غيور
3 - 7 - 2008, 11:47 PM
لم اعتد التدريس في المرحلة الابتدائية بل بكل صراحة أجد صعوبة في التعامل مع عقول الأطفال لأنها تحتاج إلى أناس متخصصين في صناعة العقول ..
وعندما نقلت الى مدينة القريات وجهت الى مرحلة ابتدائية وحاولت جاهدا تغيير توجيهي ..لأني اعتدت على المرحلة المتوسطة , ولكن دون جدوى.
ورب خيرا لم تعلمه ... في أمر تجهله ..
بدأت في التعامل مع الأطفال بطريقة حذره جدا في كلماتي تصرفاتي وفي كل أمر ..وذلك لإيماني الشديد بان هذا الطفل ينظر الي كقدوة وانا لست على مستوى يؤهلني لذلك ..
وفي آخر الأسبوع التمهيدي طلب مني الدخول للصف الأول لإعطائهم جوا معين داخل الفصل حتى يعتادوا عليه .فكنت في وضع لا أحسد عليه من الارتباك ..
توكلت على الله وأخذت الطلاب ودخلنا الفصل ..
وطلبت منهم الجلوس وكانت نظراتهم بين الخوف والحيرة فشعرت بعطف تجاههم ..فابتسمت ابتسامة طوييييييييله ... وكأن بعضهم بدأ بالاستجابة .
ولا ادري بصراحة ماذا أتصرف وكيف سأبدأ ؟!
فبدأت اسأل الطالب الأول : وش اسمك يابطل : خالد ..والآخر وهكذا الثالث والرابع وها أنا الآن قد شارفت على الانتهاء من سؤال جميع الطلاب وبدأ الارتباك من جديد حول الخطوة التالية ..وكأن الحصة أصبحت ألف ساعة ..
فأنقذني أحد الطلاب بطلبه ..
إستاد: عندي نشيده .. وكأن الطفل شعر بارتباك أستاذه المسكين وحاول إنقاذه ..وهكذا هم طلابنا في إنقاذهم لنا ولكننا نجحد فضائلهم علينا !!!
اتجهت الى مقدمة الفصل وخرج الطالب وألقى النشيدة وصفق له الحضور وخرج طالب آخر وأعطاني أغنية رائعة للفنان خالد عبدالرحمن وصفق له الطلاب ثم اخر للفنانة هيفاء وهبي وايضا صفق له الطلاب ..
ولكني تفاجأت بطالب يجلس في مقدمة الفصل ولم يحاول حتى ان يرفع إصبعه للمشاركة مع ان شكله يوحي بالجرأة والذكاء فكنت اتابع الطالب ونظراته اثناء خروج الطلاب وإلقائهم المشاركات .فشعرت في نظرات الطالب كأن هناك أسئلة تدور في خاطرة !!
فاتجهت اليه ..وش اسمك يا بطل : فقال : سلطان . قلت ليش ما تشارك مع الطلاب فسكت مع ابتسامة خفيفة . فحاولت مع الطالب بنقاش قصير ثم قال استاد الأغاني ماهي حرام ؟
فشعرت بخجل وتمنيت لو ان الأرض تبتلعني وانتهى من هذا الموقف .لأني الآن والآن فقط علمت ماذا يدور في خاطر هذا الطالب ولعلمي أيضا بان هذا لن يكون السؤال الأخير بل هناك أسئلة أكثر جرأة وأكثر إحراجا سيوجهها الي هذا الطالب ..
فحاولت الهروب بطريقة أجيب فيها على الطالب دون ان يجد الفرصة في طرح أسئلة أخرى ..
فقلت نعم حرام ..
وكأن الطالب كان اذكى مني .. فبسرعة سألني سؤال اخر متعجبا فلان يغني وفلان يغني ؟!!
وتظاهرت باني لا اعلم بأنها أغاني ..!!
فسألته محاولا الهروب مرة اخرى , هل لديك نشيده .؟
فأجابني عندي كثيرات فقلت سمعني وحده :
فاستعد سلطان وألقى الي نظرات قبل ان يبدأ .. قد فهمتها جيدا بعد ان انهى رائعته !!
فقال :
سيمضي الضياء برغم الغيوم
وتشدوا الطيور بذاك القدوم
ونمضي سويا على دربنا
وفي كفنا شعلة من علوم
وقرآننا ذلك القائد
وتفسيره ساطع كالنجوم
وفي روحنا سنة المصطفى
وفقه الشريعة علم يدوم
وتوحيدنا عزة المسلمين
به قد قهرنا عنيدا ظلوم
وبدأ ينشد بصوت عذب لم اسمع مثيله وبإتقان عجيب كما ينبغي
فتسمرت في مكاني ..مبتسما بكل إعجاب وفخر بهذا الطالب .مع حيرة تسيطر علي كيف سأتعامل مع هذه العقول ؟!
وبلا احتساب وبسبب الإحراج الذي سببه لدي هذا الطالب حاولت أحسن صورتي أمام سلطان ..فسألت الطلاب عن الصلاة وكم عدد ركعاتها فلم يجبني طالب واحد إجابة نموذجية ..
إلا أن سلطان لم يتحدث إلى الآن , وعندما وجد الفرصة أعطاني التفصيل الكامل .. بل ستفاجئون معي كما تفاجأت فسلطان لا يتحدث عن الفروض فقط بل انه يتكلم عن الشفع والوتر وعن السنن ..فأُقسم اني أبهرت الى حد انه ذكر أشياء استحيي أن أقول لكم كنت لأول مره اعرفها .
فأصابني الفضول .بعد ان أيقنت بان والد هذا الطالب ليس ***ا بل هو مربي من الدرجة الأولى بل هو رجل من الرجال الذين نسمع عنهم ونقرأ في الكتب
فسألت سلطان كيف عرفت كل هذا ؟!
فقال امي علمتني !!
فقلت متعجبا امك : امك !! قال نعم .
وكأن سمية وأم معاذ ومعوذ وأم إمام أهل السنة والجماعة بن حنبل قد حضرن الآن في خاطري وكيف كنت أتألم عندما اقرأ عن قصصهن وكنت أظن بان تلك النساء قد أكل عليهن الدهر وشرب فلا عودة لذلك المجد ..
إلا إن أم سلطان تقول لي مهلا فنحن صانعات العقول نحن صانعات الرجال نحن صانعات المجد ..
وهذا ابني شاهدا بين يديك ...
فقلت في نفسي هنيئا لزوجها والله..
ثم رفعت يدي إلى السماء وقلت اللهم يا كريم يا رزاق يا عليم اقر عين ام سلطان بأبنائها
وارزقني بزوجة كأم سلطان .
من مدونتي
** انفاس جوفي **
وعندما نقلت الى مدينة القريات وجهت الى مرحلة ابتدائية وحاولت جاهدا تغيير توجيهي ..لأني اعتدت على المرحلة المتوسطة , ولكن دون جدوى.
ورب خيرا لم تعلمه ... في أمر تجهله ..
بدأت في التعامل مع الأطفال بطريقة حذره جدا في كلماتي تصرفاتي وفي كل أمر ..وذلك لإيماني الشديد بان هذا الطفل ينظر الي كقدوة وانا لست على مستوى يؤهلني لذلك ..
وفي آخر الأسبوع التمهيدي طلب مني الدخول للصف الأول لإعطائهم جوا معين داخل الفصل حتى يعتادوا عليه .فكنت في وضع لا أحسد عليه من الارتباك ..
توكلت على الله وأخذت الطلاب ودخلنا الفصل ..
وطلبت منهم الجلوس وكانت نظراتهم بين الخوف والحيرة فشعرت بعطف تجاههم ..فابتسمت ابتسامة طوييييييييله ... وكأن بعضهم بدأ بالاستجابة .
ولا ادري بصراحة ماذا أتصرف وكيف سأبدأ ؟!
فبدأت اسأل الطالب الأول : وش اسمك يابطل : خالد ..والآخر وهكذا الثالث والرابع وها أنا الآن قد شارفت على الانتهاء من سؤال جميع الطلاب وبدأ الارتباك من جديد حول الخطوة التالية ..وكأن الحصة أصبحت ألف ساعة ..
فأنقذني أحد الطلاب بطلبه ..
إستاد: عندي نشيده .. وكأن الطفل شعر بارتباك أستاذه المسكين وحاول إنقاذه ..وهكذا هم طلابنا في إنقاذهم لنا ولكننا نجحد فضائلهم علينا !!!
اتجهت الى مقدمة الفصل وخرج الطالب وألقى النشيدة وصفق له الحضور وخرج طالب آخر وأعطاني أغنية رائعة للفنان خالد عبدالرحمن وصفق له الطلاب ثم اخر للفنانة هيفاء وهبي وايضا صفق له الطلاب ..
ولكني تفاجأت بطالب يجلس في مقدمة الفصل ولم يحاول حتى ان يرفع إصبعه للمشاركة مع ان شكله يوحي بالجرأة والذكاء فكنت اتابع الطالب ونظراته اثناء خروج الطلاب وإلقائهم المشاركات .فشعرت في نظرات الطالب كأن هناك أسئلة تدور في خاطرة !!
فاتجهت اليه ..وش اسمك يا بطل : فقال : سلطان . قلت ليش ما تشارك مع الطلاب فسكت مع ابتسامة خفيفة . فحاولت مع الطالب بنقاش قصير ثم قال استاد الأغاني ماهي حرام ؟
فشعرت بخجل وتمنيت لو ان الأرض تبتلعني وانتهى من هذا الموقف .لأني الآن والآن فقط علمت ماذا يدور في خاطر هذا الطالب ولعلمي أيضا بان هذا لن يكون السؤال الأخير بل هناك أسئلة أكثر جرأة وأكثر إحراجا سيوجهها الي هذا الطالب ..
فحاولت الهروب بطريقة أجيب فيها على الطالب دون ان يجد الفرصة في طرح أسئلة أخرى ..
فقلت نعم حرام ..
وكأن الطالب كان اذكى مني .. فبسرعة سألني سؤال اخر متعجبا فلان يغني وفلان يغني ؟!!
وتظاهرت باني لا اعلم بأنها أغاني ..!!
فسألته محاولا الهروب مرة اخرى , هل لديك نشيده .؟
فأجابني عندي كثيرات فقلت سمعني وحده :
فاستعد سلطان وألقى الي نظرات قبل ان يبدأ .. قد فهمتها جيدا بعد ان انهى رائعته !!
فقال :
سيمضي الضياء برغم الغيوم
وتشدوا الطيور بذاك القدوم
ونمضي سويا على دربنا
وفي كفنا شعلة من علوم
وقرآننا ذلك القائد
وتفسيره ساطع كالنجوم
وفي روحنا سنة المصطفى
وفقه الشريعة علم يدوم
وتوحيدنا عزة المسلمين
به قد قهرنا عنيدا ظلوم
وبدأ ينشد بصوت عذب لم اسمع مثيله وبإتقان عجيب كما ينبغي
فتسمرت في مكاني ..مبتسما بكل إعجاب وفخر بهذا الطالب .مع حيرة تسيطر علي كيف سأتعامل مع هذه العقول ؟!
وبلا احتساب وبسبب الإحراج الذي سببه لدي هذا الطالب حاولت أحسن صورتي أمام سلطان ..فسألت الطلاب عن الصلاة وكم عدد ركعاتها فلم يجبني طالب واحد إجابة نموذجية ..
إلا أن سلطان لم يتحدث إلى الآن , وعندما وجد الفرصة أعطاني التفصيل الكامل .. بل ستفاجئون معي كما تفاجأت فسلطان لا يتحدث عن الفروض فقط بل انه يتكلم عن الشفع والوتر وعن السنن ..فأُقسم اني أبهرت الى حد انه ذكر أشياء استحيي أن أقول لكم كنت لأول مره اعرفها .
فأصابني الفضول .بعد ان أيقنت بان والد هذا الطالب ليس ***ا بل هو مربي من الدرجة الأولى بل هو رجل من الرجال الذين نسمع عنهم ونقرأ في الكتب
فسألت سلطان كيف عرفت كل هذا ؟!
فقال امي علمتني !!
فقلت متعجبا امك : امك !! قال نعم .
وكأن سمية وأم معاذ ومعوذ وأم إمام أهل السنة والجماعة بن حنبل قد حضرن الآن في خاطري وكيف كنت أتألم عندما اقرأ عن قصصهن وكنت أظن بان تلك النساء قد أكل عليهن الدهر وشرب فلا عودة لذلك المجد ..
إلا إن أم سلطان تقول لي مهلا فنحن صانعات العقول نحن صانعات الرجال نحن صانعات المجد ..
وهذا ابني شاهدا بين يديك ...
فقلت في نفسي هنيئا لزوجها والله..
ثم رفعت يدي إلى السماء وقلت اللهم يا كريم يا رزاق يا عليم اقر عين ام سلطان بأبنائها
وارزقني بزوجة كأم سلطان .
من مدونتي
** انفاس جوفي **