ابولمى
9 - 1 - 2004, 05:29 AM
المدارس الثانوية لا تؤهل الشباب لمواجهة التحولات المجتمعية
تجارب الإنسان وممارسته العملية والوظيفية تؤهله كما أعتقد لإعطاء رأيه بكل ثقة في مجاله وبحكم خبرتي في المجال التعليمي، أستطيع القول بكل أسف إن التعليم العام وخصوصا المدرسة الثانوية بشكل خاص لم تستطع أن تقوم بدورها كما يجب في صناعة السعودي المتناسب بشخصيته وإمكاناته ومهاراته ومعارفه مع احتياجات المجتمع المتغيرة.
لم أكن متشائما بقدر ما كنت واقعيا قبل أكثر من عشرين عاماً حينما تنبأت بواقع شبابنا اليوم وأمام وكيل وزارة المعارف في تلك الفترة حينما قلت إن المدرسة الثانوية السعودية لا تؤدي دورها كاملا كما تستوجب الظروف، ليستأذن معقبا ومؤكدا أن المدرسة الثانوية السعودية تؤدي دورها على الوجه المطلوب، لأؤكد معقبا بأنني أتفق معه أن الثانوية السعودية من أفضل المدارس الثانوية العربية إن لم تكن أفضلها وبالأرقام، ولكن خصوصية مجتمعنا وظروفه الخاصة وإمكاناته تستوجب على المدرسة الثانوية أن تقوم بجزء من دور المنزل لأن ولي الأمر في كثير من الأحوال غائب أو غير مؤهل، لانشغاله عن أبنائه، لمست ذلك كوني مديرا لمدرسة ثانوية تقع في أرقى أحياء الرياض فكيف بالأحياء الأخرى أو القرى والهجر، لن أبالغ لو قلت إن المدرسة الثانوية لا تقدم مواطنا مؤهلا لممارسة دوره الوطني بمعرفة الحقوق والواجبات، ربما لأن المدرسة لدينا تعامل الطالب بنفس الكيفية التي تعامل بها الطالب منذ عشرات السنين حين كان التعليم بحد ذاته هدفاً بل هو لا يتعدى حد أن يعرف الكتابة ليتمكن من العمل، بينما اليوم نحن نريد مواطنا يتداخل مع المجتمع بكل ما تعنيه تلك المفردة من معان. أي بقدرات التأثير والتأثر الإيجابي، وليس مخلوقا ينمو ويكبر كخلية أو كنسق منغلق على نفسه، وغير قادر على تطوير نفسه بما تقتضيه المصلحة العامة والخاصة، أعتقد أن المدرسة الثانوية اليوم بالذات مطالبة بأن تعيد الكثير من أدوارها في المجتمع السعودي، وأن تكون المؤسسة الرئيسية في صياغة فكر الشباب وتوجهاته نحو المستقبل، واتجاهاته نحو المهن والأعمال، بل واتجاهاته نحو المجتمع بكل متغيراته، فليس من العدل لمجتمع متغير مثل المجتمع السعودي أن تكون المدرسة الثانوية غائبة عن تأهيل الشباب لمواجهة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بل إنها غائبة بشكل يوحي أن التعليم لدينا لا يحمل بين طياته العمل المؤسسي، والبعد الاستراتيجي في تحديد أهدافه وتعديلها إن اقتضت المصلحة الوطنية العليا.
تجربة اليوم الكامل والتي بدأنا تطبيقها قبل 25 عاما في 3 مدارس في الرياض (العليا الابتدائية - العليا المتوسطة - ثانوية الصديق) والتي تعني إضافة ساعة نشاط لا منهجي على الدوام الرسمي، توقفت بحجة الميزانية والتي تطبق الآن في بعض المدارس الأهلية، والشيء بالشيء يذكر حينما نجح اليوم الكامل في هذه المدارس الثلاث بمدينة الرياض، فكرت وزارة المعارف بتطبيقه ونشره على مستوى المنطقة والمملكة... ولكن البعض ولن أقول الكثير من مديري المدارس لم يرحب بزيادة ساعة على الدوام لأنها بدون مقابل مادي.
أرى أن المدرسة الثانوية عليها أن تطور أدواتها، حيث استخدام الرحلة كجزء رئيسي من المنهج والحاسوب كأداة للتعليم وإدخال المتغيرات ومستجدات الوطن للمدرسة من بوابة النشاط اللامنهجي، لأن إعداد الطالب للمواطنة لا يكون بإغلاق الأفواه وإنكار الأحداث بل بمساعدته على استيعابها بحقيقتها.
ولعل الاستفادة من تجارب بعض الدول الأجنبية والعربية أو بعض المدارس الأهلية هنا في المملكة تكون إحدى أدوات تسريع تطور التعليم العام إجمالي والمرحلة الثانوية خصوصا، بما يعكس فعليا سرعة استيعاب النظام التعليمي لاحتياجات الوطن مع القدرة على ترتيبها وفق أولويات منطقية. الطالب الذي يفشل في الدراسة ويفشل في الحصول على وظيفة أو يحصل على شهادة الثانوية ويفشل في الحصول على كرسي في الكلية، ويفشل في الحصول على وظيفة ونتيجة لضعف بناء الشخصية ويعني انخفاض مفهوم الذات لديه، ونتيجة لضغوط من البيت والمجتمع يختلف من شخص لآخر بعضها يصل إلى درجة التحطيم والتحقير نتيجة هذا الفشل، التحقير والتحطيم يؤديان بالطبع إلى الإحباط وهذا الإحباط يصيبه بعدد من الأمراض النفسية مما يدفع مثل هذا الشباب إلى الانحراف وفي النهاية إلى المصحات العقلية أو إلى السجون، فئة أخرى وهي الفئة الأخطر ربما تلجأ بعد هذا الإحباط إلى التدين ليس نتيجة وعي أو رغبة في التقرب إلى الله ولكن بحثا عن الذات، أسلوب التدين عن غير وعي من أسهل الطرق وأقربها إلى كسب احترام البيت والمجتمع، لأن مجتمعنا يحترم الشاب المتدين ويرفع من مقامه، هذا التدين الذي يتبعه هذا الإحباط بالطبع لم يكن تدينا واعيا بل يكون تدينا مرضيا، لذلك نجد هذه الفئة من الشباب المتدينين التي لجأت إلى هذا الطريق للبحث عن الذات ترغب في العزلة ولا تثق بمن حولها بل تجد أن علاقتها بمن حولها بدءاً بالوالدين علاقة غير سوية بل سيئة في الغالب، لذلك يسهل التفريق بين الشاب غير المتدين والمتدين عن وعي ورغبة في التقرب إلى الله والإصلاح، هذه الفئة التي يجب أن نحترمها لأنهم هم أمل ومستقبل هذه الأمة.
الشاب المتدين وعيا ورغبة في التقرب إلى الله والإصلاح نجده يتمتع بعلاقة أسرية قوية ويحظى باحترام زملائه ومحبة الناس له نتيجة لحرصه ورغبته في العطاء لأنه مصلح.
أما الشاب المتدين لكسب احترام الناس فتجده في الغالب منزويا وعلاقته غير جيدة بل سيئة بدءا بالمنزل ويسهل استغلاله من الأعداء وضعاف النفوس.
الدكتور عثمان بن عبدالعزيز المنيع
أستاذ علم النفس المشارك
تجارب الإنسان وممارسته العملية والوظيفية تؤهله كما أعتقد لإعطاء رأيه بكل ثقة في مجاله وبحكم خبرتي في المجال التعليمي، أستطيع القول بكل أسف إن التعليم العام وخصوصا المدرسة الثانوية بشكل خاص لم تستطع أن تقوم بدورها كما يجب في صناعة السعودي المتناسب بشخصيته وإمكاناته ومهاراته ومعارفه مع احتياجات المجتمع المتغيرة.
لم أكن متشائما بقدر ما كنت واقعيا قبل أكثر من عشرين عاماً حينما تنبأت بواقع شبابنا اليوم وأمام وكيل وزارة المعارف في تلك الفترة حينما قلت إن المدرسة الثانوية السعودية لا تؤدي دورها كاملا كما تستوجب الظروف، ليستأذن معقبا ومؤكدا أن المدرسة الثانوية السعودية تؤدي دورها على الوجه المطلوب، لأؤكد معقبا بأنني أتفق معه أن الثانوية السعودية من أفضل المدارس الثانوية العربية إن لم تكن أفضلها وبالأرقام، ولكن خصوصية مجتمعنا وظروفه الخاصة وإمكاناته تستوجب على المدرسة الثانوية أن تقوم بجزء من دور المنزل لأن ولي الأمر في كثير من الأحوال غائب أو غير مؤهل، لانشغاله عن أبنائه، لمست ذلك كوني مديرا لمدرسة ثانوية تقع في أرقى أحياء الرياض فكيف بالأحياء الأخرى أو القرى والهجر، لن أبالغ لو قلت إن المدرسة الثانوية لا تقدم مواطنا مؤهلا لممارسة دوره الوطني بمعرفة الحقوق والواجبات، ربما لأن المدرسة لدينا تعامل الطالب بنفس الكيفية التي تعامل بها الطالب منذ عشرات السنين حين كان التعليم بحد ذاته هدفاً بل هو لا يتعدى حد أن يعرف الكتابة ليتمكن من العمل، بينما اليوم نحن نريد مواطنا يتداخل مع المجتمع بكل ما تعنيه تلك المفردة من معان. أي بقدرات التأثير والتأثر الإيجابي، وليس مخلوقا ينمو ويكبر كخلية أو كنسق منغلق على نفسه، وغير قادر على تطوير نفسه بما تقتضيه المصلحة العامة والخاصة، أعتقد أن المدرسة الثانوية اليوم بالذات مطالبة بأن تعيد الكثير من أدوارها في المجتمع السعودي، وأن تكون المؤسسة الرئيسية في صياغة فكر الشباب وتوجهاته نحو المستقبل، واتجاهاته نحو المهن والأعمال، بل واتجاهاته نحو المجتمع بكل متغيراته، فليس من العدل لمجتمع متغير مثل المجتمع السعودي أن تكون المدرسة الثانوية غائبة عن تأهيل الشباب لمواجهة التحولات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بل إنها غائبة بشكل يوحي أن التعليم لدينا لا يحمل بين طياته العمل المؤسسي، والبعد الاستراتيجي في تحديد أهدافه وتعديلها إن اقتضت المصلحة الوطنية العليا.
تجربة اليوم الكامل والتي بدأنا تطبيقها قبل 25 عاما في 3 مدارس في الرياض (العليا الابتدائية - العليا المتوسطة - ثانوية الصديق) والتي تعني إضافة ساعة نشاط لا منهجي على الدوام الرسمي، توقفت بحجة الميزانية والتي تطبق الآن في بعض المدارس الأهلية، والشيء بالشيء يذكر حينما نجح اليوم الكامل في هذه المدارس الثلاث بمدينة الرياض، فكرت وزارة المعارف بتطبيقه ونشره على مستوى المنطقة والمملكة... ولكن البعض ولن أقول الكثير من مديري المدارس لم يرحب بزيادة ساعة على الدوام لأنها بدون مقابل مادي.
أرى أن المدرسة الثانوية عليها أن تطور أدواتها، حيث استخدام الرحلة كجزء رئيسي من المنهج والحاسوب كأداة للتعليم وإدخال المتغيرات ومستجدات الوطن للمدرسة من بوابة النشاط اللامنهجي، لأن إعداد الطالب للمواطنة لا يكون بإغلاق الأفواه وإنكار الأحداث بل بمساعدته على استيعابها بحقيقتها.
ولعل الاستفادة من تجارب بعض الدول الأجنبية والعربية أو بعض المدارس الأهلية هنا في المملكة تكون إحدى أدوات تسريع تطور التعليم العام إجمالي والمرحلة الثانوية خصوصا، بما يعكس فعليا سرعة استيعاب النظام التعليمي لاحتياجات الوطن مع القدرة على ترتيبها وفق أولويات منطقية. الطالب الذي يفشل في الدراسة ويفشل في الحصول على وظيفة أو يحصل على شهادة الثانوية ويفشل في الحصول على كرسي في الكلية، ويفشل في الحصول على وظيفة ونتيجة لضعف بناء الشخصية ويعني انخفاض مفهوم الذات لديه، ونتيجة لضغوط من البيت والمجتمع يختلف من شخص لآخر بعضها يصل إلى درجة التحطيم والتحقير نتيجة هذا الفشل، التحقير والتحطيم يؤديان بالطبع إلى الإحباط وهذا الإحباط يصيبه بعدد من الأمراض النفسية مما يدفع مثل هذا الشباب إلى الانحراف وفي النهاية إلى المصحات العقلية أو إلى السجون، فئة أخرى وهي الفئة الأخطر ربما تلجأ بعد هذا الإحباط إلى التدين ليس نتيجة وعي أو رغبة في التقرب إلى الله ولكن بحثا عن الذات، أسلوب التدين عن غير وعي من أسهل الطرق وأقربها إلى كسب احترام البيت والمجتمع، لأن مجتمعنا يحترم الشاب المتدين ويرفع من مقامه، هذا التدين الذي يتبعه هذا الإحباط بالطبع لم يكن تدينا واعيا بل يكون تدينا مرضيا، لذلك نجد هذه الفئة من الشباب المتدينين التي لجأت إلى هذا الطريق للبحث عن الذات ترغب في العزلة ولا تثق بمن حولها بل تجد أن علاقتها بمن حولها بدءاً بالوالدين علاقة غير سوية بل سيئة في الغالب، لذلك يسهل التفريق بين الشاب غير المتدين والمتدين عن وعي ورغبة في التقرب إلى الله والإصلاح، هذه الفئة التي يجب أن نحترمها لأنهم هم أمل ومستقبل هذه الأمة.
الشاب المتدين وعيا ورغبة في التقرب إلى الله والإصلاح نجده يتمتع بعلاقة أسرية قوية ويحظى باحترام زملائه ومحبة الناس له نتيجة لحرصه ورغبته في العطاء لأنه مصلح.
أما الشاب المتدين لكسب احترام الناس فتجده في الغالب منزويا وعلاقته غير جيدة بل سيئة بدءا بالمنزل ويسهل استغلاله من الأعداء وضعاف النفوس.
الدكتور عثمان بن عبدالعزيز المنيع
أستاذ علم النفس المشارك