ابولمى
25 - 10 - 2003, 04:43 AM
الإنسان ميال بطبعه إلى نسب النجاح لنفسه دون غيره، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر. وعكس ذلك ميله إلى عزو القصور والفشل إلى مواقف خارج نطاق كينونته الذاتية المتعالية، حتى وإن كان يعرف، في قرارة نفسه أنه هو الطرف الأساسي في ذلك القصور والإخفاق. إلا أنه ينكر الاعتراف بقصوره ويجحد جهود غيره. ومعظم سلوكياتنا وممارساتنا الاجتماعية اليومية تدلل على ذلك وتثبته، حيث تجد السواد الأعظم من أفراد مجتمعنا يجحد حقيقة أخطائه باختلاقه أعذاراً واهية، أو إلصاق أسباب الخطأ إلى من لا ناقة له ولا جمل فيما ارتكب. فالسائق المتهور مثلاً يرتكب متعمداً مخالفة مرورية وينكر مع سبق الإصرار علاقته بما حدث. والزوجة في بيتها تنسب قصورها عن تأدية واجبها إلى عصبية الزوج وضجيج الأبناء وعدم توفر الوقت، وهي تعلم علم اليقين أن لا صلة لتلك الأسباب بذلك التقاعس والفتور. والطالب في دراسته يحمل المدرسة عبء مسؤولية إخفاقه وفشله وهو يعلم أن عدم اكتراثه وعدم شعوره بالمسؤولية هما السبب الأوحد وراء ذلك الفشل . والمعلم من جانب آخر قد يدعي كل ما ينجزه في محيط العملية التعليمية لنفسه، وحين تهاونه في القيام بدوره ووظيفته ينسب كل فشل ينتاب العملية التعليمية داخل المدرسة وخارجها، إلى تهاون البيت والمدرسة وعدم تعاونهما معه. والمجتمع والجهات ذات العلاقة بالتربية والتعليم، من الجانب الآخر تنسب كل قصور تعليمي إلى ذلك المعلم أو أي مقوم آخر من مقومات تلك العملية، وهي تعلم أن مكونات العملية التعليمية الأخرى من مناهج ومنشآت وأساليب تقويم ونظم مدرسية وبيئة تعليمية وممارسات إدارية تمثل في عدم تكاملها السبب الأقوى في ذلك الفشل، إلا أنها ترفض أن تقر ذلك. وبه أو بغيره كاد المعلم أن يكون كبش الفداء.
ولسوء الطالع، أصبح المعلم في هذا الزمن بمثابة الشماعة التي نعلق عليها كل قصور وعجز وتخاذل ينتاب واقع العملية التعليمية، ورفضنا من جانب آخر أن نعترف بقصور دورنا كآباء وأمهات وكمجتمع وقصور منشآتنا ومناهجنا وأساليب تدريسنا، إلى جانب أساليب الإدارة والإشراف والمتابعة والتقويم كي تحقق ـ على الأقل ـ الحد الأدنى من متطلبات التربية والتعليم. لقد حملنا المعلم ما يفوق قدراته واستعداداته. حملناه مسؤولية كل شيء في التربية والتعليم، علقنا عليه، بعد الله، آمالنا وطموحاتنا في تنشئة سواعد الأمل الواعد ائتمناه على فلذات أكبادنا ووهبناه شرف تحقيق ما لم نستطع تحقيقه فيهم من صقل للمواهب وتعزيز للقيم الصالحة ونماء للسلوك القويم وبناء للعقول والأبدان، دون ما إدراك لما تتطلبه تلك المسؤولية من مقومات مادية ومعنوية ونفسية واجتماعية وعلمية تسند موقفه من تحقيق غاياته ومقاصده التربوية والتعليمية في من اؤتمن على تنشئتهم وتربيتهم كي يرضي طموحات وآمال أمته. إن علينا جميعاً أن ندرك جيداً أن المعلم لا يمثل إلا جزءاً من كل، وإن كان هو الأهم في ذلك الكل، إلا أنه ليس الوحيد الذي يعزى إليه قصور العملية التعليمية، وليس هو الوحيد أيضاً الذي ينسب له نجاحها ـ هذا إذا تغاضينا عن مستوى تأهيله، وإعادة تأهيله وتدريبه أثناء الخدمة في ضوء التطورات المعلوماتية الهائلة ووسائل الاتصال المتسارعة كي يؤدي ما اؤتمن عليه بصدق وأمانة وفق متطلبات الحاضر وتطلعات المستقبل. ليتنا ندرك هذا ونعمل سوياً على تعزيز وتهيئة المقومات الرئيسة لتحقيق التكامل التعليمي والتربوي لأبنائنا، إذ إن مسؤولية التعليم مسؤولية مشتركة يشارك فيها جميع أفراد المجتمع ومؤسساته العامة والخاصة، إنها مسؤولية الجميع. فهل لنا أن نكون فاعلين، خدمة لفلذات الأكباد وعدة المستقبل؟.
الدكتور ـ علي هلال ـ جدة
ولسوء الطالع، أصبح المعلم في هذا الزمن بمثابة الشماعة التي نعلق عليها كل قصور وعجز وتخاذل ينتاب واقع العملية التعليمية، ورفضنا من جانب آخر أن نعترف بقصور دورنا كآباء وأمهات وكمجتمع وقصور منشآتنا ومناهجنا وأساليب تدريسنا، إلى جانب أساليب الإدارة والإشراف والمتابعة والتقويم كي تحقق ـ على الأقل ـ الحد الأدنى من متطلبات التربية والتعليم. لقد حملنا المعلم ما يفوق قدراته واستعداداته. حملناه مسؤولية كل شيء في التربية والتعليم، علقنا عليه، بعد الله، آمالنا وطموحاتنا في تنشئة سواعد الأمل الواعد ائتمناه على فلذات أكبادنا ووهبناه شرف تحقيق ما لم نستطع تحقيقه فيهم من صقل للمواهب وتعزيز للقيم الصالحة ونماء للسلوك القويم وبناء للعقول والأبدان، دون ما إدراك لما تتطلبه تلك المسؤولية من مقومات مادية ومعنوية ونفسية واجتماعية وعلمية تسند موقفه من تحقيق غاياته ومقاصده التربوية والتعليمية في من اؤتمن على تنشئتهم وتربيتهم كي يرضي طموحات وآمال أمته. إن علينا جميعاً أن ندرك جيداً أن المعلم لا يمثل إلا جزءاً من كل، وإن كان هو الأهم في ذلك الكل، إلا أنه ليس الوحيد الذي يعزى إليه قصور العملية التعليمية، وليس هو الوحيد أيضاً الذي ينسب له نجاحها ـ هذا إذا تغاضينا عن مستوى تأهيله، وإعادة تأهيله وتدريبه أثناء الخدمة في ضوء التطورات المعلوماتية الهائلة ووسائل الاتصال المتسارعة كي يؤدي ما اؤتمن عليه بصدق وأمانة وفق متطلبات الحاضر وتطلعات المستقبل. ليتنا ندرك هذا ونعمل سوياً على تعزيز وتهيئة المقومات الرئيسة لتحقيق التكامل التعليمي والتربوي لأبنائنا، إذ إن مسؤولية التعليم مسؤولية مشتركة يشارك فيها جميع أفراد المجتمع ومؤسساته العامة والخاصة، إنها مسؤولية الجميع. فهل لنا أن نكون فاعلين، خدمة لفلذات الأكباد وعدة المستقبل؟.
الدكتور ـ علي هلال ـ جدة