قريات الملح
9 - 10 - 2003, 12:15 PM
تقول الأخبار إن وزارة التربية والتعليم تعتزم إصدار تراخيص لمزاولة مهنة التدريس وهو إجراء لو تم تطبيقه بالفعل لشمل نصف موظفي الدولة الذين يعملون بقطاع الوزارة. إجراء حضاري في المظهر والقشور لكنه يبقى عارياً لو تغلغلنا في الأسئلة التي سترد في انتظار الإجابة. في هذا البلد, يزاول المحامي مهنته دونما ترخيص ويصل الأطباء لدينا للعمل في أجسادنا دونما شهادة ولديكم ولدي كامل الإثباتات. هنا فقط, يأتي المستقدم على وظيفة مزارع فتتناقله المهن لينتهي أخيراً نادلاً في مطعم أو سائقاً لشاحنة عملاقة. أعرف أحدهم الذي جاء على مهنة "سباك" وتطورت مواهبه فترقى إلى سكرتير مسؤول محترم قبل أن ينتهي به المطاف مبرمجاً للمعلومات على جهاز الحاسب الآلي بذات الإدارة.
السؤال الأول: من بين هؤلاء جميعاً, لماذا نجبر المعلم بالذات على أن يبتدئ المشوار فيكون أول موظف في تاريخنا العملي يحتاج إلى ترخيص للدخول للفصل؟ المعلمون للأسف مثل رؤوس اليتامى. نحملهم على الدوام أكثر من طاقتهم ثم نرمي عليهم في نهاية الأمر بفشل نظامنا التربوي وخراب عقول أجيالنا القادمة وضحالة تفكير هذا الإفراز الاجتماعي. نعجز عن الحد الأدنى من تربية أطفالنا في البيوت ونشتم الإجازات المدرسية لأنها تجبرنا على مواجهة هؤلاء الأطفال والمراهقين وكأن كتائب المعلمين في المدارس وضعت للتأديب ولسد القصور الذي نعترف بفشلنا الذريع فيه. يمر العام وراء العام والسواد الأعظم من الآباء لا يعرف مدرسة ابنه, بل لا يعرف حتى مكانها ولا الصف الذي ينتظم به ولو أننا طبقنا المعيار بحذافيره لكان السؤال الذي يخرج من رحم السؤال الأول: كم من الآباء لدينا يستحق الأبوة بالفعل وكم منهم بالتحديد قادر على اجتياز اختبارات ترخيص مزاولة الأبوة؟
السؤال الثاني: لماذا لا تشمل هذه التراخيص مساح البلدية الذي يطالبك ببلادة بإحضار أوراق جديدة حين أضاع المعاملة, ولماذا لا تشمل موظف الضمان الاجتماعي الذي يعطي أربعة أشهر كموعد لزيارة عائلة محتاجة ولماذا لا تشمل شباب الاتصالات الذين لا يرفعون "سماعة" لسماع شكواك من خدمة رديئة ولماذا لا تشمل موظفي الخطوط الذين يحجز لك أحدهم مقعداً من جيبك وكأنه دعاك لكنبة في صالون منزله؟ النظام دائماً حقوق ومسؤوليات. أعطوا المعلم مرتبته التي يستحقها بحسب الكادر المعلن وارفعوا عن كاهله ثقل "البند" البغيض وراتبه الثابت. حين تستوردون الأنظمة لمحاسبته على شكل ترخيص, استوردوا معها أيضاً بيئة العمل التي جاءت منها هذه التراخيص. استوردوا منها نصابه وراتبه ومكانته الاجتماعية. استوردوا حقوقه قبل أن تفكروا بمسؤوليته. أعطوه حقه ثم حاسبوه عليه.http://www.alwatan.com.sa/daily/2**3-10-09/writers/writers02.htm
علي سعد الموسى ـ كاتب في صحيفة الوطن
السؤال الأول: من بين هؤلاء جميعاً, لماذا نجبر المعلم بالذات على أن يبتدئ المشوار فيكون أول موظف في تاريخنا العملي يحتاج إلى ترخيص للدخول للفصل؟ المعلمون للأسف مثل رؤوس اليتامى. نحملهم على الدوام أكثر من طاقتهم ثم نرمي عليهم في نهاية الأمر بفشل نظامنا التربوي وخراب عقول أجيالنا القادمة وضحالة تفكير هذا الإفراز الاجتماعي. نعجز عن الحد الأدنى من تربية أطفالنا في البيوت ونشتم الإجازات المدرسية لأنها تجبرنا على مواجهة هؤلاء الأطفال والمراهقين وكأن كتائب المعلمين في المدارس وضعت للتأديب ولسد القصور الذي نعترف بفشلنا الذريع فيه. يمر العام وراء العام والسواد الأعظم من الآباء لا يعرف مدرسة ابنه, بل لا يعرف حتى مكانها ولا الصف الذي ينتظم به ولو أننا طبقنا المعيار بحذافيره لكان السؤال الذي يخرج من رحم السؤال الأول: كم من الآباء لدينا يستحق الأبوة بالفعل وكم منهم بالتحديد قادر على اجتياز اختبارات ترخيص مزاولة الأبوة؟
السؤال الثاني: لماذا لا تشمل هذه التراخيص مساح البلدية الذي يطالبك ببلادة بإحضار أوراق جديدة حين أضاع المعاملة, ولماذا لا تشمل موظف الضمان الاجتماعي الذي يعطي أربعة أشهر كموعد لزيارة عائلة محتاجة ولماذا لا تشمل شباب الاتصالات الذين لا يرفعون "سماعة" لسماع شكواك من خدمة رديئة ولماذا لا تشمل موظفي الخطوط الذين يحجز لك أحدهم مقعداً من جيبك وكأنه دعاك لكنبة في صالون منزله؟ النظام دائماً حقوق ومسؤوليات. أعطوا المعلم مرتبته التي يستحقها بحسب الكادر المعلن وارفعوا عن كاهله ثقل "البند" البغيض وراتبه الثابت. حين تستوردون الأنظمة لمحاسبته على شكل ترخيص, استوردوا معها أيضاً بيئة العمل التي جاءت منها هذه التراخيص. استوردوا منها نصابه وراتبه ومكانته الاجتماعية. استوردوا حقوقه قبل أن تفكروا بمسؤوليته. أعطوه حقه ثم حاسبوه عليه.http://www.alwatan.com.sa/daily/2**3-10-09/writers/writers02.htm
علي سعد الموسى ـ كاتب في صحيفة الوطن