عبدالرحمن الدويرج
18 - 2 - 2010, 01:17 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا مهتم بتنمية الذات .. ماذا أفعل ؟
مصطلح تنمية الذات يعتبر حديثا نوعا ما وهو ليس بالجديد، ولكن كثر استخدامه مع انتشار الدورات التدريبية، وليس لتنمية الذات مجال، وليس هناك داعي لتعريفه فالكلمة سهلة، تنمية من النمو للذات، فكل شيء تستطيع إدخاله تحت هذا الإطار، فعندما نقول مدرب محترف في التنمية البشرية، فهل هذا المصطلح له مصداقيته، ومن له المصداقية هل الدكتور فقط، وهل الدكتور يعني أنه يعرف كل شيء أم أنه متخصص في نقطة محددة، إذا ما الحل وماذا افعل فأنا مهتم بتنمية الذات، إلى أي مجال أتخصص وما هي تنمية الذات أصلا..
هذه المقالة ليست لمناقضة أحد أو الرد على أحد أو اتهام التنمية البشرية، أو حتى توجيه القارئ للصواب والخطأ، فكل إنسان أدرى بمصلحته وما يصلح له، وهدفي من هذه المقالة هو توجيه المهتمين بتنمية الذات في كيفية الاستفادة من اهتمامهم بهذا المجال لحياتهم العملية..
في السابق كان طب القلوب، وبعدها علم النفس وهكذا يتطور هذا العلم في هذه النفس البشرية، وقد ابتدأ منذ خليقة البشرية، وقبل خلق آدم فإبليس درس آدم خلقته وطبيعته، وعرف نقاط قوته وضعفه، برغم من أنه لا يملك السيطرة على الإنسان إلا أنه يعرف مداخل النفس البشرية ويستغلها في الإفساد والشر، فحري بنا تعلم فنون النفس لحث النفس على الفضائل وقيادتها للمعالي، وبعدها كانت بدايات البشر في المشاعر الإنسانية عندما قتل قابيل هابيل وندم، وقامت بعدها حضارات وبادت أخرى، ولكل عصر علمه وفنه، ولعصرنا كذلك علوم مختلفة، ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى علم يساعدنا للتغلب على التحديات الحالية، يقول الدكتور حمود القشعان أن في السابق كانت النظريات في علم الإرشاد الأسري تخلق لجيل، أما اليوم فكل شهر تخرج نظرية جديدة لمواكبة التغيرات السريعة في الحياة المتسارعة..
ما هو مهم في هذه المقالة وأريد إيصاله، هو كيف تنمي ذاتك وتستفيد من حبك لتطوير الذات والقراءة عن نفسك ودخول الدورات التدريبية، وقبل أن أستطرد في النصائح، قرأت إعلانا قبل أيام عن مشروع لإعداد 1**0 مدرب، فتعجبت من هذا الهدف ليس لأنه هدف طموح ولكن هل هؤلاء المدربين سيكونون كفاءات وما هي المخرجات، وهل المشروع ربحي أم لا، أنا احتجت أكثر من 10 سنوات لأبدأ أولى خطواتي بالتدريب ولا زلت في بدايتي وأمامي الكثير لأتعلمه فكيف بإعداد ألف مدرب!!!؟؟..
فلا يغرك مسمى ” مدرب في التنمية البشرية “، وخذ من كل إنسان أحسنه، وكلن يؤخذ منه ويرد إلا الرسول الكريم، ولا تبع عقلك لأحد، ولا تنظر لمثالية لكل كاتب أو مدرب حتى أنا من أحدثك بل لدي عيوبي وأنا مجتهد، فخذ من كل إنسان ما يناسبك، حتى من لا تؤمن بأفكاره أو المدربين والكتاب الغربيين خذ من علمهم ما يناسبك..
استطردت كثيرا وأنا لم ابدأ بعد ولكني كثيرا ما سؤلت في هذا الموضوع والكثير مهتمين في التنمية الذاتية وهناك الكثير من الخلط في الساحة، فمنهم من يتاجر باسم التنمية البشرية، ومنهم من وضع له هالة مقدسة، ومنهم من دخل في أخطاء كثيرة، ومنهم من أخذ علما ونقله لنا دون تمحيص وتفكير، وبالنسبة لي مستعد لتغيير أي فكرة طرحتها في هذا الصدد إذا وجدت فكرة أفضل منها وتفيدني أكثر أو وجدت أن فكرتي خاطئة، فمجال النفس البشرية ليس ثابتا ودائما في تجدد وهناك الجديد، فحتى أفكار علم النفس القديمة ليست كلها مطبقة اليوم، وهذا جمال الحياة وسرها في بحثنا واجتهادنا في الوصول للأفضل..
هناك سؤال يطرأ كثيرا خاصة بين المدربين في هدوء الساحة من الدورات ومن التنمية البشرية والسبب في ذلك، وكل شخص منهم حلل بطريقته، فلا مانع من أن أدلوا بدلوي واجتهادي، وكلامي كله في مقالتي قابل للرد والرفض والمناقشة والمعارضة، فهو وجهة نظر في النهاية، وللأسف الكثير من المهتمين بالتنمية الذاتية يدافعون بشراسة عن أي فكرة مغايرة لفكرهم ويتهمون من هم ضدهم بأنهم سلبيين، ويطبقون ما يدربونه وهو الاستماع للطرف الآخر، أعود مرة أخرى للسؤال وهو هدوء الساحة، برأيي هناك عدة أسباب، منها أن الساحة بشكل عام تتوقف على مواسم وتبحث عن الجديد، فتجد صرعة جديدة تنتشر ثم تخفت وتموت، وللأسف العلوم تأتينا من الغرب بعد فترة فنجد الملل، وتجد دور النشر وكذلك مراكز التدريب تغرق الساحة بنفس الموضوع الذي نجح وتكرره، فالناس تجد الملل، وأحيانا بعض المراكز ليس فيها مصداقية وتبالغ في الأسعار، وليس هناك بأس في السعر الغالي عندما يكون هناك توقعات ملباة، فالذي يدفع سعرا غاليا يتوقع أشياء أكثر، فهنا يكون الإحباط، دخلت دورة في تحليل الشخصية من الخط ودفعت بها مبلغا وقدره، ولكني تفاجأت بقلة المعلومات والتي أستطيع تقديمها في ساعة واحدة، ولكن المركز جعل الدورة في ثلاثة أيام وفيها من التطويل والتمطيط ما الله به عليم، ومع كل هذا هناك جزء ثاني للمتقدمين والمحترفين والممارسين، لست أعارض الربح ولكن أعارض شح المعلومات وإعطاءها بالقطارة، وعندما تريد أن تستفسر من هذا المدرب عن شيء يقول لك لدي دورة كاملة عن هذا الموضوع ويخفي الإجابة عنك، سامحني عزيز القارئ على الإطالة ولكن لابد من قول الحقيقة والتنوير في ذلك، ولكي لا أظلم المدربين حقهم أو أشوه الصورة فهناك مدربين أكفاء ومشرفين، منهم الدكتور طارق السويدان فعندما تكون في الدورة تشعر بأنه يريد تعليمك كل ما لديه، أذكر في أحد الدورات سألته 50 سؤالاً، ولدي مقالة بعنوان الفوائد السويدانية دونت إجابات أسئلتي له، ودائما يقول جميع الحقوق غير محفوظة وبإمكانكم الاستفادة من المادة ونشرها..
أعود للتحليل مرة أخرى في ركود ساحة التنمية البشرية، فالتحليل الأول هو حالة السوق، التحليل الثاني هو عدم مصداقية بعض المدربين أو المراكز، التحليل الثالث هو الرغبة بالجديد، فالذكي من يأتي بالجديد والمفيد والذي يلبي حاجات الناس، ربما في وقت انتشرت البرمجة اللغوية العصبية ولبت حاجة لدى الناس في تخصيص وقت لشفاء أنفسهم ومعرفتها، ولكن بعد ذلك لم تعالج كل المشكلات، وكانت طريقة عرض الدورة بتوقعات خيالية، فبعد هذه الدورة سيصبح الشخص إنسان مختلفة وسيكون ويكون، فعندما لم تلبى التوقعات صار إحباطا واستياءً، وبالتزامن معها خرجت دورات الطاقة والبعض استفاد والبعض لم يستفد فشعر بأنه خدع، والبعض أخذها كدورة ثم أخذ مسمى الاحتراف ثم دربها بعد ذلك، وكان الشعار الذي ينشر في هذه الدورات أن لا شيء اسمه مستحيل وأنك تستطيع تحقيق كل أحلامك بصورة مبالغة، وبعد ذلك كتاب السر وقانون الجذب، ولست هنا أنكر هذه العلوم فلست أنا من ينكرها أو يقول بعدم فائدتها، ولكن الدعوة أن نضع كل شيء موضعه، وأن يكون كل علم قابل للأخذ والرد، وكل علم يعتبر أداة، والأداة لا نستخدمها إلا عند حاجتها، فالمطرقة أداة فهل نحملها طوال الوقت أم عند الحاجة لها؟!..
تحليلي هذا اجتهاد بسيط مني ورأي ولكن لابد من ذكره ليستفيد من يريد أن يدخل في هذا المجال، أنا شخصيا بعد هذا التحليل حرصت على أن يكون هناك مصداقية في الخدمات التي أقدمها وعدم مبالغة ففي مشروعي خطط ويانا أخبر الشخص بنقاط محددة سيخرج منها، وعندما يسألني الشخص هل ستتابعني بعد الخطة أخبره بأن دوري فقط في وضع الخطة وأنت عليك التنفيذ، وفي دوراتي أخبر المتدربين أن هذه الدورة أداة وليست عصا سحرية، وبالنسبة لتحليلي برغبة الناس بالجديد حرصت على أن أقدم للناس ما استفدته شخصيا من هذه العلوم وتقديمها بطريقة جديدة إما على شكل خدمات أو دورات جديدة تفيد الشخص، فمثلا لا أقدم دورة في البرمجة اللغوية العصبية، إنما أقدم دورة فن التسامح مستخدما التطبيقات المفيدة في البرمجة اللغوية العصبية، وكذلك وضعت خدمة للمؤلفين لمساعدتهم على تأليف كتاب، ووضعت خدمة للحقائب التدريبية ل***** عمل المدربين، وهكذا أخلق خدمة لسد حاجة فعلية للمهتمين في مجال تنمية الذات..
بعد كل الكلام الزائد وهذا ليس من طبيعتي ولكن الكلام يجر بعضه، وكنت أريد أن أكتب مقالة من صفحة فإذا الحروف تجرني، وإليك عزيزي القارئ المهتم في مجال تنمية الذات بعض النصائح..
ليس عليك أن تكون متخصص
ليس بالضرورة أن تقرأ في علم نفس لتكون مهتم بهذا المجال، وليس عليك دخول دورات كثيرة، تنمية الذات والعلوم النفسية تفيد كل شخص من أم وأب وموظف..
حدد ما تريد
حدد ما تريد من هذا المجال، هل تريد الاحتراف فيه؟ وإلى أي مدى؟ وهل هذا فعلا ما تريده؟ في أي تخصص من هذا المجال فهناك تخصصات عديدة؟ حدد ماذا تريد أن تكون بعد 10 سنوات..
فكر بالتقديم قبل الربح
عندما يكون هدفك مادي بحت في مجال خدمي فإنك خاسر لا محالة، في مجال الخدمات الإنسانية والبشرية كن إنسانيا، وقدم المساعدة، قدم خدمات غالية وخدمات رخيصة، وحاول أن تكون الخدمات والدورات المقدمة للعامة بسعر في متناول الجميع، وعند التقديم للشركات والجهات بإمكانك وضع السعر المناسب، عندما يستشيرك شخص ولديك الوقت الكافي فلا ترد من طرق بابك، حتى لو بإرشاد وتوجيه لكتاب نافع أو لشخص يفيده، إذا كنت في بداية حياتك كنت مغمورا ثم رزقك الله بالشهرة فتذكر بدايتك ونعمة الله عليك وفضله، على الأقل خصص وقتا للرد على من يراسلك مثلا، وكذلك حاول أن تساعد الشباب الصاعدين ولا تركز على نفسك فقط، يعجبني كثيرا في هذا الشأن الدكتور نجيب الرفاعي فهو دائم العطاء ودعم الشباب، بذات الوقت هو لا يقلل من شأن علمه وتدريبه، فعند تدريب العامة أو الطلبة يكون بسعر مناسب جدا..
اخدم من مجالك
سواء كنت موظف أو أم أو أب، تستطيع الاستفادة من هذه المهارات والعلوم في التطور والرقي، وتستطيع أن تنقل الايجابية لفريق عملك ولأسرتك، فليست هذه العلوم حكرا على أحد..
استفد من هذه العلوم
بصراحة الذي لا يستفيد من هذه العلوم في تطوير نفسه فقد فاته نفع كثير، ففي تعلم بعض العلوم اختصار للوقت والجهد، احرص كذلك على تطبيق ما تعلمته، فإذا دخلت دورة بالذاكرة أو القراءة السريعة ولم تستخدم هذه المهارة فلا تلم المدرب، وإذا دخلت دورة في العلوم النفسية ولم تطبق التمارين فكيف ستستفيد؟!..
لا تنكر
لا تنكر أي علم، وللأسف هناك الكثير من يحرم هذه العلوم أو بعضها ويخلط بينها، وهو حتى لم يعرفه عنها شيء..
فرق بين هذه العلوم
علم التنمية البشرية ليست البرمجة اللغوية العصبية، وليس علم الطاقة، وليس علم التخطيط أو الإدارة، فمن لا يعلم هذه الفروق ليتعلم، وليكتشف ما يحب منها ويطور ذاته فيها..
أكمل مع تستفيد منه
طريقتي عندما يعجبني كتاب اقرأ للمؤلف كل كتاباته، وعندما استفيد من مدرب أحرص على دخول كل دوراته، شخصيا اقرأ للدكتور بشير الرشيدي واقرأ لجيل لندنفيلد وللدكتور جون جري..
لا تغتر بالمسميات
ليس بالضرورة أن يكون دكتور أو في سيرته الذاتية مسميات وعضويات كثيرة، هناك أمرين مهمين، ماذا قدم وأنتج، والأمر الآخر مدى الاستفادة منه فهناك مدربين لديهم العلم ولكن لا يملكون فن إيصال المعلومات، وهناك نقطة أخيرة انظر لها وهي..
انظر لخلق ودين المدرب
لا خير في تدريب لا يوصل لرب العالمين، ولا خير في معلم تارك لصلاته، ولا فائدة ترتجى ممن ليس فيه خلق، فلننتبه للأصل ولماذا نريد أن نتعلم هذه العلوم وهذه الخطوة التالي..
إخلاص النية
دائما أخلص النية في طلب العلم النافع، وأخلص النية في نشر العلم فالله وملائكته تصلي على معلم الناس الخير، اخلص النية في نهضة أمتك..
اسأل عن المدربين والكتاب
قبل دخول دورة اسأل عن الدورة مختصين فيها أو عن المدرب، فهذا سيختصر عليك المشوار وسيحسن لك الخيار..
المدرب ليس بالضرورة قدوة
المدرب ليس بالضرورة قدوة، بل هو ناقل لمعلومة، استفد من علمه وخلقه، والاقتداء يكون بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم..
لا تبهرك المبالغات
لا تنبهر بالمبالغات في التوقعات أو في السير الذاتية، ولا تقارن نفسك بأحد وتقول فلان عمل كذا وكذا وأنا لازلت في البداية، فكل إنسان مختلف عن الآخر، ولكل إنسان تحدياته وسبب خلق لأجله..
لا تقلل من شأن أحد
أخيرا لا تقلل من علم أحد أو شأن أحد فليس هذا من شيم المؤمن، فالمؤمن مقدر لذاته وللآخرين، وهو لا يرد الحق بل ينصاع له ولا يحتقر الآخرين، كذلك لا تقل أن هذا الكاتب أو المدرب كان الطريق سهلا ميسرا له، فلكل مجتهد نصيب، وهذا المدرب إن كان صوابا أو خطأ فهو يسعى للخير ونيته نشر الخير، وهو لم يختر هذا الطريق إلا لأن فيه علم نافع وفائدة البشر، وفي النهاية المعادن تظهر ويبين الخبيث من الطيب..
يقول الله تعالى: )) فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ )) (الرعد17)
هذه بعض الكلمات كتبتها بعد معايشة ساحة التنمية البشرية لسنوات طويلة، علها أثرت فكرة، أو أنارت طريقا، أو بينت حقيقة، فما كان من صواب فهذا توفيق من رب العباد وما كان من خطأ فهذا اجتهاد بشري مني للإفادة..
بقلم عبدالله العثمان
4/10/2***م
أنا مهتم بتنمية الذات .. ماذا أفعل ؟
مصطلح تنمية الذات يعتبر حديثا نوعا ما وهو ليس بالجديد، ولكن كثر استخدامه مع انتشار الدورات التدريبية، وليس لتنمية الذات مجال، وليس هناك داعي لتعريفه فالكلمة سهلة، تنمية من النمو للذات، فكل شيء تستطيع إدخاله تحت هذا الإطار، فعندما نقول مدرب محترف في التنمية البشرية، فهل هذا المصطلح له مصداقيته، ومن له المصداقية هل الدكتور فقط، وهل الدكتور يعني أنه يعرف كل شيء أم أنه متخصص في نقطة محددة، إذا ما الحل وماذا افعل فأنا مهتم بتنمية الذات، إلى أي مجال أتخصص وما هي تنمية الذات أصلا..
هذه المقالة ليست لمناقضة أحد أو الرد على أحد أو اتهام التنمية البشرية، أو حتى توجيه القارئ للصواب والخطأ، فكل إنسان أدرى بمصلحته وما يصلح له، وهدفي من هذه المقالة هو توجيه المهتمين بتنمية الذات في كيفية الاستفادة من اهتمامهم بهذا المجال لحياتهم العملية..
في السابق كان طب القلوب، وبعدها علم النفس وهكذا يتطور هذا العلم في هذه النفس البشرية، وقد ابتدأ منذ خليقة البشرية، وقبل خلق آدم فإبليس درس آدم خلقته وطبيعته، وعرف نقاط قوته وضعفه، برغم من أنه لا يملك السيطرة على الإنسان إلا أنه يعرف مداخل النفس البشرية ويستغلها في الإفساد والشر، فحري بنا تعلم فنون النفس لحث النفس على الفضائل وقيادتها للمعالي، وبعدها كانت بدايات البشر في المشاعر الإنسانية عندما قتل قابيل هابيل وندم، وقامت بعدها حضارات وبادت أخرى، ولكل عصر علمه وفنه، ولعصرنا كذلك علوم مختلفة، ونحن اليوم أحوج ما نكون إلى علم يساعدنا للتغلب على التحديات الحالية، يقول الدكتور حمود القشعان أن في السابق كانت النظريات في علم الإرشاد الأسري تخلق لجيل، أما اليوم فكل شهر تخرج نظرية جديدة لمواكبة التغيرات السريعة في الحياة المتسارعة..
ما هو مهم في هذه المقالة وأريد إيصاله، هو كيف تنمي ذاتك وتستفيد من حبك لتطوير الذات والقراءة عن نفسك ودخول الدورات التدريبية، وقبل أن أستطرد في النصائح، قرأت إعلانا قبل أيام عن مشروع لإعداد 1**0 مدرب، فتعجبت من هذا الهدف ليس لأنه هدف طموح ولكن هل هؤلاء المدربين سيكونون كفاءات وما هي المخرجات، وهل المشروع ربحي أم لا، أنا احتجت أكثر من 10 سنوات لأبدأ أولى خطواتي بالتدريب ولا زلت في بدايتي وأمامي الكثير لأتعلمه فكيف بإعداد ألف مدرب!!!؟؟..
فلا يغرك مسمى ” مدرب في التنمية البشرية “، وخذ من كل إنسان أحسنه، وكلن يؤخذ منه ويرد إلا الرسول الكريم، ولا تبع عقلك لأحد، ولا تنظر لمثالية لكل كاتب أو مدرب حتى أنا من أحدثك بل لدي عيوبي وأنا مجتهد، فخذ من كل إنسان ما يناسبك، حتى من لا تؤمن بأفكاره أو المدربين والكتاب الغربيين خذ من علمهم ما يناسبك..
استطردت كثيرا وأنا لم ابدأ بعد ولكني كثيرا ما سؤلت في هذا الموضوع والكثير مهتمين في التنمية الذاتية وهناك الكثير من الخلط في الساحة، فمنهم من يتاجر باسم التنمية البشرية، ومنهم من وضع له هالة مقدسة، ومنهم من دخل في أخطاء كثيرة، ومنهم من أخذ علما ونقله لنا دون تمحيص وتفكير، وبالنسبة لي مستعد لتغيير أي فكرة طرحتها في هذا الصدد إذا وجدت فكرة أفضل منها وتفيدني أكثر أو وجدت أن فكرتي خاطئة، فمجال النفس البشرية ليس ثابتا ودائما في تجدد وهناك الجديد، فحتى أفكار علم النفس القديمة ليست كلها مطبقة اليوم، وهذا جمال الحياة وسرها في بحثنا واجتهادنا في الوصول للأفضل..
هناك سؤال يطرأ كثيرا خاصة بين المدربين في هدوء الساحة من الدورات ومن التنمية البشرية والسبب في ذلك، وكل شخص منهم حلل بطريقته، فلا مانع من أن أدلوا بدلوي واجتهادي، وكلامي كله في مقالتي قابل للرد والرفض والمناقشة والمعارضة، فهو وجهة نظر في النهاية، وللأسف الكثير من المهتمين بالتنمية الذاتية يدافعون بشراسة عن أي فكرة مغايرة لفكرهم ويتهمون من هم ضدهم بأنهم سلبيين، ويطبقون ما يدربونه وهو الاستماع للطرف الآخر، أعود مرة أخرى للسؤال وهو هدوء الساحة، برأيي هناك عدة أسباب، منها أن الساحة بشكل عام تتوقف على مواسم وتبحث عن الجديد، فتجد صرعة جديدة تنتشر ثم تخفت وتموت، وللأسف العلوم تأتينا من الغرب بعد فترة فنجد الملل، وتجد دور النشر وكذلك مراكز التدريب تغرق الساحة بنفس الموضوع الذي نجح وتكرره، فالناس تجد الملل، وأحيانا بعض المراكز ليس فيها مصداقية وتبالغ في الأسعار، وليس هناك بأس في السعر الغالي عندما يكون هناك توقعات ملباة، فالذي يدفع سعرا غاليا يتوقع أشياء أكثر، فهنا يكون الإحباط، دخلت دورة في تحليل الشخصية من الخط ودفعت بها مبلغا وقدره، ولكني تفاجأت بقلة المعلومات والتي أستطيع تقديمها في ساعة واحدة، ولكن المركز جعل الدورة في ثلاثة أيام وفيها من التطويل والتمطيط ما الله به عليم، ومع كل هذا هناك جزء ثاني للمتقدمين والمحترفين والممارسين، لست أعارض الربح ولكن أعارض شح المعلومات وإعطاءها بالقطارة، وعندما تريد أن تستفسر من هذا المدرب عن شيء يقول لك لدي دورة كاملة عن هذا الموضوع ويخفي الإجابة عنك، سامحني عزيز القارئ على الإطالة ولكن لابد من قول الحقيقة والتنوير في ذلك، ولكي لا أظلم المدربين حقهم أو أشوه الصورة فهناك مدربين أكفاء ومشرفين، منهم الدكتور طارق السويدان فعندما تكون في الدورة تشعر بأنه يريد تعليمك كل ما لديه، أذكر في أحد الدورات سألته 50 سؤالاً، ولدي مقالة بعنوان الفوائد السويدانية دونت إجابات أسئلتي له، ودائما يقول جميع الحقوق غير محفوظة وبإمكانكم الاستفادة من المادة ونشرها..
أعود للتحليل مرة أخرى في ركود ساحة التنمية البشرية، فالتحليل الأول هو حالة السوق، التحليل الثاني هو عدم مصداقية بعض المدربين أو المراكز، التحليل الثالث هو الرغبة بالجديد، فالذكي من يأتي بالجديد والمفيد والذي يلبي حاجات الناس، ربما في وقت انتشرت البرمجة اللغوية العصبية ولبت حاجة لدى الناس في تخصيص وقت لشفاء أنفسهم ومعرفتها، ولكن بعد ذلك لم تعالج كل المشكلات، وكانت طريقة عرض الدورة بتوقعات خيالية، فبعد هذه الدورة سيصبح الشخص إنسان مختلفة وسيكون ويكون، فعندما لم تلبى التوقعات صار إحباطا واستياءً، وبالتزامن معها خرجت دورات الطاقة والبعض استفاد والبعض لم يستفد فشعر بأنه خدع، والبعض أخذها كدورة ثم أخذ مسمى الاحتراف ثم دربها بعد ذلك، وكان الشعار الذي ينشر في هذه الدورات أن لا شيء اسمه مستحيل وأنك تستطيع تحقيق كل أحلامك بصورة مبالغة، وبعد ذلك كتاب السر وقانون الجذب، ولست هنا أنكر هذه العلوم فلست أنا من ينكرها أو يقول بعدم فائدتها، ولكن الدعوة أن نضع كل شيء موضعه، وأن يكون كل علم قابل للأخذ والرد، وكل علم يعتبر أداة، والأداة لا نستخدمها إلا عند حاجتها، فالمطرقة أداة فهل نحملها طوال الوقت أم عند الحاجة لها؟!..
تحليلي هذا اجتهاد بسيط مني ورأي ولكن لابد من ذكره ليستفيد من يريد أن يدخل في هذا المجال، أنا شخصيا بعد هذا التحليل حرصت على أن يكون هناك مصداقية في الخدمات التي أقدمها وعدم مبالغة ففي مشروعي خطط ويانا أخبر الشخص بنقاط محددة سيخرج منها، وعندما يسألني الشخص هل ستتابعني بعد الخطة أخبره بأن دوري فقط في وضع الخطة وأنت عليك التنفيذ، وفي دوراتي أخبر المتدربين أن هذه الدورة أداة وليست عصا سحرية، وبالنسبة لتحليلي برغبة الناس بالجديد حرصت على أن أقدم للناس ما استفدته شخصيا من هذه العلوم وتقديمها بطريقة جديدة إما على شكل خدمات أو دورات جديدة تفيد الشخص، فمثلا لا أقدم دورة في البرمجة اللغوية العصبية، إنما أقدم دورة فن التسامح مستخدما التطبيقات المفيدة في البرمجة اللغوية العصبية، وكذلك وضعت خدمة للمؤلفين لمساعدتهم على تأليف كتاب، ووضعت خدمة للحقائب التدريبية ل***** عمل المدربين، وهكذا أخلق خدمة لسد حاجة فعلية للمهتمين في مجال تنمية الذات..
بعد كل الكلام الزائد وهذا ليس من طبيعتي ولكن الكلام يجر بعضه، وكنت أريد أن أكتب مقالة من صفحة فإذا الحروف تجرني، وإليك عزيزي القارئ المهتم في مجال تنمية الذات بعض النصائح..
ليس عليك أن تكون متخصص
ليس بالضرورة أن تقرأ في علم نفس لتكون مهتم بهذا المجال، وليس عليك دخول دورات كثيرة، تنمية الذات والعلوم النفسية تفيد كل شخص من أم وأب وموظف..
حدد ما تريد
حدد ما تريد من هذا المجال، هل تريد الاحتراف فيه؟ وإلى أي مدى؟ وهل هذا فعلا ما تريده؟ في أي تخصص من هذا المجال فهناك تخصصات عديدة؟ حدد ماذا تريد أن تكون بعد 10 سنوات..
فكر بالتقديم قبل الربح
عندما يكون هدفك مادي بحت في مجال خدمي فإنك خاسر لا محالة، في مجال الخدمات الإنسانية والبشرية كن إنسانيا، وقدم المساعدة، قدم خدمات غالية وخدمات رخيصة، وحاول أن تكون الخدمات والدورات المقدمة للعامة بسعر في متناول الجميع، وعند التقديم للشركات والجهات بإمكانك وضع السعر المناسب، عندما يستشيرك شخص ولديك الوقت الكافي فلا ترد من طرق بابك، حتى لو بإرشاد وتوجيه لكتاب نافع أو لشخص يفيده، إذا كنت في بداية حياتك كنت مغمورا ثم رزقك الله بالشهرة فتذكر بدايتك ونعمة الله عليك وفضله، على الأقل خصص وقتا للرد على من يراسلك مثلا، وكذلك حاول أن تساعد الشباب الصاعدين ولا تركز على نفسك فقط، يعجبني كثيرا في هذا الشأن الدكتور نجيب الرفاعي فهو دائم العطاء ودعم الشباب، بذات الوقت هو لا يقلل من شأن علمه وتدريبه، فعند تدريب العامة أو الطلبة يكون بسعر مناسب جدا..
اخدم من مجالك
سواء كنت موظف أو أم أو أب، تستطيع الاستفادة من هذه المهارات والعلوم في التطور والرقي، وتستطيع أن تنقل الايجابية لفريق عملك ولأسرتك، فليست هذه العلوم حكرا على أحد..
استفد من هذه العلوم
بصراحة الذي لا يستفيد من هذه العلوم في تطوير نفسه فقد فاته نفع كثير، ففي تعلم بعض العلوم اختصار للوقت والجهد، احرص كذلك على تطبيق ما تعلمته، فإذا دخلت دورة بالذاكرة أو القراءة السريعة ولم تستخدم هذه المهارة فلا تلم المدرب، وإذا دخلت دورة في العلوم النفسية ولم تطبق التمارين فكيف ستستفيد؟!..
لا تنكر
لا تنكر أي علم، وللأسف هناك الكثير من يحرم هذه العلوم أو بعضها ويخلط بينها، وهو حتى لم يعرفه عنها شيء..
فرق بين هذه العلوم
علم التنمية البشرية ليست البرمجة اللغوية العصبية، وليس علم الطاقة، وليس علم التخطيط أو الإدارة، فمن لا يعلم هذه الفروق ليتعلم، وليكتشف ما يحب منها ويطور ذاته فيها..
أكمل مع تستفيد منه
طريقتي عندما يعجبني كتاب اقرأ للمؤلف كل كتاباته، وعندما استفيد من مدرب أحرص على دخول كل دوراته، شخصيا اقرأ للدكتور بشير الرشيدي واقرأ لجيل لندنفيلد وللدكتور جون جري..
لا تغتر بالمسميات
ليس بالضرورة أن يكون دكتور أو في سيرته الذاتية مسميات وعضويات كثيرة، هناك أمرين مهمين، ماذا قدم وأنتج، والأمر الآخر مدى الاستفادة منه فهناك مدربين لديهم العلم ولكن لا يملكون فن إيصال المعلومات، وهناك نقطة أخيرة انظر لها وهي..
انظر لخلق ودين المدرب
لا خير في تدريب لا يوصل لرب العالمين، ولا خير في معلم تارك لصلاته، ولا فائدة ترتجى ممن ليس فيه خلق، فلننتبه للأصل ولماذا نريد أن نتعلم هذه العلوم وهذه الخطوة التالي..
إخلاص النية
دائما أخلص النية في طلب العلم النافع، وأخلص النية في نشر العلم فالله وملائكته تصلي على معلم الناس الخير، اخلص النية في نهضة أمتك..
اسأل عن المدربين والكتاب
قبل دخول دورة اسأل عن الدورة مختصين فيها أو عن المدرب، فهذا سيختصر عليك المشوار وسيحسن لك الخيار..
المدرب ليس بالضرورة قدوة
المدرب ليس بالضرورة قدوة، بل هو ناقل لمعلومة، استفد من علمه وخلقه، والاقتداء يكون بسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم..
لا تبهرك المبالغات
لا تنبهر بالمبالغات في التوقعات أو في السير الذاتية، ولا تقارن نفسك بأحد وتقول فلان عمل كذا وكذا وأنا لازلت في البداية، فكل إنسان مختلف عن الآخر، ولكل إنسان تحدياته وسبب خلق لأجله..
لا تقلل من شأن أحد
أخيرا لا تقلل من علم أحد أو شأن أحد فليس هذا من شيم المؤمن، فالمؤمن مقدر لذاته وللآخرين، وهو لا يرد الحق بل ينصاع له ولا يحتقر الآخرين، كذلك لا تقل أن هذا الكاتب أو المدرب كان الطريق سهلا ميسرا له، فلكل مجتهد نصيب، وهذا المدرب إن كان صوابا أو خطأ فهو يسعى للخير ونيته نشر الخير، وهو لم يختر هذا الطريق إلا لأن فيه علم نافع وفائدة البشر، وفي النهاية المعادن تظهر ويبين الخبيث من الطيب..
يقول الله تعالى: )) فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ )) (الرعد17)
هذه بعض الكلمات كتبتها بعد معايشة ساحة التنمية البشرية لسنوات طويلة، علها أثرت فكرة، أو أنارت طريقا، أو بينت حقيقة، فما كان من صواب فهذا توفيق من رب العباد وما كان من خطأ فهذا اجتهاد بشري مني للإفادة..
بقلم عبدالله العثمان
4/10/2***م