عاشق القريات
2 - 12 - 2007, 11:44 PM
شغل الحياة
خطر لي خاطر و المجلس قد طيب ، و القلوب قد حضرت ، والعيون جارية ، و الرؤوس مطرقة ، و النفوس قد ندمت على تفريطها ، و العزائم قد نهضت لإصلاح شؤونها ، و ألسنة اللوم تعمل في الباطن على تضييع الحزم و ترك الحذر ، فقلت لنفسي : ما بال هذه اليقظة لا تدوم فإني أرى النفس و اليقظة في المجلس متصادقين متصافيين ، فإذا قمنا عن هذه التربة ، و قعت الغربة .
فتأمت ذلك فرأيت أن النفس ما تزال متيقظة ، و القلب ما يزال عارفاً ، غير أن القواطع كثيرة ، و الفكر الذي ينبغي استعماله في معرفة الله سبحانه تعالى قد كل مما يستعمل في اجتلاب الدنيا ، و تحصيل حوائج النفوس ، و القلب منغمس في ذلك ، و البدن أسير مستخدم .
و بينا الفكر يجول في اجتلاب الطعام و الشراب و ال**وة ، و ينظر في صدد ذلك ، و ما يدخر لعده و سنته ، إذا هو مهتم بخروج الفضلات المؤذية ـ و منها المني فاحتاج إلى النكاح ، فعلم أنه لا يصح إلا باكتساب **ب الدنيا فتفكر في ذلك وعمل بمقتضاه .
ثم جاء الولد فاهتم به وله ، و إذا الفكر عامل في أصول الدنيا و فروعها . فإذا حضر الإنسان المجلس فإنه لا يحضر جائغاً و لا حاقناً . بل يحضره جائعاً لهمه ، ناسياً ما كان من الدنيا على ذكره فيخلو الوعظ بالقلب فيذكره بما ألف ، و بجذبه بما عرف ، فينهض عمال القلب في زوارق عرفانه . فيحضرون النفس إلى باب المطالبة بالتفريط ، و يؤاخذون الحس بما مضى من العيوب ، فتجري عيون الندم ، و تنعقد عزائم الاستدراك .
و لو أن هذه النفس خلت عن المعهودات التي وصفتها ، لتشاغلت بخدمة باريها .
و لو وقعت في سورة حبه ، لاستوحشت عن الكل شغلاً بقربه .
و لهذا سكن الزهاد الخلوات ، و تشاغلوا بقطع المعوقات ، و على قدر مجاهدتهم في ذلك نالوا من الخدمة مرادهم ، كما أن الحصاد على مقدار البذر .
غير أن تلمحت في هذه الحالة ـ دقيقة ـ و هو أن النفس لو دامت لها اليقظة لوقعت فيما هو شر من فوت ما فاتها ، و هو العجب بحالها ، و الاحتقار لجنسها .
و ربما ترقت بقوة علمها و عرفانها ، إلى دعوى قولها : لي ، و عندي ، و أستحق . فتركها في حومة ذنوبها تتخبط .
فإذا وقفت على الشاطئ قامت بحق ذلة العبودية ، و ذلك أولى لها .
هذا حكم الغالب من الخلق ، و لذلك شغلوا عن هذا المقام ، فمن بذر فصلح له فلا بد له من هفوة تراقبها عين الخوف بها تصح عبوديته ، و تسلم له عبادته .
و إلى هذا المعنى أشار الحديث الصحيح : لو لم تذنبوا لذهب الله بكم و جاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم .
تحياتي للجميع
خطر لي خاطر و المجلس قد طيب ، و القلوب قد حضرت ، والعيون جارية ، و الرؤوس مطرقة ، و النفوس قد ندمت على تفريطها ، و العزائم قد نهضت لإصلاح شؤونها ، و ألسنة اللوم تعمل في الباطن على تضييع الحزم و ترك الحذر ، فقلت لنفسي : ما بال هذه اليقظة لا تدوم فإني أرى النفس و اليقظة في المجلس متصادقين متصافيين ، فإذا قمنا عن هذه التربة ، و قعت الغربة .
فتأمت ذلك فرأيت أن النفس ما تزال متيقظة ، و القلب ما يزال عارفاً ، غير أن القواطع كثيرة ، و الفكر الذي ينبغي استعماله في معرفة الله سبحانه تعالى قد كل مما يستعمل في اجتلاب الدنيا ، و تحصيل حوائج النفوس ، و القلب منغمس في ذلك ، و البدن أسير مستخدم .
و بينا الفكر يجول في اجتلاب الطعام و الشراب و ال**وة ، و ينظر في صدد ذلك ، و ما يدخر لعده و سنته ، إذا هو مهتم بخروج الفضلات المؤذية ـ و منها المني فاحتاج إلى النكاح ، فعلم أنه لا يصح إلا باكتساب **ب الدنيا فتفكر في ذلك وعمل بمقتضاه .
ثم جاء الولد فاهتم به وله ، و إذا الفكر عامل في أصول الدنيا و فروعها . فإذا حضر الإنسان المجلس فإنه لا يحضر جائغاً و لا حاقناً . بل يحضره جائعاً لهمه ، ناسياً ما كان من الدنيا على ذكره فيخلو الوعظ بالقلب فيذكره بما ألف ، و بجذبه بما عرف ، فينهض عمال القلب في زوارق عرفانه . فيحضرون النفس إلى باب المطالبة بالتفريط ، و يؤاخذون الحس بما مضى من العيوب ، فتجري عيون الندم ، و تنعقد عزائم الاستدراك .
و لو أن هذه النفس خلت عن المعهودات التي وصفتها ، لتشاغلت بخدمة باريها .
و لو وقعت في سورة حبه ، لاستوحشت عن الكل شغلاً بقربه .
و لهذا سكن الزهاد الخلوات ، و تشاغلوا بقطع المعوقات ، و على قدر مجاهدتهم في ذلك نالوا من الخدمة مرادهم ، كما أن الحصاد على مقدار البذر .
غير أن تلمحت في هذه الحالة ـ دقيقة ـ و هو أن النفس لو دامت لها اليقظة لوقعت فيما هو شر من فوت ما فاتها ، و هو العجب بحالها ، و الاحتقار لجنسها .
و ربما ترقت بقوة علمها و عرفانها ، إلى دعوى قولها : لي ، و عندي ، و أستحق . فتركها في حومة ذنوبها تتخبط .
فإذا وقفت على الشاطئ قامت بحق ذلة العبودية ، و ذلك أولى لها .
هذا حكم الغالب من الخلق ، و لذلك شغلوا عن هذا المقام ، فمن بذر فصلح له فلا بد له من هفوة تراقبها عين الخوف بها تصح عبوديته ، و تسلم له عبادته .
و إلى هذا المعنى أشار الحديث الصحيح : لو لم تذنبوا لذهب الله بكم و جاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم .
تحياتي للجميع