aboresh
4 - 11 - 2003, 07:25 PM
همسات للفتيات
د . عبد الحي يوسف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فيا فتاةَ الإسلام! أيتها العابدة القانتة! هذه كلمات سبع أهمس بهنَّ في أُذُنك رجاءَ أن ينفعك الله بهنَّ، وأن تعملي بطاعة ربِّك بامتثالهنَّ، فاحرصي – وفقكِ الله وهداكِ – أن تدخلي في دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها). وأُعيذكِ بالله أن تكوني ممن لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي بعث به أنبياءه ورسله. فالبدارَ البدارَ إلى خير العمل وإياكِ و"سوف" فإنها مطيَّة المفلسين، وتذكّري – رعاكِ الله – أنَّ العُمُرَ قصيرٌ، وأنَّ الأنفاسَ معدودةٌ، وأنَّكِ أيامٌ، كلّما ذَهَبَ يومٌ ذَهَبَ بعضُكِ، وعمّا قريبٍ ينزل بك مَلَكٌ شديدٌ غليظٌ، ينقلك من سَعة بيتكِ إلى ضيق قبركِ، حيث لا تجدين إلا عملَكِ، ولا ينفعكِ إلا دينُكِ، ولا يُنْجيكِ إلا إخلاصُكِ، واليوم عملٌ ولا حساب، وغداً حسابٌ ولا عمل (وينجّي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسّهم السوءُ ولا هم يحزنون).
أختاه! أصْغي إليَّ بأُذُنيْكِ، وافتحي ليَ قلبكِ؛ فأنا لكِ ناصحٌ أمينٌ. اقرئي هذه الكلمات، وأَقرئيها أخواتِكِ، وأبشري ببشارةِ الله لكِ: (فبشّر عبادِ الذين يستمعون القولَ فيتّبعون أحسَنَه أولئك الذين هداهم اللهُ وأولئك هم أولوا الألباب).
الكلمة الأولى: كوني أَمَةَ اللهِ حقاًّ:
علاقة المؤمنة بربِّها واضحةٌ لا غموض فيها، بيِّنة لا يحيط بها لَبسٌ، هي أَمَةٌ واللهُ سيِّدُها، عابدةٌ واللهُ معبودُها، تابِعةٌ والنبي - صلى الله عليه وسلم - قائدُها، فهي لا تقدِّم بين يديِ الله ورسوله، وليس لها مع أمر الشرع ونهيه قولٌ ولا رأيٌ (وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللهُ ورسولُه أمْراً أن يكون لَهُمُ الخِيَرَةُ من أمرِهِم). تعتقد - يقيناً – أنَّ الله لا يريد بها إلاّ خيراً، وأنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - أولى بها من أبيها وأمِّها، بل من نفسها التي بين جنبيها.
المؤمنة الطيبة تُجهد نفسها في عبادة ربها، تتملّق سيِّدها ومولاها؛ تارةً مصلّيةً وأخرى ذاكرةً وثالثة تالِيةً، تنتقل من عبادةٍ إلى عبادة، ومن خيرٍ إلى خيرٍ، لأنَّ الله تعالى غايةُ رغبتِها، عزُّ كل ذليلٍ، وقوةُ كل ضعيفٍ، وغوْثُ كلِّ ملْهوفٍ، قد علِمَتْ يقيناً أنَّ سعادة الدنيا والآخرة في طاعة الإله القويِّ القادر، وأنَّ الشقاء - كلّ الشقاء - في العصيان والتمرُّد على شرعه ودينه (فمن اتّبع هُدايَ فلا يَضلُّ ولا يشقى. ومن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى).
يا أَمَةَ الله! لا تَدَعي ساعاتِ العُمُر تتفلّت من بين يديك واغتنمي الوقت في إرضاء الربّ - جلّ جلاله -، واعلمي أنَّ الحال لا يدوم: (بادروا بالأعمال فتناً كقِطَع الليل المظلم؛ يصبح الرجلُ مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل).
أيتها الشابة المسلمة! ذهنك حاضرٌ، وبدنك ناضرٌ، وحظك وافر؛ فاغتنمي الشباب قبل المشيب؛ لتكوني من السبعة الكرام الذين يظلُّهم الرحمن تحت ظلِّ عرشه يوم لا ظلَّ إلاّ ظلُّه. ويا أيتها العجوز اعلمي أنَّ وقت الحصاد قد دنا والأجل قد اقترب، والمنقلب إلى الله. تُرى هل تكونين كالغائب يَقْدُمُ على أهله؟ أم كالعبد الآبق يَقْدُمُ على مولاه: (بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلاّ فقراً مُنسياً، أو غنىً مُطغياً، أو مرضاً مُفسداً، أو هرماً مُفنداً، أو موتاً مُجهزاً، أو الدَّجَّال فشرُّ غائبٍ يُنتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر).
أختاه! أيُّ عبودية تبقى لمن وجبتْ عليها الصلاة فلم تؤدِّها في وقتها؟! وأيُّ صلةٍ مع الرب إذا كنتِ ممن يُضَيِّعون الصلاة ويتبعون الشهوات؟! وأيُّ علاقة إذا كانت الأيام تمضي بل الشهور وكتابُ الله في بيتكِ مهجور وذكره تعالى منسيّ؟!.. وأي محبة تلك التي تُدّعى وشرع الله – عندكِ – مهملٌ، لا تعنين بتعلمه ولا العمل به؟!.. يا خسارةَ من أعرضَتْ! ويا شقاءَ من صدّتْ عن سبيل الله بـ"قيلَ وقال"!
أختاه! هل أحصيتِ الوقتَ الذي يمضي في غِيبةٍ ونميمةٍ وكذبٍ وبهتان؟ هل حاسبتِ النفس على جلَسَات لاغيةٍ وكلماتٍ لاهية؟ أم ظننتِ أنَّ الرقيبَ يغفل؟ أو أنَّ العتيد يغيب؟ هَيْهات هَيْهات!! (وكلَّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً).
الكلمة الثانية: (من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار):
الشرك بالله حرامٌ في الشرع، قبيح في العقل، (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء) سؤالٌ يتطلب من كلِّ مشرك جواباً إن كان يعقل!! (هل من خالقٍ غير الله يرزقكم من السماء والأرض..) سؤالٌ ثانٍ!! (أفمن يخلُق كمن لا يخلُق) سؤال ثالث!!
لا يتَأتّى الشرك إلاّ من إنسانٍ ضلّ سعْيُه، وخاب فَأْلُه، وألغى عقلَه. سلي نفسَكِ – أيَّتُها المؤمنة! – هل في الكون من يستحقُّ أن يُطَاعَ ويُعبَد سوى الله؟! هل خالقٌ غيره هل رازقٌ سواه؟! الجواب مستقرٌّ في وجداننا، عميقٌ في أذهاننا.. لكن عند التطبيق يخفق كثيرون، وتفشل كثيرات!
أما سمعتِ بتلك التي إذا نزل بها ضُرٌّ هتفت: يا سيِّدي فلان؟! وما عَلِمَتِ المسكينة أنَّها دخلتْ في الشِّرك من بابٍ واسع، ولْتسمعْ قولَ ربِّها: (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبِّئُك مثل خبير).
أما رأيتِ تلك الغافلةَ التي إذا غاضبها زوجها، أو نافرها أحماؤها؛ هرعت إلى الساحر الضالّ تبثُّ شكواها وحزنها!! وتلوذ بحماه!! وقد سمعتْ قولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أتى ساحراً أو كاهناً أو عرّافاً فصدّقه فقد كفر بما أُنزل على محمد).. لو تأملتِ في حال الزميلات والصديقات في الدراسة والعمل كم منهنّ من تصلي الصلاة في وقتها؟! وكم المضيعات اللاهيات؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة)، انظري إلى امرأةٍ تصلي وقد كشفت ما أمر الله بسَتره، فما حصّلت شروط صحة الصلاة، ولا استحقت أجراً ولا قبولاً، وقد أرهقت نفسها في غير طائل!!
اعلمي – أَمَةَ الله! – أنَّ البراءة من الشرك سبيل النجاة: (يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئاً غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي). والوقوع في الشرك قاطعٌ للأمل: (إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً).
إيّاكِ إيّاكِ - أمةَ الله! - والشركَ، احذريه ولا تقربيه. اعرفي مظاهره فاجتنبيها: لا تأتي ساحراً ولا كاهناً، لا تسألي عرّافاً ولا مشعوذاً، لا تُضيّعي آخرتكِ بالجلوس إلى ضاربي الودع وقارئي الكف والفنجان، لا ترضيْ بغير الله حَكَماً، ولا تقنعي بغير شرعه ديناً ومرجعاً، ولا تفرِّطي في أداء الصلاة في وقتها، لا تسْخري من حكمٍ شرعيٍّ، ولا تستهزئي بأمرٍ نبويٍّ. واعلمي – أختاه! – أنَّ الإنسان يدخل الإسلام بكلمةٍ ويخرج منه – كذلك – بكلمة، وإيّاكِ والرياءَ فإنه محبِطٌ للعمل، وسلي اللهَ حُسن الختام والوفاة على الإسلام.
الكلمة الثالثة: (اقنُتي لربِّك واسجدي واركعي):
أبواب الخير كثيرةٌ لا تحصر، والسُّبُل الموصلة إلى رضوان الله لا تُحصى، وقد أرشد إليها نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -، فهل تُشمّرين لتكوني من الفائزات؟ وهاأنا أدلُّكِ على بعض الأبواب لتديمي طرْقها فيكتبُ الله لكِ سعادة يومَ اللقاء.
[1] أداءُ الصلاة المفروضة في وقتها: (ما تقرّب إلي عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضتُ عليه)، ولمّا سُئل - صلى الله عليه وسلم - عن أحبِّ الأعمال إلى الله قال: (الصلاة على وقتها).
[2] المواظبةُ على السُّنَنَ الرَّواتب: (من صلّى لله في كل يومٍ وليلةٍ اثنتي عشرة ركعة سوى الفريضة بنى الله له بيتاً في الجنة).
[3] التزوُّد من نوافل الصلاة والصيام والصدقة والحج والعمرة: (وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه؛ فإذا أحبَبْتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورِجْله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأُعْطِينّه، ولئن استعاذني لأُعيذنّه).
[4] التّسبيح: (من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة؛ غُفرت ذنوبُه وإن كانت مثل زبد البحر). (من قال سبحان الله مائة مرة كُتبتْ له ألفُ حسنةٍ، أو مُحيَتْ عنه ألفُ خطيئةٍ).
[5] التّحميد: (لو كانتِ الدنيا بحذافيرها بيد عبدٍ من عباد الله ثم قال: الحمد لله؛ لكانت أفضلَ من ذلك كلِّه). قال القرطبي – رحمه الله -: "لأنَّ الدنيا فانية، و(الحمد لله) باقية، (والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخيرٌ أملاً)".
[6] التكبير: (أربع كلماتٍ لا يضرّك بأيِّهنّ بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر). (لأنْ أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ أحبُّ إليّ مما طلعت عليه الشمس وغربت).
[7] الحوْقلة: (لا حول ولا قوة إلا بالله كنزٌ من كنوز الجنّة).
[8] ذِكْرُ الله ذكراً كثيراً: (ألا أدلّكم على خير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعِها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والورِق، وخيرٌ لكم من أن تلقوْا عدوَّكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ذكر الله).
[9] قراءة القرآن: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها).
[10] إفشاء السلام: (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابَّوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
[11] طلاقة الوجه: (تبسُّمُك في وجه أخيك صدقة)، وكذلك تبسُّمُكِ في وجه أختكِ.
[12] حفظ الفرج وطاعة الزوج: (إذا صلّتِ المرأة خَمْسَها، وصامتْ شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها؛ قيل لها يوم القيامة: ادخلي من أيِّ أبواب الجنة شئتِ).
[13] حسن التبعُّل للزوج والقيام على شأنه: (حسن تبعُّل المرأة لزوجها يعدِل الجهاد في سبيل الله).
[14] الاستغفار: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجاً، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجاً، ورَزَقه من حيث لا يحتسب).
[15] عيادة المريض: (من عاد مريضاً صلّى عليه سبعون ألف ملك إن كان ممسياً حتى يصبح، أو كان مصبحاً حتى يمسي، يناديه منادٍ من السماء: طبتَ وطاب ممشاك، وتبوّأتَ من الجنة منزلاً).
[16] عزاء من أُصيب في حبيبٍ أو قريبٍ (من عزّى أخاً له في مصيبةٍ؛ كساه الله تعالى من حُلَلِ الكرامة).
[17] برُّ الوالدين في حياتهما وبعد مماتهما (إنَّ من أبرِّ البرِّ صلةُ الرجلِ أهلَ ودِّ أبيه بعد موته).
[18] صلة الأرحام (مَن سرّه أن يُبسطَ له في رزقه، ويُنسأ له في أَثَرِه، فلْيَصِلْ رَحِمَه).
د . عبد الحي يوسف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
فيا فتاةَ الإسلام! أيتها العابدة القانتة! هذه كلمات سبع أهمس بهنَّ في أُذُنك رجاءَ أن ينفعك الله بهنَّ، وأن تعملي بطاعة ربِّك بامتثالهنَّ، فاحرصي – وفقكِ الله وهداكِ – أن تدخلي في دعاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (نضّر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها فأدّاها كما سمعها). وأُعيذكِ بالله أن تكوني ممن لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي بعث به أنبياءه ورسله. فالبدارَ البدارَ إلى خير العمل وإياكِ و"سوف" فإنها مطيَّة المفلسين، وتذكّري – رعاكِ الله – أنَّ العُمُرَ قصيرٌ، وأنَّ الأنفاسَ معدودةٌ، وأنَّكِ أيامٌ، كلّما ذَهَبَ يومٌ ذَهَبَ بعضُكِ، وعمّا قريبٍ ينزل بك مَلَكٌ شديدٌ غليظٌ، ينقلك من سَعة بيتكِ إلى ضيق قبركِ، حيث لا تجدين إلا عملَكِ، ولا ينفعكِ إلا دينُكِ، ولا يُنْجيكِ إلا إخلاصُكِ، واليوم عملٌ ولا حساب، وغداً حسابٌ ولا عمل (وينجّي الله الذين اتقوا بمفازتهم لا يمسّهم السوءُ ولا هم يحزنون).
أختاه! أصْغي إليَّ بأُذُنيْكِ، وافتحي ليَ قلبكِ؛ فأنا لكِ ناصحٌ أمينٌ. اقرئي هذه الكلمات، وأَقرئيها أخواتِكِ، وأبشري ببشارةِ الله لكِ: (فبشّر عبادِ الذين يستمعون القولَ فيتّبعون أحسَنَه أولئك الذين هداهم اللهُ وأولئك هم أولوا الألباب).
الكلمة الأولى: كوني أَمَةَ اللهِ حقاًّ:
علاقة المؤمنة بربِّها واضحةٌ لا غموض فيها، بيِّنة لا يحيط بها لَبسٌ، هي أَمَةٌ واللهُ سيِّدُها، عابدةٌ واللهُ معبودُها، تابِعةٌ والنبي - صلى الله عليه وسلم - قائدُها، فهي لا تقدِّم بين يديِ الله ورسوله، وليس لها مع أمر الشرع ونهيه قولٌ ولا رأيٌ (وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللهُ ورسولُه أمْراً أن يكون لَهُمُ الخِيَرَةُ من أمرِهِم). تعتقد - يقيناً – أنَّ الله لا يريد بها إلاّ خيراً، وأنَّ محمداً - صلى الله عليه وسلم - أولى بها من أبيها وأمِّها، بل من نفسها التي بين جنبيها.
المؤمنة الطيبة تُجهد نفسها في عبادة ربها، تتملّق سيِّدها ومولاها؛ تارةً مصلّيةً وأخرى ذاكرةً وثالثة تالِيةً، تنتقل من عبادةٍ إلى عبادة، ومن خيرٍ إلى خيرٍ، لأنَّ الله تعالى غايةُ رغبتِها، عزُّ كل ذليلٍ، وقوةُ كل ضعيفٍ، وغوْثُ كلِّ ملْهوفٍ، قد علِمَتْ يقيناً أنَّ سعادة الدنيا والآخرة في طاعة الإله القويِّ القادر، وأنَّ الشقاء - كلّ الشقاء - في العصيان والتمرُّد على شرعه ودينه (فمن اتّبع هُدايَ فلا يَضلُّ ولا يشقى. ومن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكاً ونحشره يوم القيامة أعمى).
يا أَمَةَ الله! لا تَدَعي ساعاتِ العُمُر تتفلّت من بين يديك واغتنمي الوقت في إرضاء الربّ - جلّ جلاله -، واعلمي أنَّ الحال لا يدوم: (بادروا بالأعمال فتناً كقِطَع الليل المظلم؛ يصبح الرجلُ مؤمناً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا قليل).
أيتها الشابة المسلمة! ذهنك حاضرٌ، وبدنك ناضرٌ، وحظك وافر؛ فاغتنمي الشباب قبل المشيب؛ لتكوني من السبعة الكرام الذين يظلُّهم الرحمن تحت ظلِّ عرشه يوم لا ظلَّ إلاّ ظلُّه. ويا أيتها العجوز اعلمي أنَّ وقت الحصاد قد دنا والأجل قد اقترب، والمنقلب إلى الله. تُرى هل تكونين كالغائب يَقْدُمُ على أهله؟ أم كالعبد الآبق يَقْدُمُ على مولاه: (بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلاّ فقراً مُنسياً، أو غنىً مُطغياً، أو مرضاً مُفسداً، أو هرماً مُفنداً، أو موتاً مُجهزاً، أو الدَّجَّال فشرُّ غائبٍ يُنتظر، أو الساعة فالساعة أدهى وأمر).
أختاه! أيُّ عبودية تبقى لمن وجبتْ عليها الصلاة فلم تؤدِّها في وقتها؟! وأيُّ صلةٍ مع الرب إذا كنتِ ممن يُضَيِّعون الصلاة ويتبعون الشهوات؟! وأيُّ علاقة إذا كانت الأيام تمضي بل الشهور وكتابُ الله في بيتكِ مهجور وذكره تعالى منسيّ؟!.. وأي محبة تلك التي تُدّعى وشرع الله – عندكِ – مهملٌ، لا تعنين بتعلمه ولا العمل به؟!.. يا خسارةَ من أعرضَتْ! ويا شقاءَ من صدّتْ عن سبيل الله بـ"قيلَ وقال"!
أختاه! هل أحصيتِ الوقتَ الذي يمضي في غِيبةٍ ونميمةٍ وكذبٍ وبهتان؟ هل حاسبتِ النفس على جلَسَات لاغيةٍ وكلماتٍ لاهية؟ أم ظننتِ أنَّ الرقيبَ يغفل؟ أو أنَّ العتيد يغيب؟ هَيْهات هَيْهات!! (وكلَّ إنسانٍ ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً).
الكلمة الثانية: (من يشرك بالله فقد حرّم الله عليه الجنة ومأواه النار):
الشرك بالله حرامٌ في الشرع، قبيح في العقل، (الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء) سؤالٌ يتطلب من كلِّ مشرك جواباً إن كان يعقل!! (هل من خالقٍ غير الله يرزقكم من السماء والأرض..) سؤالٌ ثانٍ!! (أفمن يخلُق كمن لا يخلُق) سؤال ثالث!!
لا يتَأتّى الشرك إلاّ من إنسانٍ ضلّ سعْيُه، وخاب فَأْلُه، وألغى عقلَه. سلي نفسَكِ – أيَّتُها المؤمنة! – هل في الكون من يستحقُّ أن يُطَاعَ ويُعبَد سوى الله؟! هل خالقٌ غيره هل رازقٌ سواه؟! الجواب مستقرٌّ في وجداننا، عميقٌ في أذهاننا.. لكن عند التطبيق يخفق كثيرون، وتفشل كثيرات!
أما سمعتِ بتلك التي إذا نزل بها ضُرٌّ هتفت: يا سيِّدي فلان؟! وما عَلِمَتِ المسكينة أنَّها دخلتْ في الشِّرك من بابٍ واسع، ولْتسمعْ قولَ ربِّها: (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبِّئُك مثل خبير).
أما رأيتِ تلك الغافلةَ التي إذا غاضبها زوجها، أو نافرها أحماؤها؛ هرعت إلى الساحر الضالّ تبثُّ شكواها وحزنها!! وتلوذ بحماه!! وقد سمعتْ قولَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من أتى ساحراً أو كاهناً أو عرّافاً فصدّقه فقد كفر بما أُنزل على محمد).. لو تأملتِ في حال الزميلات والصديقات في الدراسة والعمل كم منهنّ من تصلي الصلاة في وقتها؟! وكم المضيعات اللاهيات؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة)، انظري إلى امرأةٍ تصلي وقد كشفت ما أمر الله بسَتره، فما حصّلت شروط صحة الصلاة، ولا استحقت أجراً ولا قبولاً، وقد أرهقت نفسها في غير طائل!!
اعلمي – أَمَةَ الله! – أنَّ البراءة من الشرك سبيل النجاة: (يا ابن آدم لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشركُ بي شيئاً غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي). والوقوع في الشرك قاطعٌ للأمل: (إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضلّ ضلالاً بعيداً).
إيّاكِ إيّاكِ - أمةَ الله! - والشركَ، احذريه ولا تقربيه. اعرفي مظاهره فاجتنبيها: لا تأتي ساحراً ولا كاهناً، لا تسألي عرّافاً ولا مشعوذاً، لا تُضيّعي آخرتكِ بالجلوس إلى ضاربي الودع وقارئي الكف والفنجان، لا ترضيْ بغير الله حَكَماً، ولا تقنعي بغير شرعه ديناً ومرجعاً، ولا تفرِّطي في أداء الصلاة في وقتها، لا تسْخري من حكمٍ شرعيٍّ، ولا تستهزئي بأمرٍ نبويٍّ. واعلمي – أختاه! – أنَّ الإنسان يدخل الإسلام بكلمةٍ ويخرج منه – كذلك – بكلمة، وإيّاكِ والرياءَ فإنه محبِطٌ للعمل، وسلي اللهَ حُسن الختام والوفاة على الإسلام.
الكلمة الثالثة: (اقنُتي لربِّك واسجدي واركعي):
أبواب الخير كثيرةٌ لا تحصر، والسُّبُل الموصلة إلى رضوان الله لا تُحصى، وقد أرشد إليها نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -، فهل تُشمّرين لتكوني من الفائزات؟ وهاأنا أدلُّكِ على بعض الأبواب لتديمي طرْقها فيكتبُ الله لكِ سعادة يومَ اللقاء.
[1] أداءُ الصلاة المفروضة في وقتها: (ما تقرّب إلي عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضتُ عليه)، ولمّا سُئل - صلى الله عليه وسلم - عن أحبِّ الأعمال إلى الله قال: (الصلاة على وقتها).
[2] المواظبةُ على السُّنَنَ الرَّواتب: (من صلّى لله في كل يومٍ وليلةٍ اثنتي عشرة ركعة سوى الفريضة بنى الله له بيتاً في الجنة).
[3] التزوُّد من نوافل الصلاة والصيام والصدقة والحج والعمرة: (وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أُحِبَّه؛ فإذا أحبَبْتُه كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يُبصر به، ويده التي يبطش بها، ورِجْله التي يمشي عليها، ولئن سألني لأُعْطِينّه، ولئن استعاذني لأُعيذنّه).
[4] التّسبيح: (من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة؛ غُفرت ذنوبُه وإن كانت مثل زبد البحر). (من قال سبحان الله مائة مرة كُتبتْ له ألفُ حسنةٍ، أو مُحيَتْ عنه ألفُ خطيئةٍ).
[5] التّحميد: (لو كانتِ الدنيا بحذافيرها بيد عبدٍ من عباد الله ثم قال: الحمد لله؛ لكانت أفضلَ من ذلك كلِّه). قال القرطبي – رحمه الله -: "لأنَّ الدنيا فانية، و(الحمد لله) باقية، (والباقيات الصالحات خيرٌ عند ربك ثواباً وخيرٌ أملاً)".
[6] التكبير: (أربع كلماتٍ لا يضرّك بأيِّهنّ بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر). (لأنْ أقول سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر؛ أحبُّ إليّ مما طلعت عليه الشمس وغربت).
[7] الحوْقلة: (لا حول ولا قوة إلا بالله كنزٌ من كنوز الجنّة).
[8] ذِكْرُ الله ذكراً كثيراً: (ألا أدلّكم على خير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعِها في درجاتكم، وخيرٌ لكم من إنفاق الذهب والورِق، وخيرٌ لكم من أن تلقوْا عدوَّكم، فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: ذكر الله).
[9] قراءة القرآن: (من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها).
[10] إفشاء السلام: (لن تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابَّوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم).
[11] طلاقة الوجه: (تبسُّمُك في وجه أخيك صدقة)، وكذلك تبسُّمُكِ في وجه أختكِ.
[12] حفظ الفرج وطاعة الزوج: (إذا صلّتِ المرأة خَمْسَها، وصامتْ شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها؛ قيل لها يوم القيامة: ادخلي من أيِّ أبواب الجنة شئتِ).
[13] حسن التبعُّل للزوج والقيام على شأنه: (حسن تبعُّل المرأة لزوجها يعدِل الجهاد في سبيل الله).
[14] الاستغفار: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل همٍّ فرجاً، ومن كلِّ ضيقٍ مخرجاً، ورَزَقه من حيث لا يحتسب).
[15] عيادة المريض: (من عاد مريضاً صلّى عليه سبعون ألف ملك إن كان ممسياً حتى يصبح، أو كان مصبحاً حتى يمسي، يناديه منادٍ من السماء: طبتَ وطاب ممشاك، وتبوّأتَ من الجنة منزلاً).
[16] عزاء من أُصيب في حبيبٍ أو قريبٍ (من عزّى أخاً له في مصيبةٍ؛ كساه الله تعالى من حُلَلِ الكرامة).
[17] برُّ الوالدين في حياتهما وبعد مماتهما (إنَّ من أبرِّ البرِّ صلةُ الرجلِ أهلَ ودِّ أبيه بعد موته).
[18] صلة الأرحام (مَن سرّه أن يُبسطَ له في رزقه، ويُنسأ له في أَثَرِه، فلْيَصِلْ رَحِمَه).