أبو همس
22 - 11 - 2007, 10:05 PM
هذا شرح الجزء الخامس والأخير من الحديث المدهش :
واعلم أن النصر مع الصبر :.
أي أن من يصبر ويثبت في كل المواقف فإن الله ينصره خاصة في الجهاد كما قال تعالى :{ قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلةٍ غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين } .. سواء كان جهاد هوى ، أو جهاد عدو ، أو جهاد نفس ، فمن صبر في مجاهدة العدو ، أو في مجاهدة نفسه وهواه ، حصل له النصر والظفر ، ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك غُلب وقُهر وأُسر ، وصار ذليلاً .
فالله عز وجل دعا إلى الصبر في مواطن المثابرة والعبادة بقوله جل من قائل :{ فاعبده واصطبر لعبادته } وقوله تعالى :{ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها } ، فالصلاة تحتاج لصبر ، والزكاة وإخراج المال يحتاج لصبر ، والصيام يحتاج لصبر ..... وهكذا سائر العبادات .
وترك الشهوات يحتاج لصبر ، ومجاهدة النفس لترك الغناء والملاهي والمحرمات يحتاج كذلك لصبر .
ومن الصبر أيضاً الصبر في مواطن البلاء قال تعالى :{ ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم }.، وعدد الله أنواع البلاء في قوله تعالى :{ ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا :إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وألئك هم المهتدون} .
ومن أنواع الصبر :.
الصبر على الطاعة ـ والصبر عن المعصية ـ والصبر على أقدار الله .
أما مراتب الصبر :.
فهي كظم الغيظ ـ والعفو ـ والإحسان مع الإساءة .
جُمعت في قوله تعالى :{ والكاظمين الغيظ ، والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين } ـ نسأل الله الكريم من فضله وأن يجعلنا مع المحسنين ـ
وإذا عرتك بليةٌ فاصـبرلها صبر الكريم فإنـه بك أعـلمُ
وإذا شكوتَ إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحمُ
فالفائز الحقيقي هو الذي يصبر على ما أصابه ، ويعلم أن النصر والظفر الحقيقي لا يأتي إلا مع الصبر ، ويكفيه أجر الصبر في الآخرة حتى وإن لم ينل مراده في الدنيا .
قال أحد الصالحين : لو لم يكن للصبر إلا قوله تعالى :{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} لكفى ..
وأن الفرج مع الكرب :.قال الشاعر :
يا صاحب الهم إن الهم منفرجٌ *ابشر بخيــر فإن الفارج اللهُ
اليأس يقطع أحياناً بصاحبه *لا تيأسـن فـإن الفـارج اللهَ
إذا بليت فثق بالله وارض به *إن الذي يكشف البلوى هو اللهَ
الله حسبك مما عذتُ به *ومن أمنع ممن عـذتُ به اللهُ
الله يُحدث بعد العسر ميسرة *لا تجزعنَّ فإن الكـافـي اللهُ
واللهِ مالك غيرُ الله من أحدٍ *فحسبك الله في كـلٍّ لـك اللهُ
هذا مثل قوله تعالى :{ فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزَّل عليهم من قبله لمبلسين }. فتفريج الكربات من الله عز وجل ، وقد قص الله علينا قصص تفريج الكربات عن أنبيائه عندما تناهى الكرب كإنجاء نوح من قومه ، وإنجاء إبراهيم من النار، وأيوب من المرض ، ويونس من بطن الحوت،والنبي صلى الله عليه وسلم من الكافرين واليهود .
فعلى العاقل أن يعلم أن تفريج الكربات لا يكون إلا من الله عز وجل ، فإذا همَّ به أمر ، وضاق به الصدر رفع يديه إلى السماء وقال : يارب ، ودعا الله بما شاء فإن الله سيُفرج همه .
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اجعل لي من كل هم أوغم أصبحت أو أمسيت فيه فرجاً ومخرجاً " .
واسمعوا معي إلى التوكل على الله والاستعانة به في تفريج الكربات ، وفي أضيق الأزمات .
نبي الله إبراهيم عليه السلام عندما ألقي في النار ، ورمي بالمنجنيق استقبله جبريل فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ فقال: أما إليك فلا [ انظر النار أمامه ومعه الوحي من الله ولكن إيمانه يرفض أن يعتمد عليه ويترك الله جل وعلا ] فقال : أما إليك فلا ، فقال جبريل : فاسأل ربك فقال إبراهيم : حسبي من سؤال علمه بحالي فأنزل الله أمره ورحمته إلى النار فقال جل وعلا :{ قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم } ولو جعلها برداً لهلك وإنما جعلها برداً وسلاماً.
قال ابن عباس : لما ألقي إبراهيم جعل خازن المطر يقول : متى أؤمر بالمطر فأرسله ، قال : فكان أمر الله أسرع من أمره .
وأن مع العسر يسراً :.
كما قال جل وعلا :{ سيجعل الله بعد عسر يسراً } ، فمهما ينزل بامرئٍ من شدة يجعل الله بعدها فرجاً ولن يغلب عسرٌ يسرين .قال تعالى :{ إن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً } والخطاب فيه تأكيد من الله عز وجل .
ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب واليسر بالعسر :
1 / أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى حصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين ، وتعلق قلبه بالله وحده ، وهذا حقيقة التوكل ، والله يكفي من توكل عليه {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}.
2 / إن المؤمن إذا استبطأ الفرج وأَيِسَ منه بعد كثرة دعائه وتضرعه ولم يظهر عليه أثر الإجابة يرجع إلى نفسه باللائمة : لو كان فيك خيراً لأُجبت ، وهذا اللوم أحب إلى الله من كثير الطاعات، فإنه يوجب ان**ار العبد لمولاه ، واعترافه له بأنه أهل لما نزل به من البلاء ، فلذلك تُسرع إليه حينئذٍ إجابة الدعاء وتفريج الكرب .
قال صلى الله عليه وسلم :"إن العبد ليحرم الرزق من الذنب يصيبه " ... إذاً فتفريج الكربات وتيسير الأمور مداره على الأعمال الصالحة ، وقد قال عز من قائل في قصة يونس عليه السلام: { فلولا أن كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } . وفي قصة زكريا يقول عز وجل: { فاستجبنا له ووهبنا له يحي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً ، وكانوا لنا خاشعين } .
أخيراً :نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الحافظين لأوامره ، الذاكرين له المتعرفين عليه في الرخاء والشدة ، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
للفائدة :
للأستاذ دكتور : فالح الصغير سلسلة كتب : أحاديث في الدعوة والتوجيه ومن ضمنها شرح كامل لهذا الحديث . حقيقة هي جديرة بالقراءة لروعتها وسعرها زهيد جداً أمام ما تحمله من خير ... نسأل الله أن يجزي الجميع خيراً ، وأن يجعل عمل الجميع في ميزان حسناتهم ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .
واعلم أن النصر مع الصبر :.
أي أن من يصبر ويثبت في كل المواقف فإن الله ينصره خاصة في الجهاد كما قال تعالى :{ قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلةٍ غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين } .. سواء كان جهاد هوى ، أو جهاد عدو ، أو جهاد نفس ، فمن صبر في مجاهدة العدو ، أو في مجاهدة نفسه وهواه ، حصل له النصر والظفر ، ومن جزع ولم يصبر على مجاهدة ذلك غُلب وقُهر وأُسر ، وصار ذليلاً .
فالله عز وجل دعا إلى الصبر في مواطن المثابرة والعبادة بقوله جل من قائل :{ فاعبده واصطبر لعبادته } وقوله تعالى :{ وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها } ، فالصلاة تحتاج لصبر ، والزكاة وإخراج المال يحتاج لصبر ، والصيام يحتاج لصبر ..... وهكذا سائر العبادات .
وترك الشهوات يحتاج لصبر ، ومجاهدة النفس لترك الغناء والملاهي والمحرمات يحتاج كذلك لصبر .
ومن الصبر أيضاً الصبر في مواطن البلاء قال تعالى :{ ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم }.، وعدد الله أنواع البلاء في قوله تعالى :{ ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا :إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وألئك هم المهتدون} .
ومن أنواع الصبر :.
الصبر على الطاعة ـ والصبر عن المعصية ـ والصبر على أقدار الله .
أما مراتب الصبر :.
فهي كظم الغيظ ـ والعفو ـ والإحسان مع الإساءة .
جُمعت في قوله تعالى :{ والكاظمين الغيظ ، والعافين عن الناس ، والله يحب المحسنين } ـ نسأل الله الكريم من فضله وأن يجعلنا مع المحسنين ـ
وإذا عرتك بليةٌ فاصـبرلها صبر الكريم فإنـه بك أعـلمُ
وإذا شكوتَ إلى ابن آدم إنما تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحمُ
فالفائز الحقيقي هو الذي يصبر على ما أصابه ، ويعلم أن النصر والظفر الحقيقي لا يأتي إلا مع الصبر ، ويكفيه أجر الصبر في الآخرة حتى وإن لم ينل مراده في الدنيا .
قال أحد الصالحين : لو لم يكن للصبر إلا قوله تعالى :{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} لكفى ..
وأن الفرج مع الكرب :.قال الشاعر :
يا صاحب الهم إن الهم منفرجٌ *ابشر بخيــر فإن الفارج اللهُ
اليأس يقطع أحياناً بصاحبه *لا تيأسـن فـإن الفـارج اللهَ
إذا بليت فثق بالله وارض به *إن الذي يكشف البلوى هو اللهَ
الله حسبك مما عذتُ به *ومن أمنع ممن عـذتُ به اللهُ
الله يُحدث بعد العسر ميسرة *لا تجزعنَّ فإن الكـافـي اللهُ
واللهِ مالك غيرُ الله من أحدٍ *فحسبك الله في كـلٍّ لـك اللهُ
هذا مثل قوله تعالى :{ فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزَّل عليهم من قبله لمبلسين }. فتفريج الكربات من الله عز وجل ، وقد قص الله علينا قصص تفريج الكربات عن أنبيائه عندما تناهى الكرب كإنجاء نوح من قومه ، وإنجاء إبراهيم من النار، وأيوب من المرض ، ويونس من بطن الحوت،والنبي صلى الله عليه وسلم من الكافرين واليهود .
فعلى العاقل أن يعلم أن تفريج الكربات لا يكون إلا من الله عز وجل ، فإذا همَّ به أمر ، وضاق به الصدر رفع يديه إلى السماء وقال : يارب ، ودعا الله بما شاء فإن الله سيُفرج همه .
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم اجعل لي من كل هم أوغم أصبحت أو أمسيت فيه فرجاً ومخرجاً " .
واسمعوا معي إلى التوكل على الله والاستعانة به في تفريج الكربات ، وفي أضيق الأزمات .
نبي الله إبراهيم عليه السلام عندما ألقي في النار ، ورمي بالمنجنيق استقبله جبريل فقال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ فقال: أما إليك فلا [ انظر النار أمامه ومعه الوحي من الله ولكن إيمانه يرفض أن يعتمد عليه ويترك الله جل وعلا ] فقال : أما إليك فلا ، فقال جبريل : فاسأل ربك فقال إبراهيم : حسبي من سؤال علمه بحالي فأنزل الله أمره ورحمته إلى النار فقال جل وعلا :{ قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم } ولو جعلها برداً لهلك وإنما جعلها برداً وسلاماً.
قال ابن عباس : لما ألقي إبراهيم جعل خازن المطر يقول : متى أؤمر بالمطر فأرسله ، قال : فكان أمر الله أسرع من أمره .
وأن مع العسر يسراً :.
كما قال جل وعلا :{ سيجعل الله بعد عسر يسراً } ، فمهما ينزل بامرئٍ من شدة يجعل الله بعدها فرجاً ولن يغلب عسرٌ يسرين .قال تعالى :{ إن مع العسر يسراً إن مع العسر يسراً } والخطاب فيه تأكيد من الله عز وجل .
ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب واليسر بالعسر :
1 / أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى حصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين ، وتعلق قلبه بالله وحده ، وهذا حقيقة التوكل ، والله يكفي من توكل عليه {ومن يتوكل على الله فهو حسبه}.
2 / إن المؤمن إذا استبطأ الفرج وأَيِسَ منه بعد كثرة دعائه وتضرعه ولم يظهر عليه أثر الإجابة يرجع إلى نفسه باللائمة : لو كان فيك خيراً لأُجبت ، وهذا اللوم أحب إلى الله من كثير الطاعات، فإنه يوجب ان**ار العبد لمولاه ، واعترافه له بأنه أهل لما نزل به من البلاء ، فلذلك تُسرع إليه حينئذٍ إجابة الدعاء وتفريج الكرب .
قال صلى الله عليه وسلم :"إن العبد ليحرم الرزق من الذنب يصيبه " ... إذاً فتفريج الكربات وتيسير الأمور مداره على الأعمال الصالحة ، وقد قال عز من قائل في قصة يونس عليه السلام: { فلولا أن كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } . وفي قصة زكريا يقول عز وجل: { فاستجبنا له ووهبنا له يحي وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً ، وكانوا لنا خاشعين } .
أخيراً :نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الحافظين لأوامره ، الذاكرين له المتعرفين عليه في الرخاء والشدة ، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
للفائدة :
للأستاذ دكتور : فالح الصغير سلسلة كتب : أحاديث في الدعوة والتوجيه ومن ضمنها شرح كامل لهذا الحديث . حقيقة هي جديرة بالقراءة لروعتها وسعرها زهيد جداً أمام ما تحمله من خير ... نسأل الله أن يجزي الجميع خيراً ، وأن يجعل عمل الجميع في ميزان حسناتهم ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .