سفير الفضيلة
10 - 11 - 2010, 04:43 PM
http://alfadela.net/fup/uploads/images/858fcc49bc.gif
•°o ذكريات إياب •°o
http://file.alfadela.net/download.php?img=254
الشمسُ ساطعة ٌ
إنَّهُ يوم حار
خصوصاً على من أضاَعَ الظِلالَ ..
بدتِ الأرضُ وكأنها تدورُ , والساعاتُُ تمْضِي
لكنَّ الشمسَ هي الشمسُ
والغليلَ هو الغليلُ
أبتِ الشمسُ أنْ تغيبَ , وأبتِ الأجواءُ أنْ تطيبَ
ما الخَبَرُ ؟
وهلْ منْ مَلاذٍ قريبٍ ؟
بدَأ الظمأ يأخذ مني مأخذاً عظيماً
وكِدْتُ ألفِظُ أنفاسِيَ منْ شِدّةِ التعبِ
حِيْنها لمْ يخْطُر ببالِي إلاَّ أنْ أعيد دَوْرَةَ الأرضِ إلى الوراءِ , حَيْثُ هَذا اليوْم فِي زَمنٍ مَضَى
ولاَ أَعلمُ أمراً أجْبَرني علَى ذَلِكَ غَيرَ أَننِّي أَلتمسُ غرْفَة َمَاء تُطْفِئُ ظَمَئِي أو فَيء شجرة يُذْهِبُ تَعَبِي
أَمْسَكتُ بِمَطِيَّةِ الزمن وقدتُ مَسِيرتَها إلى الخلف ِ
ظللتُ أَمشي ولا ظِلٌّ يُداعِب الأنظارَ
بل ِالع** تماماً ., بدت الأرضُ تَقفَّر أكْثَرَ وأكْثَر
وبَدَأتْ نَفْسِي تَضِيقُ خطوةً إثرَ خطوة
حَتَّى وصلتُ إلى مَحطّتي المَرجوّة
وقفتُ وكلِّي أملٌ بأنْ أجدَ شَخصاً يَؤويني ويُذهبُ الظَمأَ عنِّي
فَقَدْ كُنْتُ مُرهقاً للغايَة ..
مَرَّ بِجانبِي شخص بطولي تقريباً مرتدياً قميصاً أَحْمَرَ اللون ِ
وواضعاً سَماعةَ المسجل ِفي أذنيهِ :
يا أَخِي
-ماذا تُريدُ ؟
منْ أرَى!
- ما الذي تُريدهُ منِّي ؟
أنتَ .. مَنْ أنت ؟-
وما شَأْنُكَ ؟ ماذا تُريد
؟
أَرْجوكَ سَاعِدنِي أنا فِي شِدّة ِالتعَبِ .
- ليس لديّ ما أقدِّمُهُ لكَ .
أرجوكَ في هذهِ الأيام الأُجور مُضاعَفَة , أعْطِنِي مِمَا أعطاكَ الله
- قلت لكَ ليسَ لديَّ ما أساعِدكَ بِهِ
دَفَعَني وذَهَب ...
سَقطتُ مذهولاً !
يا إلهِي ماذاَ يَحدث ؟! هذا الشَخصُ إنهُ "أنا ".. نعم أنا
ومَوقِفِي هوَ ذَاتُهُ موقفُ الرَجُل المِسكين الذي دَفَعتهُ قبلَ ثلاث سنوات!
كَانَ ذَلِك فِي الثَّانِي مِنْ ذِي الحجَّة
عِندما كنتُ عائداً من المقهى بعدَ ليلةٍ عامرةٍ بالغناء ِوالسَّمر .
ما الذي أتىَ بِي إلى هناَ ؟!
لستُ بِحالةٍ تَسمحُ لي بالتطرّق لهذا الموقف
أطرقتُ رأسي بين ذُلّ وحَياء ٍ
ومضيتُ هائماً في طريقِي وكلِّي أسىً مما فعلتهُ
لكنْ سرعان ما نسيتُ الأمر
فالضياعُ والتعبُ والعطشُ أخذ مني مأخذهُ
ظللتُ أمشِي وأمشِي حتى سقطتُ في ذلكَ الشارعِ مغشيّاً عليّ ..
فلمْ أعدْ أسْتطيعُ المُضيَّ خطوة ًواحدة ً..
http://file.alfadela.net/download.php?img=252
فتحتُ عينيّ ..
فإذا بي ممدَّد على سرير ..
يبدو أن أحدهُمْ قدْ حَنَّ عليَّ وأتَى بِي إلى هنَا بعدَ أن فقدتُ الوعي ..
لكن المكانَ ليسَ بغريب ٍعليَّ ..
أين أنا ؟!
يبدو الوقتُ متأخراً جداً
...أرى رجلاً هناك
جالساً على الأريكةِ ..
لم أتعرّف ملامحهُ فقد كان يستقبلُ التِّلفازَ , ويُمسك بِجهازِ (remote control) .
أَيْنَ أنَا ؟ ومَنْ أتَى بِي إلى هنَا , ومَنْ هذَا ؟!
أسئلةٌ كثيرة أغرقتني في حيرةٍ كبيرة ..
فجأة إذ بيدٍ تُمسكُ بيدي :
-هل استيقظتَ ؟!
اِلتفتُّ بفزعٍ ...
فإذا به ***ٌ كبير قد تكلّلت نظراتهُ بالحنانِ
وامتزجت نبراتهُ بالوقارِ .. بادرتهُ :
-
من أنت ؟!
- لا تخفْ يا بُني , أنا دليلكَ هنا في الزمنِ الماضِي .
- أأنت الذي أنقذتني يا عمّ ؟
- نعم , علمتُ أنّ الشمسَ قد أحرقتكَ
فأتيتُ بكَ إلى حيث كانت نهايتكَ علّك تجدُ ما تبحثُ عنهُ من رِواءٍ هنا .
- وكيف ذلكَ ؟!
- ألا تعرفُ هذا المكانَ ؟! وهذا الشخصُ الجالسُ هناكَ ألمْ ترهُ من قبلُ ؟!
- أشعرُ أننَّي أعرفهُ جيداً لكنني لم أتعرف ملامحهُ فهو يُدير إليّ ظهره ..
أتعرفهُ أنتَ يا عمّاه ؟!
- نعم أعرفهُ وأنتَ بهِ أعرف !, إنه أنت !
- أنا
- نعم إنَّهُ أَنتَ , و تَستطيع بِسهولةٍ توقّع ما سيحدثُ الآن !
- كيف ذلك ؟!
- ستعلمُ الإجابةَ بنفسكَ ...
تَركَني وذَهَب .
اِرتسمتْ علاماتُ استفهامٍ وتعجبٍ كثيرةٍ على وجْهي
ماذا يعني ؟!!
كيف أستطيعُ تصوُّرَ ما سيحدثُ الآنَ ؟!
مع أنَّ هذه ِالأسئلةَ كانت محيّرة بالنسبةِ لي
إلا أنني أظنُّ أن هذا الفيلمَ مألوف لديّ وكأنهُ الذي أهداني إياهُ صديقي في شهرِ ذِي الحِجّة الماضِي
فجأةً فُتحَ البابُ !
إنه أبي ... ما الذي أتى بأبي هنا الآن ؟!
والدِي : هداكَ اللهُ يا بُنيَّ ما الذي تفعلهُ ؟
أَذَّنَ الفجرُ , اُترُكْ مافي يدِكَ و هيَّا إلى الصلاةِ .
- حسناً سأقومُ الآنَ .
أغلقَ وَالِدي البابَ وذهب ...
كأنني بدأتُ أتعرَّف الموقفَ , مشاعِر الحَيَاءِ بدأت تَتَغلّغل في عروقِي
أتذكَّر هذا الموقِفَ المُشين جَيداً ..
كان ذلكَ في العامِ الماضِي بينمَا كانَ وَالِدي قائماً يَتَسحّر استعداداً لِصيام ِ
اليومِ الخامس ِمن أيامِ ذِي الحِجّة ،،
أعلمُ يقيناً وأنا أتابعُ هذا الموقفَ
أن أبي سيعودُ ليؤنِّبنِي على تقصيرِي , فرغم تذكيرهِ لي بالصلاةِ
لم أقمْ وظللتُ أتابعُ ذلكَ الفِلمَ فلقد كان مثيراً لدرجةِ أنَّني لم أسمع الإقامةَ !
عادَ أبي و فتحَ البابَ بِغضبٍ :
- يا بنيّ لِمَ لم تذهب للصلاةِ , إلى متى ستستمر على هذهِ الحال
سهرٌ في الَّليلِ ونومٌ في النَّهارِ وتَضييعٌ للصلواتِ
كن حريصاً عليها في هذهِ الأيامِ الفاضلاتِ على الأقلِّ .
- لم أنتبهْ إلَى الإقامةِ فلقدْ كنتُ في الحمّام أتوضأ استعداداً للصلاة .
- في كلّ مرّة تُكَرِرُ نَفْسَ العذر
يا بنيّ ألا تعلم أن هذهِ الأيام هي أفضل أيام الدنيا ؟!
والأُجورُ فيها مُضاعفة , هل تريدُ التقصير والتضييع فيها
كما ضيّعتَ وقتكَ في شهرِ رمضانَ ؟
- يا أبي إن اللهَ غفور رحيم ..
- لكنه شديدُ العقابِ .. لا تُفقِدْنِي صَبْري
الكل حولكَ بين صائمٍ و متصدّق , حتى ابن جيراننا الذي كنتَ تسخرُ من رجولتهِ يوماً
أصبحَ أفضلَ منكَ فهو لم يضيّع صلاةً في المسجدِ منذ رمضانَ هذهِ السنةِ .. وأنتَ في كل عامٍ ينحدرُ سلوككَ
و تتدنّى اهتماماتكَ ؟!
تعالَتِ الأصْوَاتُ , وتوَالَى التّأنِيبُ من والِدِي واللامُبَالاةَ مِنِّي !
وانتَهَى المَوْقِفُ بخرُوجِ أبي غاضِباً مِنَ الغرْفةِ ..
http://file.alfadela.net/download.php?img=252
أحْسَسْتُ بمَدَى سَخافتِي وَوَقاحَتِي وأنَا أقفُ عَلى عَتبَاتِ هَذا الموقفِ ..
فبين ليلٍ عامرٍ بالمناظرِ الفاحشةِ وتضييع ٍلصلاةِ الفجرِ والتِّي سيتبعُهَا تضييعٌ لصلاةِ الظّهرِ
لأننِّي وكما في كلِّ إجازةِ عيدِ أضحَى أكونُ نائماً ,
بالكادِ أدركُ صلاةَ العصرِ إنْ كنتُ مستيقظاً وقد يلهيني أمرٌ عنها !
وبين كذبِي على والدِي وعدم احْتِرامِي للحيتهِ التِّي اكتستْ بالبياضِ
مما أذقتهُ من سوءِ تصرفاتِي .. لم أتحمل نفسي ,
خرجتُ مسرعاً من ذلكَ المكان محاولاً نسيانَ وقاحَتِي .
ركبتُ سيارتي علّني أهربُ إلَى مَكانٍ يُذهب عني همِّي وغمِّي
فإذا بي أرى شخصاً يجلسُ بجانبي ,,
منْ أهذاَ أنتَ يا عمرُ ؟!
التفتُّ إلى المقعدِ الخلفي منْ ؟ أهذا أنا من جديدٍ ؟!
وضعَ عُمرُ شريطَ الأغاني في المُسَجّلِ
ورفعهُ لأعلى مستوىً
نعم أعلمُ أعلمُ ما سيحدثُ الآنَ ..
لقد كانَ هذا في اليومِ التاسعِ من ذِي الحِجّة من العامِ المنصرمِ
في يومِ عرفة ...
كنّا متوجِّهينَ إلى صديقنا سعد لنَسمُرَ عندهُ هناك فلقد اشترى مجموعة أفلام جديدة
وبينما كنّا متوقفين عندَ الإشارةِ ، والسّيارةُ تكادُ تنفجرُ من صوتِ الأغانِي
إذ بسيارةٍ تقتربُ من سيارتنا ... أخفضَ صاحبُها زجاجةَ نافذته وبادرنا :
- السلامُ عليكم ...
لم نسمعهُ فلقد كانَ الجوّ مطرباً للغاية
أعلى صوتهُ : السلامُ عليكم يا شبابُ
انتبهنا لهُ .. فإذا بهِ من أصحابِ الِّلحى المعقدينَ الذين لا يعرفونَ للحياةِ طعماً ! >> ولا أعلمُ من ِالذي لمْ يذق في الحياةِ طعماً للراحةِ !
- ماذا تريد ؟
- يا أخي اخفض المسجّلَ ألا تعلم أن الأغاني حرام ؟!
كما أن اليومَ هو يومُ عرفة الذي قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فيه :
«ما من يوم أكثر من أن يعتقَ اللهُ فيهِ عبداً من النارِ من يومِ عرفة ، وإنّهُ ليدنو ثمَّ يباهي بهم الملائكةَ فيقول : ما أراد هؤلاءِ ؟».
[ صحيح مسلم ] فهو يومُ مغفرة الذنوب والعتق من النارِ .
- وماذا بعدُ ؟!
أطرقَ وفي عينيهِ من معانِي الشفقة الكثير وكأنهُ يعلم أننا في عطشٍ شديدٍ لشيءٍ اسمهُ [ راحة نفسية ]
مدَّ إلينا بطاقات كُتب عليها :
•°o ذكريات إياب •°o
http://file.alfadela.net/download.php?img=254
الشمسُ ساطعة ٌ
إنَّهُ يوم حار
خصوصاً على من أضاَعَ الظِلالَ ..
بدتِ الأرضُ وكأنها تدورُ , والساعاتُُ تمْضِي
لكنَّ الشمسَ هي الشمسُ
والغليلَ هو الغليلُ
أبتِ الشمسُ أنْ تغيبَ , وأبتِ الأجواءُ أنْ تطيبَ
ما الخَبَرُ ؟
وهلْ منْ مَلاذٍ قريبٍ ؟
بدَأ الظمأ يأخذ مني مأخذاً عظيماً
وكِدْتُ ألفِظُ أنفاسِيَ منْ شِدّةِ التعبِ
حِيْنها لمْ يخْطُر ببالِي إلاَّ أنْ أعيد دَوْرَةَ الأرضِ إلى الوراءِ , حَيْثُ هَذا اليوْم فِي زَمنٍ مَضَى
ولاَ أَعلمُ أمراً أجْبَرني علَى ذَلِكَ غَيرَ أَننِّي أَلتمسُ غرْفَة َمَاء تُطْفِئُ ظَمَئِي أو فَيء شجرة يُذْهِبُ تَعَبِي
أَمْسَكتُ بِمَطِيَّةِ الزمن وقدتُ مَسِيرتَها إلى الخلف ِ
ظللتُ أَمشي ولا ظِلٌّ يُداعِب الأنظارَ
بل ِالع** تماماً ., بدت الأرضُ تَقفَّر أكْثَرَ وأكْثَر
وبَدَأتْ نَفْسِي تَضِيقُ خطوةً إثرَ خطوة
حَتَّى وصلتُ إلى مَحطّتي المَرجوّة
وقفتُ وكلِّي أملٌ بأنْ أجدَ شَخصاً يَؤويني ويُذهبُ الظَمأَ عنِّي
فَقَدْ كُنْتُ مُرهقاً للغايَة ..
مَرَّ بِجانبِي شخص بطولي تقريباً مرتدياً قميصاً أَحْمَرَ اللون ِ
وواضعاً سَماعةَ المسجل ِفي أذنيهِ :
يا أَخِي
-ماذا تُريدُ ؟
منْ أرَى!
- ما الذي تُريدهُ منِّي ؟
أنتَ .. مَنْ أنت ؟-
وما شَأْنُكَ ؟ ماذا تُريد
؟
أَرْجوكَ سَاعِدنِي أنا فِي شِدّة ِالتعَبِ .
- ليس لديّ ما أقدِّمُهُ لكَ .
أرجوكَ في هذهِ الأيام الأُجور مُضاعَفَة , أعْطِنِي مِمَا أعطاكَ الله
- قلت لكَ ليسَ لديَّ ما أساعِدكَ بِهِ
دَفَعَني وذَهَب ...
سَقطتُ مذهولاً !
يا إلهِي ماذاَ يَحدث ؟! هذا الشَخصُ إنهُ "أنا ".. نعم أنا
ومَوقِفِي هوَ ذَاتُهُ موقفُ الرَجُل المِسكين الذي دَفَعتهُ قبلَ ثلاث سنوات!
كَانَ ذَلِك فِي الثَّانِي مِنْ ذِي الحجَّة
عِندما كنتُ عائداً من المقهى بعدَ ليلةٍ عامرةٍ بالغناء ِوالسَّمر .
ما الذي أتىَ بِي إلى هناَ ؟!
لستُ بِحالةٍ تَسمحُ لي بالتطرّق لهذا الموقف
أطرقتُ رأسي بين ذُلّ وحَياء ٍ
ومضيتُ هائماً في طريقِي وكلِّي أسىً مما فعلتهُ
لكنْ سرعان ما نسيتُ الأمر
فالضياعُ والتعبُ والعطشُ أخذ مني مأخذهُ
ظللتُ أمشِي وأمشِي حتى سقطتُ في ذلكَ الشارعِ مغشيّاً عليّ ..
فلمْ أعدْ أسْتطيعُ المُضيَّ خطوة ًواحدة ً..
http://file.alfadela.net/download.php?img=252
فتحتُ عينيّ ..
فإذا بي ممدَّد على سرير ..
يبدو أن أحدهُمْ قدْ حَنَّ عليَّ وأتَى بِي إلى هنَا بعدَ أن فقدتُ الوعي ..
لكن المكانَ ليسَ بغريب ٍعليَّ ..
أين أنا ؟!
يبدو الوقتُ متأخراً جداً
...أرى رجلاً هناك
جالساً على الأريكةِ ..
لم أتعرّف ملامحهُ فقد كان يستقبلُ التِّلفازَ , ويُمسك بِجهازِ (remote control) .
أَيْنَ أنَا ؟ ومَنْ أتَى بِي إلى هنَا , ومَنْ هذَا ؟!
أسئلةٌ كثيرة أغرقتني في حيرةٍ كبيرة ..
فجأة إذ بيدٍ تُمسكُ بيدي :
-هل استيقظتَ ؟!
اِلتفتُّ بفزعٍ ...
فإذا به ***ٌ كبير قد تكلّلت نظراتهُ بالحنانِ
وامتزجت نبراتهُ بالوقارِ .. بادرتهُ :
-
من أنت ؟!
- لا تخفْ يا بُني , أنا دليلكَ هنا في الزمنِ الماضِي .
- أأنت الذي أنقذتني يا عمّ ؟
- نعم , علمتُ أنّ الشمسَ قد أحرقتكَ
فأتيتُ بكَ إلى حيث كانت نهايتكَ علّك تجدُ ما تبحثُ عنهُ من رِواءٍ هنا .
- وكيف ذلكَ ؟!
- ألا تعرفُ هذا المكانَ ؟! وهذا الشخصُ الجالسُ هناكَ ألمْ ترهُ من قبلُ ؟!
- أشعرُ أننَّي أعرفهُ جيداً لكنني لم أتعرف ملامحهُ فهو يُدير إليّ ظهره ..
أتعرفهُ أنتَ يا عمّاه ؟!
- نعم أعرفهُ وأنتَ بهِ أعرف !, إنه أنت !
- أنا
- نعم إنَّهُ أَنتَ , و تَستطيع بِسهولةٍ توقّع ما سيحدثُ الآن !
- كيف ذلك ؟!
- ستعلمُ الإجابةَ بنفسكَ ...
تَركَني وذَهَب .
اِرتسمتْ علاماتُ استفهامٍ وتعجبٍ كثيرةٍ على وجْهي
ماذا يعني ؟!!
كيف أستطيعُ تصوُّرَ ما سيحدثُ الآنَ ؟!
مع أنَّ هذه ِالأسئلةَ كانت محيّرة بالنسبةِ لي
إلا أنني أظنُّ أن هذا الفيلمَ مألوف لديّ وكأنهُ الذي أهداني إياهُ صديقي في شهرِ ذِي الحِجّة الماضِي
فجأةً فُتحَ البابُ !
إنه أبي ... ما الذي أتى بأبي هنا الآن ؟!
والدِي : هداكَ اللهُ يا بُنيَّ ما الذي تفعلهُ ؟
أَذَّنَ الفجرُ , اُترُكْ مافي يدِكَ و هيَّا إلى الصلاةِ .
- حسناً سأقومُ الآنَ .
أغلقَ وَالِدي البابَ وذهب ...
كأنني بدأتُ أتعرَّف الموقفَ , مشاعِر الحَيَاءِ بدأت تَتَغلّغل في عروقِي
أتذكَّر هذا الموقِفَ المُشين جَيداً ..
كان ذلكَ في العامِ الماضِي بينمَا كانَ وَالِدي قائماً يَتَسحّر استعداداً لِصيام ِ
اليومِ الخامس ِمن أيامِ ذِي الحِجّة ،،
أعلمُ يقيناً وأنا أتابعُ هذا الموقفَ
أن أبي سيعودُ ليؤنِّبنِي على تقصيرِي , فرغم تذكيرهِ لي بالصلاةِ
لم أقمْ وظللتُ أتابعُ ذلكَ الفِلمَ فلقد كان مثيراً لدرجةِ أنَّني لم أسمع الإقامةَ !
عادَ أبي و فتحَ البابَ بِغضبٍ :
- يا بنيّ لِمَ لم تذهب للصلاةِ , إلى متى ستستمر على هذهِ الحال
سهرٌ في الَّليلِ ونومٌ في النَّهارِ وتَضييعٌ للصلواتِ
كن حريصاً عليها في هذهِ الأيامِ الفاضلاتِ على الأقلِّ .
- لم أنتبهْ إلَى الإقامةِ فلقدْ كنتُ في الحمّام أتوضأ استعداداً للصلاة .
- في كلّ مرّة تُكَرِرُ نَفْسَ العذر
يا بنيّ ألا تعلم أن هذهِ الأيام هي أفضل أيام الدنيا ؟!
والأُجورُ فيها مُضاعفة , هل تريدُ التقصير والتضييع فيها
كما ضيّعتَ وقتكَ في شهرِ رمضانَ ؟
- يا أبي إن اللهَ غفور رحيم ..
- لكنه شديدُ العقابِ .. لا تُفقِدْنِي صَبْري
الكل حولكَ بين صائمٍ و متصدّق , حتى ابن جيراننا الذي كنتَ تسخرُ من رجولتهِ يوماً
أصبحَ أفضلَ منكَ فهو لم يضيّع صلاةً في المسجدِ منذ رمضانَ هذهِ السنةِ .. وأنتَ في كل عامٍ ينحدرُ سلوككَ
و تتدنّى اهتماماتكَ ؟!
تعالَتِ الأصْوَاتُ , وتوَالَى التّأنِيبُ من والِدِي واللامُبَالاةَ مِنِّي !
وانتَهَى المَوْقِفُ بخرُوجِ أبي غاضِباً مِنَ الغرْفةِ ..
http://file.alfadela.net/download.php?img=252
أحْسَسْتُ بمَدَى سَخافتِي وَوَقاحَتِي وأنَا أقفُ عَلى عَتبَاتِ هَذا الموقفِ ..
فبين ليلٍ عامرٍ بالمناظرِ الفاحشةِ وتضييع ٍلصلاةِ الفجرِ والتِّي سيتبعُهَا تضييعٌ لصلاةِ الظّهرِ
لأننِّي وكما في كلِّ إجازةِ عيدِ أضحَى أكونُ نائماً ,
بالكادِ أدركُ صلاةَ العصرِ إنْ كنتُ مستيقظاً وقد يلهيني أمرٌ عنها !
وبين كذبِي على والدِي وعدم احْتِرامِي للحيتهِ التِّي اكتستْ بالبياضِ
مما أذقتهُ من سوءِ تصرفاتِي .. لم أتحمل نفسي ,
خرجتُ مسرعاً من ذلكَ المكان محاولاً نسيانَ وقاحَتِي .
ركبتُ سيارتي علّني أهربُ إلَى مَكانٍ يُذهب عني همِّي وغمِّي
فإذا بي أرى شخصاً يجلسُ بجانبي ,,
منْ أهذاَ أنتَ يا عمرُ ؟!
التفتُّ إلى المقعدِ الخلفي منْ ؟ أهذا أنا من جديدٍ ؟!
وضعَ عُمرُ شريطَ الأغاني في المُسَجّلِ
ورفعهُ لأعلى مستوىً
نعم أعلمُ أعلمُ ما سيحدثُ الآنَ ..
لقد كانَ هذا في اليومِ التاسعِ من ذِي الحِجّة من العامِ المنصرمِ
في يومِ عرفة ...
كنّا متوجِّهينَ إلى صديقنا سعد لنَسمُرَ عندهُ هناك فلقد اشترى مجموعة أفلام جديدة
وبينما كنّا متوقفين عندَ الإشارةِ ، والسّيارةُ تكادُ تنفجرُ من صوتِ الأغانِي
إذ بسيارةٍ تقتربُ من سيارتنا ... أخفضَ صاحبُها زجاجةَ نافذته وبادرنا :
- السلامُ عليكم ...
لم نسمعهُ فلقد كانَ الجوّ مطرباً للغاية
أعلى صوتهُ : السلامُ عليكم يا شبابُ
انتبهنا لهُ .. فإذا بهِ من أصحابِ الِّلحى المعقدينَ الذين لا يعرفونَ للحياةِ طعماً ! >> ولا أعلمُ من ِالذي لمْ يذق في الحياةِ طعماً للراحةِ !
- ماذا تريد ؟
- يا أخي اخفض المسجّلَ ألا تعلم أن الأغاني حرام ؟!
كما أن اليومَ هو يومُ عرفة الذي قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - فيه :
«ما من يوم أكثر من أن يعتقَ اللهُ فيهِ عبداً من النارِ من يومِ عرفة ، وإنّهُ ليدنو ثمَّ يباهي بهم الملائكةَ فيقول : ما أراد هؤلاءِ ؟».
[ صحيح مسلم ] فهو يومُ مغفرة الذنوب والعتق من النارِ .
- وماذا بعدُ ؟!
أطرقَ وفي عينيهِ من معانِي الشفقة الكثير وكأنهُ يعلم أننا في عطشٍ شديدٍ لشيءٍ اسمهُ [ راحة نفسية ]
مدَّ إلينا بطاقات كُتب عليها :