ابولمى
12 - 12 - 2003, 03:43 AM
تعليمنا أم عقولنا في خطر
علي الخشيبان *
التعليم هو مفتاح الأمة نحو التطور في كل المجالات وقاعدة أمنها وهو لا يقل أهمية في دوره عن دور الأمن الاجتماعي بمعناه القانوني ففيه الأمن الفكري وفيه إنتاج العقول التي تبني المجتمع أو تهدمه، والخطر في الحالين كليهما أمر تجب مواجهته بكل شجاعة عبر اتخاذ القرار الصحيح القادر على تجاوز المراحل والأزمات بعيداً عن الضجيج واعتماداً على منهج يرسم المستقبل ويحقق الأهداف التي نخطط من أجل الوصول إليها فمستوى الإنفاق الحكومي على تعليمنا لابد من أن يقابله مستوى متطور في الأداء الذي يجب أن ينعكس على بناتنا وأبنائنا ومستوياتهم الفكرية من أجل تحقيق الأهداف المرجوة على المستوى الاجتماعي بكل عناصره وأنساقه، وإن لم يكن هذا هو المحور والهدف الذي ندور حوله ونستميت من أجله فإنه يحق لنا أن نقول إن تعليمنا في خطر وهو سيظل كذلك مادام لدينا من يقف عائقاً في سبيل تطوير التعليم ويجند أفكاره للوقوف أمام خطوات مؤسسات التربية وقراراتها فعندما تتناول هذه المؤسسات قضية المناهج والمقررات من أجل تحديثها وتطوير محتوياتها بما يتناسب مع الواقع الاجتماعي والواقع الحضاري العالمي يغيب عن أفراد في المجتمع أن تلك الخطوات ما هي إلا تقدم في سبيل أبنائهم لجعلهم في مستوى يماثل أقرانهم في الدول المتقدمة، ودون العمل على تطوير التعليم لا يمكن أن يتحقق النمو الاجتماعي كما يرى أنصار النظرية "الوظيفية" فالتعليم له وظيفته الجبارة في نقل المجتمع من درجة الجهل إلى خطوات المعرفة، والمشكلة التي يواجهها المجتمع حاليا تكمن في طريقة تعامل أفراد من المجتمع مع المؤسسات التربوية فما نسمعه من المسؤولين في هذه المؤسسات التعليمية يعكس جديةً في التقدم والسير من أجل تحقيق التطور فهم يصدرون القرارات التربوية التي تنم عن توجه جاد في تحديث العمل التربوي وتطويره ولكن على الجانب الآخر يفاجئنا الواقع الاجتماعي ممثلا بأفراد يرفضون التحرك مع توجهات المجتمع لتحديث العملية التربوية وتطويرها وكأن تياراً معارضاً لعمليات التطوير تم إنشاؤه داخل تلك المؤسسات التربوية للوقوف أمام التوجهات الحقيقية للتطوير في العمل التربوي وعلى سبيل المثال، أخذت قضية المناهج وتطوير المقررات في مؤسساتنا التربوية بعداً خطيراً بسبب تقصير في الفهم من جانب بعض أفراد المجتمع لتؤكد لنا أن تعليمنا في خطر من فئات اجتماعية تشكك في نواياه الحسنة، إذ بعد الإعلان عن اتجاهات المؤسسات التربوية في تطوير وتحديث المناهج والمقررات الدراسية ارتفعت أصوات تتهم المجتمع بأنه يستجيب لهجمة غربية هدفها تغريب المجتمع وركزت هذه الفئات على أن مناهج التربية الإسلامية هي الهدف ونسيت كل المقررات الدراسية الأخرى وهذا ما يعكس النوايا المشبوهة في القضية، ومع كل ذلك بقيت القضية محصورة في العنصر الأكثر أهمية وهو الاعتراض على المساس بالمقررات الدراسية التي تم تصويرها وكأنها من المقدسات التي يجب الابتعاد عن المساس بها وهذا أمر خاطئ إذا عرفنا أن معظم دول العالم تغير وتطور في مناهجها كل خمسة أو عشرة أعوام. إن تعليمنا ليس في خطر بنائي بقدر ما هي عقول أطفالنا أيضاً التي في خطر إذا كنا نغلق آذاننا ولا نسمع إلا لكل من يطالب بأن تكون مناهجنا الدراسية مجرد كم هائل من المحتويات بعيداً عن الكيف، إن مشكلتنا الكبرى دائماً هي مبالغتنا في فهم نوع التعليم الديني أو غيره الذي يجب أن نعلمه لطفل في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة بالإضافة إلى غلونا في كم المعلومات التي نريد أن نعلمها لأطفالنا ولذلك وقعنا في المحظور التربوي الذي فصل التعلم عن الممارسة الحقيقية وأصبحت قضية المجتمع الأولى أن نملأ العقول بكم معرفي دون الكيف التطبيقي وكنا تحت وطأة من يعتقد أنه يحتسب الأجر والثواب في فعل ذلك ونسينا أن ما نقوم به ما هو إلا عذاب لتلك العقول والأجساد الصغيرة التي عجزت عن حمل الحقائب المدرسية من ذلك الكم الهائل من الكتب فكل حقل من العلوم لدينا انقسم إلى عدة فروع وأصبح الطفل لدينا مجرد حافظ على طريقة التعليم القديمة ولذلك علينا ألا نفاجأ بعد سنوات بأن نجد أنفسنا في مصاف المجتمعات المتأخرة عن ركب التعليم وخاصة إذا لم نستثمر ذلك التوجه الرائد في مؤسساتنا السياسية والتربوية نحو نقل التربية وتطوير أدائها من منهج التعليم التقليدي القائم على تكديس المعلومة عن طريق الحفظ إلى أسلوب الفهم والإدراك واستخدام العقول للتفكير وليس للحفظ. إننا وبكل صراحة يجب أن نتجاهل كل المدعين بأن تطوير المناهج والمقررات هو مساس في المبدأ أو المعتقد فنحن مجتمع يؤمن بثوابته ويدرك أركان معتقده ويعرف أنها خمسة وليست خمسين ولكنه يجب أن يرفض كل دعوات الغلو وتحويل الفكر الإسلامي المتسامح إلى منهج متشدد تمارسه فئات قد تكون دلفت خلف أبواب الفصول الدراسية أو عبر محاضرات أو ندوات فكرية فالمجتمع الذي يعي ويدرك دوره الحقيقي في التطور ويخاف على مستقبل أجياله عليه أن يقف أمام المعارضين لحركة التطور والتقدم في المجتمع وخاصة الجانب التربوي فمؤسسات التربية أو غيرها من مؤسسات المجتمع يجب ألا تكون معقلا لأي فكر أو منهج يضر بالمجتمع وعلينا أن نتعاون معاً لتطهير عقول أطفالنا من كل فكر يستخدم المعتقد أداة للنيل منا سواء من الداخل أو الخارج وذلك بالإعلان عن موقفنا الصادق من كل فئات المجتمع المثقفة والمعتدلين من رجال الدين وعلمائه لنقول نعم لتطوير المناهج والمقررات نعم للتقليل من ذلك الكم الهائل من المعلومات نعم لدمج المقررات ورفع كفاءة المعلمين وتدريبهم ليس من أجل هدف سياسي أو ضغط غربي كما يعتقد المرجفون ولكن من أجل أطفال يعدّهم هذا المجتمع لمستقبل زاهر بعيداً عن منهج "يؤدلج أو يكودر" عقول صغارنا دون أن نشعر ولذلك فإن علينا مراقبة فكرنا التربوي بحذر شديد حتى لا يتسلل إليه من يلبس عباءتنا ويتحدث بلساننا ويستخدم منهجنا ومن ثم يحوله إلى منهج غلو تكون ضحيته عقول أطفالنا الصامتة خلف ستار المجتمع.
كاتب سعودي
http://www.alwatan.com.sa/daily/2**...s/writers07.htm
علي الخشيبان *
التعليم هو مفتاح الأمة نحو التطور في كل المجالات وقاعدة أمنها وهو لا يقل أهمية في دوره عن دور الأمن الاجتماعي بمعناه القانوني ففيه الأمن الفكري وفيه إنتاج العقول التي تبني المجتمع أو تهدمه، والخطر في الحالين كليهما أمر تجب مواجهته بكل شجاعة عبر اتخاذ القرار الصحيح القادر على تجاوز المراحل والأزمات بعيداً عن الضجيج واعتماداً على منهج يرسم المستقبل ويحقق الأهداف التي نخطط من أجل الوصول إليها فمستوى الإنفاق الحكومي على تعليمنا لابد من أن يقابله مستوى متطور في الأداء الذي يجب أن ينعكس على بناتنا وأبنائنا ومستوياتهم الفكرية من أجل تحقيق الأهداف المرجوة على المستوى الاجتماعي بكل عناصره وأنساقه، وإن لم يكن هذا هو المحور والهدف الذي ندور حوله ونستميت من أجله فإنه يحق لنا أن نقول إن تعليمنا في خطر وهو سيظل كذلك مادام لدينا من يقف عائقاً في سبيل تطوير التعليم ويجند أفكاره للوقوف أمام خطوات مؤسسات التربية وقراراتها فعندما تتناول هذه المؤسسات قضية المناهج والمقررات من أجل تحديثها وتطوير محتوياتها بما يتناسب مع الواقع الاجتماعي والواقع الحضاري العالمي يغيب عن أفراد في المجتمع أن تلك الخطوات ما هي إلا تقدم في سبيل أبنائهم لجعلهم في مستوى يماثل أقرانهم في الدول المتقدمة، ودون العمل على تطوير التعليم لا يمكن أن يتحقق النمو الاجتماعي كما يرى أنصار النظرية "الوظيفية" فالتعليم له وظيفته الجبارة في نقل المجتمع من درجة الجهل إلى خطوات المعرفة، والمشكلة التي يواجهها المجتمع حاليا تكمن في طريقة تعامل أفراد من المجتمع مع المؤسسات التربوية فما نسمعه من المسؤولين في هذه المؤسسات التعليمية يعكس جديةً في التقدم والسير من أجل تحقيق التطور فهم يصدرون القرارات التربوية التي تنم عن توجه جاد في تحديث العمل التربوي وتطويره ولكن على الجانب الآخر يفاجئنا الواقع الاجتماعي ممثلا بأفراد يرفضون التحرك مع توجهات المجتمع لتحديث العملية التربوية وتطويرها وكأن تياراً معارضاً لعمليات التطوير تم إنشاؤه داخل تلك المؤسسات التربوية للوقوف أمام التوجهات الحقيقية للتطوير في العمل التربوي وعلى سبيل المثال، أخذت قضية المناهج وتطوير المقررات في مؤسساتنا التربوية بعداً خطيراً بسبب تقصير في الفهم من جانب بعض أفراد المجتمع لتؤكد لنا أن تعليمنا في خطر من فئات اجتماعية تشكك في نواياه الحسنة، إذ بعد الإعلان عن اتجاهات المؤسسات التربوية في تطوير وتحديث المناهج والمقررات الدراسية ارتفعت أصوات تتهم المجتمع بأنه يستجيب لهجمة غربية هدفها تغريب المجتمع وركزت هذه الفئات على أن مناهج التربية الإسلامية هي الهدف ونسيت كل المقررات الدراسية الأخرى وهذا ما يعكس النوايا المشبوهة في القضية، ومع كل ذلك بقيت القضية محصورة في العنصر الأكثر أهمية وهو الاعتراض على المساس بالمقررات الدراسية التي تم تصويرها وكأنها من المقدسات التي يجب الابتعاد عن المساس بها وهذا أمر خاطئ إذا عرفنا أن معظم دول العالم تغير وتطور في مناهجها كل خمسة أو عشرة أعوام. إن تعليمنا ليس في خطر بنائي بقدر ما هي عقول أطفالنا أيضاً التي في خطر إذا كنا نغلق آذاننا ولا نسمع إلا لكل من يطالب بأن تكون مناهجنا الدراسية مجرد كم هائل من المحتويات بعيداً عن الكيف، إن مشكلتنا الكبرى دائماً هي مبالغتنا في فهم نوع التعليم الديني أو غيره الذي يجب أن نعلمه لطفل في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة بالإضافة إلى غلونا في كم المعلومات التي نريد أن نعلمها لأطفالنا ولذلك وقعنا في المحظور التربوي الذي فصل التعلم عن الممارسة الحقيقية وأصبحت قضية المجتمع الأولى أن نملأ العقول بكم معرفي دون الكيف التطبيقي وكنا تحت وطأة من يعتقد أنه يحتسب الأجر والثواب في فعل ذلك ونسينا أن ما نقوم به ما هو إلا عذاب لتلك العقول والأجساد الصغيرة التي عجزت عن حمل الحقائب المدرسية من ذلك الكم الهائل من الكتب فكل حقل من العلوم لدينا انقسم إلى عدة فروع وأصبح الطفل لدينا مجرد حافظ على طريقة التعليم القديمة ولذلك علينا ألا نفاجأ بعد سنوات بأن نجد أنفسنا في مصاف المجتمعات المتأخرة عن ركب التعليم وخاصة إذا لم نستثمر ذلك التوجه الرائد في مؤسساتنا السياسية والتربوية نحو نقل التربية وتطوير أدائها من منهج التعليم التقليدي القائم على تكديس المعلومة عن طريق الحفظ إلى أسلوب الفهم والإدراك واستخدام العقول للتفكير وليس للحفظ. إننا وبكل صراحة يجب أن نتجاهل كل المدعين بأن تطوير المناهج والمقررات هو مساس في المبدأ أو المعتقد فنحن مجتمع يؤمن بثوابته ويدرك أركان معتقده ويعرف أنها خمسة وليست خمسين ولكنه يجب أن يرفض كل دعوات الغلو وتحويل الفكر الإسلامي المتسامح إلى منهج متشدد تمارسه فئات قد تكون دلفت خلف أبواب الفصول الدراسية أو عبر محاضرات أو ندوات فكرية فالمجتمع الذي يعي ويدرك دوره الحقيقي في التطور ويخاف على مستقبل أجياله عليه أن يقف أمام المعارضين لحركة التطور والتقدم في المجتمع وخاصة الجانب التربوي فمؤسسات التربية أو غيرها من مؤسسات المجتمع يجب ألا تكون معقلا لأي فكر أو منهج يضر بالمجتمع وعلينا أن نتعاون معاً لتطهير عقول أطفالنا من كل فكر يستخدم المعتقد أداة للنيل منا سواء من الداخل أو الخارج وذلك بالإعلان عن موقفنا الصادق من كل فئات المجتمع المثقفة والمعتدلين من رجال الدين وعلمائه لنقول نعم لتطوير المناهج والمقررات نعم للتقليل من ذلك الكم الهائل من المعلومات نعم لدمج المقررات ورفع كفاءة المعلمين وتدريبهم ليس من أجل هدف سياسي أو ضغط غربي كما يعتقد المرجفون ولكن من أجل أطفال يعدّهم هذا المجتمع لمستقبل زاهر بعيداً عن منهج "يؤدلج أو يكودر" عقول صغارنا دون أن نشعر ولذلك فإن علينا مراقبة فكرنا التربوي بحذر شديد حتى لا يتسلل إليه من يلبس عباءتنا ويتحدث بلساننا ويستخدم منهجنا ومن ثم يحوله إلى منهج غلو تكون ضحيته عقول أطفالنا الصامتة خلف ستار المجتمع.
كاتب سعودي
http://www.alwatan.com.sa/daily/2**...s/writers07.htm