أو حتى يطرح عليه سؤالاً هذه هي القضية وهذا هو الواقع فعلاً ولكن ما الأسباب وراء كل ذلك الهروب والتخفي والخوف من المواجهة؟
السبب الرئيسي في كل ذلك هو أسلوب التربية لدينا كمجتمع خلال العقود الماضية وما فيه من سلبيات واضحة تسببت في وأد كثير من الإبداعات والعقول المتميزة ولعل الكثير قد مر بتلك التجربة أو شاهدها في مجتمع تحكمه الكثير من الأعراف والتقاليد التي تمنع على الصغير أن يتكلم بحضور من هم أكبر منه سناً ويمنعه من أن يناقش أو يبدي رأيه حتى يبلغ مبلغ الرجال في وقت يكون فيه قد فقد اللسان التي يتحدث به، تلك التقاليد الذي يتمسك بها البعض ويجعل منها أمراً لا يمكن التنازل عنه أو التساهل فيه. ولكون الأب والأم والمعلم من أفراد المجتمع فقد كانوا يؤمنون بهذه المبادئ التي يمنع الابن أو البنت من الكلام إلا في حدود ضيقة كون ذلك نوعا من أنواع التربية القويمة التي يجب على الأبناء أن ينشأوا عليها. وهناك مشهد تكرر كثيراً وتضمن مقولة مشهورة كان أولياء أمور الطلاب يستخدمونها عند متابعة أبنائهم في مراحلهم التعليمية وعند زيارتهم لمدارسهم وفي كثير من المناطق وهي (لك اللحم ولنا العظم) يقولها الأب المشفق المربي بحسن نية ودون أن يشعر بتأثيرها الوخيم على ابنه للمعلم الحريص على مستقبل الابن والذي لا يحتاج إلى توصية فهو يقوم بالواجب دون تردد من جلد بالعصا وركل بالرجل ولطم باليد لكي يخلق جيلاً ناجحاً يتطلع للمعالي بقوة الضرب والرفس خصوصاً لدى شريحة من المعلمين والذين مروا على مدارسنا في فترة من الفترات من دول عربية مجاورة. فلك أن تحكم على أؤلئك الطلاب المغلوبين على أمرهم والذين وقعوا بين المطرقة والسندان ولي الأمر يدخل الفصل الدراسي ولا يسأل عن مستوى ابنه ولا عن المشكلات التي تواجهه ليساعده على تجاوزها بل يقوم بإلقاء نظرة فاحصة وبأعين جاحظة على الطلاب ومن ثم يتجه للمعلم ويوصيه بأن يسلخ اللحم عن العظم ويرد المعلم بهز رأسه إيجاباً مع العلم أنه لا يحتاج إلى تلك الزيارة من ولي الأمر ولا إلى تلك الوصية لأنه يعمل بها دوماً ولو نظرت لحال ذلك الطالب البائس منذ خروجه من باب منزله متجهاً إلى المدرسة وحتى عودته لوجدته يقابل الكثير من الإرهاصات والضرب والعلقات الساخنة من زملائه الأكبر منه سناً ومن سائق وسيلة النقل ومن فراش المدرسة ومن المعلم ومن المدير وإذا عاد قد يقوم بدور المربي أو المؤدب عند أي خطأ أو تصرف عفوي أحد الجيران أو أحد المارة من سكان الحي أو القرية مع ما يلقاه من والديه ولا يؤوي ذلك المسكين إلى فراشه مساء إلا وقد شارك جميع شرائح المجتمع في تربيته وتأديبه. وبعد هذا كله تريد أن ترى أشخاصاً لديهم القدرة على النقاش والمحاورة وإبداء الرأي والظهور تحت الضوء والمواجهة أظن أنه من الصعب أن تجد ذلك إلا لدى القلة الذين ربما نجوا من تلك المعاملة الفظة. ولكن الأمل أن نتعلم من تلك الدروس القاسية بحيث نتجنب تكرار ذلك مع أبنائنا لكي يصبح لدينا أبناء نحقق فيهم طموحاتنا التي تم وأدها فينا منذ الصغر ولكي يصبحوا بإذن الله تعالى قادرين على المواجهة والحوار والرقي بمجتمعنا إلى ما نصبوا إليه.
محمد بن سعيد بن عمير - أبها
السبب الرئيسي في كل ذلك هو أسلوب التربية لدينا كمجتمع خلال العقود الماضية وما فيه من سلبيات واضحة تسببت في وأد كثير من الإبداعات والعقول المتميزة ولعل الكثير قد مر بتلك التجربة أو شاهدها في مجتمع تحكمه الكثير من الأعراف والتقاليد التي تمنع على الصغير أن يتكلم بحضور من هم أكبر منه سناً ويمنعه من أن يناقش أو يبدي رأيه حتى يبلغ مبلغ الرجال في وقت يكون فيه قد فقد اللسان التي يتحدث به، تلك التقاليد الذي يتمسك بها البعض ويجعل منها أمراً لا يمكن التنازل عنه أو التساهل فيه. ولكون الأب والأم والمعلم من أفراد المجتمع فقد كانوا يؤمنون بهذه المبادئ التي يمنع الابن أو البنت من الكلام إلا في حدود ضيقة كون ذلك نوعا من أنواع التربية القويمة التي يجب على الأبناء أن ينشأوا عليها. وهناك مشهد تكرر كثيراً وتضمن مقولة مشهورة كان أولياء أمور الطلاب يستخدمونها عند متابعة أبنائهم في مراحلهم التعليمية وعند زيارتهم لمدارسهم وفي كثير من المناطق وهي (لك اللحم ولنا العظم) يقولها الأب المشفق المربي بحسن نية ودون أن يشعر بتأثيرها الوخيم على ابنه للمعلم الحريص على مستقبل الابن والذي لا يحتاج إلى توصية فهو يقوم بالواجب دون تردد من جلد بالعصا وركل بالرجل ولطم باليد لكي يخلق جيلاً ناجحاً يتطلع للمعالي بقوة الضرب والرفس خصوصاً لدى شريحة من المعلمين والذين مروا على مدارسنا في فترة من الفترات من دول عربية مجاورة. فلك أن تحكم على أؤلئك الطلاب المغلوبين على أمرهم والذين وقعوا بين المطرقة والسندان ولي الأمر يدخل الفصل الدراسي ولا يسأل عن مستوى ابنه ولا عن المشكلات التي تواجهه ليساعده على تجاوزها بل يقوم بإلقاء نظرة فاحصة وبأعين جاحظة على الطلاب ومن ثم يتجه للمعلم ويوصيه بأن يسلخ اللحم عن العظم ويرد المعلم بهز رأسه إيجاباً مع العلم أنه لا يحتاج إلى تلك الزيارة من ولي الأمر ولا إلى تلك الوصية لأنه يعمل بها دوماً ولو نظرت لحال ذلك الطالب البائس منذ خروجه من باب منزله متجهاً إلى المدرسة وحتى عودته لوجدته يقابل الكثير من الإرهاصات والضرب والعلقات الساخنة من زملائه الأكبر منه سناً ومن سائق وسيلة النقل ومن فراش المدرسة ومن المعلم ومن المدير وإذا عاد قد يقوم بدور المربي أو المؤدب عند أي خطأ أو تصرف عفوي أحد الجيران أو أحد المارة من سكان الحي أو القرية مع ما يلقاه من والديه ولا يؤوي ذلك المسكين إلى فراشه مساء إلا وقد شارك جميع شرائح المجتمع في تربيته وتأديبه. وبعد هذا كله تريد أن ترى أشخاصاً لديهم القدرة على النقاش والمحاورة وإبداء الرأي والظهور تحت الضوء والمواجهة أظن أنه من الصعب أن تجد ذلك إلا لدى القلة الذين ربما نجوا من تلك المعاملة الفظة. ولكن الأمل أن نتعلم من تلك الدروس القاسية بحيث نتجنب تكرار ذلك مع أبنائنا لكي يصبح لدينا أبناء نحقق فيهم طموحاتنا التي تم وأدها فينا منذ الصغر ولكي يصبحوا بإذن الله تعالى قادرين على المواجهة والحوار والرقي بمجتمعنا إلى ما نصبوا إليه.
محمد بن سعيد بن عمير - أبها