خديجة الطيبة
11 - 3 - 2008, 12:27 AM
البر جل جلاله
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أكرم خلقه أجمعين وبعد:
فالَبرُّ اسم فاعل للموصوف بالبر ، والبِرُّ هو الإحسان فهو الذي لا يزال عباده يتذوقون في كل لحظة من لحظات حياتهم ألوانا من بره بهم وإحسانه إليهم , فيتقلبون في نعمه ويأكلون من رزقه , ويرون أفاضله في أبدانهم وأهليهم وأموالهم فهذا لون من بره بعباده .
ولون آخر تولى ببره ورحمته أناسا من عليهم مع لك بنعم أخرى ما أعطاها لكثير من خلقه فحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم ،وتولاهم بولايته وأحاطهم بعنايته فشرح صدورهم لطاعته وأوزعهم شكر نعمته فأصبحوا شاكرين وأمسوا مشفقين من عذاب ربهم إلى أن بعثهم ربهم فرأوا بأعينهم جهنم التي أقسم الرب أن الخلق كلهم ليردونها أجمعين والتي لم تغب عن أذهانهم طيلة حياتهم ولم تفتر ألسنتهم يسألون ربهم أن يصرف عنهم عذابها فهاهم اليوم يمرون فوقها ولا يزالون مشفقين من عذابها ويزداد خوفهم من عذابها حين أبصروا بأعين رؤوسهم إلى من تخطفهم النار بكلاليبها فيكردسون في النار فينجيهم منها بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون برا بهم ولطفا ورحمة فتنطق ألسنتهم مثنية على ربها{فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} وما منّ عليهم هناك إلا لما منّ عليهم هنا في الدنيا بمباعدتهم عما يوجب دخلوها .
بل بلغ بر الرب بأوليائه في الدنيا أن لو أقسم عليه أحدهم للبى له طلبه وما حنثه في يمينه فهذا أنس بن النضر رضي الله عنه علم أَنَّ الرُّبَيِّعَ وَهِيَ أخته كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ فَطَلَبُوا إليهم الْأَرْشَ [1] وَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟! لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا فَقَالَ يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ وفي لفظ (فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الْأَرْشَ ) [متفق عليه]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ) [رواه مسلم] .
كما أن البر عز وجل هو الصادق في وعده الذي يتجاوز عن عبده وينصره ويحميه ، ويقبل القليل منه وينميه.
الآثـــار
منها : أن المؤمن مع ما يرى من منة البر سبحانه عليه وكثرة فضائله لديه إلا أن ذلك لا يؤمنه من عذابه , ولا يقطع عليه الوعد أنه من الناجين من النار بل يشفق أن يكون من أهلها. فذلك الإشفاق كان سببا في عتقهم من النار فالله أخبر عن ناجتهم منها ولم يذكر من أعمالهم إلا الخوف والدعاء { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) } [ الطور ]
{ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)} [المعارج ]
ومنها : الدعاء بهذا الاسم كما في قول الله تعالى (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ{[الطور:28] . روى ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها : ( أنها مرت بهذه الآية (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ )[الطور:27]فقالت : اللهم من علينا وقنا عذاب السموم إنك أنت البر الرحيم فقيل للأعمش : في الصلاة ؟ فقال : في الصلاة ).
ومنها : أن الله كما أنه تسمى بالبر فهو الذي يأمر بالبر ويحب البررة .
فيعرض العبد أحواله على خصال البر ويقيم قلبه على مواقعها قال تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)[البقرة:177]
ومن أعظم البر الذي حث الله عليه عبيده , و أحب العمل إليه بعد الصلاة وأعظم الصالحات وسيلة عنده بر العبد بوالديه ومن أراد بر ربه به فليقم علاقته مع والديه على ما يرضي ربه عنه فرضاه في رضاهما وسخطه في سخطهما , وليلزم رجل أمه فالجنة هناك ولن يشرف العبد إلا إذا خفض لهما جناح الذل وهكذا كان أنبياؤه وأصفياؤه من خلقه قال تعالى عن يحيى عليه السلام: (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً)[مريم:14] .
كما ويسعى جاهدا أن تكون أعماله كلها مبرورة فهذا الذي يزكي له عمله ويضاعف له أجره فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة , ومن أراد أن يحوز على البر كله فليحسن معاملته للآخرين فروى مسلم من حديث النواس رضي الله عنه أنه قال : ( سألت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم ، فقال : الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ) ،
ولن يبلغ العبد ذلك إلا إذا تضرع إلى ربه أن ينيله الله البر ويرزقه إياه وهذا كان من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم في سفره أنه كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا ثم قال : ( سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ، اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى ...) [رواه مسلم]
ومنها : أن معرفة الله بهذا الاسم تؤدي إلى الاشتياق إلى ما وعد الله به الأبرار من عباده بأصناف النعيم ،قال البر تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)}
{لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ (198)}
ومنها: أن من عرف الله بهذا الاسم يرى جميل بره وكريم إحسانه به وهولا يزال مقيما على معاصيه معرضا عنه قاده ذلك إلى الحياء منه والرجوع إليه.وقطع الطمع من الخلق وعلق رجاءه به وحده فلا يتوجه بمسائله إلا إليه .وكان ذلك سببا في طرد همومه وغمومه .لأنه يعلم أنه هو الذي يتولاه بولايته.
________________________________________
[1] أي طلب أهل الربيع من المجني عليه أن يتنازل إلى الدية أو أن يعفو مجانا
منقووووول:)
الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أكرم خلقه أجمعين وبعد:
فالَبرُّ اسم فاعل للموصوف بالبر ، والبِرُّ هو الإحسان فهو الذي لا يزال عباده يتذوقون في كل لحظة من لحظات حياتهم ألوانا من بره بهم وإحسانه إليهم , فيتقلبون في نعمه ويأكلون من رزقه , ويرون أفاضله في أبدانهم وأهليهم وأموالهم فهذا لون من بره بعباده .
ولون آخر تولى ببره ورحمته أناسا من عليهم مع لك بنعم أخرى ما أعطاها لكثير من خلقه فحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم ،وتولاهم بولايته وأحاطهم بعنايته فشرح صدورهم لطاعته وأوزعهم شكر نعمته فأصبحوا شاكرين وأمسوا مشفقين من عذاب ربهم إلى أن بعثهم ربهم فرأوا بأعينهم جهنم التي أقسم الرب أن الخلق كلهم ليردونها أجمعين والتي لم تغب عن أذهانهم طيلة حياتهم ولم تفتر ألسنتهم يسألون ربهم أن يصرف عنهم عذابها فهاهم اليوم يمرون فوقها ولا يزالون مشفقين من عذابها ويزداد خوفهم من عذابها حين أبصروا بأعين رؤوسهم إلى من تخطفهم النار بكلاليبها فيكردسون في النار فينجيهم منها بمفازتهم لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون برا بهم ولطفا ورحمة فتنطق ألسنتهم مثنية على ربها{فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم} وما منّ عليهم هناك إلا لما منّ عليهم هنا في الدنيا بمباعدتهم عما يوجب دخلوها .
بل بلغ بر الرب بأوليائه في الدنيا أن لو أقسم عليه أحدهم للبى له طلبه وما حنثه في يمينه فهذا أنس بن النضر رضي الله عنه علم أَنَّ الرُّبَيِّعَ وَهِيَ أخته كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ فَطَلَبُوا إليهم الْأَرْشَ [1] وَطَلَبُوا الْعَفْوَ فَأَبَوْا فَأَتَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُمْ بِالْقِصَاصِ فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟! لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا فَقَالَ يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ الْقِصَاصُ فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَعَفَوْا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ وفي لفظ (فَرَضِيَ الْقَوْمُ وَقَبِلُوا الْأَرْشَ ) [متفق عليه]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( رُبَّ أَشْعَثَ مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ) [رواه مسلم] .
كما أن البر عز وجل هو الصادق في وعده الذي يتجاوز عن عبده وينصره ويحميه ، ويقبل القليل منه وينميه.
الآثـــار
منها : أن المؤمن مع ما يرى من منة البر سبحانه عليه وكثرة فضائله لديه إلا أن ذلك لا يؤمنه من عذابه , ولا يقطع عليه الوعد أنه من الناجين من النار بل يشفق أن يكون من أهلها. فذلك الإشفاق كان سببا في عتقهم من النار فالله أخبر عن ناجتهم منها ولم يذكر من أعمالهم إلا الخوف والدعاء { وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28) } [ الطور ]
{ وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28)} [المعارج ]
ومنها : الدعاء بهذا الاسم كما في قول الله تعالى (إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ{[الطور:28] . روى ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها : ( أنها مرت بهذه الآية (فَمَنَّ اللهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ )[الطور:27]فقالت : اللهم من علينا وقنا عذاب السموم إنك أنت البر الرحيم فقيل للأعمش : في الصلاة ؟ فقال : في الصلاة ).
ومنها : أن الله كما أنه تسمى بالبر فهو الذي يأمر بالبر ويحب البررة .
فيعرض العبد أحواله على خصال البر ويقيم قلبه على مواقعها قال تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)[البقرة:177]
ومن أعظم البر الذي حث الله عليه عبيده , و أحب العمل إليه بعد الصلاة وأعظم الصالحات وسيلة عنده بر العبد بوالديه ومن أراد بر ربه به فليقم علاقته مع والديه على ما يرضي ربه عنه فرضاه في رضاهما وسخطه في سخطهما , وليلزم رجل أمه فالجنة هناك ولن يشرف العبد إلا إذا خفض لهما جناح الذل وهكذا كان أنبياؤه وأصفياؤه من خلقه قال تعالى عن يحيى عليه السلام: (وَبَرّاً بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيّاً)[مريم:14] .
كما ويسعى جاهدا أن تكون أعماله كلها مبرورة فهذا الذي يزكي له عمله ويضاعف له أجره فالحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة , ومن أراد أن يحوز على البر كله فليحسن معاملته للآخرين فروى مسلم من حديث النواس رضي الله عنه أنه قال : ( سألت رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم ، فقال : الْبِرُّ حُسْنُ الْخُلُقِ وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ ) ،
ولن يبلغ العبد ذلك إلا إذا تضرع إلى ربه أن ينيله الله البر ويرزقه إياه وهذا كان من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم في سفره أنه كان إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا ثم قال : ( سُبْحَانَ الذي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ ، اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى وَمِنَ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى ...) [رواه مسلم]
ومنها : أن معرفة الله بهذا الاسم تؤدي إلى الاشتياق إلى ما وعد الله به الأبرار من عباده بأصناف النعيم ،قال البر تعالى: {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24)}
{لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ (198)}
ومنها: أن من عرف الله بهذا الاسم يرى جميل بره وكريم إحسانه به وهولا يزال مقيما على معاصيه معرضا عنه قاده ذلك إلى الحياء منه والرجوع إليه.وقطع الطمع من الخلق وعلق رجاءه به وحده فلا يتوجه بمسائله إلا إليه .وكان ذلك سببا في طرد همومه وغمومه .لأنه يعلم أنه هو الذي يتولاه بولايته.
________________________________________
[1] أي طلب أهل الربيع من المجني عليه أن يتنازل إلى الدية أو أن يعفو مجانا
منقووووول:)