ريم السعيد
22 - 1 - 2008, 12:34 AM
" المقامة النجفية "
زارني خالد بن يزيد ، بعد قدومه من سفر بعيد ، فحدثني عن مدينة رآها ، هاله مرآها ، عظمت فيها القبور ، وسُجد فيها للمقبور ، هُجرت مساجدها ، وعُمرت مراقدها ، يُستغاث فيها بالأموات ، وتُقدَّم عند قبورها القربات ، يُعبِّدون أسماءهم للرجال ، ويتركون اسم ذي الجلال ، يُحلف فيها بالبشر ، مخالفين الكتاب والأثر .
والأدهى من ذلك ، ما يحدث هنالك ، من طقوس غريبة ، في الليلة العجيبة ، ففي ليلة عاشوراء ، ترى أشباه ابن باعوراء ، فترى العجائب ، وتسمع الغرائب ، ترى جموعاً كثيرة ، وأفعالاً مثيرة ، ترى من يضرب نفسه ، ومن يشج رأسه ، فتسمع النواح ، وقبله الصياح ، يلطمون الخدود ، ويسلخون الجلود ، حتى تسيل الدماء ، من رجالهم والإماء ، يتجرعون العذاب والآلام ، من مئات السنين والأعوام ، على جرم لم يرتكبوه ، وذنب لم يفعلوه .
ينتظرون الغائب المنتظر ، والإمام المعتبر ، ينتظرون خروجه من السرداب ، في قصة ضحكت منها البهائم والدواب ، وبعد أن طالت غيبته ، احتارت شيعته ، فقد علقوا بعودته الأحكام ، وتعطلت بغيبته مصالح الأنام ، فابتدعوا معتقداً يهدم أساس مذهبهم ، وشريعة تناقض أصول منهجهم ، فبعدما قالوا بضرورة الإمام ، وحتمية وجوده على الدوام ، فقرروا وزوروا ، وأعادوا وكرروا ، فإذا هم يأتوننا بولاية الفقيه ، لتنسخ كل ما قيل وتلغيه ، وهذا حال ما ابتدعته عقول الرجال ، فإن مصيره إلى الزوال ، ولو كان آية منزلة ، وشريعة مكملة ، لحفظه من تكفل بحفظ الذكر ، وإن طال الزمن وبعد الدهر .
يسبون أصحاب الرسول ، الثقات العدول ، ويكفرون " السابقون الأولون " ، إلا بعض من يوالون ، فيقولون : إن أهل بدر وأحد ، والخندق وحمراء الأسد ، وتبوك والأحزاب ، وأغلب الأصحاب ، ارتدوا بعد نبيهم ، وبدلوا بعد حبيبهم ، فنسبوا لنبيهم أبشع الصفات ، ومثله كتاب ربهم والآيات ، ونسوا أن أئمتهم بعد النبي صاهروهم ، فتزوجوا منهم وزوجوهم ، وهم المعصومون! ، وعن الزلل مبرؤون! كما يقولون ، فجمعوا بين الظلم والغباء ، والحمق والمراء ، ونسوا أن علام الغيوب زكاهم ، وسيد المربين رباهم ، فسبهم سب للمزكي ، وتنقصهم تنقص للمربي .
تجرؤوا على عرض الرسول ، فنالوه بالتعريض والقول ، فقالوا كما قال أهل النفاق ، ـ " أتواصوا به " أم بينهم اتفاق ـ ، فعاقبهم الله بهتك أعراضهم ، ورخصها بين أشرافهم ، فالجزاء من جنس العمل ، فليتأمل من عقل .
أخذوا من النصارى عبادة البشر ، وعصمة الأئمة الاثني عشر ، وعذبوا أنفسهم على خذلان الحسين ، تشبهاً بِضُلّال الأمتين ، حينما خذل النصارى عيسى ، كما خذل اليهود موسى ، أما فرية تحريف الكتاب ، فمن مجاورة أهل الكتاب ، أما الثياب السود ، فتشبه بطيلسان يهود ، وغلوهم في الصالحين ، سبقهم قوم نوح في الغابرين ، وتقديس العوائل والأسر ، والأعراق والبشر ، من بقايا المجوسية ، الديانة الفارسية ، فلم يزل النيروز عيدهم ، وأبو لؤلؤة المجوسي اللعين شهيدهم .
قلت : أقدمت من بلاد عباد البقر ؟ والأصنام والشجر ؟ ، أم من النصارى ، الضلال الحيارى ، فقد جمعوا من الأديان ، كعدد آلهة الرومان.
قال : مع شديد الأسف ، كنت في النجف ! ، كنت في مدينة العبرات ، وموئل الحسرات ، في بلاد فتحت بالدماء والرؤوس ، وحروب كالبسوس ، فتصبح كأنها لم تفتح ، وكأن التوحيد فيها لم يصدح .
قلت : فمن أزلهم عن الصراط وأضلهم ؟ ، وقد تُركنا على المحجة ، فليس لضال حجة .
قال : أضلهم الأئمة المضلون ، والعلماء المبدلون ، فقد استعاذ منهم الرسول ، وحذر من خطرهم على العقول ، فاجتمعت عليهم الشبهات ، وزينت لهم الشهوات ، فضلوا وأضلوا ، وزلوا وأزلوا ، ولم يكتفوا بتخريب آخرة المسلمين ، فألحقوا بها دنيا المساكين ، فشرعوا لهم الأخماس ، أضعاف ما فرضه الرحمن على الناس ، فضيقوا على الأتباع أرزاقهم ، وهذه بعض أخلاقهم .
قلت : ومما علمت ، وتربيت عليه وفهمت ، أن من خلق الله له إدراكاً وعقلاً ، وجعلا له من كلامه قرآناً منزلاً ، فإنه لا يعذر بكفر ، وسجود لقبر ، وكلام الله يتلى ، يتدبره العقلاء .
قال : صدقت ، وبالحق نطقت ، فليتهم يعقلون ، ويقرؤون ما كتبت ويتأملون ، حتى نكون لله حنفاء ، ونحشر مع سيد الأنبياء ، وآل بيته الأصفياء ، والصحابة الأوفياء .
منقول للفائدة**0
زارني خالد بن يزيد ، بعد قدومه من سفر بعيد ، فحدثني عن مدينة رآها ، هاله مرآها ، عظمت فيها القبور ، وسُجد فيها للمقبور ، هُجرت مساجدها ، وعُمرت مراقدها ، يُستغاث فيها بالأموات ، وتُقدَّم عند قبورها القربات ، يُعبِّدون أسماءهم للرجال ، ويتركون اسم ذي الجلال ، يُحلف فيها بالبشر ، مخالفين الكتاب والأثر .
والأدهى من ذلك ، ما يحدث هنالك ، من طقوس غريبة ، في الليلة العجيبة ، ففي ليلة عاشوراء ، ترى أشباه ابن باعوراء ، فترى العجائب ، وتسمع الغرائب ، ترى جموعاً كثيرة ، وأفعالاً مثيرة ، ترى من يضرب نفسه ، ومن يشج رأسه ، فتسمع النواح ، وقبله الصياح ، يلطمون الخدود ، ويسلخون الجلود ، حتى تسيل الدماء ، من رجالهم والإماء ، يتجرعون العذاب والآلام ، من مئات السنين والأعوام ، على جرم لم يرتكبوه ، وذنب لم يفعلوه .
ينتظرون الغائب المنتظر ، والإمام المعتبر ، ينتظرون خروجه من السرداب ، في قصة ضحكت منها البهائم والدواب ، وبعد أن طالت غيبته ، احتارت شيعته ، فقد علقوا بعودته الأحكام ، وتعطلت بغيبته مصالح الأنام ، فابتدعوا معتقداً يهدم أساس مذهبهم ، وشريعة تناقض أصول منهجهم ، فبعدما قالوا بضرورة الإمام ، وحتمية وجوده على الدوام ، فقرروا وزوروا ، وأعادوا وكرروا ، فإذا هم يأتوننا بولاية الفقيه ، لتنسخ كل ما قيل وتلغيه ، وهذا حال ما ابتدعته عقول الرجال ، فإن مصيره إلى الزوال ، ولو كان آية منزلة ، وشريعة مكملة ، لحفظه من تكفل بحفظ الذكر ، وإن طال الزمن وبعد الدهر .
يسبون أصحاب الرسول ، الثقات العدول ، ويكفرون " السابقون الأولون " ، إلا بعض من يوالون ، فيقولون : إن أهل بدر وأحد ، والخندق وحمراء الأسد ، وتبوك والأحزاب ، وأغلب الأصحاب ، ارتدوا بعد نبيهم ، وبدلوا بعد حبيبهم ، فنسبوا لنبيهم أبشع الصفات ، ومثله كتاب ربهم والآيات ، ونسوا أن أئمتهم بعد النبي صاهروهم ، فتزوجوا منهم وزوجوهم ، وهم المعصومون! ، وعن الزلل مبرؤون! كما يقولون ، فجمعوا بين الظلم والغباء ، والحمق والمراء ، ونسوا أن علام الغيوب زكاهم ، وسيد المربين رباهم ، فسبهم سب للمزكي ، وتنقصهم تنقص للمربي .
تجرؤوا على عرض الرسول ، فنالوه بالتعريض والقول ، فقالوا كما قال أهل النفاق ، ـ " أتواصوا به " أم بينهم اتفاق ـ ، فعاقبهم الله بهتك أعراضهم ، ورخصها بين أشرافهم ، فالجزاء من جنس العمل ، فليتأمل من عقل .
أخذوا من النصارى عبادة البشر ، وعصمة الأئمة الاثني عشر ، وعذبوا أنفسهم على خذلان الحسين ، تشبهاً بِضُلّال الأمتين ، حينما خذل النصارى عيسى ، كما خذل اليهود موسى ، أما فرية تحريف الكتاب ، فمن مجاورة أهل الكتاب ، أما الثياب السود ، فتشبه بطيلسان يهود ، وغلوهم في الصالحين ، سبقهم قوم نوح في الغابرين ، وتقديس العوائل والأسر ، والأعراق والبشر ، من بقايا المجوسية ، الديانة الفارسية ، فلم يزل النيروز عيدهم ، وأبو لؤلؤة المجوسي اللعين شهيدهم .
قلت : أقدمت من بلاد عباد البقر ؟ والأصنام والشجر ؟ ، أم من النصارى ، الضلال الحيارى ، فقد جمعوا من الأديان ، كعدد آلهة الرومان.
قال : مع شديد الأسف ، كنت في النجف ! ، كنت في مدينة العبرات ، وموئل الحسرات ، في بلاد فتحت بالدماء والرؤوس ، وحروب كالبسوس ، فتصبح كأنها لم تفتح ، وكأن التوحيد فيها لم يصدح .
قلت : فمن أزلهم عن الصراط وأضلهم ؟ ، وقد تُركنا على المحجة ، فليس لضال حجة .
قال : أضلهم الأئمة المضلون ، والعلماء المبدلون ، فقد استعاذ منهم الرسول ، وحذر من خطرهم على العقول ، فاجتمعت عليهم الشبهات ، وزينت لهم الشهوات ، فضلوا وأضلوا ، وزلوا وأزلوا ، ولم يكتفوا بتخريب آخرة المسلمين ، فألحقوا بها دنيا المساكين ، فشرعوا لهم الأخماس ، أضعاف ما فرضه الرحمن على الناس ، فضيقوا على الأتباع أرزاقهم ، وهذه بعض أخلاقهم .
قلت : ومما علمت ، وتربيت عليه وفهمت ، أن من خلق الله له إدراكاً وعقلاً ، وجعلا له من كلامه قرآناً منزلاً ، فإنه لا يعذر بكفر ، وسجود لقبر ، وكلام الله يتلى ، يتدبره العقلاء .
قال : صدقت ، وبالحق نطقت ، فليتهم يعقلون ، ويقرؤون ما كتبت ويتأملون ، حتى نكون لله حنفاء ، ونحشر مع سيد الأنبياء ، وآل بيته الأصفياء ، والصحابة الأوفياء .
منقول للفائدة**0