الرعاية
22 - 1 - 2011, 11:36 AM
أسباب التوحد*
يجب النظر إلى التوحد بوصفه اضطراباً اجتماعياً- تربوياً. فهذه النظرة تشجع على استخدام المصطلح في ظل الحقائق والوقائع البيئية وليس كفئة تشخيصية يتم التعامل معها بدون مرونة. وليس مفيداً التوقف عن استخدام مصطلح "التوحد" كاملاً لأنه يعمل بمثابة إطار مرجعي مناسب لفهم مجموعة من الأطفال الذين يظهرون أنماطا غير مألوفة ومتناقضة من النمو.
ومنذ عقد الأربعينات، وضعت عدة نظريات لتفسير التوحد والتكهن بأسبابه. في البداية، كان يعتقد أن الوالدين يتحملان المسئولية وبخاصة الأم التي كانت تتهم بأنها لم تزود طفلها بالحنان والدفء الكافيين. ولحسن الحظ، أن مثل هذه الآراء التي لا أساس لها نبذت في ضوء نتائج البحث العلمي التي أثبتت عدم صحتها. ومع ذلك فقد انبثقت مؤخراً فرضيات متشابهة تدعي أن التوحد ينتج عن انهيار العلاقة ما بين الأم وطفلها وإن هذه الفرضية توفر القاعدة اللازمة للمعالجة. وقد دافعت الطبيبة النفسية الأمريكية مارثا ولش عن هذه النظرية باسم "العلاج من خلال حمل الطفل" (Holding Therapy).
وهذا الأسلوب لا يشمل كما قد يتوقع البعض أن تحمل الأم طفلها بحنان أو أن تعانقه وإنما أن تحمله رغماً عنه وأن لا تنزله من بين يديها رغم مقاومته ورغم البكاء والصراخ. ومن الصعب علينا أن نتصور كيف يمكن لهذا الأسلوب أن يعالج التوحد. وفي الحقيقة تناقلت وسائل الإعلام في السنوات القليلة الماضية عدداً غير قليل مما يوصف بكونه "أساليب علاجية" للتوحد على الرغم من عدم توفر أية أدلة علمية حول فعاليتها.
إن كل الأدلة المتوفرة حالياً تشير بقوة إلى أن أسباب التوحد بيولوجية. وخلافاً للافتراضات التي استند إليها كانر، تشير الدراسات العلمية الآن إلى أن التوحد حالة قد يعاني منها الأطفال من كافة الشرائح الاجتماعية بصرف النظر عن المتغيرات المعرفية أو الاقتصادية الاجتماعية أو الأصول العرقية
.
ويعرف المتابعون للدراسات حول التوحد أنه حالة يعاني منها الذكور أكثر من الإناث حيث أن نسبة الذكور إلى الإناث تبلغ حوالي (3) أو (4) إلى (1). وهذه النسبة بالإضافة إلى العلاقة القوية بين التوحد والتخلف العقلي الشديد تقدم أدلة إضافية على أن أسباب التوحد ليست نفسية أساساً.
ولا توضح البحوث الحديثة أن أقارب الأفراد التوحديين أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالتوحد فحسب، ولكنها توضح أيضاً إن نسبة عالية من أقارب أسر الأفراد التوحديين تعاني من اضطرابات كلامية، وصعوبات تعليمية، وإعاقات معرفية بسيطة أخرى.
وترتبط بعض الاضطرابات الجسمية بالتوحد. وهذه الاضطرابات تشمل الحصبة الألمانية، والتشنجات في مرحلة الرضاعة، والفينيل كيتون يوريا (PKU). إضافة إلى ذلك، فالتوحد يرتبط أيضاً ببعض الاضطرابات الوراثية المعروفة ومنها التصلب التدرني (Tuberous Sclerosis) ومتلازمة الكروموسوم الجنسي الهش (Fragile X – Syndrome). وتشير نتائج الدراسات الحديثة إلى أن الحصبة الألمانية وبعض الفيروسات بل وحتى الفطريات قد تكون من الأسباب المحتملة للتوحد. وباختصار، فأن أدلة متزايدة بدأت تتوفر حول الدور السببي للعوامل البيولوجية في التوحد. وبناء على ذلك، أصبح ينظر إلى هذه الحالة بوصفها اضطراباً جسمياً وليس اضطراباً انفعالياً.
إعداد: أ. د. جمال الخطيب مستشار المدينة العربية للرعاية الشاملة
www.arabcitycare.com
يجب النظر إلى التوحد بوصفه اضطراباً اجتماعياً- تربوياً. فهذه النظرة تشجع على استخدام المصطلح في ظل الحقائق والوقائع البيئية وليس كفئة تشخيصية يتم التعامل معها بدون مرونة. وليس مفيداً التوقف عن استخدام مصطلح "التوحد" كاملاً لأنه يعمل بمثابة إطار مرجعي مناسب لفهم مجموعة من الأطفال الذين يظهرون أنماطا غير مألوفة ومتناقضة من النمو.
ومنذ عقد الأربعينات، وضعت عدة نظريات لتفسير التوحد والتكهن بأسبابه. في البداية، كان يعتقد أن الوالدين يتحملان المسئولية وبخاصة الأم التي كانت تتهم بأنها لم تزود طفلها بالحنان والدفء الكافيين. ولحسن الحظ، أن مثل هذه الآراء التي لا أساس لها نبذت في ضوء نتائج البحث العلمي التي أثبتت عدم صحتها. ومع ذلك فقد انبثقت مؤخراً فرضيات متشابهة تدعي أن التوحد ينتج عن انهيار العلاقة ما بين الأم وطفلها وإن هذه الفرضية توفر القاعدة اللازمة للمعالجة. وقد دافعت الطبيبة النفسية الأمريكية مارثا ولش عن هذه النظرية باسم "العلاج من خلال حمل الطفل" (Holding Therapy).
وهذا الأسلوب لا يشمل كما قد يتوقع البعض أن تحمل الأم طفلها بحنان أو أن تعانقه وإنما أن تحمله رغماً عنه وأن لا تنزله من بين يديها رغم مقاومته ورغم البكاء والصراخ. ومن الصعب علينا أن نتصور كيف يمكن لهذا الأسلوب أن يعالج التوحد. وفي الحقيقة تناقلت وسائل الإعلام في السنوات القليلة الماضية عدداً غير قليل مما يوصف بكونه "أساليب علاجية" للتوحد على الرغم من عدم توفر أية أدلة علمية حول فعاليتها.
إن كل الأدلة المتوفرة حالياً تشير بقوة إلى أن أسباب التوحد بيولوجية. وخلافاً للافتراضات التي استند إليها كانر، تشير الدراسات العلمية الآن إلى أن التوحد حالة قد يعاني منها الأطفال من كافة الشرائح الاجتماعية بصرف النظر عن المتغيرات المعرفية أو الاقتصادية الاجتماعية أو الأصول العرقية
.
ويعرف المتابعون للدراسات حول التوحد أنه حالة يعاني منها الذكور أكثر من الإناث حيث أن نسبة الذكور إلى الإناث تبلغ حوالي (3) أو (4) إلى (1). وهذه النسبة بالإضافة إلى العلاقة القوية بين التوحد والتخلف العقلي الشديد تقدم أدلة إضافية على أن أسباب التوحد ليست نفسية أساساً.
ولا توضح البحوث الحديثة أن أقارب الأفراد التوحديين أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالتوحد فحسب، ولكنها توضح أيضاً إن نسبة عالية من أقارب أسر الأفراد التوحديين تعاني من اضطرابات كلامية، وصعوبات تعليمية، وإعاقات معرفية بسيطة أخرى.
وترتبط بعض الاضطرابات الجسمية بالتوحد. وهذه الاضطرابات تشمل الحصبة الألمانية، والتشنجات في مرحلة الرضاعة، والفينيل كيتون يوريا (PKU). إضافة إلى ذلك، فالتوحد يرتبط أيضاً ببعض الاضطرابات الوراثية المعروفة ومنها التصلب التدرني (Tuberous Sclerosis) ومتلازمة الكروموسوم الجنسي الهش (Fragile X – Syndrome). وتشير نتائج الدراسات الحديثة إلى أن الحصبة الألمانية وبعض الفيروسات بل وحتى الفطريات قد تكون من الأسباب المحتملة للتوحد. وباختصار، فأن أدلة متزايدة بدأت تتوفر حول الدور السببي للعوامل البيولوجية في التوحد. وبناء على ذلك، أصبح ينظر إلى هذه الحالة بوصفها اضطراباً جسمياً وليس اضطراباً انفعالياً.
إعداد: أ. د. جمال الخطيب مستشار المدينة العربية للرعاية الشاملة
www.arabcitycare.com