عاشق القريات
3 - 12 - 2007, 02:08 PM
يوميــات مواطــن ..
وصل إلى بيته في تمام الساعة الثالثة وعشر دقائق , عائدا من مقر عمله ..
بعد أن خرج من مكتبه في تمام الساعة الثانية والربع , إلا أن زحمة الطريق و الحفريات والحواجز المتناثرة في كل شارع , أخذت من وقته الكثير حتى وصل ، كل هذا وهو بسيارته المتواضعة التي يصلُح تكييفها يوما ويعطُب عشرات الأيام , تحت درجة حرارة مرتفعة جدا , ناتجة عن شمس حارقة لا ترحم ..
بالكاد وجد مكانا ليركن سيارته فيه على بعد بضعا وثلاثين مترا عن البيت , نظرا لشدة ازدحام المنطقة التي يسكنها , والحفريات التي لم تسلم منها حتى الحواري..
وصل إلى البيت في الدور الثالث بعد أن انقطع به النفس , من طول المشوار , وبعد موقف السيارة عن البيت , والدرج الذي صعده إلى شقته , دخل شقته المتواضعة , المكونة من مجلس وغرفة للنوم وغرفة جلوس وصالون صغير جدا , مع دورتين للمياه , ومطبخ متواضع بسيط ..
اتجه إلى حجرته بعد أن قبّل زوجته على باب المطبخ وهي منشغلة بإعداد وجبة الغداء , وكذا ابنه الذي استقبله على باب الشقة مرددا كعادته : بابا جا.. بابا جا .. , كما مرَ وسلم على جبين ابنته الرضيعة على كرسي نومها الصغير في زاوية الغرفة , كل هذا يحدث وهو حاملا ابتسامة صفراء لا يعلم ما ورائها إلا الله سبحانه وتعالى ..
دخل حجرته وبدل ملابسه - التي ابتلت عرقا مما مر به طوال يومه – بعد أن أخذ حماما سريعا برد به حرارة جسمه المرتفعة , وأزال ما انصب عليه من عرق..
خرج إلى الصالون , وجلس على طرف السفرة وقد أحمرت وجنتاه مما عاناه طوال يومه الثقيل , حيث أنه أرهق جدا هذا اليوم من أعباء العمل , والمهام التي قام بانجازها , إضافة إلى ما حصل من نقاش وفضاضة كلام بينه وبين مديره الذي يقبع على كرسيه الدوار خلف مكتبه , ويأمر وينهى دون أدنى إحساس أو تقدير لمشاعر هؤلاء الموظفين تحت إمرته , بل انه يعاملهم وكأنهم آلات لا تكل ولا تمل ..
بدأ في تناول غدائه مع زوجته وبجواريهما ابنيهما الصغيران , نظر إلى ابنه الكبير نظرة طويلة فخالجته دمعة , ولكنه أخفاها حتى لا تشعر بذلك زوجته , توقف فكاه عن الحركة , وكاد أن يعيد لقمة قد وضعها في فمه , لولا حيائه واحترامه لزوجته , شرب كأسا من الماء بعد أن ابتلع لقمته وحمد الله , ثم رفع يده وقام متوجا إلى المغسلة ..
اتجه إلى سريره ثم رمى بجسمه عليه بقوة , وكأنه يريد الانتقام منه , وضع ساعده الأيمن على عينيه بعد أن استلقى على ظهره , وبدأ يفكر ؟؟
إلى متى وأنا على هذا الوضع ؟؟؟
حمد الله واثنا عليه , وقام يراجع ما ضيه , فقد أكمل دراسته مشردا بعد أن انفصل أبويه عن بعضهما في صغره , وعاش حياة مرة قاسية مع زوجة أبيه الأخيرة , ولكنه جد واجتهد وثابر حتى أكمل دراسته , ثم أنهى المرحلة الجامعية , وانتظر فترة ليست بالقصيرة حتى حصل على هذه الوظيفة التي تسد حاجته , وان كانت اقل مما كان يطمح أليه..
تزوج وأنجب طفلان , احمد وسارة , لكن بقي هذا السؤال يطارده دائما :
ما مصير هذين الابنين وكذا إخوتهم فيما لو رزقني الله بغيرهما ؟؟
عاد إلى الوراء قليلا , وبدأ يعيد حساباته , وينظر لمستقبله :
- اقترضت من البنك قبل ثلاث سنين , من اجل ال**** , وامتلاك سيارة جديدة , وفتح بيت لعائلتي الصغيرة , ومنذ ذلك اليوم والبنك يقتص جزءا ليس باليسير من راتبي المتواضع , وسوف أبقى على هذا الحال لمدة خمس سنوات قادمة , حتى انهي هذه الأقساط الثقيلة التي قصمت راتبي .. كما قصمت ظهري ..
- أجار الشقة التي اسكنها أنا وعائلتي قد ارتفع في الآونة الأخيرة , بنسبة لا تقل عن 30 % عما كانت عليه في السابق , رغم تواضعها كما ذكرت , وضيق حجراتها , والله يستر من القادم لا تزيد بعد ..
- فواتير الجوالات التي استخدمها أنا وزوجتي , وكذا فواتير الكهرباء , والتليفون الثابت رغم عدم استخدامه إلا في الانترنت – حيث أن عملي يتطلب مني أن أكون على اطلاع دائم لكل جديد - لكن خدمة الـــ" Dsl " لا تعمل على المقسم الذي نتبع له كما زعموا..
- مصارف وأغراض البيت والتي تقتص جزءا كبيرا من الراتب بعد نزوله نهاية كل شهر , وخصوصا بعد الارتفاع الغريب والمريب للأسعار في الآونة الأخيرة , الله يستر من الجاي ..
- متطلبات أبنائي وحاجياتهم - حليب وحفائظ وملابس والعاب وغيرها – وخصوصا أن أجسام الأطفال في نمو سريع ومستمر , مما يضطر لتغييرها بين الفينة والاخرى ..
- زوجتي ******ة ومالها من حقوق وواجبات , ف**وتها أمر شرعي , ولو بقطعة واحدة على الأقل كل شهر , بعيدا عن فترات الإجازات والتي تكثر فيها المناسبات والزيارات وتحتاج لأكثر من ذلك ..
قرّب المسكين جواله , وفتح الآلة الحاسبة
قام بحسبة بسيطة وسريعة :
18** ريال القسط الشهري المستقطع من الراتب
+
18** ريال ما يدخره لأجار شقته
+
1**0 ريال لتسديد فواتير الجوال والكهرباء والتليفون
+
1**0 ريال أن لم تزد مصاريف للبيت
+
5** ريال على الأقل مصاريف للأطفال
+
5** ريال مصاريف للزوجة وهذا اقل ما يمكن تقديمه
=
66** ريال الإجمالي
طبعا هنا كانت الصدمة ..
فراتب أخونا المسكين لا يتجاوز الـــ 62** ريال و**ور فقط ..
أي انه أصبح مدينا بــ 4** ريال تقريبا..
فماذا تتوقعون أن تكون ردة فعله ؟؟
هل تتوقعون انه ينااااام ؟؟
....................................
طبعا هذي الحسبة كانت للأشياء والحاجيات الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها , ولم تدخل الحالات الطارئة , أو الكماليات ضمنها ..
أي انه :
- لم يدخل في الحسبان مصاريف سيارته الخاصة من بنزين أو إصلاح عطل أو حادث أو غيره ..
- لم يدخل في الحسبان ما إذا أتاه ضيف عزيز عليه , وقام بالواجب تجاهه وإكرامه على أكمل وجه ..
- لم يدخل في الحسبان مرض الزوجة أو أحد الأطفال لا قدر الله ومراجعة إحدى المستشفيات الخاصة ..
- لم يدخل في الحسبان لو أن الزوجة كانت حاملا واتاها الطلق , ولم تستقبلها المستشفيات الحكومية , مما اضطره للذهاب لاحد المستشفيات الخاصة ..
- لم يدخل في الحسبان لو انه أبا لأسرة تحوي عددا أكبر من الأبناء , ويحتاج إلى سكن اكبر , وأغراض أكثر ..
- لم يدخل في الحسبان لو انه احد ضحايا سوق الأسهم وكان القرض الذي يقوم بتسديده يذهب هباء إلى المجهول ..
- لم يدخل في الحسبان لو أن المواطن من ذوي الدخل المحدود , أي أن راتبه لا يتجاوز الـــ3 أو الـــ 4 آلاف ريال كحد أعلى..
- لم .. ولم .. ولم .. ولم يدخل في الحسبان .............................
سؤال يطرح نفسه :
متى سيبني المواطن مستقبله , ويؤمن عيشا كريما له ولأسرته دام هذا حاله ؟؟؟
وصل إلى بيته في تمام الساعة الثالثة وعشر دقائق , عائدا من مقر عمله ..
بعد أن خرج من مكتبه في تمام الساعة الثانية والربع , إلا أن زحمة الطريق و الحفريات والحواجز المتناثرة في كل شارع , أخذت من وقته الكثير حتى وصل ، كل هذا وهو بسيارته المتواضعة التي يصلُح تكييفها يوما ويعطُب عشرات الأيام , تحت درجة حرارة مرتفعة جدا , ناتجة عن شمس حارقة لا ترحم ..
بالكاد وجد مكانا ليركن سيارته فيه على بعد بضعا وثلاثين مترا عن البيت , نظرا لشدة ازدحام المنطقة التي يسكنها , والحفريات التي لم تسلم منها حتى الحواري..
وصل إلى البيت في الدور الثالث بعد أن انقطع به النفس , من طول المشوار , وبعد موقف السيارة عن البيت , والدرج الذي صعده إلى شقته , دخل شقته المتواضعة , المكونة من مجلس وغرفة للنوم وغرفة جلوس وصالون صغير جدا , مع دورتين للمياه , ومطبخ متواضع بسيط ..
اتجه إلى حجرته بعد أن قبّل زوجته على باب المطبخ وهي منشغلة بإعداد وجبة الغداء , وكذا ابنه الذي استقبله على باب الشقة مرددا كعادته : بابا جا.. بابا جا .. , كما مرَ وسلم على جبين ابنته الرضيعة على كرسي نومها الصغير في زاوية الغرفة , كل هذا يحدث وهو حاملا ابتسامة صفراء لا يعلم ما ورائها إلا الله سبحانه وتعالى ..
دخل حجرته وبدل ملابسه - التي ابتلت عرقا مما مر به طوال يومه – بعد أن أخذ حماما سريعا برد به حرارة جسمه المرتفعة , وأزال ما انصب عليه من عرق..
خرج إلى الصالون , وجلس على طرف السفرة وقد أحمرت وجنتاه مما عاناه طوال يومه الثقيل , حيث أنه أرهق جدا هذا اليوم من أعباء العمل , والمهام التي قام بانجازها , إضافة إلى ما حصل من نقاش وفضاضة كلام بينه وبين مديره الذي يقبع على كرسيه الدوار خلف مكتبه , ويأمر وينهى دون أدنى إحساس أو تقدير لمشاعر هؤلاء الموظفين تحت إمرته , بل انه يعاملهم وكأنهم آلات لا تكل ولا تمل ..
بدأ في تناول غدائه مع زوجته وبجواريهما ابنيهما الصغيران , نظر إلى ابنه الكبير نظرة طويلة فخالجته دمعة , ولكنه أخفاها حتى لا تشعر بذلك زوجته , توقف فكاه عن الحركة , وكاد أن يعيد لقمة قد وضعها في فمه , لولا حيائه واحترامه لزوجته , شرب كأسا من الماء بعد أن ابتلع لقمته وحمد الله , ثم رفع يده وقام متوجا إلى المغسلة ..
اتجه إلى سريره ثم رمى بجسمه عليه بقوة , وكأنه يريد الانتقام منه , وضع ساعده الأيمن على عينيه بعد أن استلقى على ظهره , وبدأ يفكر ؟؟
إلى متى وأنا على هذا الوضع ؟؟؟
حمد الله واثنا عليه , وقام يراجع ما ضيه , فقد أكمل دراسته مشردا بعد أن انفصل أبويه عن بعضهما في صغره , وعاش حياة مرة قاسية مع زوجة أبيه الأخيرة , ولكنه جد واجتهد وثابر حتى أكمل دراسته , ثم أنهى المرحلة الجامعية , وانتظر فترة ليست بالقصيرة حتى حصل على هذه الوظيفة التي تسد حاجته , وان كانت اقل مما كان يطمح أليه..
تزوج وأنجب طفلان , احمد وسارة , لكن بقي هذا السؤال يطارده دائما :
ما مصير هذين الابنين وكذا إخوتهم فيما لو رزقني الله بغيرهما ؟؟
عاد إلى الوراء قليلا , وبدأ يعيد حساباته , وينظر لمستقبله :
- اقترضت من البنك قبل ثلاث سنين , من اجل ال**** , وامتلاك سيارة جديدة , وفتح بيت لعائلتي الصغيرة , ومنذ ذلك اليوم والبنك يقتص جزءا ليس باليسير من راتبي المتواضع , وسوف أبقى على هذا الحال لمدة خمس سنوات قادمة , حتى انهي هذه الأقساط الثقيلة التي قصمت راتبي .. كما قصمت ظهري ..
- أجار الشقة التي اسكنها أنا وعائلتي قد ارتفع في الآونة الأخيرة , بنسبة لا تقل عن 30 % عما كانت عليه في السابق , رغم تواضعها كما ذكرت , وضيق حجراتها , والله يستر من القادم لا تزيد بعد ..
- فواتير الجوالات التي استخدمها أنا وزوجتي , وكذا فواتير الكهرباء , والتليفون الثابت رغم عدم استخدامه إلا في الانترنت – حيث أن عملي يتطلب مني أن أكون على اطلاع دائم لكل جديد - لكن خدمة الـــ" Dsl " لا تعمل على المقسم الذي نتبع له كما زعموا..
- مصارف وأغراض البيت والتي تقتص جزءا كبيرا من الراتب بعد نزوله نهاية كل شهر , وخصوصا بعد الارتفاع الغريب والمريب للأسعار في الآونة الأخيرة , الله يستر من الجاي ..
- متطلبات أبنائي وحاجياتهم - حليب وحفائظ وملابس والعاب وغيرها – وخصوصا أن أجسام الأطفال في نمو سريع ومستمر , مما يضطر لتغييرها بين الفينة والاخرى ..
- زوجتي ******ة ومالها من حقوق وواجبات , ف**وتها أمر شرعي , ولو بقطعة واحدة على الأقل كل شهر , بعيدا عن فترات الإجازات والتي تكثر فيها المناسبات والزيارات وتحتاج لأكثر من ذلك ..
قرّب المسكين جواله , وفتح الآلة الحاسبة
قام بحسبة بسيطة وسريعة :
18** ريال القسط الشهري المستقطع من الراتب
+
18** ريال ما يدخره لأجار شقته
+
1**0 ريال لتسديد فواتير الجوال والكهرباء والتليفون
+
1**0 ريال أن لم تزد مصاريف للبيت
+
5** ريال على الأقل مصاريف للأطفال
+
5** ريال مصاريف للزوجة وهذا اقل ما يمكن تقديمه
=
66** ريال الإجمالي
طبعا هنا كانت الصدمة ..
فراتب أخونا المسكين لا يتجاوز الـــ 62** ريال و**ور فقط ..
أي انه أصبح مدينا بــ 4** ريال تقريبا..
فماذا تتوقعون أن تكون ردة فعله ؟؟
هل تتوقعون انه ينااااام ؟؟
....................................
طبعا هذي الحسبة كانت للأشياء والحاجيات الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها , ولم تدخل الحالات الطارئة , أو الكماليات ضمنها ..
أي انه :
- لم يدخل في الحسبان مصاريف سيارته الخاصة من بنزين أو إصلاح عطل أو حادث أو غيره ..
- لم يدخل في الحسبان ما إذا أتاه ضيف عزيز عليه , وقام بالواجب تجاهه وإكرامه على أكمل وجه ..
- لم يدخل في الحسبان مرض الزوجة أو أحد الأطفال لا قدر الله ومراجعة إحدى المستشفيات الخاصة ..
- لم يدخل في الحسبان لو أن الزوجة كانت حاملا واتاها الطلق , ولم تستقبلها المستشفيات الحكومية , مما اضطره للذهاب لاحد المستشفيات الخاصة ..
- لم يدخل في الحسبان لو انه أبا لأسرة تحوي عددا أكبر من الأبناء , ويحتاج إلى سكن اكبر , وأغراض أكثر ..
- لم يدخل في الحسبان لو انه احد ضحايا سوق الأسهم وكان القرض الذي يقوم بتسديده يذهب هباء إلى المجهول ..
- لم يدخل في الحسبان لو أن المواطن من ذوي الدخل المحدود , أي أن راتبه لا يتجاوز الـــ3 أو الـــ 4 آلاف ريال كحد أعلى..
- لم .. ولم .. ولم .. ولم يدخل في الحسبان .............................
سؤال يطرح نفسه :
متى سيبني المواطن مستقبله , ويؤمن عيشا كريما له ولأسرته دام هذا حاله ؟؟؟