سيف الاسلام
5 - 3 - 2004, 03:38 PM
الشفاء في اللغة هو البرء من المرض . يقال : شفاه الله يشفيه ، واشتفى افتعل منه فنقله من شفاء الأجسام الى شفاء القلوب والنفوس ـ النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 2/488 وانظر مختار الصحاح ص 144 .
والله سبحانه وتعالى هو الشافي فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول ( اللهم رب الناس اذهب البأس واشفه وأنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً ) ـ البخاري مع الفتح 10/206 و 10/210 ومسلم 4/1721 وأبو داود 4/11 .
وقال أنس رضي الله عنه لثابت البناني حينما أشتكى إليه : ألا ارقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بلى . قال : ( اللهم رب الناس مُذهب البأٍس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاءً لا يغادرُ سقماً ) ــ البخاري مع الفتح 10/206 .
فالله عز وجل هو الشافي من الأمراض والعلل والشكوك وشفاؤه شفاءآن أو نوعان:-
النوع الأول : الشفاء المعنوي الروحي وهو الشفاء من علل القلوب .
النوع الثاني : الشفاء المادي وهو الشفاء من علل الأبدان . وقد ذكر الله عز وجل هذين النوعين في كتابه وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ) ــ البخاري مع الفتح 10/134 عن أبي هريرة رضي الله عنه .
النوع الأول : شفاء القلوب والأرواح .
قال الله عز وجل : ( يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاءٌ لما في الصدور وهدىً ورحمةٌ للمؤمنين ) ــ .سورة يونس الآية 57 .
والموعظة : هي ما جاء في القرآن الكريم من ال****ر عن الفواحش والإنذار عن الأعمال الموجبة لسخط الله عز وجل المقتضية لعقابه والموعظة هي الأمر والنهي بأسلوب الترغيب والترهيب ، وفي هذا القرآن الكريم شفاءٌ لما في الصدور من أمراض الشبه ، والشكوك ، والشهوات ، وإزالة ما فيها من رجس ودنس . فالقرآن الكريم فيه الترغيب والترهيب والوعد والوعيد وهذا يوجب للعبد الرغبة والرهبة ، وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير والرهبة عن الشرك ونمتا على تكرر ما يرد إليها من معاني القرآن أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس وصار ما يرضى الله أحب الى العبد من شهوة نفسه . وكذلك ما فيه من البراهين والأدلة التي صرفها غاية التصريف ، وبينها أحسن بيان مما يزيل الشبه القادحة في الحق ويصل به القلب الى اعلى درجات اليقين . وإذا صلح القلب من مرضه تبعته الجوارح كلها فإنها تصلح بصلاحه ، وتفسد بفساده .
وهذا القرآن هدى ورحمة للمؤمنين . وإنما هذه الهداية والرحمة للمؤمنين المصدقين الموقنين كما قال تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً ) ــ سورة الإسراء الآية 82 .
وقال : ( قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاءٌ والذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمىً أولئك ينادون من مكانٍ بعيد ) ــ سور فصلت الآية 44 .
فالهدى هو العلم بالحق والعمل به ، والرحمة ما يحصل من الخير والإحسان والثواب العاجل والآجل ، لمن اهتدى بهذا القرآن العظيم . فالهدى أجلُّ الوسائل ، والرحمة أكمل المقاصد والرغائب ولكن لا يهتدى به ولا يكون رحمةً إلا في حق المؤمنين ، وإذا حصل الهدى وحلت الرحمة الناشئة عن الهدى حصلت السعادة ، والربح ، والنجاح ، والفرح والسرور .
ولذلك أمر الله بالفرح بذلك فقال : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون ) ــ سورة يونس الآية 58
والقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة وليس ذلك لكل أحد وإنما ذلك كله للمؤمنين به المصدقين بآياته العاملين به . أما الظالمون بعدم التصديق به ، أو عدم العمل به ، فلا تزيدهم آياته إلا خساراً . إذ به تقوم عليهم الحجة .
والشفاء الذي تضمنه القرآن شفاء القلوب .. وشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها .
فالله عز وجل يهدي المؤمنين ( قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء ) يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم ، ويعلمهم من العلوم النافعة ما به تحصل الهداية التامة.
ويشفيهم تبارك وتعالى بهذا القرآن من الأسقام البدنية والأسقام القلبية لأن هذا القرآن يزجر عن مساوئ الأخلاق وأقبح الأعمال ويحث على التوبة النصوح التي تغسل الذنوب وتشفي القلوب .
وأما الذين لا يؤمنون بالقرآن ففي آذانهم صمم عن استماعه وإعراض وهو عليه عمىً فلا يبصرون به رشداً ولا يهتدون به ولا يزيدهم إلا ضلالاً . وهم يدعون الى الإيمان فلا يستجيبون وهم بمنزلة الذي ينادي وهو في مكان بعيد لا يسمع داعياً ولا يجيب منادياً ، والمقصود : أن الذين لا يؤمنون بالقرآن ، لا ينتفعون بهداه ولا يبصرون بنوره ولا يستفيدون منه خيراً لأنهم سدوا على أنفسهم أبواب الهدى بإعراضهم وكفرهم ــ انظر تفسير العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي 3/363 و4/309 و6/584 . وانظر تفسير ابن كثير 2/422 و3/60 و4/104 وانظر تفسير الجزائري أبوبكر 2/286 .
ويجد الإنسان مصداق هذا القول في كل زمان وفي كل بيئة ، فناس يفعل هذا القرآن في نفوسهم فينشئها إنشاءً ويحييها إحياء ويصنع بها ومنها العظائم في ذاتها وفيما حولها . وناس يثقل هذا القرآن على آذانهم وعلى قلوبهم ولا يزيدهم إلا صمماً وعمىً وقلوبهم مطموسة لا تستفيد من هذا القرآن .
وما تغير القرآن ولكن تغيرت القلوب (1) .
والله عز وجل يشفي صدور المؤمنين بنصرهم على أعدائهم وأعدائه قال سبحانه : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ) (2) .
فإن في قلوب المؤمنين الحنق والغيظ عليهم فيكون قتالهم وقتلهم شفاء لما في قلوب المؤمنين من الغم والهم ، إذ يرون هؤلاء العداء محاربين لله ولرسوله ساعين في إطفاء نور الله ، فيزيل الله ما في قلوبهم من ذلك . وهذا يدل على محبة الله للمؤمنين واعتنائه بأحوالهم (3)
ــــــــــــــــــــــ
(1) في ظلال القرآن 5/3128
(2) سورة التوبة الآية 14 - 15
(3) تفسير العلامة السعدي رحمه الله 3/206
النوع الثاني : شفاء الله للأجساد والأبدان :
والقرآن كما إنه شفاء للأرواح والقلوب فهو شفاء لعلل الأبدان كما تقدم فإن فيه شفاء الأرواح والأبدان . فعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أن ناساً من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب ، فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لُدغ سيد أولئك فقالوا : هل معكم من دواء أوراق ؟ فقالوا إنكم لم تقرونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً ، فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل ، فبرأ ، فأتوا بالشاء فقالوا : لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألوه فضحك وقال " وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم " . (1)
وعن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها " (2) .
قال ابن القيم رحمه الله ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة ، والنور الهادي والرحمة العامة الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته قال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) (3) .
ومن هنا لبيان الجنس لا للتبعيض هذا هو أصحُّ القولين (4) . وعلى هذا فالقرآن فيه شفاء لأرواح المؤمنين وشفاء لأجسادهم .
ــــــــــــــــــــ
(1) البخاري 7/22 و 6/150 طبعة تركيا ومسلم 4/1727
(2) البخاري 7/22 و 6/605 طبعة تركيا ومسلم 4/1723
(3) سورة الإسراء الآية 82
(4) زاد المعاد لإبن القيم 4/177
والله عز وجل هو الشافي من أمراض الأجساد وعلل الأبدان قال عز وجل : (وأوحى ربُّك الى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم كُلى من كِّل الثمرات فاسلكى سبل ربِّكِ ذُلُلاً يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للناس إن في ذلك لآية لقومٍ يتفكرون ) ــ سورة النحل الآية 68- 69
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى : ( يخرج من بطونها شاربٌ مختلف ألوانه فيه شفاءٌ للناس ) ما بين أبيض ، وأصفر ، وأحمر وغير ذلك من الألوان الحسنة على اختلاف مراعيها ومأكلها منها وقوله ( فيه شفاء للناس ) أي في العسل شفاء للناس من أدواء تعرض لهم قال بعض من تكلم على الطب النبوي لو قال فيه الشفاء للناس لكان دواء لكل داء ، ولكن قال فيه شفاء للناس أي يصلح لكل أحدٍ من أدواءٍ باردة فإنه حارٌ والشئ يداوى بضده .. والدليل على أن المراد بقوله تعالى ( فيه شفاء للناس ) وهو العسل ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال : جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أخي استطلق بطنه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أسقه عسلاً " فسقاه . ثم جاءه فقال : إني سقيتهُ عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق الله وكذب بطنُ أخيك " فسقاه فبرأ ــ البخاري مع الفتح 10/139 ومسلم 4/ 1736
قال بعض العلماء بالطب كان هذا الرجل عنده فضلات فلما سقاه عسلاً وهو حار تحللت فأسرعت في الاندفاع فزاده إسهالاً ، فأعتقد الأعرابي أن هذا يضره وهو مصلحة لأخيه ، ثم سقاه فأزداد ، ثم سقاه فكذلك فلما اندفعت الفضلات الفاسدة المضرة بالبدن استمسك بطنه وصلح مزاجه واندفعت الأسقام والآلام ببركة إشارته عليه الصلاة والسلام (1) .
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : " الشفاء في ثلاث : شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكية نار . وأنا أنهى أمتي عن الكي " (2) رفع الحديث .
والله عز وجل هو الذي هدى هذه النحلة الصغيرة هذه الهداية العجيبة ويسر لها المراعي ثم الرجوع الى بيوتها التي أصلحتها بتعليم الله لها وهدايته لها ثم يخرج من بطونها هذا العسل اللذيذ مختلف الألوان بحسب اختلاف أرضها ومراعيها فيه شفاء للناس من أمراض عديدة . فهذا دليل على كمال عناية الله تعالى وتمام لطفه بعباده وأنه الذي ينبغي أن لا يحُبُ غيره ولا يُدع سواه (3) .
ــــــــــــــــ
(1) تفسير ابن كثير 2/576
(2) البخاري مع الفتح 10/136
(3) تفسير العلامة السعدي 4/218
وأخبر الله عز وجل عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بقوله تبارك وتعالى : " الذي خلقنى فهو يهدين والذي هو يطعمنى ويسقين . وإذا مرضت فهو يشفين " (1) .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى : " وإذا مرضتُ فهو يشفين " أسند إبراهيم عليه الصلاة والسلام المرض الى نفسه وإن كان عن قدر الله وقضائه ، وخلقه ولكن أضافه الى نفسه أدباً .
ومعنى ذلك : إذا وقعت في مرضٍ فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يُقّدر تبارك وتعالى من الأسبار الموصلة الى الشفاء (2) .
ــــــــــــــــــ
(1) سورة الشعراء الآية 78 - 80
(2) تفسير ابن كثير بتصرف 3/339
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد الأمة الى طلب الشفاء من الله الشافي الذي لا شفاء إلا شفاءه ومن ذلك ما رواه مسلم وغيره عن عثمان بن العاص أنه اشتكى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر " (1) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من عاد مريضاُ لم يحضر أجله فقال سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض " (2) .
ـــــــــــــــــــــ
(1) رواه مسلم 4/1728
(2) أخرجه أبو داود 3/187 والترمذي 2/410 وأحمد 1/239 وأنظر صحيح الترمذي 2/210 وصحيح الجامع 5/180
فهذا تعليم من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أن يعتمدوا على ربهم مع الأخذ بالأسباب المشروعة فإن الله عز وجل هو الشافي لا شفاء إلا شفاءه وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو ربه بالشفاء ، لإنه هو الذي يملك الشفاء والشفاء بيده تبارك وتعالى قال صلى الله عليه وسلم لسعدٍ : " اللهم اشفِ سعداً ، اللهم اشفِ سعداً ، اللهم اشفِ سعداً " (1) .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يرقى بعض أصحابه ويطلب الشفاء من الله الشافي "بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا " (2) .
وقد أوضح صلى الله عليه وسلم أن الله هو الذي ينزل الدواء وهو الشافي فقال صلى الله عليه وسلم : " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاءً " . (3)
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنهما أنه قال : "لكل داءٍ دواءٌ فإذا أصيب دواءُ الداءِ برأَ بإذن الله عز وجل " (4) .
وقال عليه الصلاة والسلام : " إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواءً فتداووا ولا تداووا بحرام " . (5)
ـــــــــــــــــــــ
(1) البخاري مع الفتح 10/120 ومسلم 3/1253.
(2) البخاري 7/24 الطبعة التركية ومسلم 4/1721 .
(3) البخاري مع الفتح 10/134 عن أبي هريرة رضي الله عنه .
(4) مسلم 4/1729 .
(5) أخرجه أبو داود عن أبي الدرداء رضى الله عنه 4/7 .
وجاءت الأعراب فقالت : يا رسول الله إلا نتداوى ؟ فقال صلى الله عليه وسلم "نعم يا عباد الله تداووا ، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً أو دواءً ، إلا داءً واحداً " ، فقالوا : يا رسول الله ما هو ؟ قال " الهرم " . (1)
وعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أنزل الله داءً إلا قد أنزل له شفاءً علمه من علمه وجهله من جهله " . (2)
ـــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أبو داود 4/3 والترمذي 4/383 وابن ماجه . وانظر صحيح الترمذي 2/201 وصحيح ابن ماجه 2/252 .
(2) أخرجه أحمد بترتيب أحمد شاكر 5/201 رقم 3578 وابن ماجه برقم 3438 قال احمد شاكر إسناده صحيح ورواه الحاكم 4/196 .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب *****ببات وإبطال قول من أنكرها ويجوز أن يكون قوله " لكل داء دواء " على عمومه حتى يتناول الأدواء القاتلة والأدواء التي لا يمكن للطبيب أن يبرئها ويكون الله عز وجل قد جعل لها أدويةً تُبرئها ، ولكن طوى علمها عن البشر ولم يجعل لهم إليه سبيلاً لأنه لا علم للخلق إلا ما علمهم الله . (1)
فالله عز وجل هو الشافي الذي يشفي من يشاء ويطوى علم الشفاء عن الأطباء إذا لم يرد الشفاء . فنسأل الله الذي لا إله إلا هو بأسمائه الحُسنى وصفاته العليا أن يشفي قلوبنا وأبداننا من كل سوء ويحفظنا بالإسلام أنه ولي ذلك والقادر عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه الى يوم الدين .
ــــــــــــــــ
(1) زاد المعاد في هدى خير العباد 4/14 .
المصدر :
من كتاب
شرح اسماء الله الحسنى ــ لل*** سعيد بن وهف القحطاني
والله سبحانه وتعالى هو الشافي فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمنى ويقول ( اللهم رب الناس اذهب البأس واشفه وأنت الشافي ، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً ) ـ البخاري مع الفتح 10/206 و 10/210 ومسلم 4/1721 وأبو داود 4/11 .
وقال أنس رضي الله عنه لثابت البناني حينما أشتكى إليه : ألا ارقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : بلى . قال : ( اللهم رب الناس مُذهب البأٍس اشف أنت الشافي لا شافي إلا أنت شفاءً لا يغادرُ سقماً ) ــ البخاري مع الفتح 10/206 .
فالله عز وجل هو الشافي من الأمراض والعلل والشكوك وشفاؤه شفاءآن أو نوعان:-
النوع الأول : الشفاء المعنوي الروحي وهو الشفاء من علل القلوب .
النوع الثاني : الشفاء المادي وهو الشفاء من علل الأبدان . وقد ذكر الله عز وجل هذين النوعين في كتابه وبين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته فقال صلى الله عليه وسلم : ( ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ) ــ البخاري مع الفتح 10/134 عن أبي هريرة رضي الله عنه .
النوع الأول : شفاء القلوب والأرواح .
قال الله عز وجل : ( يا ايها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاءٌ لما في الصدور وهدىً ورحمةٌ للمؤمنين ) ــ .سورة يونس الآية 57 .
والموعظة : هي ما جاء في القرآن الكريم من ال****ر عن الفواحش والإنذار عن الأعمال الموجبة لسخط الله عز وجل المقتضية لعقابه والموعظة هي الأمر والنهي بأسلوب الترغيب والترهيب ، وفي هذا القرآن الكريم شفاءٌ لما في الصدور من أمراض الشبه ، والشكوك ، والشهوات ، وإزالة ما فيها من رجس ودنس . فالقرآن الكريم فيه الترغيب والترهيب والوعد والوعيد وهذا يوجب للعبد الرغبة والرهبة ، وإذا وجدت فيه الرغبة في الخير والرهبة عن الشرك ونمتا على تكرر ما يرد إليها من معاني القرآن أوجب ذلك تقديم مراد الله على مراد النفس وصار ما يرضى الله أحب الى العبد من شهوة نفسه . وكذلك ما فيه من البراهين والأدلة التي صرفها غاية التصريف ، وبينها أحسن بيان مما يزيل الشبه القادحة في الحق ويصل به القلب الى اعلى درجات اليقين . وإذا صلح القلب من مرضه تبعته الجوارح كلها فإنها تصلح بصلاحه ، وتفسد بفساده .
وهذا القرآن هدى ورحمة للمؤمنين . وإنما هذه الهداية والرحمة للمؤمنين المصدقين الموقنين كما قال تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاءٌ ورحمةٌ للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً ) ــ سورة الإسراء الآية 82 .
وقال : ( قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاءٌ والذين لا يؤمنون في آذانهم وقرٌ وهو عليهم عمىً أولئك ينادون من مكانٍ بعيد ) ــ سور فصلت الآية 44 .
فالهدى هو العلم بالحق والعمل به ، والرحمة ما يحصل من الخير والإحسان والثواب العاجل والآجل ، لمن اهتدى بهذا القرآن العظيم . فالهدى أجلُّ الوسائل ، والرحمة أكمل المقاصد والرغائب ولكن لا يهتدى به ولا يكون رحمةً إلا في حق المؤمنين ، وإذا حصل الهدى وحلت الرحمة الناشئة عن الهدى حصلت السعادة ، والربح ، والنجاح ، والفرح والسرور .
ولذلك أمر الله بالفرح بذلك فقال : ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون ) ــ سورة يونس الآية 58
والقرآن مشتمل على الشفاء والرحمة وليس ذلك لكل أحد وإنما ذلك كله للمؤمنين به المصدقين بآياته العاملين به . أما الظالمون بعدم التصديق به ، أو عدم العمل به ، فلا تزيدهم آياته إلا خساراً . إذ به تقوم عليهم الحجة .
والشفاء الذي تضمنه القرآن شفاء القلوب .. وشفاء الأبدان من آلامها وأسقامها .
فالله عز وجل يهدي المؤمنين ( قل هو للذين آمنوا هدىً وشفاء ) يهديهم لطريق الرشد والصراط المستقيم ، ويعلمهم من العلوم النافعة ما به تحصل الهداية التامة.
ويشفيهم تبارك وتعالى بهذا القرآن من الأسقام البدنية والأسقام القلبية لأن هذا القرآن يزجر عن مساوئ الأخلاق وأقبح الأعمال ويحث على التوبة النصوح التي تغسل الذنوب وتشفي القلوب .
وأما الذين لا يؤمنون بالقرآن ففي آذانهم صمم عن استماعه وإعراض وهو عليه عمىً فلا يبصرون به رشداً ولا يهتدون به ولا يزيدهم إلا ضلالاً . وهم يدعون الى الإيمان فلا يستجيبون وهم بمنزلة الذي ينادي وهو في مكان بعيد لا يسمع داعياً ولا يجيب منادياً ، والمقصود : أن الذين لا يؤمنون بالقرآن ، لا ينتفعون بهداه ولا يبصرون بنوره ولا يستفيدون منه خيراً لأنهم سدوا على أنفسهم أبواب الهدى بإعراضهم وكفرهم ــ انظر تفسير العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي 3/363 و4/309 و6/584 . وانظر تفسير ابن كثير 2/422 و3/60 و4/104 وانظر تفسير الجزائري أبوبكر 2/286 .
ويجد الإنسان مصداق هذا القول في كل زمان وفي كل بيئة ، فناس يفعل هذا القرآن في نفوسهم فينشئها إنشاءً ويحييها إحياء ويصنع بها ومنها العظائم في ذاتها وفيما حولها . وناس يثقل هذا القرآن على آذانهم وعلى قلوبهم ولا يزيدهم إلا صمماً وعمىً وقلوبهم مطموسة لا تستفيد من هذا القرآن .
وما تغير القرآن ولكن تغيرت القلوب (1) .
والله عز وجل يشفي صدور المؤمنين بنصرهم على أعدائهم وأعدائه قال سبحانه : ( قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء والله عليم حكيم ) (2) .
فإن في قلوب المؤمنين الحنق والغيظ عليهم فيكون قتالهم وقتلهم شفاء لما في قلوب المؤمنين من الغم والهم ، إذ يرون هؤلاء العداء محاربين لله ولرسوله ساعين في إطفاء نور الله ، فيزيل الله ما في قلوبهم من ذلك . وهذا يدل على محبة الله للمؤمنين واعتنائه بأحوالهم (3)
ــــــــــــــــــــــ
(1) في ظلال القرآن 5/3128
(2) سورة التوبة الآية 14 - 15
(3) تفسير العلامة السعدي رحمه الله 3/206
النوع الثاني : شفاء الله للأجساد والأبدان :
والقرآن كما إنه شفاء للأرواح والقلوب فهو شفاء لعلل الأبدان كما تقدم فإن فيه شفاء الأرواح والأبدان . فعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أن ناساً من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب ، فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لُدغ سيد أولئك فقالوا : هل معكم من دواء أوراق ؟ فقالوا إنكم لم تقرونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً ، فجعلوا لهم قطيعاً من الشاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل ، فبرأ ، فأتوا بالشاء فقالوا : لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم ، فسألوه فضحك وقال " وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم " . (1)
وعن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث ، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها " (2) .
قال ابن القيم رحمه الله ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص ومنافع مجربة فما الظن بكلام رب العالمين الذي فضله على كل كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء التام والعصمة النافعة ، والنور الهادي والرحمة العامة الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته قال تعالى : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ) (3) .
ومن هنا لبيان الجنس لا للتبعيض هذا هو أصحُّ القولين (4) . وعلى هذا فالقرآن فيه شفاء لأرواح المؤمنين وشفاء لأجسادهم .
ــــــــــــــــــــ
(1) البخاري 7/22 و 6/150 طبعة تركيا ومسلم 4/1727
(2) البخاري 7/22 و 6/605 طبعة تركيا ومسلم 4/1723
(3) سورة الإسراء الآية 82
(4) زاد المعاد لإبن القيم 4/177
والله عز وجل هو الشافي من أمراض الأجساد وعلل الأبدان قال عز وجل : (وأوحى ربُّك الى النحل أن اتخذى من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم كُلى من كِّل الثمرات فاسلكى سبل ربِّكِ ذُلُلاً يخرج من بطونها شرابٌ مختلفٌ ألوانه فيه شفاءٌ للناس إن في ذلك لآية لقومٍ يتفكرون ) ــ سورة النحل الآية 68- 69
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى : ( يخرج من بطونها شاربٌ مختلف ألوانه فيه شفاءٌ للناس ) ما بين أبيض ، وأصفر ، وأحمر وغير ذلك من الألوان الحسنة على اختلاف مراعيها ومأكلها منها وقوله ( فيه شفاء للناس ) أي في العسل شفاء للناس من أدواء تعرض لهم قال بعض من تكلم على الطب النبوي لو قال فيه الشفاء للناس لكان دواء لكل داء ، ولكن قال فيه شفاء للناس أي يصلح لكل أحدٍ من أدواءٍ باردة فإنه حارٌ والشئ يداوى بضده .. والدليل على أن المراد بقوله تعالى ( فيه شفاء للناس ) وهو العسل ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال : جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أخي استطلق بطنه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أسقه عسلاً " فسقاه . ثم جاءه فقال : إني سقيتهُ عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق الله وكذب بطنُ أخيك " فسقاه فبرأ ــ البخاري مع الفتح 10/139 ومسلم 4/ 1736
قال بعض العلماء بالطب كان هذا الرجل عنده فضلات فلما سقاه عسلاً وهو حار تحللت فأسرعت في الاندفاع فزاده إسهالاً ، فأعتقد الأعرابي أن هذا يضره وهو مصلحة لأخيه ، ثم سقاه فأزداد ، ثم سقاه فكذلك فلما اندفعت الفضلات الفاسدة المضرة بالبدن استمسك بطنه وصلح مزاجه واندفعت الأسقام والآلام ببركة إشارته عليه الصلاة والسلام (1) .
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال : " الشفاء في ثلاث : شربة عسل ، وشرطة محجم ، وكية نار . وأنا أنهى أمتي عن الكي " (2) رفع الحديث .
والله عز وجل هو الذي هدى هذه النحلة الصغيرة هذه الهداية العجيبة ويسر لها المراعي ثم الرجوع الى بيوتها التي أصلحتها بتعليم الله لها وهدايته لها ثم يخرج من بطونها هذا العسل اللذيذ مختلف الألوان بحسب اختلاف أرضها ومراعيها فيه شفاء للناس من أمراض عديدة . فهذا دليل على كمال عناية الله تعالى وتمام لطفه بعباده وأنه الذي ينبغي أن لا يحُبُ غيره ولا يُدع سواه (3) .
ــــــــــــــــ
(1) تفسير ابن كثير 2/576
(2) البخاري مع الفتح 10/136
(3) تفسير العلامة السعدي 4/218
وأخبر الله عز وجل عن عبده ورسوله وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام بقوله تبارك وتعالى : " الذي خلقنى فهو يهدين والذي هو يطعمنى ويسقين . وإذا مرضت فهو يشفين " (1) .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره لقوله تعالى : " وإذا مرضتُ فهو يشفين " أسند إبراهيم عليه الصلاة والسلام المرض الى نفسه وإن كان عن قدر الله وقضائه ، وخلقه ولكن أضافه الى نفسه أدباً .
ومعنى ذلك : إذا وقعت في مرضٍ فإنه لا يقدر على شفائي أحد غيره بما يُقّدر تبارك وتعالى من الأسبار الموصلة الى الشفاء (2) .
ــــــــــــــــــ
(1) سورة الشعراء الآية 78 - 80
(2) تفسير ابن كثير بتصرف 3/339
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد الأمة الى طلب الشفاء من الله الشافي الذي لا شفاء إلا شفاءه ومن ذلك ما رواه مسلم وغيره عن عثمان بن العاص أنه اشتكى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ثلاثاً وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر " (1) .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " من عاد مريضاُ لم يحضر أجله فقال سبع مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عافاه الله من ذلك المرض " (2) .
ـــــــــــــــــــــ
(1) رواه مسلم 4/1728
(2) أخرجه أبو داود 3/187 والترمذي 2/410 وأحمد 1/239 وأنظر صحيح الترمذي 2/210 وصحيح الجامع 5/180
فهذا تعليم من النبي صلى الله عليه وسلم لأمته أن يعتمدوا على ربهم مع الأخذ بالأسباب المشروعة فإن الله عز وجل هو الشافي لا شفاء إلا شفاءه وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعو ربه بالشفاء ، لإنه هو الذي يملك الشفاء والشفاء بيده تبارك وتعالى قال صلى الله عليه وسلم لسعدٍ : " اللهم اشفِ سعداً ، اللهم اشفِ سعداً ، اللهم اشفِ سعداً " (1) .
وقد كان صلى الله عليه وسلم يرقى بعض أصحابه ويطلب الشفاء من الله الشافي "بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا يشفى سقيمنا بإذن ربنا " (2) .
وقد أوضح صلى الله عليه وسلم أن الله هو الذي ينزل الدواء وهو الشافي فقال صلى الله عليه وسلم : " ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاءً " . (3)
وقال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم عن جابر رضي الله عنهما أنه قال : "لكل داءٍ دواءٌ فإذا أصيب دواءُ الداءِ برأَ بإذن الله عز وجل " (4) .
وقال عليه الصلاة والسلام : " إن الله أنزل الداء والدواء وجعل لكل داء دواءً فتداووا ولا تداووا بحرام " . (5)
ـــــــــــــــــــــ
(1) البخاري مع الفتح 10/120 ومسلم 3/1253.
(2) البخاري 7/24 الطبعة التركية ومسلم 4/1721 .
(3) البخاري مع الفتح 10/134 عن أبي هريرة رضي الله عنه .
(4) مسلم 4/1729 .
(5) أخرجه أبو داود عن أبي الدرداء رضى الله عنه 4/7 .
وجاءت الأعراب فقالت : يا رسول الله إلا نتداوى ؟ فقال صلى الله عليه وسلم "نعم يا عباد الله تداووا ، فإن الله لم يضع داءً إلا وضع له شفاءً أو دواءً ، إلا داءً واحداً " ، فقالوا : يا رسول الله ما هو ؟ قال " الهرم " . (1)
وعن عبدالله بن مسعود رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما أنزل الله داءً إلا قد أنزل له شفاءً علمه من علمه وجهله من جهله " . (2)
ـــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أبو داود 4/3 والترمذي 4/383 وابن ماجه . وانظر صحيح الترمذي 2/201 وصحيح ابن ماجه 2/252 .
(2) أخرجه أحمد بترتيب أحمد شاكر 5/201 رقم 3578 وابن ماجه برقم 3438 قال احمد شاكر إسناده صحيح ورواه الحاكم 4/196 .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب *****ببات وإبطال قول من أنكرها ويجوز أن يكون قوله " لكل داء دواء " على عمومه حتى يتناول الأدواء القاتلة والأدواء التي لا يمكن للطبيب أن يبرئها ويكون الله عز وجل قد جعل لها أدويةً تُبرئها ، ولكن طوى علمها عن البشر ولم يجعل لهم إليه سبيلاً لأنه لا علم للخلق إلا ما علمهم الله . (1)
فالله عز وجل هو الشافي الذي يشفي من يشاء ويطوى علم الشفاء عن الأطباء إذا لم يرد الشفاء . فنسأل الله الذي لا إله إلا هو بأسمائه الحُسنى وصفاته العليا أن يشفي قلوبنا وأبداننا من كل سوء ويحفظنا بالإسلام أنه ولي ذلك والقادر عليه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا محمد بن عبدالله وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه الى يوم الدين .
ــــــــــــــــ
(1) زاد المعاد في هدى خير العباد 4/14 .
المصدر :
من كتاب
شرح اسماء الله الحسنى ــ لل*** سعيد بن وهف القحطاني