ساعد وطني
8 - 8 - 2012, 04:16 AM
د.يوسف بن أحمد القاسم
في بلادنا أغنياء تعج المصارف بأموالهم وحساباتهم البنكية، وتضيق البلاد بأبراجهم السكنية، وبمؤسساتهم وشركاتهم الربحية، وبأراضيهم وعقاراتهم العنكبوتية، ولو دفعت زكواتهم مرة واحدة فقط، وصرفت في مصارفها الشرعية، لتحقق العديد من النتائج المذهلة، ومن أبرزها:
1- القضاء على الفقر في بلادنا في أول سنة فقط من دفع الزكاة؛ لنحظى بمجتمع خالٍ من الفقراء في فترة قياسية.
2- إنهاء معاناة الفقراء *****اكين ونحوهم، وإعانتهم على العيش الكريم.
3- منع أو الحد من الجرائم التي يكون الدافع إليها الفقر وقلة ذات اليد.
4- تخفيف العبء على وزارة الشؤون الاجتماعية، وتفرغها للشؤون الاجتماعية الأخرى.
ولكن الواقع يشهد بأن ملاك الأموال لم يوفقوا لذلك، إما لكونهم يهربون من دفع الزكاة صراحة أو بأسلوب التحايل، أو لكونهم لا يحسنون دفع الزكاة في طريقها الصحيح.
فأما من يمتنع صراحة عن دفع الزكاة أو بأسلوب التحايل، فهؤلاء لا يخرجون عن احتمالات ثلاثة:
إما أنهم ضمنوا الحياة الأبدية في هذه الدنيا، وبالتالي فهم يحتفظون بهذه الأموال لشؤونهم الخاصة؛ بداعي البقاء الأبدي.
وإما أنهم حصلوا على صك براءة من العذاب الأخروي، وبالتالي فلا يضرهم الامتناع عن دفع الزكاة، صراحة أو تحايلا.
وإما أنهم رأوا أن يحتفظوا بالزكاة لورثتهم؛ ليحفظوها لهم في الدنيا، ويعذبوا هم عليها في الآخرة..!
ولا أعتقد أن تاجرا عاقلا ـــ فضلا عن كونه يؤمن بالله واليوم الآخر ـــ يمكن أن يكون لديه أحد الاحتمالين الأولين؛ لأن حياة الإنسان محدودة في هذه الدنيا، وجنائز الموتى تضيق بها المقابر ـــ وبعض الفقراء أطول عمرا من الأغنياء ـــ ولأنه لا يملك أحد أن يوزع صكوك البراءة والغفران (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ..؟).
أما الاحتمال الأخير، فقد يحمله إليه حبه للمال، لكن صاحبه مغبون بالمرة؛ لأنه باع نفسه مقابل المال لصالح غيره، وهذا يتنافى مع أبسط مقومات الربح والخسارة، ولا يليق بتاجر يحترم دراسات الجدوى أن يغبن في معاملة كهذه..! ولا سيما أن التاجر أول ما يدفن في قبره، ويهال عليه التراب، ينصرف عنه أهله وماله، ويبقى معه عمله، فهل ينحني التاجر لمن ينحني عنه، ويولي ظهره لمن يتولاه في قبره، وفي رحلة حياته الأخرى؟ ويا له من غبن حين يخفق التاجر في حسابات الآخرة بعدما نجح في حسابات الدنيا..؟ وأيهما الأجدر بالنجاح حسابات الآخرة الباقية، أم حسابات الدنيا الفانية؟
إذن.. من يمتنع عن دفع الزكاة، أو يتحايل على منعها، فإنه يمتنع ويتحايل ليبقي المال للورثة، ويحرسه لهم، حتى إذا غيَّبه الأجل بسكتة قلبية، أو بجلطة مفاجئة، أو بحادث من حوادث الحياة، رحل إلى حتفه، ورحلت الأموال المحروسة إلى ورثته، لينعموا بغنمها، ويتلظى هو بغرمها..! ويا لها من صفقة خاسرة بكل المقاييس..!
أما من لم يوفق لدفع الزكاة في مصارفها الشرعية، فهذا يجب عليه أن يعيد النظر في أسلوب دفعه للزكاة ـــ كما يقلب دوما أسلوب تحقيقه للدخل ـــ ففي بلادنا فقراء متعففون كثر، ينبغي على الغني أن يفتش عنهم بنفسه، ويصل إليهم، وإذا كان ذلك شاقا، ولم يدفع زكاته للجهات الرسمية، فإن الأسلوب الأمثل لإيصال المال إلى مستحقه هو مأسسة العمل الخيري؛ من أجل تعيين الموظفين الأكْفاء الأمناء، وترتيب خطة عمل كل سنة لتوزيع الزكاة وغيرها من الأعمال الخيرية، ليكون العمل مؤسسيا، وتحت الشمس، وبهذا يجمع الثري بين العمل الخيري المنظم، وبين إضفاء الأمان على أمواله، فلا تصل إلى الشحاذين الممتهنين للسؤال، ولا إلى من لا يريد خيرا ببلادنا، ولنا نماذج وطنية ناجحة في هذا المجال، وبامتياز، وهي لا تخفى على أحد، وبهذا تعمل المؤسسة الخيرية جنبا إلى جنبا مع مؤسساتنا الرسمية، ويكمل بعضها بعضا، ويسد بعضها ثغرات بعض.
إن العمل المؤسسي أصبح من الحاجيات التي يتطلبها العمل الخيري، ولا سيما إذا كان ذلك يتعلق بركن من أركان الإسلام، خصوصا إذا تنامت الثروة، وأصبح توزيع المال عبئا على صاحبه، وبافتتاح المؤسسة وتحوّل العمل إلى أسلوب مؤسسي منظم سيتحول توزيع المال من كونه عبئا وعملا متعثرا إلى كونه متدفقا سلسا، ومحفزا لخدمة أولئك الفقراء، والمعوزين، والغارمين، ومن يتقلب في نار العزوبة؛ لعجزه عن تأمين حاجيات ال****.
في بلادنا أغنياء تعج المصارف بأموالهم وحساباتهم البنكية، وتضيق البلاد بأبراجهم السكنية، وبمؤسساتهم وشركاتهم الربحية، وبأراضيهم وعقاراتهم العنكبوتية، ولو دفعت زكواتهم مرة واحدة فقط، وصرفت في مصارفها الشرعية، لتحقق العديد من النتائج المذهلة، ومن أبرزها:
1- القضاء على الفقر في بلادنا في أول سنة فقط من دفع الزكاة؛ لنحظى بمجتمع خالٍ من الفقراء في فترة قياسية.
2- إنهاء معاناة الفقراء *****اكين ونحوهم، وإعانتهم على العيش الكريم.
3- منع أو الحد من الجرائم التي يكون الدافع إليها الفقر وقلة ذات اليد.
4- تخفيف العبء على وزارة الشؤون الاجتماعية، وتفرغها للشؤون الاجتماعية الأخرى.
ولكن الواقع يشهد بأن ملاك الأموال لم يوفقوا لذلك، إما لكونهم يهربون من دفع الزكاة صراحة أو بأسلوب التحايل، أو لكونهم لا يحسنون دفع الزكاة في طريقها الصحيح.
فأما من يمتنع صراحة عن دفع الزكاة أو بأسلوب التحايل، فهؤلاء لا يخرجون عن احتمالات ثلاثة:
إما أنهم ضمنوا الحياة الأبدية في هذه الدنيا، وبالتالي فهم يحتفظون بهذه الأموال لشؤونهم الخاصة؛ بداعي البقاء الأبدي.
وإما أنهم حصلوا على صك براءة من العذاب الأخروي، وبالتالي فلا يضرهم الامتناع عن دفع الزكاة، صراحة أو تحايلا.
وإما أنهم رأوا أن يحتفظوا بالزكاة لورثتهم؛ ليحفظوها لهم في الدنيا، ويعذبوا هم عليها في الآخرة..!
ولا أعتقد أن تاجرا عاقلا ـــ فضلا عن كونه يؤمن بالله واليوم الآخر ـــ يمكن أن يكون لديه أحد الاحتمالين الأولين؛ لأن حياة الإنسان محدودة في هذه الدنيا، وجنائز الموتى تضيق بها المقابر ـــ وبعض الفقراء أطول عمرا من الأغنياء ـــ ولأنه لا يملك أحد أن يوزع صكوك البراءة والغفران (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ..؟).
أما الاحتمال الأخير، فقد يحمله إليه حبه للمال، لكن صاحبه مغبون بالمرة؛ لأنه باع نفسه مقابل المال لصالح غيره، وهذا يتنافى مع أبسط مقومات الربح والخسارة، ولا يليق بتاجر يحترم دراسات الجدوى أن يغبن في معاملة كهذه..! ولا سيما أن التاجر أول ما يدفن في قبره، ويهال عليه التراب، ينصرف عنه أهله وماله، ويبقى معه عمله، فهل ينحني التاجر لمن ينحني عنه، ويولي ظهره لمن يتولاه في قبره، وفي رحلة حياته الأخرى؟ ويا له من غبن حين يخفق التاجر في حسابات الآخرة بعدما نجح في حسابات الدنيا..؟ وأيهما الأجدر بالنجاح حسابات الآخرة الباقية، أم حسابات الدنيا الفانية؟
إذن.. من يمتنع عن دفع الزكاة، أو يتحايل على منعها، فإنه يمتنع ويتحايل ليبقي المال للورثة، ويحرسه لهم، حتى إذا غيَّبه الأجل بسكتة قلبية، أو بجلطة مفاجئة، أو بحادث من حوادث الحياة، رحل إلى حتفه، ورحلت الأموال المحروسة إلى ورثته، لينعموا بغنمها، ويتلظى هو بغرمها..! ويا لها من صفقة خاسرة بكل المقاييس..!
أما من لم يوفق لدفع الزكاة في مصارفها الشرعية، فهذا يجب عليه أن يعيد النظر في أسلوب دفعه للزكاة ـــ كما يقلب دوما أسلوب تحقيقه للدخل ـــ ففي بلادنا فقراء متعففون كثر، ينبغي على الغني أن يفتش عنهم بنفسه، ويصل إليهم، وإذا كان ذلك شاقا، ولم يدفع زكاته للجهات الرسمية، فإن الأسلوب الأمثل لإيصال المال إلى مستحقه هو مأسسة العمل الخيري؛ من أجل تعيين الموظفين الأكْفاء الأمناء، وترتيب خطة عمل كل سنة لتوزيع الزكاة وغيرها من الأعمال الخيرية، ليكون العمل مؤسسيا، وتحت الشمس، وبهذا يجمع الثري بين العمل الخيري المنظم، وبين إضفاء الأمان على أمواله، فلا تصل إلى الشحاذين الممتهنين للسؤال، ولا إلى من لا يريد خيرا ببلادنا، ولنا نماذج وطنية ناجحة في هذا المجال، وبامتياز، وهي لا تخفى على أحد، وبهذا تعمل المؤسسة الخيرية جنبا إلى جنبا مع مؤسساتنا الرسمية، ويكمل بعضها بعضا، ويسد بعضها ثغرات بعض.
إن العمل المؤسسي أصبح من الحاجيات التي يتطلبها العمل الخيري، ولا سيما إذا كان ذلك يتعلق بركن من أركان الإسلام، خصوصا إذا تنامت الثروة، وأصبح توزيع المال عبئا على صاحبه، وبافتتاح المؤسسة وتحوّل العمل إلى أسلوب مؤسسي منظم سيتحول توزيع المال من كونه عبئا وعملا متعثرا إلى كونه متدفقا سلسا، ومحفزا لخدمة أولئك الفقراء، والمعوزين، والغارمين، ومن يتقلب في نار العزوبة؛ لعجزه عن تأمين حاجيات ال****.