محمد إمام
12 - 6 - 2015, 01:21 PM
قال ابن القيم رحمه الله :
ويراد بالوحي والإلهام: الإعلام الذي يقطع من وصل إليه بموجبه، إما بواسطة سمع، أو هو الإعلام بلا واسطة.
أما حصوله بواسطة سمع فليس ذلك إلهاما، بل هو من قبيل الخطاب، وهذا يستحيل حصوله لغير الأنبياء، وهو الذي خص به موسى، إذ كان المخاطِب هو الحق عز وجل.
وأما ما يقع لكثير من أرباب الرياضات من سماع فهو من أحد وجوه ثلاثة لا رابع لها، أعلاها: أن يخاطبه الملك خطابا جزئيا، فإن هذا يقع لغير الأنبياء، فقد كانت الملائكة تخاطب عمران بن حصين بالسلام، فلما اكتوى تركت خطابه، فلما ترك الكي عاد إليه خطاب ملكي، وهو نوعان:
أحدهما: خطاب يسمعه بأذنه، وهو نادر بالنسبة إلى عموم المؤمنين.
والثاني: خطاب يلقى في قلبه يخاطب به الملك روحه، كما في الحديث المشهور «إن للملك لمة بقلب ابن آدم، وللشيطان لمة، فلمة الملك: إيعاد بالخير، وتصديق بالوعد،
ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالوعد» ثم قرأ {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا} [البقرة: 268] وقال تعالى {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا} [الأنفال: 12] قيل في تفسيرها: قووا قلوبهم، وبشروهم بالنصر، وقيل: احضروا معهم القتال، والقولان حق، فإنهم حضروا معهم القتال، وثبتوا قلوبهم.
ومن هذا الخطاب واعظ الله عز وجل في قلوب عباده المؤمنين، كما في جامع الترمذي ومسند أحمد من حديث النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن الله تعالى ضرب مثلا صراطا مستقيما، وعلى كنفتي الصراط سوران، لهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وداع يدعو على رأس الصراط، وداع يدعو فوق الصراط، فالصراط المستقيم الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، فلا يقع أحد في حد من حدود الله حتى يكشف الستر، والداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن» فهذا الواعظ في قلوب المؤمنين هو الإلهام الإلهي بواسطة الملائكة.
وأما وقوعه بغير واسطة فما لم يتبين بعد، والجزم فيه بنفي أو إثبات موقوف على الدليل، والله أعلم.
قلت: الملائكة تكلم الإنسان أحياناً بشكل واضح بل وربما تشكلت في صورة إنسي وكلمته وهذا ثابت في السنة الصحيحة لغير الأنبياء، ولكن أيضاً هذا يمكن أن يقع من الشياطين فلا يغتر الإنسان ويقول كلمني الملك، وكان سبب ضلال بعض من سلك طريق التصوف أنه كلمته الشياطين على أنها ملائكة ثم أمرته بما أوقعه في الضلال المبين، والذي يعصم الإنسان عرض ذلك على أهل العلم في دين الله عز وجل.
د. محمد إمام.
جامعة المدينة العالمية
http://www.mediu.edu.my/ar/
ويراد بالوحي والإلهام: الإعلام الذي يقطع من وصل إليه بموجبه، إما بواسطة سمع، أو هو الإعلام بلا واسطة.
أما حصوله بواسطة سمع فليس ذلك إلهاما، بل هو من قبيل الخطاب، وهذا يستحيل حصوله لغير الأنبياء، وهو الذي خص به موسى، إذ كان المخاطِب هو الحق عز وجل.
وأما ما يقع لكثير من أرباب الرياضات من سماع فهو من أحد وجوه ثلاثة لا رابع لها، أعلاها: أن يخاطبه الملك خطابا جزئيا، فإن هذا يقع لغير الأنبياء، فقد كانت الملائكة تخاطب عمران بن حصين بالسلام، فلما اكتوى تركت خطابه، فلما ترك الكي عاد إليه خطاب ملكي، وهو نوعان:
أحدهما: خطاب يسمعه بأذنه، وهو نادر بالنسبة إلى عموم المؤمنين.
والثاني: خطاب يلقى في قلبه يخاطب به الملك روحه، كما في الحديث المشهور «إن للملك لمة بقلب ابن آدم، وللشيطان لمة، فلمة الملك: إيعاد بالخير، وتصديق بالوعد،
ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالوعد» ثم قرأ {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلا} [البقرة: 268] وقال تعالى {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا} [الأنفال: 12] قيل في تفسيرها: قووا قلوبهم، وبشروهم بالنصر، وقيل: احضروا معهم القتال، والقولان حق، فإنهم حضروا معهم القتال، وثبتوا قلوبهم.
ومن هذا الخطاب واعظ الله عز وجل في قلوب عباده المؤمنين، كما في جامع الترمذي ومسند أحمد من حديث النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «إن الله تعالى ضرب مثلا صراطا مستقيما، وعلى كنفتي الصراط سوران، لهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وداع يدعو على رأس الصراط، وداع يدعو فوق الصراط، فالصراط المستقيم الإسلام، والسوران حدود الله، والأبواب المفتحة محارم الله، فلا يقع أحد في حد من حدود الله حتى يكشف الستر، والداعي على رأس الصراط كتاب الله، والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مؤمن» فهذا الواعظ في قلوب المؤمنين هو الإلهام الإلهي بواسطة الملائكة.
وأما وقوعه بغير واسطة فما لم يتبين بعد، والجزم فيه بنفي أو إثبات موقوف على الدليل، والله أعلم.
قلت: الملائكة تكلم الإنسان أحياناً بشكل واضح بل وربما تشكلت في صورة إنسي وكلمته وهذا ثابت في السنة الصحيحة لغير الأنبياء، ولكن أيضاً هذا يمكن أن يقع من الشياطين فلا يغتر الإنسان ويقول كلمني الملك، وكان سبب ضلال بعض من سلك طريق التصوف أنه كلمته الشياطين على أنها ملائكة ثم أمرته بما أوقعه في الضلال المبين، والذي يعصم الإنسان عرض ذلك على أهل العلم في دين الله عز وجل.
د. محمد إمام.
جامعة المدينة العالمية
http://www.mediu.edu.my/ar/