المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفات المدير المثالي


 


دلع نواعم
24 - 9 - 2009, 10:43 PM
يلزم أن يتوفر في المدير، صفات لها أهميتها في التمكن من إيصال سفينة الإدارة إلى المقصد بسلام، فإن الإدارة أمر ذو شعب طرف منها مديرالمدرسة والطرف الآخر التلاميذ والمعلٌمين، وطرف منها الجوامد كالمدرسة أو ما أشبه ذلك، فالمدير يلزم عليه مراعاة كل من الطرفين على حده، ومراعاة الارتباط بين هذا الطرف وذاك (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) فالحديث في الشمول بالنص للإنسان وبالملاك الذي يرتبط به، .

وعلى أيٍّ حال فاللازم في المدير أن يتصف بالصفات التالية، وكلما ضعفت هذه الصفات فيه كمّاً أو كيفاً، ضعفت الإدارة، والعكس صحيح، وهي:
1 ـ أن تكون له القدرة التامة على التعبير عن نفسه، تكلّماً أو كتابةً، حتى يفضي إلى الآخر بما يريد، فإن الإدارة بحاجة إلى بحر من الإقناع، وكلما كانت الإدارة أهم، كان الإقناع محتاجا إليه أكثر، وبدون ذلك، لا يتمكن المدير، لا من إقناع رؤسائه ـ إذا كان له رؤساء ـ ولا من إقناع مرؤوسيه.

2 ـ أن تكون له رغبة في البحث عن الحقائق، واستعداد للعمل بجد وإخلاص وتفاني، في تأدية الواجب في مختلف أبعاد الإدارة، فإن من يركب رأسه ويتصور أنه على صواب، ينكشف لديه بعد زمان، أن الطريق كان موصلا إلى الفشل، ومهما كان الإنسان يرى صواب نفسه، احتاج إلى البحث، أليس كل منّا جرّب مراراً أنه كان مخطئاً في جهل مركب، ثم بالبحث و الفحص ظهر صواب آخر، غير الصواب الذي زعمه، فاللازم أن يكون دائم البحث عن المسائل والمشاكل المتنوعة وإيجاد الحلول المناسبة لها.

3 ـ أن يهتم بالوقت اهتماماً بالغاً، فإنه وإن قيل: أن الوقت من ذهب، لكن هذا مثال تقريبي، وإلاّ فالوقت ثالث ثلاثة في تقدّم الأمم وتأخّرها، فالإنسان والعمل والوقت إن استغلت استغلالاً حسناً، أتت بالنتائج المرضية، وإلاّ كانت الحصيلة الخيبة والفشل،

4 ـ أن يكون لطيفاً ودوداً محبّاً للآخرين مدارياً لهم، فإذا لم يكن للمدير ميل لمدّ يد الصداقة إلى الآخرين، ولا يسعهم بأخلاقه، ولا يتمكن من إنشاء العلاقات وإبقائها، ولا يستعد لكسب ودٌ الناس وثقتهم، لابد وأن يعي أنه يمشي في طريق الفشل.

إن الناس إذا لم يرضوا عن التاجر، لن يتعاملوا معه، وإذا لم يرضوا عن إمام الجماعة، لم يحضروا صلاته، وإذا لم يرضوا عن مرجع التقليد غيّروا تقليدهم، وإذا لم يرضوا عن المدرس، استبدلوه بغيره، وإذا لم يرضوا عن الوزير أو السفير أو المدير، سعوا لإسقاطه، وأخيراً فإنه فرد، والناس جماعة، و الجماعة تتغلب على الفرد،
والمدير الذي فوقه رئيس مهمته أعقد وأصعب، حيث إن توقعات رؤسائه تناقض توقعات مرؤوسيه، فاللازم أن تكون له مهارة وبراعة في ترضية الطرفين وتقريب وجهات نظرهم، وإلاّ فالسخط من جانب يوجب سقوطه، وإن رضي عنه الطرف الآخر.

5 ـ أن يكون تفكيره منظماً وعقله بارعاً في تحليل الأشياء وتصنيفها، فإن النظم و التصنيف العقليين أهميتهما أكثر مما هو مطلوب في الأمور المادية، بل الأول في منزلة القائد، والثاني في منزلة المقود،
ثم إن كل ما نراه من آثار الجمال والظرافة في مختلف أبعاد الحياة، التي عملها الإنسان سواء في الحدائق أو الدور أو الشوارع أو المصانع أو الصنائع أو غيرها وغيرها، إنما هي من آثار جمال الفكر ونظام التحليلات الذهنية.

6 ـ أن يكون له ميل طبيعي للاستفسار عن كل ما يحيط به، و التعمق في الإجابات المطروحة في الساحة، فلا يكتفي بالإجابات السريعة التي يؤتى بها بادئ الرأي، وذلك لا يكون، إلاّ بأن يربي نفسه، على الدقة والعمق و التدبر في جوانب الأشياء، ليظهر له الأقرب فالأقرب إلى الصواب.

7 ـ ثم بعد الاستطلاع و الاستفسار، يأتي دور أن يكون له قدرة على الاستفادة مما يجمعه من المعلومات بأن يتمكن من تحليلها وغربلتها واستخراج الصالح منها، وربط بعضها ببعض، وملاحظة الملائمة بين النتائج والأبعاد الأُخرى.

8 ـ أن يكون بعيد النظر عند الدراسة، سواء على الأشياء أو الأفراد، قادراً على المقايسات الزمنية والعملية،
9 ـ أن يكون حكمه على نفسه وعلى الآخرين، حكماً متصفاً بالعدل والإنصاف.

قال تعالى: [وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى...)فيتصف في أحكامه بالأمانة والنضج والموضوعية والتعقل، وأن يكون بعيداً عن التحيّز والعنف والعاطفية، والأحكام العشوائية.

10 ـ وأخيراً أن يكون مؤمناً بالله واليوم الآخر، وإنما ذكرناه أخيراً، مع أنه أول، لأن الكلام في شروط الإدارة بصفة عامة ومن الواضح أن كثيراً من المديرين، يحسنون الإدارة بدون الإيمان بالله، وإنما جعلناه شرط الإدارة، لأنا حسب ما نعتقد، نرى أن الضمير لا يكمل بدون الإيمان بالله، مهما كان ضمير الإنسان نظيفاً نقياً محايداً، فهو في نظرنا من الشروط، بل الشرط الأساسي في الأمر، بينما بنظرهم ليس شرطاً.

إن معرفة الإنسان، إن الله رقيب دائم عليه، بحيث: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ*وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) وأنه يقول في يوم ما (ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) توجب أن يعمل أحسن العمل ويتقن أفضل الإتقان، وذلك ما يحتاجه المدير في كل الأحوال.