ام غيسان
23 - 7 - 2007, 04:50 PM
الرياض من أغنى المدن تنوعا في الأسواق الشعبية لتميزها بكثرة البضائع وجودتها
يفرض الماضي دائما حضوره بأوجه متعددة، فعلى الرغم من الصور العصرية والحداثية المختلفة يظل عبق التاريخ مددا لإشراق المستقبل، يظل يسعى إليه ويتخيله العديد من الناس. وبرغم المطالب التي تتمثل في العديد من الأنماط الحياتية، والتي من بينها انتشار المجمعات والمراكز التجارية الكبيرة في المدن السعودية، فإن الأسواق القديمة ما زالت تحتفظ بجاذبية كبيرة لكثير من الناس، ممن يجدون بين أزقتها أسرار التاريخ وعبق الماضي الأصيل ذا النكهة المميزة. يستمعون لوشوشة حجارة جدرانها وهي تزيح الستار عن الكثير والكثير من أسرارها وحكاياتها التي تناقلتها ألسنة الزمن. تعكس الأسواق الشعبية في السعودية جانبا مهما عن طبيعة المجتمع تمثله الحياة الاجتماعية، إذ تكمن خلف أسوارها ثقافة البساطة والتسامح بين أفراده؛ تمثلها التعاملات اليومية عبر رحلة البيع والشراء، الذي يلعب بطولتها الباعة في الأسواق الشعبية، إذ يرضى البائع بالربح البسيط واستعداده للبيع بسعر أقل، الذي قد يصل للتسليف أحيانا من أجل كسب الزبون العابر، ناهيك من الزبون الدائم. وفي خطوة لتحفيز السياحة انتهت الهيئة العليا للسياحة أخيرا من الدراسات الخاصة بالمرحلة الأولى من برنامج تطوير وإعادة تأهيل الأسواق الشعبية القائمة بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، والتي شملت سوق «الخوبة» في جازان وسوق «الثلاثاء» في المخواة وسوق «محايل» في عسير الشعبي وسوق «الخميس» في القطيف.
ويوضح الدكتور علي الغبان، مستشار الأمين العام للثقافة والتراث، أن الأسواق الشعبية تعد ركيزة مهمة في تنمية السياحة في المملكة، مشيرا إلى أن الهيئة، ومن خلال المسح الميداني الذي قامت به لحصر المواقع السياحية والثقافية في مناطق المملكة، اكتشفت أن معظم تلك الأسواق تواجه الكثير من الصعوبات والمعوقات للحفاظ على طابعها الثقافي والتراثي ومن ثم السياحي.
وفي ذات السياق يأتي تطوير وتحسين بيئة السوق، وحل مشاكل التخطيط للأسواق القائمة، وإعداد مخططات تطويرية للأسواق والمناطق المحيطة بها وتحفيز الاستثمار فيها، بمثابة هدف رئيس يضعه القائمون على مشاريع تطوير الأسواق الشعبية من خلال العمل على حصر معوقات التطوير، التي يقف على رأسها ظهور مبان حديثة داخل السوق، وتداخل أنشطتها وعدم وجود مواقع واضحة وخاصة للحرفيين وتحديد نشاط السوق في يوم معين، الأمر الذي ساهم في اختفاء الطرز المعمارية القديمة للأسواق الشعبية، والأنشطة المصاحبة لها. وعن المرحلة الثانية من المشروع يؤكد الغبان أنه قد تم اختيار أربعة أسواق لهذه المرحلة، هي سوق «ظهران الجنوب» في منطقة عسير وسوق «النعيرية» في المنطقة الشرقية وسوق «حائل الشعبي» وسوق «القوز» بمنطقة مكة المكرمة. ويشير الغبان إلى أن الهيئة أرست تخطيط وتصميم تلك الأسواق على أحد المكاتب الاستشارية لتسليمه بعد ذلك لوزارة الشؤون البلدية والقروية لتنفيذه.
وتعد الرياض من أغنى المدن تنوعا في الأسواق الشعبية التي تتميز بتنوع البضائع وجودتها وفي كثير من الأحيان رخص الأسعار. وأشهر الأسواق القديمة في مدينة الرياض:
* البطحاء: تتوسط الرياض وتحتوي على العديد من المجمعات والمحلات التجارية والتي عادة ما تكتظ بالعمال الآسيويين، خاصة يوم الجمعة. وتتميز البضائع هناك برخص أسعارها، ومنها الأجهزة الالكترونية والساعات، وكذلك بتقديمها العديد من الماركات المقلدة والكثير من البضائع الآسيوية.
* سوق الديرة: تتميز بتفردها ببيع المنتجات التراثية التقليدية، كالثياب الرجالية التقليدية، من مشالح وأشمغة، وغيرها من المستلزمات الرجالية بالإضافة إلى العديد من الفضيات والتحف القديمة والمجوهرات الفضية القديمة والبهارات العربية والملابس التراثية.
* سوق الزل: يقدم تشكيلة من السجاد العربي الأصيل والمنتجات والتحف والسيوف الأثرية. وتعد زيارته رحلة سياحية في حد ذاتها. ولن تكون لوحدك هناك بل ستجد أفواجا من السياح من مختلف الجنسيات.
ومن أشهر الأسواق القديمة في مدينة جدة: شارع الملك عبد العزيز، شارع قابل، الخاسكية الندى، الأشراف، وتعد أهم أسواق جدة وأعرقها وأكثرها حضورا في أذهان أبناء جدة وزوارها الذين لا يمكن أن تطأ أقدامهم جدة من دون أن يسارعوا لزيارة تلك الأسواق العتيقة، والتجول بين محلاتها التجارية ودكاكينها التي تلتصق وتدور حول بعضها، حتى تبدو لك كأنها سوق واحدة، وليست عدة أسواق، لكل منها مسماه وطبيعته وبضائعه الخاصة التي تميزه وعُرف بها على مر الأجيال، شكلت قلب جدة النابض ومصدر حركتها التجارية ومقياس نشاطها الاقتصادي، رغم ظهور عشرات الأسواق الحديثة في مختلف أنحاء جدة.
* شارع الملك عبد العزيز: إلى وقت قريب كان هذا الجزء من أسواق جدة محط أنظار كل أبناء العائلات الغنية فيها، لأنه أول سوق ابتكر فترينات العرض الفاخرة في محلاته التجارية، واهتم بالديكورات الفخمة لتزيين واجهات محلاته التي كانت تعرض معظم السلع الثمينة من ساعات وعطور ومجوهرات وإكسسوارات وأزياء وغير ذلك، ما دعاها لتتمسك بالبقاء في شارع الملك عبد العزيز، وما زالت تغري الكثير من سكان جدة وزوارها للذهاب إلى هناك ولو على الأقل من باب الفرجة على السلع التي تملأ فترينات المحلات. ولكنه، كما يؤكد العديد من تجاره اليوم خفت كثيرا عما كان عليه في الماضي ومعظم الذين يأتون إليه في الوقت الحاضر هم زوار جدة بينما سكان جدة لا يأتون إلا في المناسبات خاصة كشهر رمضان الذي تنشط فيه الحركة التجارية كثيرا ويستعيد الكثير من الصخب والحضور.
ومن عمارة الملكة، مرورا بمركز المحمل وبقشان، ومركز الغزالي والقزاز، أسماء مراكز تجارية يحتضنها شارع الملك عبد العزيز، تمثل أشهر الماركات التجارية وأكثرها رقياً. وتأخذ عمارة الملكة السبق في الوجود، كونها أول برج معماري يزيد ارتفاعه على خمسة وثلاثين طابقا أُقيم في جدة منذ أواخر الثمانينات الهجرية، ما جعلها حديث المجالس في ذلك الزمن. وأصبحت تسمى ناطحة سحاب جدّة، ليتحول بعدها الشارع إلى مجموعة من المراكز الفخمة، متعددة الأدوار أضفت على قلب جدة التجاري بعدا حضاريا مميزاً.
* شارع قابل: يعتبر أقدم أسواق جدة. تستقبلك في بداية خطواتك باتجاه هذا السوق معارض ومحلات الذهب. وبعد خطوات منه تقابلك أوراق البنكنوت المرسومة كعلامات مسجلة على أكشاك الصرافين ممن يعملون بتبديل العملات والنقود، في إشارة إلى عمل معظم الصرافين القدامى الذين ما زالوا محتفظين بوجودهم في شارعٍ شهد بدايتهم البسيطة؛ بطريقة لا تحتاج إلى لغة.
وعن مكة يحلو الحديث، فمنذ القدم تربعت مكة بمكانتها الاستراتيجية في طريق القوافل التجارية وظلت محط أنظار التجار على مر العصور، فهذه المدينة التي تحتضنها الجبال، كانت وما تزال ملتقى للتجار من كافة أرجاء الجزيرة العربية وما جاورها من بلدان القارة الأفريقية والآسيوية. وتشتهر بكونها المدينة التي لا تنام ولا تهدأ، وبأسواقها الشعبية المشهورة، مثل أسواق «الجودرية» و«المدعى» وسوق «المعلاة» وسوق «الصغير» و «حلقة جرول» وسوق «غزة» وسوق «البدو». وما زاد من حيوية هذه المدينة وشهرتها مكانتها الدينية عند المسلمين؛ لوجود الحرم المكي والكعبة المشرفة قبلة المسلمين. وتعد مكة المكان المثالي للتسوق ولمختلف الأذواق؛ فكثيرا ما يقال في مكة «الأسواق تأتي إليك دون أن تذهب إليها»، بسبب انتشار الكثير من الباعة المتجولين جنباً إلى جنب العديد من الدكاكين القديمة، والتي عادة ما تحوي سجادات الصلاة والجلابيات التراثية وألعاب الأطفال والإكسسوارات والتذكارات، المحمّلة بعبق الحرم الشريف والمشاعر المقدسة بالإضافة إلى التوابل ومواد التجميل الطبيعية التي تتميز بالرخص الشديد جدا والتنوع الهائل للمعروضات.
وفي مدينة أبها السياحية يتربع سوق «الثلاثاء» الشعبي في اعلى قائمة الأسواق الشعبية القديمة في منطقة عسير. وسمي بهذا الاسم نسبة ليوم انعقاده، الذي يعتبر ملتقى اقتصاديا واجتماعيا، يجتمع فيه المنتج *****تهلك وأصحاب الرأي ويتم فيه البيع والشراء، إلى جانب استطلاع أخبار الطقس وتقصي حركة الأسعار. وتعقد فيه مجالس إصلاح ذات البين، بالإضافة إلى تدعيم ضوابط التسويق وتطبيقها.
ويعتبر سوق ابن مدحان «سوق الثلاثاء» في أبها من الأسواق القديمة التي يرجع تاريخ ابتداء العمل الاقتصادي فيه إلى 15 رجب من عام 1320هـ في حي مناظر بأبها، ومع تطور العمران وحاجة الناس إلى توفير المتطلبات المعيشية، أصدر الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة عسير أمراً بإعادة إحياء دور الأسواق الشعبية في المنطقة بمساحة تقدر بحوالي 14953 مترا مربعا، أخذت شكلاً بيضاوياً قُسم إلى ممرات للمشاة وبسطات مفتوحة تتسع لـ99 بسطة ومحلات تجارية تقدر عددها بـ 1** محلاً. ويمتاز السوق بنشاط اقتصادي أخّاذ يمكن تقسيمه إلى جزأين، الأول النشاط الدائم، وهو نشاط أصحاب المحلات التجارية الثابتة بالسوق، ويمارسون تلك المهنة بصفة يومية مستمرة مثل بيع الأقمشة والقهوة والهيل والزنجبيل والعطور وغيرها من الحاجات الضرورية. أما النشاط الأسبوعي فيشمل المواشي بجميع أنوعها والمصنوعات اليدوية وأدوات الحرث والري وشداد الحيوانات والمصنوعات الخشبية والجلدية، بالإضافة إلى *** الأشجار العطرية كالريحان والشيح والنعناع والكادي، ما ساعد على تنشيط الحياة الاقتصادية والسياحية في المنطقة وتوافد السياح لشراء النماذج الجمالية المصنوعة محليا كالطفشة والحلي المصنوعة من الفضة.
وفي جازان لا تختلف أسواق المنطقة عن بقية الأسواق الشعبية. إلا ان حضورها القوي بين العاشقين للبساطة والمحبين للماضي، بتراثه وأصالته، اكسبها شهرة واسعة خارج المنطقة وجعلها ملتقى اجتماعيا واقتصاديا وعائليا أيضا على مدار الأسبوع. وكانت هذه الأسواق قديما مكانا لعقد الصلح بين القبائل المتنازعة وعقد الاتفاقيات التجارية، بالإضافة إلى أنها كانت ملتقى للشعراء يتداولون فيها الشعر من مدح وذم وهجاء وغيره من أنواع الشعر الشعبي في تلك الحقب الزمنية.
وسوق الخوبة الشعبي في محافظة الحرث، أو كما هو معروف بسوق «الخميس»، يتميز بموقع استراتيجي مهم، لأنه يقع بمدينة الخوبة القريبة من الحدود السعودية اليمنية، ما زاد من حركته ونشاطه و*** كثيرا من السلع والبضائع اليمنية الشهيرة، كالبن اليمني ذي الجودة والشهرة العالية وكذلك الفواكه الجبلية النادرة مثل الموز والسمن والعسل البلدي وبيعها في هذا السوق. وإضافة لتميزه بمعروضاته الشعبية الفريدة والنادرة ففي أحد أركانه شباب يقومون ببيع الحيوانات المفترسة والأليفة، مثل السباع والغزلان والقرود والديوك الرومية، جنبا إلى جنب مع النباتات العطرية جميلة الرائحة مثل الكادي والبيعثران والفل الصنعاني والبلدي والشيح والزعتر والشذا.
يفرض الماضي دائما حضوره بأوجه متعددة، فعلى الرغم من الصور العصرية والحداثية المختلفة يظل عبق التاريخ مددا لإشراق المستقبل، يظل يسعى إليه ويتخيله العديد من الناس. وبرغم المطالب التي تتمثل في العديد من الأنماط الحياتية، والتي من بينها انتشار المجمعات والمراكز التجارية الكبيرة في المدن السعودية، فإن الأسواق القديمة ما زالت تحتفظ بجاذبية كبيرة لكثير من الناس، ممن يجدون بين أزقتها أسرار التاريخ وعبق الماضي الأصيل ذا النكهة المميزة. يستمعون لوشوشة حجارة جدرانها وهي تزيح الستار عن الكثير والكثير من أسرارها وحكاياتها التي تناقلتها ألسنة الزمن. تعكس الأسواق الشعبية في السعودية جانبا مهما عن طبيعة المجتمع تمثله الحياة الاجتماعية، إذ تكمن خلف أسوارها ثقافة البساطة والتسامح بين أفراده؛ تمثلها التعاملات اليومية عبر رحلة البيع والشراء، الذي يلعب بطولتها الباعة في الأسواق الشعبية، إذ يرضى البائع بالربح البسيط واستعداده للبيع بسعر أقل، الذي قد يصل للتسليف أحيانا من أجل كسب الزبون العابر، ناهيك من الزبون الدائم. وفي خطوة لتحفيز السياحة انتهت الهيئة العليا للسياحة أخيرا من الدراسات الخاصة بالمرحلة الأولى من برنامج تطوير وإعادة تأهيل الأسواق الشعبية القائمة بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، والتي شملت سوق «الخوبة» في جازان وسوق «الثلاثاء» في المخواة وسوق «محايل» في عسير الشعبي وسوق «الخميس» في القطيف.
ويوضح الدكتور علي الغبان، مستشار الأمين العام للثقافة والتراث، أن الأسواق الشعبية تعد ركيزة مهمة في تنمية السياحة في المملكة، مشيرا إلى أن الهيئة، ومن خلال المسح الميداني الذي قامت به لحصر المواقع السياحية والثقافية في مناطق المملكة، اكتشفت أن معظم تلك الأسواق تواجه الكثير من الصعوبات والمعوقات للحفاظ على طابعها الثقافي والتراثي ومن ثم السياحي.
وفي ذات السياق يأتي تطوير وتحسين بيئة السوق، وحل مشاكل التخطيط للأسواق القائمة، وإعداد مخططات تطويرية للأسواق والمناطق المحيطة بها وتحفيز الاستثمار فيها، بمثابة هدف رئيس يضعه القائمون على مشاريع تطوير الأسواق الشعبية من خلال العمل على حصر معوقات التطوير، التي يقف على رأسها ظهور مبان حديثة داخل السوق، وتداخل أنشطتها وعدم وجود مواقع واضحة وخاصة للحرفيين وتحديد نشاط السوق في يوم معين، الأمر الذي ساهم في اختفاء الطرز المعمارية القديمة للأسواق الشعبية، والأنشطة المصاحبة لها. وعن المرحلة الثانية من المشروع يؤكد الغبان أنه قد تم اختيار أربعة أسواق لهذه المرحلة، هي سوق «ظهران الجنوب» في منطقة عسير وسوق «النعيرية» في المنطقة الشرقية وسوق «حائل الشعبي» وسوق «القوز» بمنطقة مكة المكرمة. ويشير الغبان إلى أن الهيئة أرست تخطيط وتصميم تلك الأسواق على أحد المكاتب الاستشارية لتسليمه بعد ذلك لوزارة الشؤون البلدية والقروية لتنفيذه.
وتعد الرياض من أغنى المدن تنوعا في الأسواق الشعبية التي تتميز بتنوع البضائع وجودتها وفي كثير من الأحيان رخص الأسعار. وأشهر الأسواق القديمة في مدينة الرياض:
* البطحاء: تتوسط الرياض وتحتوي على العديد من المجمعات والمحلات التجارية والتي عادة ما تكتظ بالعمال الآسيويين، خاصة يوم الجمعة. وتتميز البضائع هناك برخص أسعارها، ومنها الأجهزة الالكترونية والساعات، وكذلك بتقديمها العديد من الماركات المقلدة والكثير من البضائع الآسيوية.
* سوق الديرة: تتميز بتفردها ببيع المنتجات التراثية التقليدية، كالثياب الرجالية التقليدية، من مشالح وأشمغة، وغيرها من المستلزمات الرجالية بالإضافة إلى العديد من الفضيات والتحف القديمة والمجوهرات الفضية القديمة والبهارات العربية والملابس التراثية.
* سوق الزل: يقدم تشكيلة من السجاد العربي الأصيل والمنتجات والتحف والسيوف الأثرية. وتعد زيارته رحلة سياحية في حد ذاتها. ولن تكون لوحدك هناك بل ستجد أفواجا من السياح من مختلف الجنسيات.
ومن أشهر الأسواق القديمة في مدينة جدة: شارع الملك عبد العزيز، شارع قابل، الخاسكية الندى، الأشراف، وتعد أهم أسواق جدة وأعرقها وأكثرها حضورا في أذهان أبناء جدة وزوارها الذين لا يمكن أن تطأ أقدامهم جدة من دون أن يسارعوا لزيارة تلك الأسواق العتيقة، والتجول بين محلاتها التجارية ودكاكينها التي تلتصق وتدور حول بعضها، حتى تبدو لك كأنها سوق واحدة، وليست عدة أسواق، لكل منها مسماه وطبيعته وبضائعه الخاصة التي تميزه وعُرف بها على مر الأجيال، شكلت قلب جدة النابض ومصدر حركتها التجارية ومقياس نشاطها الاقتصادي، رغم ظهور عشرات الأسواق الحديثة في مختلف أنحاء جدة.
* شارع الملك عبد العزيز: إلى وقت قريب كان هذا الجزء من أسواق جدة محط أنظار كل أبناء العائلات الغنية فيها، لأنه أول سوق ابتكر فترينات العرض الفاخرة في محلاته التجارية، واهتم بالديكورات الفخمة لتزيين واجهات محلاته التي كانت تعرض معظم السلع الثمينة من ساعات وعطور ومجوهرات وإكسسوارات وأزياء وغير ذلك، ما دعاها لتتمسك بالبقاء في شارع الملك عبد العزيز، وما زالت تغري الكثير من سكان جدة وزوارها للذهاب إلى هناك ولو على الأقل من باب الفرجة على السلع التي تملأ فترينات المحلات. ولكنه، كما يؤكد العديد من تجاره اليوم خفت كثيرا عما كان عليه في الماضي ومعظم الذين يأتون إليه في الوقت الحاضر هم زوار جدة بينما سكان جدة لا يأتون إلا في المناسبات خاصة كشهر رمضان الذي تنشط فيه الحركة التجارية كثيرا ويستعيد الكثير من الصخب والحضور.
ومن عمارة الملكة، مرورا بمركز المحمل وبقشان، ومركز الغزالي والقزاز، أسماء مراكز تجارية يحتضنها شارع الملك عبد العزيز، تمثل أشهر الماركات التجارية وأكثرها رقياً. وتأخذ عمارة الملكة السبق في الوجود، كونها أول برج معماري يزيد ارتفاعه على خمسة وثلاثين طابقا أُقيم في جدة منذ أواخر الثمانينات الهجرية، ما جعلها حديث المجالس في ذلك الزمن. وأصبحت تسمى ناطحة سحاب جدّة، ليتحول بعدها الشارع إلى مجموعة من المراكز الفخمة، متعددة الأدوار أضفت على قلب جدة التجاري بعدا حضاريا مميزاً.
* شارع قابل: يعتبر أقدم أسواق جدة. تستقبلك في بداية خطواتك باتجاه هذا السوق معارض ومحلات الذهب. وبعد خطوات منه تقابلك أوراق البنكنوت المرسومة كعلامات مسجلة على أكشاك الصرافين ممن يعملون بتبديل العملات والنقود، في إشارة إلى عمل معظم الصرافين القدامى الذين ما زالوا محتفظين بوجودهم في شارعٍ شهد بدايتهم البسيطة؛ بطريقة لا تحتاج إلى لغة.
وعن مكة يحلو الحديث، فمنذ القدم تربعت مكة بمكانتها الاستراتيجية في طريق القوافل التجارية وظلت محط أنظار التجار على مر العصور، فهذه المدينة التي تحتضنها الجبال، كانت وما تزال ملتقى للتجار من كافة أرجاء الجزيرة العربية وما جاورها من بلدان القارة الأفريقية والآسيوية. وتشتهر بكونها المدينة التي لا تنام ولا تهدأ، وبأسواقها الشعبية المشهورة، مثل أسواق «الجودرية» و«المدعى» وسوق «المعلاة» وسوق «الصغير» و «حلقة جرول» وسوق «غزة» وسوق «البدو». وما زاد من حيوية هذه المدينة وشهرتها مكانتها الدينية عند المسلمين؛ لوجود الحرم المكي والكعبة المشرفة قبلة المسلمين. وتعد مكة المكان المثالي للتسوق ولمختلف الأذواق؛ فكثيرا ما يقال في مكة «الأسواق تأتي إليك دون أن تذهب إليها»، بسبب انتشار الكثير من الباعة المتجولين جنباً إلى جنب العديد من الدكاكين القديمة، والتي عادة ما تحوي سجادات الصلاة والجلابيات التراثية وألعاب الأطفال والإكسسوارات والتذكارات، المحمّلة بعبق الحرم الشريف والمشاعر المقدسة بالإضافة إلى التوابل ومواد التجميل الطبيعية التي تتميز بالرخص الشديد جدا والتنوع الهائل للمعروضات.
وفي مدينة أبها السياحية يتربع سوق «الثلاثاء» الشعبي في اعلى قائمة الأسواق الشعبية القديمة في منطقة عسير. وسمي بهذا الاسم نسبة ليوم انعقاده، الذي يعتبر ملتقى اقتصاديا واجتماعيا، يجتمع فيه المنتج *****تهلك وأصحاب الرأي ويتم فيه البيع والشراء، إلى جانب استطلاع أخبار الطقس وتقصي حركة الأسعار. وتعقد فيه مجالس إصلاح ذات البين، بالإضافة إلى تدعيم ضوابط التسويق وتطبيقها.
ويعتبر سوق ابن مدحان «سوق الثلاثاء» في أبها من الأسواق القديمة التي يرجع تاريخ ابتداء العمل الاقتصادي فيه إلى 15 رجب من عام 1320هـ في حي مناظر بأبها، ومع تطور العمران وحاجة الناس إلى توفير المتطلبات المعيشية، أصدر الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز أمير منطقة عسير أمراً بإعادة إحياء دور الأسواق الشعبية في المنطقة بمساحة تقدر بحوالي 14953 مترا مربعا، أخذت شكلاً بيضاوياً قُسم إلى ممرات للمشاة وبسطات مفتوحة تتسع لـ99 بسطة ومحلات تجارية تقدر عددها بـ 1** محلاً. ويمتاز السوق بنشاط اقتصادي أخّاذ يمكن تقسيمه إلى جزأين، الأول النشاط الدائم، وهو نشاط أصحاب المحلات التجارية الثابتة بالسوق، ويمارسون تلك المهنة بصفة يومية مستمرة مثل بيع الأقمشة والقهوة والهيل والزنجبيل والعطور وغيرها من الحاجات الضرورية. أما النشاط الأسبوعي فيشمل المواشي بجميع أنوعها والمصنوعات اليدوية وأدوات الحرث والري وشداد الحيوانات والمصنوعات الخشبية والجلدية، بالإضافة إلى *** الأشجار العطرية كالريحان والشيح والنعناع والكادي، ما ساعد على تنشيط الحياة الاقتصادية والسياحية في المنطقة وتوافد السياح لشراء النماذج الجمالية المصنوعة محليا كالطفشة والحلي المصنوعة من الفضة.
وفي جازان لا تختلف أسواق المنطقة عن بقية الأسواق الشعبية. إلا ان حضورها القوي بين العاشقين للبساطة والمحبين للماضي، بتراثه وأصالته، اكسبها شهرة واسعة خارج المنطقة وجعلها ملتقى اجتماعيا واقتصاديا وعائليا أيضا على مدار الأسبوع. وكانت هذه الأسواق قديما مكانا لعقد الصلح بين القبائل المتنازعة وعقد الاتفاقيات التجارية، بالإضافة إلى أنها كانت ملتقى للشعراء يتداولون فيها الشعر من مدح وذم وهجاء وغيره من أنواع الشعر الشعبي في تلك الحقب الزمنية.
وسوق الخوبة الشعبي في محافظة الحرث، أو كما هو معروف بسوق «الخميس»، يتميز بموقع استراتيجي مهم، لأنه يقع بمدينة الخوبة القريبة من الحدود السعودية اليمنية، ما زاد من حركته ونشاطه و*** كثيرا من السلع والبضائع اليمنية الشهيرة، كالبن اليمني ذي الجودة والشهرة العالية وكذلك الفواكه الجبلية النادرة مثل الموز والسمن والعسل البلدي وبيعها في هذا السوق. وإضافة لتميزه بمعروضاته الشعبية الفريدة والنادرة ففي أحد أركانه شباب يقومون ببيع الحيوانات المفترسة والأليفة، مثل السباع والغزلان والقرود والديوك الرومية، جنبا إلى جنب مع النباتات العطرية جميلة الرائحة مثل الكادي والبيعثران والفل الصنعاني والبلدي والشيح والزعتر والشذا.