ياسر عاطف
17 - 5 - 2007, 01:36 AM
رحلتي إلى أمريكا
بين الحقائق و الآمال والواجبات
الحمد لله الذى نور بكتابه القلوب.. وأنزله فى أوجز لفظ وأعجز أسلوب.. فأعيت بلاغتُه البلغاء.. وأعجزت حكمتهُ الحكماء.. وأبكمت فصحاته الخطباء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله البشير النذير.. السراجُ المزهر المنير.. خيرُ الأنبياء مقاماُ.. وأحسنُ الأنبياء كلاماً .
رافع الإصر والأغلال.
والداعي إلى خير الأقوال وأحسن الأعمال.
أرسله الله عز وجل والناسُ صنفان.
مغضوب عليهم جفاه .. وضالون غُلاة.
فجاء بالدين الوسط.. ، وحذر من الزيغ والشطط.. ، وتركنا المحجة البيضاء ليلُها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
فاللهم أجزه عنا خير ما جزيت به نبياً عن أمته.. ، ورسولاً عن دعوته.. ، ورسالته..، وصلى اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد.. فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة وزكى الله هذه الأنفس وشرح الله هذه الصدور وأسأل الله أن يتقبل منا وإياكم صالح الأعمال وأن يجمعنا وإياكم في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في جنته ودار كرامته.
أيها الأحبة:
اسمحوا لى أن يكون لقاؤنا اليومَ بعد هذه الغيبة بعنوان:
« رحلتي إلى أمريكا بين الحقائق والآمال والواجبات».
فلقد شرفني اللهُ جل وعلا بالمشاركةَِ في ثلاثة مؤتمرات إسلامية عُقدت في أمريكا في الأيام الأخيرة من هذا العام المنصرف فى النصف الثانى من شهر ديسمبر.
أما المؤتمرُ الأول فقد عُقد في مدينة إنديانا بوليس تحت إشراف جمعية القرآنِ السنة التي يقوم عليها إخوةٌ كرامٌ أفاضل يقدمون الإسلام غضاً صافياً من القرآن والسنة بفهم سلف الأمة.
يقدمونه للناس في بيئة أحرقها لفحُ الهاجرِة القاتل وأرهقها طولُ المشى في التيه والظلام.
وكان موضوعُ المؤتمر فى هذا العام بعنوان: « العملُ الإسلامىُ المعاصر بين عذاب الاختلاف ورحمه الائتلاف ».
وقد شارك فيه مجموعةٌ كريمةً من العلماء والدعاة وحضره عدةُ مئات من المسلمين *****لمات».
أما المؤتمر الثاني فقد عقد في مدينة « ديتروُيت » تحت إشراف رابطة الشباب المسلم العربي التي يقوم عليها أخوةٌ يعتز بهم كلٌ مسلم. إخوةٌ واصلوا الليلَ بالنهار في العمل الجاد المخلص للإسلام في هذه البلاد وبلغوا درجةً من التنظيم والتنسيق تبعث على الفخر والاعتزاز.
وقد حضر هذا المؤتمر ستة آلاف مسلمٍ ومسلمة في مظاهُرة إسلاميةٍ تُبكى العيونَ فرحاً. وتملأ القلوبَ أملاً.!!
وقد شارك فيه عدد كبير من أكابر العلماء والدعاة أيضاً من معظم أنحاء العالم الإسلامي. وكان موضوع المؤتمر« الأمة الإسلاميةُ شروق لا غروب».
أما المؤتمر الثالث فقد عُقد في كندا تحت إشراف الاتحاد الإسلامي الصومالى وكان يقوم عليه إخوةٌ فضلاء من الصومال، وقد حضره عدة مئات من المسلمين *****لمات وشارك فيه مجموعة من العلماء والدعاة وكان موضوعه « نحو منهج السلف».
ثم قمنا بزيارة بعض المراكز الإسلامية، وكانت سعادتُنا غامرة ونحن نتجول في مركز الدراسات الإسلامية والعربية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في فرجينيا هذا الصرح الذي افتتح رسمياً منذ عام تقريباً ويقدم جهداً عظيماً للدعوة إلى الله في مثل هذه البلاد بأحدث الطرق العلمية والتقنية للعرب والأمريكان.
ومن بديع ما قدمه هذا المعهد في هذه الفترة القريبة برنامجاً بالكمبيوتر لتعليم الإسلام باللغة الإنجليزية لغير المسلمين.بالإضافة إلى التعليم وطبع النشرات والدوريات وترجمة بعض الكتب.
ويقوم عليه إخوة كرامٌ أفاضل يحملون همَ الدين فنسأل الله لهم ولجميع الإخوة العاملين للإسلام الثبات والتوفيق إنه ولى ذلك ومولاه وهو على كل شىء قدير.
وبعد هذه الجولة السريعة في عدة ولايات استطيعُ أن أسجل لكم بعض انطباعاتي بين الحقائق والآمال والواجبات في نقاطٍ سريعة.
أولا- الحقائق:
وإن أكبر حقيقةٍ أذكر بها نفسى وإياكم أن من قدَّر الله له زيارة هذه البلاد عرف أن أعظم نعمةٍ امتن الله بها علينا هي نعمةُ الإسلام والإيمان
وذلك محضُ فضلِ الله علينا ابتداءً وانتهاءً.. قال الله عز وجل :) وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّه (ِ ( ) .
وقال سبحانه) وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (
( )
وقال عز وجل:) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( )
وفى الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي قال: « كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ » ( ) وفى لفظ مسلم : « ما من مَوْلُودٍ يُولَدُ إلا ويولد على الفطرة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويمجسانه كَمَا تَنتَجُ البهيمة بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ » ( ).
( أى مجتمعة الأعضاء) ثم قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم قول الله عز
وجل: ) فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ( ( )
وفي صحيح مسلم من حديث عياض بن حِمار وفيه أن النبي قال: « قال الله تعالى: وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ».
فمن نحنُ ليشرفنا اللهُ بعبادته وتوحيده وطاعته جل وعلا.. إنه فضل الله علينا ابتداءً وانتهاءً لم ننله بفضل عقل ولا بقوة بدن.
ومما زادني فخراً وتيهاً
وكدت بأخمصى أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي
وأن أرسلت أحمدَ لى نبياً
فلا يسعنا إلا ان نخر لله سجداً
وأن نحمده في كل نفس من أنفاس حياتنا على هذه النعمة العظيمة. وأن نضرع إليه مخلصين أن يحفظها علينا، وأن يختم لنا بها عند الموت لنسعد في الدنيا والآخرة.
ويزداد فضل الله علينا، وتغمرنا رحمته وبركته ويغشانا إحسانه بعد إنعامه علينا بنعمة الإسلام والإيمان بأن يختار بيئةً طيبة تعيننا على طاعة الله وتذكرنا به إذا نسينا..
فإن البيئة هناك لا تذكرك بالله أبداً بل تدفعك دفعاً ولو كنت ورعاً تقياً لى معصية الله جل وعلا..!!
ففي كل مكان ترى المعصية، في الطائرة.. ، في القطار.. ، في الباص.. ، في الشارع.. ، في الفندق ..، في المحل..، في المطعم..، في المأكل..، في المشرب..، وتخشى إذا ابتعدت عن إخواتك أن تأكل أو أن تشرب، فهي بيئة تتصاعد منها أنفاسُ العصاة في كل لحظة.
ومن رأى هذه البيئة ، وعاش فيها عرف يقيناً.
وأقسم على ذلك بالله العظيم إن أطهر وأشرف بيئة على ظهر هذه الأرض، تعينك على طاعة الله، وتحجزك عن مصية الله هي بلاد الحرمين الشريفين، ولا ينكر ذلك إلا جاحدٌ مريضُ القلب، فهي جزيرة الإسلام ومهبط الوحى وأرض الرسالات والنبوات وفيها بيت الله جل وعلا ومسجدُ رسوله المصطفى و نبيه المجتبى .
و وكيف لا وقد قال الصادق المصدوق مخاطبة مكة يوم هجرته منها : « واللهي إنك لخيرُ أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني ُأخرجتُ منكِ ما خرجت» أخرجه الترمذي وابن ماجه واسناده صحيح .
ودعا ****** لمدينته الغراء كما في صحيح البخاري ومسلم من حديث أنس أن رسول الله قال: « اللهم أجعل بالمدينة ضِعْفَىْ ما جعلت بمكة من البركة» ( ).
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه قال: « على أنقاب المدينة ملائكةُ لا يدخلها الطاعون ولا الدجال» ( )
وفي الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه قال: « إن إلايمان لبارِزُ ملائكةٌ لا يدخلها الطاعون ولا الدجال» ( ). وفي لفظ مسلم « أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ وهو يأرِزُ (أى ينضمُ ويجتمع) بين المسجدين أي بين المسجد الحرام *****جد النبوي كما تأرز الحيةُ إلى حجرها» ( ).
وقال بأبي هو وأمى في جزيرة العرب كما في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال :
« إن الشيطان قد أنسَ أن تَعبُدَهُ المصلُّوَن في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم» ( ).أى بإيقاع الفتن بين الناس وحمل بعضهم على بعض فمن منَّ الله عليه، وأسكنه هذه البلاد، وتلك الأرض، فليحمد الله عزوجل وليعرف قدر هذه النعمة فإنها والله أرضٌ مباركة طيبة تدفعك دفعاً إلى طاعة الله، وتحول بينك وبين معصية الله، وتعيش فيها آمناً على دينك ، وهذا أعظمُ أمانٍ على الإطلاق.
وفى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي قال:
« قد أفلح من أسلَم ورزُِق كَفَافاً وقنعَّه الله بما أتاه » ( ). وفى لفظ الترمذي من حديث فُضَالة بن عبيد أنه قال : « طوبى لمن هُدِى للإسلام وكان عيشه كفافاً وقَنَع».
فكيف بمن هداه الله للإسلام وأسكنه بلاد الإسلام وأغدق عليه العطاء والنعم فلنعرف نعمة الله علينا ولنخر له سجدًا شاكرين ولنؤدى حق الله علينا في كل هذه النعم ونضرع إلى الله تعالى أن يجعل بلاد الحرمين أمناً أماناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين إنه على كل شيء قدير.
ثانياً- الآمال…
وهى كثيرة ولله الحمد والمنة .. وكُلها تردد بثقةٍ ويقين قائلةً:
إن الإسلامَ قادم كقدم الليل والنهار.
ولئن عرف التاريخ أوساً وخزرجا
فللَّ أوسٌ قادمون وخزرج
وإن كنوز الغيب تخفى طلائعاً حرة
رغم المكائدِ تخرجُ
نعم.. إن أمة الإسلام قد مرضت وطال مرضها..، ونامت وطال رقادها..، ولكنها بفضل الله جل وعلا لا تموت.
وإن الذي يفصل في الأمر في نهاية المطاف ليس قوة الباطل، ولكن الذي يفصل في الأمر هو قوة الحق.
ولا شك على الإطلاق أن معنا الحق الذي من أجله خلقت السموات والأرض..، والجنة والنار..، ومن أجله أنزلت الكتب ..، وأرسلت الرسل.
معنا رصيد الفطرة.. فطرةُ الكون وفطرة الإنسان.. وقيل كل ذل وبعد كل ذلك معنا الله، ويا لها والله من معية كريمة مباركة)وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (( ).
)وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (( )
) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ( ( )
نعم أيها الأحباب:
إنه وعد الله الذى لا يخلف وسنة الله التي لا تتغير ولا تتبدل.
يقول المفكر الشهير( ماكنيل) : « إن الحضارة الغربية الآن في الطور الأخير من أطوار حياتها… » .
نعم أيها الأحبة:
فلقد استطاعت الحضارة الغربية أن تقدم تكنيكاً رائعاً وتقدمًا علمياً مذهلاً، يناطح السحاب وحولت العالم كله إلى قرية صغيرة عن طريق التقدم المذهل في عالم الاتصالات والمواصلات.
ولكنها فشلت أن تقدم الراحة للقلوب .. ، والطمأنينة للنفوس..، والسكينة للإنسان.. ، والاستقرار للضمير..، والهدوء للأعصاب. والسَّبب بسيط جداً وهو:
أن هذه الأمور تتعلق بالروح،بالشق الثاني من هذا الإنسان والروحُ لا يشبعها ولا يسعدها ولا يريحها إلا أن تعبد خالقها عز وجل.
فالحضارة الغربية فضلت في أن تتعامل مع إنسانية الإنسان لأنها لا تُقاس بالأمتار..، و توزن بالجرام..، و لا تخضع للبارومتر الزئبقى..، ولا تتجمد في بوتقه الاختيار في المعامل ولذا حصل الشقاءُ بِحَقٍ لإنسان هذه الحضارة من اليأس..، والقلق ..، والألم..، والملل..، والتمرد..، والتمزق..، والمأساة ..، والشذوذ ..، والجنس بكل صوره وأشكاله.
حتى يقول آرثر ميللر الكاتب الأمريكي الشهير: «إن أكثر الأماكن براءةً في بلدى هو مصحة الأمراض العقلية، وكمال البراءة هو الجنون». حتى لقد عقد جامعة هارفارد في عام 1979 مؤتمراً لكبار الأساتذة والمفكرين وعلماء النفس والاجتماع وجميع مجالات العلوم الإنسانية وطرح عليهم سؤالين هما:
* الأول: ما معنى الحياة في أمريكا؟
*والثاني: ما هي فلسفة التعليم وهدفه في أمريكا؟
ويلخص شوبنهار حياة الغرب في كلمات فيقول: « إن الحياة تتأرجح من اليمين إلى اليسار، من الألم إلى الملل، ليستغث هذا الغربُ المسكين إلهه إذا شاء إنه سيظل فريسةَ مَصيره فالقدر لا يرحم».
وهناك إحصائيات أخيرة وخطيرة جداَ تؤكد هذا الخطر.
ذلك وعد الله عز وجل:
قال سبحانه:) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (( ).
ومن أروع ما قرأت للكاتب المشهور شبنجلز في كتابه سقوط الحضارة يقول: « إن للحضارة دورات فلكيةً تغرب هنا لتشرق هناك وإن حضارةً جديدة أوشكت على الشروق في أروع صورة هى حضارةُ الإسلام الذي يملك أقوى قوةٍ روحانية عالمية نقية».
واليكم هذه البشائر التي تُسعدُ كل مسلمٍ مسلمة:
*ففى الشهر الماضي أقيم في البنتاجون حفلٌ فريد من نوعه لأول مرة في تاريخ أمريكا وهو حفل تنصيب إمام أمريكي مسلم للصلاة بالمسلمين في الجيش الأمريكي وسمح لهم القانون بأداء الصلاة في أوقاتها في وقت العمل الرسمى. وهذا الإمام هو النقيب المسلم عبد الرشيد محمد وهو أمريكي مسلم.. وحضر الحفل عدةُ وفود تمثل سفارات بعض الدول الإسلامية وقد اهتمت وكالات الأنباء والصحف والمجلات في أمريكا بهذا الخبر الجديد.
*وصل عدد المسلمين في أمريكا إلى ما يقرّب من ستة مليون مسلم ومسلمة.
*وصل عددُ المساجد الآن في أمريكا إلى ما يقرب من 1**0 مسجد.
في شيكاغو وحده التي تعتبر من أكبر أماكن العالم في الجريمة بها 49 مركز إسلامي.
*مؤسسة إسلامية كبيرة تعرف بمؤسسة الأخت كليرا محمد أنشأت خمسين مدرسة إسلامية في أكثر من ولاية وأنشأت كلية المعلمين المسلمين أخيراً في فرجينيا لتخريج المدرسين.
*افتتح في آخر الشهر المنصرف أول برنامج إذاعي إسلامى في إذاعة جديدة تسمى صوت الحق تبث برامجها للأمريكيين المسلمين باللغة الإنجليزية.
*افتتح منذ عام تقريباً معهد الدراسات الإسلامية والعربية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي يعطى شهادة البكالوريوس والماجستير في الدراسات الإسلامية، إلى جانب الأعمال الدَعَوِيَّة الأخرى في ولاية فرجينيا وغيرها من الولايات.
*وجود مثلُ هذه المؤتمرات والندوات والمجلات والدوريات التي يصدرها الأخوة الكرام واختلافهم فأدعو الله أن يجمع شملهم وأن يوحد صفهم وأن يؤلف بين قلوبهم إنه ولى ذلك ومولاه.
وأخيراً أيها الأحباب:
فالإسلام قادم كقدوم الليل والنهار.. ذلكم وعد الله ووعدُ رسوله الذى لا ينطق عن الهوى وفي الحديث الذي رواه أحمد والطبرانى في الكبير والحاكم وقال صحيح على شر ال***ين وأقره الذهبى من حديث تميم الدارى أنه قال: « ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر ».
والمبشرات القرآنية النبوية كثيرة وقد أفردت لها لقائين بعون (المستقبل لهذا الدين) وكذلك ( بشرى وأمل ).
وها هي كتائبُ الصحوة الإسلامية العالمية المباركة تتوالى يغذيها كل يوم شبان في ريعان الصبا وفتياتٌ في عمر الورود تلكم الكواكب الكريمة..
وأخيراً الواجبات:
فما هو دورنا وما واجبنا وما الذي قدمناه وما الذي يجب علينا أن نقدمه أيها ****** أيتها المسلمة:
كلنا على ثغر من ثغور الإسلام.
فواجبنا جميعًا أن نكون إيجابيين متجردين في العمل لهذا الدين.
أغرس على قدر استطاعتك..، ولا تتعجل الثمرة حتى ولو أكلها غيرك، فما عليك أنت إلا أن تغرس لهذا الدين حتى ولو قامت الساعة كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد عن أنس عن رسول الله : « إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر».
فلا تحقرن من المعروف شيئاً، وابذل جهدك لدين الله على قدر استطاعتك وأحمل هم هذا الدين وتحرك بقلب يتحرق على الأمة التي نزفت دماؤها في كل مكان ومزقت أشلاؤها، وانتهكت أعراضها وسلبت أرضها. فهل أنت كذلك أم أنك تنام ملء جفنيك وتأكل ملء بطنك وتضحك ملء فمك؟
علينا جميعاً أن نعمل على للإسلام لنكون ممن شرفهم الله بالسير على طريق الأنبياء.
ففى الصحيح عن ابن مسعود عن رسول الله : « ما من نبي بعثه الله في أمة قبلى إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلُفُ من بعدهم خُلوف يقولن ما لايفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبه خردل » ( ).
وعلينا أن نتحرك للدعوة فيه الآن كما قال علماؤنا فرض عين على كل مسلم ومسلمة وفى صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله : « بلغوا عنى ولو آية » فكم تحفظ من الآيات وكم تعرف من الأحاديث؟!
وإن أعظم عمل نقدمه الآن للإسلام هو أن نشهد له شهادة عملية على أرض الواقع كما شهدنا له جميعاً من قبل شهادة قولية فإننا لن نعيد الإسلام من جديد بالخطب الرنانة والمواعظ المؤثرة وإنما نعيده منهجاً للحياة فهل من مدكر؟!
نسأل الله العظيم أن يرد البشرية إلى الإسلام رداً جميلاً وأن يقر أعيننا بنصره الإسلام وعز الموحدين
........... الدعاء.
بين الحقائق و الآمال والواجبات
الحمد لله الذى نور بكتابه القلوب.. وأنزله فى أوجز لفظ وأعجز أسلوب.. فأعيت بلاغتُه البلغاء.. وأعجزت حكمتهُ الحكماء.. وأبكمت فصحاته الخطباء وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله البشير النذير.. السراجُ المزهر المنير.. خيرُ الأنبياء مقاماُ.. وأحسنُ الأنبياء كلاماً .
رافع الإصر والأغلال.
والداعي إلى خير الأقوال وأحسن الأعمال.
أرسله الله عز وجل والناسُ صنفان.
مغضوب عليهم جفاه .. وضالون غُلاة.
فجاء بالدين الوسط.. ، وحذر من الزيغ والشطط.. ، وتركنا المحجة البيضاء ليلُها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
فاللهم أجزه عنا خير ما جزيت به نبياً عن أمته.. ، ورسولاً عن دعوته.. ، ورسالته..، وصلى اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد.. فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة وزكى الله هذه الأنفس وشرح الله هذه الصدور وأسأل الله أن يتقبل منا وإياكم صالح الأعمال وأن يجمعنا وإياكم في الدنيا على طاعته وفي الآخرة في جنته ودار كرامته.
أيها الأحبة:
اسمحوا لى أن يكون لقاؤنا اليومَ بعد هذه الغيبة بعنوان:
« رحلتي إلى أمريكا بين الحقائق والآمال والواجبات».
فلقد شرفني اللهُ جل وعلا بالمشاركةَِ في ثلاثة مؤتمرات إسلامية عُقدت في أمريكا في الأيام الأخيرة من هذا العام المنصرف فى النصف الثانى من شهر ديسمبر.
أما المؤتمرُ الأول فقد عُقد في مدينة إنديانا بوليس تحت إشراف جمعية القرآنِ السنة التي يقوم عليها إخوةٌ كرامٌ أفاضل يقدمون الإسلام غضاً صافياً من القرآن والسنة بفهم سلف الأمة.
يقدمونه للناس في بيئة أحرقها لفحُ الهاجرِة القاتل وأرهقها طولُ المشى في التيه والظلام.
وكان موضوعُ المؤتمر فى هذا العام بعنوان: « العملُ الإسلامىُ المعاصر بين عذاب الاختلاف ورحمه الائتلاف ».
وقد شارك فيه مجموعةٌ كريمةً من العلماء والدعاة وحضره عدةُ مئات من المسلمين *****لمات».
أما المؤتمر الثاني فقد عقد في مدينة « ديتروُيت » تحت إشراف رابطة الشباب المسلم العربي التي يقوم عليها أخوةٌ يعتز بهم كلٌ مسلم. إخوةٌ واصلوا الليلَ بالنهار في العمل الجاد المخلص للإسلام في هذه البلاد وبلغوا درجةً من التنظيم والتنسيق تبعث على الفخر والاعتزاز.
وقد حضر هذا المؤتمر ستة آلاف مسلمٍ ومسلمة في مظاهُرة إسلاميةٍ تُبكى العيونَ فرحاً. وتملأ القلوبَ أملاً.!!
وقد شارك فيه عدد كبير من أكابر العلماء والدعاة أيضاً من معظم أنحاء العالم الإسلامي. وكان موضوع المؤتمر« الأمة الإسلاميةُ شروق لا غروب».
أما المؤتمر الثالث فقد عُقد في كندا تحت إشراف الاتحاد الإسلامي الصومالى وكان يقوم عليه إخوةٌ فضلاء من الصومال، وقد حضره عدة مئات من المسلمين *****لمات وشارك فيه مجموعة من العلماء والدعاة وكان موضوعه « نحو منهج السلف».
ثم قمنا بزيارة بعض المراكز الإسلامية، وكانت سعادتُنا غامرة ونحن نتجول في مركز الدراسات الإسلامية والعربية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في فرجينيا هذا الصرح الذي افتتح رسمياً منذ عام تقريباً ويقدم جهداً عظيماً للدعوة إلى الله في مثل هذه البلاد بأحدث الطرق العلمية والتقنية للعرب والأمريكان.
ومن بديع ما قدمه هذا المعهد في هذه الفترة القريبة برنامجاً بالكمبيوتر لتعليم الإسلام باللغة الإنجليزية لغير المسلمين.بالإضافة إلى التعليم وطبع النشرات والدوريات وترجمة بعض الكتب.
ويقوم عليه إخوة كرامٌ أفاضل يحملون همَ الدين فنسأل الله لهم ولجميع الإخوة العاملين للإسلام الثبات والتوفيق إنه ولى ذلك ومولاه وهو على كل شىء قدير.
وبعد هذه الجولة السريعة في عدة ولايات استطيعُ أن أسجل لكم بعض انطباعاتي بين الحقائق والآمال والواجبات في نقاطٍ سريعة.
أولا- الحقائق:
وإن أكبر حقيقةٍ أذكر بها نفسى وإياكم أن من قدَّر الله له زيارة هذه البلاد عرف أن أعظم نعمةٍ امتن الله بها علينا هي نعمةُ الإسلام والإيمان
وذلك محضُ فضلِ الله علينا ابتداءً وانتهاءً.. قال الله عز وجل :) وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّه (ِ ( ) .
وقال سبحانه) وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (
( )
وقال عز وجل:) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) ( )
وفى الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي قال: « كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ » ( ) وفى لفظ مسلم : « ما من مَوْلُودٍ يُولَدُ إلا ويولد على الفطرة فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ ويمجسانه كَمَا تَنتَجُ البهيمة بَهِيمَةٍ جَمْعَاءَ » ( ).
( أى مجتمعة الأعضاء) ثم قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم قول الله عز
وجل: ) فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ( ( )
وفي صحيح مسلم من حديث عياض بن حِمار وفيه أن النبي قال: « قال الله تعالى: وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا ».
فمن نحنُ ليشرفنا اللهُ بعبادته وتوحيده وطاعته جل وعلا.. إنه فضل الله علينا ابتداءً وانتهاءً لم ننله بفضل عقل ولا بقوة بدن.
ومما زادني فخراً وتيهاً
وكدت بأخمصى أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي
وأن أرسلت أحمدَ لى نبياً
فلا يسعنا إلا ان نخر لله سجداً
وأن نحمده في كل نفس من أنفاس حياتنا على هذه النعمة العظيمة. وأن نضرع إليه مخلصين أن يحفظها علينا، وأن يختم لنا بها عند الموت لنسعد في الدنيا والآخرة.
ويزداد فضل الله علينا، وتغمرنا رحمته وبركته ويغشانا إحسانه بعد إنعامه علينا بنعمة الإسلام والإيمان بأن يختار بيئةً طيبة تعيننا على طاعة الله وتذكرنا به إذا نسينا..
فإن البيئة هناك لا تذكرك بالله أبداً بل تدفعك دفعاً ولو كنت ورعاً تقياً لى معصية الله جل وعلا..!!
ففي كل مكان ترى المعصية، في الطائرة.. ، في القطار.. ، في الباص.. ، في الشارع.. ، في الفندق ..، في المحل..، في المطعم..، في المأكل..، في المشرب..، وتخشى إذا ابتعدت عن إخواتك أن تأكل أو أن تشرب، فهي بيئة تتصاعد منها أنفاسُ العصاة في كل لحظة.
ومن رأى هذه البيئة ، وعاش فيها عرف يقيناً.
وأقسم على ذلك بالله العظيم إن أطهر وأشرف بيئة على ظهر هذه الأرض، تعينك على طاعة الله، وتحجزك عن مصية الله هي بلاد الحرمين الشريفين، ولا ينكر ذلك إلا جاحدٌ مريضُ القلب، فهي جزيرة الإسلام ومهبط الوحى وأرض الرسالات والنبوات وفيها بيت الله جل وعلا ومسجدُ رسوله المصطفى و نبيه المجتبى .
و وكيف لا وقد قال الصادق المصدوق مخاطبة مكة يوم هجرته منها : « واللهي إنك لخيرُ أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني ُأخرجتُ منكِ ما خرجت» أخرجه الترمذي وابن ماجه واسناده صحيح .
ودعا ****** لمدينته الغراء كما في صحيح البخاري ومسلم من حديث أنس أن رسول الله قال: « اللهم أجعل بالمدينة ضِعْفَىْ ما جعلت بمكة من البركة» ( ).
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه قال: « على أنقاب المدينة ملائكةُ لا يدخلها الطاعون ولا الدجال» ( )
وفي الصحيحين من حديث أبى هريرة أنه قال: « إن إلايمان لبارِزُ ملائكةٌ لا يدخلها الطاعون ولا الدجال» ( ). وفي لفظ مسلم « أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ وهو يأرِزُ (أى ينضمُ ويجتمع) بين المسجدين أي بين المسجد الحرام *****جد النبوي كما تأرز الحيةُ إلى حجرها» ( ).
وقال بأبي هو وأمى في جزيرة العرب كما في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال :
« إن الشيطان قد أنسَ أن تَعبُدَهُ المصلُّوَن في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم» ( ).أى بإيقاع الفتن بين الناس وحمل بعضهم على بعض فمن منَّ الله عليه، وأسكنه هذه البلاد، وتلك الأرض، فليحمد الله عزوجل وليعرف قدر هذه النعمة فإنها والله أرضٌ مباركة طيبة تدفعك دفعاً إلى طاعة الله، وتحول بينك وبين معصية الله، وتعيش فيها آمناً على دينك ، وهذا أعظمُ أمانٍ على الإطلاق.
وفى صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن النبي قال:
« قد أفلح من أسلَم ورزُِق كَفَافاً وقنعَّه الله بما أتاه » ( ). وفى لفظ الترمذي من حديث فُضَالة بن عبيد أنه قال : « طوبى لمن هُدِى للإسلام وكان عيشه كفافاً وقَنَع».
فكيف بمن هداه الله للإسلام وأسكنه بلاد الإسلام وأغدق عليه العطاء والنعم فلنعرف نعمة الله علينا ولنخر له سجدًا شاكرين ولنؤدى حق الله علينا في كل هذه النعم ونضرع إلى الله تعالى أن يجعل بلاد الحرمين أمناً أماناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين إنه على كل شيء قدير.
ثانياً- الآمال…
وهى كثيرة ولله الحمد والمنة .. وكُلها تردد بثقةٍ ويقين قائلةً:
إن الإسلامَ قادم كقدم الليل والنهار.
ولئن عرف التاريخ أوساً وخزرجا
فللَّ أوسٌ قادمون وخزرج
وإن كنوز الغيب تخفى طلائعاً حرة
رغم المكائدِ تخرجُ
نعم.. إن أمة الإسلام قد مرضت وطال مرضها..، ونامت وطال رقادها..، ولكنها بفضل الله جل وعلا لا تموت.
وإن الذي يفصل في الأمر في نهاية المطاف ليس قوة الباطل، ولكن الذي يفصل في الأمر هو قوة الحق.
ولا شك على الإطلاق أن معنا الحق الذي من أجله خلقت السموات والأرض..، والجنة والنار..، ومن أجله أنزلت الكتب ..، وأرسلت الرسل.
معنا رصيد الفطرة.. فطرةُ الكون وفطرة الإنسان.. وقيل كل ذل وبعد كل ذلك معنا الله، ويا لها والله من معية كريمة مباركة)وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ (( ).
)وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (( )
) يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ( ( )
نعم أيها الأحباب:
إنه وعد الله الذى لا يخلف وسنة الله التي لا تتغير ولا تتبدل.
يقول المفكر الشهير( ماكنيل) : « إن الحضارة الغربية الآن في الطور الأخير من أطوار حياتها… » .
نعم أيها الأحبة:
فلقد استطاعت الحضارة الغربية أن تقدم تكنيكاً رائعاً وتقدمًا علمياً مذهلاً، يناطح السحاب وحولت العالم كله إلى قرية صغيرة عن طريق التقدم المذهل في عالم الاتصالات والمواصلات.
ولكنها فشلت أن تقدم الراحة للقلوب .. ، والطمأنينة للنفوس..، والسكينة للإنسان.. ، والاستقرار للضمير..، والهدوء للأعصاب. والسَّبب بسيط جداً وهو:
أن هذه الأمور تتعلق بالروح،بالشق الثاني من هذا الإنسان والروحُ لا يشبعها ولا يسعدها ولا يريحها إلا أن تعبد خالقها عز وجل.
فالحضارة الغربية فضلت في أن تتعامل مع إنسانية الإنسان لأنها لا تُقاس بالأمتار..، و توزن بالجرام..، و لا تخضع للبارومتر الزئبقى..، ولا تتجمد في بوتقه الاختيار في المعامل ولذا حصل الشقاءُ بِحَقٍ لإنسان هذه الحضارة من اليأس..، والقلق ..، والألم..، والملل..، والتمرد..، والتمزق..، والمأساة ..، والشذوذ ..، والجنس بكل صوره وأشكاله.
حتى يقول آرثر ميللر الكاتب الأمريكي الشهير: «إن أكثر الأماكن براءةً في بلدى هو مصحة الأمراض العقلية، وكمال البراءة هو الجنون». حتى لقد عقد جامعة هارفارد في عام 1979 مؤتمراً لكبار الأساتذة والمفكرين وعلماء النفس والاجتماع وجميع مجالات العلوم الإنسانية وطرح عليهم سؤالين هما:
* الأول: ما معنى الحياة في أمريكا؟
*والثاني: ما هي فلسفة التعليم وهدفه في أمريكا؟
ويلخص شوبنهار حياة الغرب في كلمات فيقول: « إن الحياة تتأرجح من اليمين إلى اليسار، من الألم إلى الملل، ليستغث هذا الغربُ المسكين إلهه إذا شاء إنه سيظل فريسةَ مَصيره فالقدر لا يرحم».
وهناك إحصائيات أخيرة وخطيرة جداَ تؤكد هذا الخطر.
ذلك وعد الله عز وجل:
قال سبحانه:) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (( ).
ومن أروع ما قرأت للكاتب المشهور شبنجلز في كتابه سقوط الحضارة يقول: « إن للحضارة دورات فلكيةً تغرب هنا لتشرق هناك وإن حضارةً جديدة أوشكت على الشروق في أروع صورة هى حضارةُ الإسلام الذي يملك أقوى قوةٍ روحانية عالمية نقية».
واليكم هذه البشائر التي تُسعدُ كل مسلمٍ مسلمة:
*ففى الشهر الماضي أقيم في البنتاجون حفلٌ فريد من نوعه لأول مرة في تاريخ أمريكا وهو حفل تنصيب إمام أمريكي مسلم للصلاة بالمسلمين في الجيش الأمريكي وسمح لهم القانون بأداء الصلاة في أوقاتها في وقت العمل الرسمى. وهذا الإمام هو النقيب المسلم عبد الرشيد محمد وهو أمريكي مسلم.. وحضر الحفل عدةُ وفود تمثل سفارات بعض الدول الإسلامية وقد اهتمت وكالات الأنباء والصحف والمجلات في أمريكا بهذا الخبر الجديد.
*وصل عدد المسلمين في أمريكا إلى ما يقرّب من ستة مليون مسلم ومسلمة.
*وصل عددُ المساجد الآن في أمريكا إلى ما يقرب من 1**0 مسجد.
في شيكاغو وحده التي تعتبر من أكبر أماكن العالم في الجريمة بها 49 مركز إسلامي.
*مؤسسة إسلامية كبيرة تعرف بمؤسسة الأخت كليرا محمد أنشأت خمسين مدرسة إسلامية في أكثر من ولاية وأنشأت كلية المعلمين المسلمين أخيراً في فرجينيا لتخريج المدرسين.
*افتتح في آخر الشهر المنصرف أول برنامج إذاعي إسلامى في إذاعة جديدة تسمى صوت الحق تبث برامجها للأمريكيين المسلمين باللغة الإنجليزية.
*افتتح منذ عام تقريباً معهد الدراسات الإسلامية والعربية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الذي يعطى شهادة البكالوريوس والماجستير في الدراسات الإسلامية، إلى جانب الأعمال الدَعَوِيَّة الأخرى في ولاية فرجينيا وغيرها من الولايات.
*وجود مثلُ هذه المؤتمرات والندوات والمجلات والدوريات التي يصدرها الأخوة الكرام واختلافهم فأدعو الله أن يجمع شملهم وأن يوحد صفهم وأن يؤلف بين قلوبهم إنه ولى ذلك ومولاه.
وأخيراً أيها الأحباب:
فالإسلام قادم كقدوم الليل والنهار.. ذلكم وعد الله ووعدُ رسوله الذى لا ينطق عن الهوى وفي الحديث الذي رواه أحمد والطبرانى في الكبير والحاكم وقال صحيح على شر ال***ين وأقره الذهبى من حديث تميم الدارى أنه قال: « ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلا يذل الله به الكفر ».
والمبشرات القرآنية النبوية كثيرة وقد أفردت لها لقائين بعون (المستقبل لهذا الدين) وكذلك ( بشرى وأمل ).
وها هي كتائبُ الصحوة الإسلامية العالمية المباركة تتوالى يغذيها كل يوم شبان في ريعان الصبا وفتياتٌ في عمر الورود تلكم الكواكب الكريمة..
وأخيراً الواجبات:
فما هو دورنا وما واجبنا وما الذي قدمناه وما الذي يجب علينا أن نقدمه أيها ****** أيتها المسلمة:
كلنا على ثغر من ثغور الإسلام.
فواجبنا جميعًا أن نكون إيجابيين متجردين في العمل لهذا الدين.
أغرس على قدر استطاعتك..، ولا تتعجل الثمرة حتى ولو أكلها غيرك، فما عليك أنت إلا أن تغرس لهذا الدين حتى ولو قامت الساعة كما في الحديث الصحيح الذي رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد عن أنس عن رسول الله : « إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم الساعة حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر».
فلا تحقرن من المعروف شيئاً، وابذل جهدك لدين الله على قدر استطاعتك وأحمل هم هذا الدين وتحرك بقلب يتحرق على الأمة التي نزفت دماؤها في كل مكان ومزقت أشلاؤها، وانتهكت أعراضها وسلبت أرضها. فهل أنت كذلك أم أنك تنام ملء جفنيك وتأكل ملء بطنك وتضحك ملء فمك؟
علينا جميعاً أن نعمل على للإسلام لنكون ممن شرفهم الله بالسير على طريق الأنبياء.
ففى الصحيح عن ابن مسعود عن رسول الله : « ما من نبي بعثه الله في أمة قبلى إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلُفُ من بعدهم خُلوف يقولن ما لايفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبه خردل » ( ).
وعلينا أن نتحرك للدعوة فيه الآن كما قال علماؤنا فرض عين على كل مسلم ومسلمة وفى صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو عن رسول الله : « بلغوا عنى ولو آية » فكم تحفظ من الآيات وكم تعرف من الأحاديث؟!
وإن أعظم عمل نقدمه الآن للإسلام هو أن نشهد له شهادة عملية على أرض الواقع كما شهدنا له جميعاً من قبل شهادة قولية فإننا لن نعيد الإسلام من جديد بالخطب الرنانة والمواعظ المؤثرة وإنما نعيده منهجاً للحياة فهل من مدكر؟!
نسأل الله العظيم أن يرد البشرية إلى الإسلام رداً جميلاً وأن يقر أعيننا بنصره الإسلام وعز الموحدين
........... الدعاء.