ابواحمد88
19 - 5 - 2008, 05:39 PM
ان هناك رجلٌ غنيٌ جداً لكنه بخيل ويُكنَّى أبا الدراهم لكثرة ماله، وكان يُقَتِّرُ على نفسِه وأهلِه ، ورغم وفرةَ المالِ عنده إلا أنَّ أهلَهُ لا يعرفون اللحمَ إلا نادراً ، ويعيشون كأفقر الناس ، ولا يُوفِّرُ لهم ما يحتاجون من المؤونة .
فسافر أبو الدراهم سفراً ، فنزل على رجلٍ تبدو عليه النعمة يُقال له لاهوم الأكول، فأكرمه وقرّب له أنواع الأطعمة وأقام عنده مدةً ينعم في ضيافته .
ولما حان وقتُ رحيلِ أبي الدراهم قال لمُضيفه لاهوم : أراك في نعمةٍ ولا تُُبالي بالمال ، فما خبرُك ؟
فقال لاهوم الأكول : سأخبرك ، إنني رجلٌ عاطل كما ترى لا عمل عندي ، لكنني أتحين الفرص في موت البخلاء ، فإذا سمعت بغنيٍ بخيل – وما أكثرهم - تحينت أن يموت ، فإن سمعتُ بموته ذهبت وخطبت زوجته بعد انقضاء عدتها و تزوجتها وتنعمت بماله ، وهذا دأبي كلما سمعت بغنيٍ ترصدت لذلك ، وإني قد سمعت هذه الأيام برجلٍ يُكنَّى بأبي الدراهم لكثرة ماله وأدعو الله أن يُقرِّب أجله .
انقبض أبو الدراهم وترنح مما سمع ، وما لبث أن انصرف مسرعاً وعاد أدراجه إلى بلدته ، وقبل أن يصل بيته مرّ على الجزار واشترى لحماً ، ثم ذهب للسوق واشترى فاكهةً وأرسلها لمنزله . حينما طرق المرسول باب بيت أبي الدراهم و فتحت زوجته الباب ، لم تصدِّق ما رأت وظنّت أن المرسول قد أخطأ وأنه مُرسلٌ إلى دارٍ أخرى ، لكنه أصرَّ على أن أبا الدراهم هو من أرسله وأن هذه الخيرات قد اشتراها أبو الدراهم لأهل بيته.
وما إن وصل أبو الدراهم لبيته بعد سويعات ، حتى بادرته زوجته بالسؤال ؛ خيراً يا أبا الدراهم ، لعلك لست محموماً ! قال : كلا لست محموماً ، لكن آكل مالي قبل أن يأتي لاهوم الأكول فيأكله .
وكان رجلٌ من العرب، من أبخل الناس ، وكان لا يوقد ناراً بليل كراهة أن يراها راءٍ فينتفع بضوئها، فإذا احتاج إلى إيقادها فأوقد ثم بصر بمستضيئ بها أطفأها.
وقيل: كان مروان بن أبى حفصة من أبخل الناس، فخرج يريد المهدى، فقالت له امرأته: مالي عليك إن رجعت بالجائزة ؟ قال: إن أعطيت مائة ألف درهم، أعطيتك درهماً ، فأُعطي ستين ألف درهم ، فأعطاها أربعة دوانق.
وبينما كان أحد الخراسانيين البخلاء يوماً يأكل في بعض المواضع إذ مر به رجل فسلَّم عليه فرد السلام. ثم قال: هلم - عافاك الله -!
فلما نظر إلى الرجل قد انثنى راجعاً يريد أن يعود ليأكل معه قال له: مكانك فإن العجلة من عمل الشيطان!
فوقف الرجل فأقبل عليه الخراساني وقال: تريد ماذا ؟ قال: أريد أن أتغدى.
قال: ولم ذلك وكيف طمعت في هذا ومن أباح لك مالي؟
قال الرجل: أو ليس قد دعوتني ؟
قال: ويلك! لو ظننت أنك هكذا أحمق ما رددت عليك السلام.
الأدبُ إذا كنتُ أنا الجالس وأنت المار تبدأ أنت فتسلم. فأقول أنا حينئذ مجيباً لك: وعليكم السلام. فإن كنتُ لا آكلُ شيئاً أنا وسكتَ أنتَ ، ومضيتَ أنت وقعدتُ أنا على حالي!
وإن كنتُ آكلُ فهاهنا بيانٌ آخر: وهو أن أبدأ أنا فأقول: هلم وتجيبُ أنتَ فتقول: هنيئاً. فيكون كلاماً بكلام.
فأما كلامٌ بفعالٍ وقولٌ بأكلٍ فهذا ليس من الإنصاف! وهذا يُخرج علينا فضلاً كثيراً!
قال له: قد أعفيناك من السلام ومن تكلف الرد. قال: ما بي إلى ذلك حاجة ، إنما هو أن أعفي أنا نفسي من هلم وقد استقام الأمر.
وآمرة بالبخل قلت لها : اقصـري فذلك شي ما إليه ســبيل
أرى الناس خلان الكرام ولا أرى بخيلا له حتى الممات خليل
واني رأيت البخل يزري بأهلــه فأكرمت نفسي أن يقال بخيل
ومن خير حالات الفتى لو علمتـه إذا نال خيرا أن يكون نبيــل
فعالــي فعــال المكثرين تجملا ومالي كما قد تعلمين قليـــل
فسافر أبو الدراهم سفراً ، فنزل على رجلٍ تبدو عليه النعمة يُقال له لاهوم الأكول، فأكرمه وقرّب له أنواع الأطعمة وأقام عنده مدةً ينعم في ضيافته .
ولما حان وقتُ رحيلِ أبي الدراهم قال لمُضيفه لاهوم : أراك في نعمةٍ ولا تُُبالي بالمال ، فما خبرُك ؟
فقال لاهوم الأكول : سأخبرك ، إنني رجلٌ عاطل كما ترى لا عمل عندي ، لكنني أتحين الفرص في موت البخلاء ، فإذا سمعت بغنيٍ بخيل – وما أكثرهم - تحينت أن يموت ، فإن سمعتُ بموته ذهبت وخطبت زوجته بعد انقضاء عدتها و تزوجتها وتنعمت بماله ، وهذا دأبي كلما سمعت بغنيٍ ترصدت لذلك ، وإني قد سمعت هذه الأيام برجلٍ يُكنَّى بأبي الدراهم لكثرة ماله وأدعو الله أن يُقرِّب أجله .
انقبض أبو الدراهم وترنح مما سمع ، وما لبث أن انصرف مسرعاً وعاد أدراجه إلى بلدته ، وقبل أن يصل بيته مرّ على الجزار واشترى لحماً ، ثم ذهب للسوق واشترى فاكهةً وأرسلها لمنزله . حينما طرق المرسول باب بيت أبي الدراهم و فتحت زوجته الباب ، لم تصدِّق ما رأت وظنّت أن المرسول قد أخطأ وأنه مُرسلٌ إلى دارٍ أخرى ، لكنه أصرَّ على أن أبا الدراهم هو من أرسله وأن هذه الخيرات قد اشتراها أبو الدراهم لأهل بيته.
وما إن وصل أبو الدراهم لبيته بعد سويعات ، حتى بادرته زوجته بالسؤال ؛ خيراً يا أبا الدراهم ، لعلك لست محموماً ! قال : كلا لست محموماً ، لكن آكل مالي قبل أن يأتي لاهوم الأكول فيأكله .
وكان رجلٌ من العرب، من أبخل الناس ، وكان لا يوقد ناراً بليل كراهة أن يراها راءٍ فينتفع بضوئها، فإذا احتاج إلى إيقادها فأوقد ثم بصر بمستضيئ بها أطفأها.
وقيل: كان مروان بن أبى حفصة من أبخل الناس، فخرج يريد المهدى، فقالت له امرأته: مالي عليك إن رجعت بالجائزة ؟ قال: إن أعطيت مائة ألف درهم، أعطيتك درهماً ، فأُعطي ستين ألف درهم ، فأعطاها أربعة دوانق.
وبينما كان أحد الخراسانيين البخلاء يوماً يأكل في بعض المواضع إذ مر به رجل فسلَّم عليه فرد السلام. ثم قال: هلم - عافاك الله -!
فلما نظر إلى الرجل قد انثنى راجعاً يريد أن يعود ليأكل معه قال له: مكانك فإن العجلة من عمل الشيطان!
فوقف الرجل فأقبل عليه الخراساني وقال: تريد ماذا ؟ قال: أريد أن أتغدى.
قال: ولم ذلك وكيف طمعت في هذا ومن أباح لك مالي؟
قال الرجل: أو ليس قد دعوتني ؟
قال: ويلك! لو ظننت أنك هكذا أحمق ما رددت عليك السلام.
الأدبُ إذا كنتُ أنا الجالس وأنت المار تبدأ أنت فتسلم. فأقول أنا حينئذ مجيباً لك: وعليكم السلام. فإن كنتُ لا آكلُ شيئاً أنا وسكتَ أنتَ ، ومضيتَ أنت وقعدتُ أنا على حالي!
وإن كنتُ آكلُ فهاهنا بيانٌ آخر: وهو أن أبدأ أنا فأقول: هلم وتجيبُ أنتَ فتقول: هنيئاً. فيكون كلاماً بكلام.
فأما كلامٌ بفعالٍ وقولٌ بأكلٍ فهذا ليس من الإنصاف! وهذا يُخرج علينا فضلاً كثيراً!
قال له: قد أعفيناك من السلام ومن تكلف الرد. قال: ما بي إلى ذلك حاجة ، إنما هو أن أعفي أنا نفسي من هلم وقد استقام الأمر.
وآمرة بالبخل قلت لها : اقصـري فذلك شي ما إليه ســبيل
أرى الناس خلان الكرام ولا أرى بخيلا له حتى الممات خليل
واني رأيت البخل يزري بأهلــه فأكرمت نفسي أن يقال بخيل
ومن خير حالات الفتى لو علمتـه إذا نال خيرا أن يكون نبيــل
فعالــي فعــال المكثرين تجملا ومالي كما قد تعلمين قليـــل