جابر اليافعي
14 - 7 - 2008, 12:37 AM
الأمية بمفهومها التقليدي تعني عدم القدرة على الكتابة أو القراءة، فالشخص الأمي وفقا لهذا المفهوم هو ذاك الشخص الذي لا يمكنه ( فك الخط)، هذا النوع نعلمه وعهدناه، لكن ما لم نعهده هو ذاك النوع الجديد من الأمية، أمية أناس يعرفون الكتابة والقراءة، بل متعلمون وخريجي معاهد وجامعات، وحاصلين على شهادات عليا في تخصصات مختلفة، هذا النوع من الأمية يمثل خطورة على المجتمع اكثر من النوع التقليدي، ذلك بسبب انه أمر غير ملحوظ ، وغير مُدرك الخطر، وليس بامكانك ان تميز بين الخريجين لتعرف من منهم الضعيف ومن القوي، إلا بعد التجربة والفحص وفقا لمعايير معينة.
يمكننا تعريف هذا النوع من الأمية بأنه ذاك الضعف الذي يعتري المتعلمين من الخريجين في تخصصاتهم وفي المجالات القريبة منها، وفي مجالات الحياة كافة، تعجزهم المشكلات ولا يفقهون ما يحيط بهم، ومنهم لا يستطيعون التمييز بين حروف اللغة ولا حتى كتابتها على النحو الصحيح. ضعفاء في تخصصاتهم، غير متمكنين، ولا متابعين لكل جديد، معلوماتهم قديمة، معارفهم لا تتطور.
برز هذا المصطلح ( أمية المتعلمين) منذ عشر سنوات تقريبا، ودارت حوله النقاشات والحوارات، فالمدارس والجامعات والمعاهد تلفظ في كل عام أعدادا هائلة من الخريجين تتفاوت درجاتهم في الأمية والعلم والثقافة، ناهيك عن أنصاف المتعلمين، وجهلة المثقفين، الذين يعتقدون أنهم امتلكوا المعرفة والعلم بكل صغيرة وكبيرة، يفتون في مختلف المجالات، ويقدمون خبراتهم العتيدة، ومعلوماتهم الكثيرة الدقيقة حول كل قضية تطرح أمامهم، مرفقين كلامهم بتحليلاتهم الذكية والثاقبة، ولذا تتفشى ظواهر الفهلوة والسمسرة والكلفتة واللامبالاة والاستهانة والاستخفاف، من قبل متعلمين ومثقفين يكتفون بتصفح عناوين الكتب، ولا يكلفون انفسهم عناء القراءة والبحث والتقصى، مثقفين " فالصو" مظهرهم لامع يحسبه الناظر ذهبا، حتى اذا فحصه وجده خرده لا قيمة لها. هؤلاء لا يقرأون ولا يفتحون الكتب وينقطعون عن تخصصاتهم فور تخرجهم من الجامعة، ربما يعتقدون ان العلم توقف عند حد تخرجهم وأنهم ليسوا بحاجة الى الجديد ويكفيهم ما وصلوا إليه، ومنهم من يعتقد انه امتلك ناصية العلم وأصبح عنتر زمانه ولا حاجة له إلي الاستزادة
لهذه الظاهرة أسبابها الكثيرة أولها هو سوء اختيار التخصص، ينجم ذلك إما بسبب فرض التخصص من الجامعة، نظرا لعدم حصول الطالب على معدل يؤهله لحجز مقعد في التخصص الذي يرغبه، أو لعدم المقدرة المالية التي تجبر البعض على اختيار جامعة وتخصص لم يكن يوما راغبا بهما، أو نزولا عند رغبة الأهل والالتحاق بتخصص هم يريدونه متجاوزين بذلك رغبة ابنهم الطالب. وقد ينجم ذلك عن عدم معرفة الطالب لنوع التخصص المناسب له، وعدم اتخاذه القرار المناسب، فليلتحق بأي تخصص ينصحه به اصداقائه أو جيرانه، أو ربما غيرهم من الناصحين الكثر في مجتمعاتنا الذين يتبرعون لتقديم النصح والمشورة بالمجان، وهم غير مؤهلين بذلك.
وثاني تلك الأسباب اعتقد انه يعود لنظامنا التربوي العربي، الذي يعتمد على الحشو والتلقين اكثر من تنمية القدرات الإبداعية الاخري، مثل القدرة على الربط والتحليل والتقويم والتفسير، هذا النظام الذي يعتبر الطالب "كشكول" على المعلم إتخامه بالمعلومات، وعلى هذا الكشكول ان يحفظ ويخزن تلك المعلومات في ذاكرته استعدادا للامتحان، هذا ناهيك عن عدم التحديث ومجاراة كل جديد في المجالات العلمية كافة، ولو تفحصنا بعض الكتب المقررة في المدارس والجامعات سنجدها قديمة معلوماتيا، وسنجد ان العلم تقدم وتجاوز ما هو موجود فيها ، هذا فضلا عن إغفال الجوانب التربوية المختلفة، النفسية والروحية والجسدية، والعقلية، والاستجابة لبعضها جزئيا، مما يعطل القدرات الإبداعية لدى الطلاب ويدفنها تحت ركام الكتب المكدسة هنا وهناك.
ثالث الأسباب بنظري يعود لطبيعة العقل العربي، الذي ينظر الى العلم والمعرفة كنوع من الترف أو البرستيج، وبالتالي يتركز الهم على الحصول على الشهادة بغض النظر عن التحصيل، وعن تمكّن حامل الشهادة من تخصصه، الهدف هو النجاح والشهادة بأي ثمن، دون بذل ما هو لازم وضروري من جهد، وللأسف جامعاتنا ومدارسنا العربية بشكل عام متساهلة ولا تفرض على الطالب بذل الجهد الكافي، والنتيجة خريجين كل ما اكتسبوه مجرد حبر على ورق تم تلقينه لهم، وبدورهم سكبوه على الأوراق نهاية كل سنة دراسية ليس حباً في العلم أو رغبةً في المعرفة بل كهدف للشهادة التي بدورها توضع في إطار جميل وتعلق على الجدران للذكرى
المحصلة جيل من الخريجين أنصاف متعلمين، وجامعات تحولت إلى مصانع تفرخ لنا أميين يحملون شهادات، عبارة عن مخلوقات ناقصة النمو، كشاكيل من النوع القديم المركون على الرف، لن يكونوا بأي حال مشاعل يضيئون مجتمعاتهم بالنور، بل هم سببا في تراجع امتهم وتخلفها عن ركب الحضارة.
م ن ق و ل
يمكننا تعريف هذا النوع من الأمية بأنه ذاك الضعف الذي يعتري المتعلمين من الخريجين في تخصصاتهم وفي المجالات القريبة منها، وفي مجالات الحياة كافة، تعجزهم المشكلات ولا يفقهون ما يحيط بهم، ومنهم لا يستطيعون التمييز بين حروف اللغة ولا حتى كتابتها على النحو الصحيح. ضعفاء في تخصصاتهم، غير متمكنين، ولا متابعين لكل جديد، معلوماتهم قديمة، معارفهم لا تتطور.
برز هذا المصطلح ( أمية المتعلمين) منذ عشر سنوات تقريبا، ودارت حوله النقاشات والحوارات، فالمدارس والجامعات والمعاهد تلفظ في كل عام أعدادا هائلة من الخريجين تتفاوت درجاتهم في الأمية والعلم والثقافة، ناهيك عن أنصاف المتعلمين، وجهلة المثقفين، الذين يعتقدون أنهم امتلكوا المعرفة والعلم بكل صغيرة وكبيرة، يفتون في مختلف المجالات، ويقدمون خبراتهم العتيدة، ومعلوماتهم الكثيرة الدقيقة حول كل قضية تطرح أمامهم، مرفقين كلامهم بتحليلاتهم الذكية والثاقبة، ولذا تتفشى ظواهر الفهلوة والسمسرة والكلفتة واللامبالاة والاستهانة والاستخفاف، من قبل متعلمين ومثقفين يكتفون بتصفح عناوين الكتب، ولا يكلفون انفسهم عناء القراءة والبحث والتقصى، مثقفين " فالصو" مظهرهم لامع يحسبه الناظر ذهبا، حتى اذا فحصه وجده خرده لا قيمة لها. هؤلاء لا يقرأون ولا يفتحون الكتب وينقطعون عن تخصصاتهم فور تخرجهم من الجامعة، ربما يعتقدون ان العلم توقف عند حد تخرجهم وأنهم ليسوا بحاجة الى الجديد ويكفيهم ما وصلوا إليه، ومنهم من يعتقد انه امتلك ناصية العلم وأصبح عنتر زمانه ولا حاجة له إلي الاستزادة
لهذه الظاهرة أسبابها الكثيرة أولها هو سوء اختيار التخصص، ينجم ذلك إما بسبب فرض التخصص من الجامعة، نظرا لعدم حصول الطالب على معدل يؤهله لحجز مقعد في التخصص الذي يرغبه، أو لعدم المقدرة المالية التي تجبر البعض على اختيار جامعة وتخصص لم يكن يوما راغبا بهما، أو نزولا عند رغبة الأهل والالتحاق بتخصص هم يريدونه متجاوزين بذلك رغبة ابنهم الطالب. وقد ينجم ذلك عن عدم معرفة الطالب لنوع التخصص المناسب له، وعدم اتخاذه القرار المناسب، فليلتحق بأي تخصص ينصحه به اصداقائه أو جيرانه، أو ربما غيرهم من الناصحين الكثر في مجتمعاتنا الذين يتبرعون لتقديم النصح والمشورة بالمجان، وهم غير مؤهلين بذلك.
وثاني تلك الأسباب اعتقد انه يعود لنظامنا التربوي العربي، الذي يعتمد على الحشو والتلقين اكثر من تنمية القدرات الإبداعية الاخري، مثل القدرة على الربط والتحليل والتقويم والتفسير، هذا النظام الذي يعتبر الطالب "كشكول" على المعلم إتخامه بالمعلومات، وعلى هذا الكشكول ان يحفظ ويخزن تلك المعلومات في ذاكرته استعدادا للامتحان، هذا ناهيك عن عدم التحديث ومجاراة كل جديد في المجالات العلمية كافة، ولو تفحصنا بعض الكتب المقررة في المدارس والجامعات سنجدها قديمة معلوماتيا، وسنجد ان العلم تقدم وتجاوز ما هو موجود فيها ، هذا فضلا عن إغفال الجوانب التربوية المختلفة، النفسية والروحية والجسدية، والعقلية، والاستجابة لبعضها جزئيا، مما يعطل القدرات الإبداعية لدى الطلاب ويدفنها تحت ركام الكتب المكدسة هنا وهناك.
ثالث الأسباب بنظري يعود لطبيعة العقل العربي، الذي ينظر الى العلم والمعرفة كنوع من الترف أو البرستيج، وبالتالي يتركز الهم على الحصول على الشهادة بغض النظر عن التحصيل، وعن تمكّن حامل الشهادة من تخصصه، الهدف هو النجاح والشهادة بأي ثمن، دون بذل ما هو لازم وضروري من جهد، وللأسف جامعاتنا ومدارسنا العربية بشكل عام متساهلة ولا تفرض على الطالب بذل الجهد الكافي، والنتيجة خريجين كل ما اكتسبوه مجرد حبر على ورق تم تلقينه لهم، وبدورهم سكبوه على الأوراق نهاية كل سنة دراسية ليس حباً في العلم أو رغبةً في المعرفة بل كهدف للشهادة التي بدورها توضع في إطار جميل وتعلق على الجدران للذكرى
المحصلة جيل من الخريجين أنصاف متعلمين، وجامعات تحولت إلى مصانع تفرخ لنا أميين يحملون شهادات، عبارة عن مخلوقات ناقصة النمو، كشاكيل من النوع القديم المركون على الرف، لن يكونوا بأي حال مشاعل يضيئون مجتمعاتهم بالنور، بل هم سببا في تراجع امتهم وتخلفها عن ركب الحضارة.
م ن ق و ل