مصطفى الشاذلي
15 - 11 - 2015, 11:03 AM
[B][FONT="Times New Roman"][SIZE=5]أن العزة هي رأس مال المسلم أينما ذهب وأينما حل، وإليكم الأمثلة،حكي أن عضد الدولة أراد أن يبعث رسولاً إلى الروم، وعلم أنهم يسألون ويناظرون، فأشاروا عليه أن يرسل القاضي أبا بكر، فبعثه إلى قيصر، فلما وصل وأراد الدخول، علم الحاجب أنه لا يسجد للملك كما تفعل الرسل، فصنعوا له باباً قصيراً ليدخل منه إلى قيصر، ولابد له أن ينحني ليدخل، فلما رأى القاضي الباب عرف ذلك ولم يخش إلا الله وأدار ظهره إلى الباب ودخل راكعاً ظهره إلى الباب وإلى الملك فتعجب قيصر من فطنته ووقع في نفسه هيبته وشجاعته وعزَّته وعزَّة الدين الذي أتى باسمه
[COLOR=#FF****]والقصة لم تنته لأن القاضي بفطنته فقه أنهم يريدون إذلاله والانتقاص من عزَّة دينه فشحذَّ همته وأحبَّ أن يعطيهم مثلاً آخر (أنَّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين) فقد رأى القاضي عنده بعض الرهبان فخاطب الراهب وقال له مستهزئاً كيف أنت وكيف أولادك فقال له قيصر إنك مقدم علماء هذه الملة ولا تعلم أنَّ هؤلاء متنزهون عن الزوجة والولد، فقال القاضي فإنكم لا تنزهون الله عن الأهل والولد وتنزهون هؤلاء فرهبانكم أجلُّ وأعزُّ عندكم من الله تعالى، فأفحموا جميعاً وباءوا بالذل والخزي
فقال بعض حاشية طاغية الروم للقاضي يريد أن يذلَّه بالخوض في موضوع الإفك الذي جرى لعائشة رضي الله عنها، فقال للقاضي، اخبرني عن زوجة نبيِّكم عائشة وما قيل فيها فقال القاضي فوراً، قيل في حق عائشة ما قيل في حق مريم بنت عمران، وعائشة لم تلد، ومريم ولدت وقد برأ الله تعالى كل واحدة منهما، فأفحموا ولم ينطقوا بكلمة(1)
وجَّه عمر رضي الله عنه جيشاً إلى الروم وفيهم صحابي يقال له عبد الله بن حذافة رضي الله عنه، فأسره الروم، وأتوا به ملكهم، وقالوا له إنه من أصحاب محمد. فقال له هل لك أن تتنصر وأشرِكَك في ملكي وسلطاني فرد عليه لو أعطيتني ما تملك وجميع ملك العرب، على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طَرْفة عين ما فعلت فقال إذاً أقتلك، قال أنت وذاك ،فأَمر به فصُلب، وأمر الرماة أن يرعبوه بالسهام وهو يعرض عليه ويأبى، فأمر به فأنزل، ثم دعا بقدر ضخم فيه ماء يغلى فأحرق يداه في الماء، ثم دعا بأسير من المسلمين فألقي في الماء وهو يعرض عليه النصرانية ويأبى، ثم أمر به أن يُلقى فيها؛ فلما ذُهب به بكى، فأعادوه إلى الملك فعرض عليه النصرانية، فأبى، فقال ما أبكاك إذاً قال أبكاني أنك أمرت أن ألقى في القدر فأموت من ساعتي، وكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نَفْسٌ تموت في الله
فقال له الطاغية هل لك أن تقبّل رأسي وأخلّي عنك قال له عبد الله وعن جميع أساري المسلمين قال، نعم، قال عبد الله فقلت في نفسي لا أبالى أن أقبّل رأس عدوٍ من أعداء الله يطلق سراحي ومعي أساري المسلمين؛ فقبّل رأسه، فدفع إليه الأسرى،ثمانين أسيراً فقدم بهم على عمر رضي الله عنه؛ فقال عمر:
{ حقٌّ على كل مسلم أن يقبّل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أبدأ، فقام عمر فقبّل رأسه }(2)
فانظر إلى عزَّتهم، كيف كانت على الأعداء رفعة لشأن الإسلام، وكيف كانت تلك العزة تذوب بينهم فتصير ماءاً زلالاً لينفعوا بعضهم كما
قال تعالى:( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) (54المائدة)
وكان خلفاء المسلمين وحكامهم أعزَّة على الكافرين في أوقات الحرب والسلم، وكانت ملوك الروم والفرس لا تستطيع أن تشرى عزَّة حكام المسلمين بهداياهم، ولا تغريهم أو ترهبهم بما لديهم أياً ما كان وأنتم تعرفون جيداً ما للهدايا من تأثير على الحكام وأصحاب الرأي والنفوذ،واسمعوا
قدم بريد ملك الروم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فاستقرضت زوجة عمر ديناراً، فاشترت به عطراً، وجعلته في قوارير، وبعثت به مع البريد إلى امرأة ملك الروم، فلما تسلمت الهدية، أفرغت القوارير وملأتهن جواهر، وأرسلتها إلى امرأة عمر ثانية، فلما أتاها أفرعتهن على البساط، فدخل عمر t فقال ما هذا فأخبرته، فأخذ عمر الجواهر فباعها، ودفع إلى امرأته ديناراً، وجعل ما بقي من ذلك في بيت المال للمسلمين(3)
فهكذا كانت عزَّتهم وتمسُّكهم بدينهم هكذا كانوا يفعلون بالهدايا التي تهدى لهم وهم فى الإمارة وهكذا علَّموا من وراءهم أن الإمارة ليست مغنماً ولا فرصة حدث ذلك فى وقت عمر ولما اتسع ملك المسلمين، تصرفوا أيضاً بعزَّة الإسلام بما يناسب وقتهم وملكهم، كيف
روى أنه أهدى ملك الروم للخليفة المأمون نفائس لتكون له بها يدٌ عليه، ومنها مئة رطل مسك، ومائة حلة سمور وهى هدايا لا تقدر بثمن وقتها، فقال المأمون أضعفوها له ردُّوا له ضعفها-ليعلم عزَّ الإسلام(4)
وفوق ذلك كانت الحكام والخلفاء يعتزُّون بدينهم وبعلمائهم وبحكمائهم، ولا يسمعون الوشاية فيهم من عدوهم لأنهم يعرفون أنهم يريدون الوقيعة بينهم وبين علمائهم وحكمائهم من أتباعهم فيقتلونهم أو يؤذونهم فيهربوا منهم وينفضوا عنهم وينهى الأمر بأن يذلُّ الحكام بعد أن فقدوا علماءهم وحكماءهم بالحاجة إلي أعدائهم، وبالإستقواء بهم وبعلمهم وبمستشاريهم وهذه للأسف من المصائب التي تعرفونها بوضوح، وقد صار إليها المسلمون اليوم كيف ذلك
حكامنا يستمعون إلى أعدائهم وينتصحون بنصحهم بل يذلُّون أنفسهم بالإستقواء بهم ويبلغون أن يتخلصوا من علمائهم
[COLOR=#FF****]والقصة لم تنته لأن القاضي بفطنته فقه أنهم يريدون إذلاله والانتقاص من عزَّة دينه فشحذَّ همته وأحبَّ أن يعطيهم مثلاً آخر (أنَّ العزة لله ولرسوله وللمؤمنين) فقد رأى القاضي عنده بعض الرهبان فخاطب الراهب وقال له مستهزئاً كيف أنت وكيف أولادك فقال له قيصر إنك مقدم علماء هذه الملة ولا تعلم أنَّ هؤلاء متنزهون عن الزوجة والولد، فقال القاضي فإنكم لا تنزهون الله عن الأهل والولد وتنزهون هؤلاء فرهبانكم أجلُّ وأعزُّ عندكم من الله تعالى، فأفحموا جميعاً وباءوا بالذل والخزي
فقال بعض حاشية طاغية الروم للقاضي يريد أن يذلَّه بالخوض في موضوع الإفك الذي جرى لعائشة رضي الله عنها، فقال للقاضي، اخبرني عن زوجة نبيِّكم عائشة وما قيل فيها فقال القاضي فوراً، قيل في حق عائشة ما قيل في حق مريم بنت عمران، وعائشة لم تلد، ومريم ولدت وقد برأ الله تعالى كل واحدة منهما، فأفحموا ولم ينطقوا بكلمة(1)
وجَّه عمر رضي الله عنه جيشاً إلى الروم وفيهم صحابي يقال له عبد الله بن حذافة رضي الله عنه، فأسره الروم، وأتوا به ملكهم، وقالوا له إنه من أصحاب محمد. فقال له هل لك أن تتنصر وأشرِكَك في ملكي وسلطاني فرد عليه لو أعطيتني ما تملك وجميع ملك العرب، على أن أرجع عن دين محمد صلى الله عليه وسلم طَرْفة عين ما فعلت فقال إذاً أقتلك، قال أنت وذاك ،فأَمر به فصُلب، وأمر الرماة أن يرعبوه بالسهام وهو يعرض عليه ويأبى، فأمر به فأنزل، ثم دعا بقدر ضخم فيه ماء يغلى فأحرق يداه في الماء، ثم دعا بأسير من المسلمين فألقي في الماء وهو يعرض عليه النصرانية ويأبى، ثم أمر به أن يُلقى فيها؛ فلما ذُهب به بكى، فأعادوه إلى الملك فعرض عليه النصرانية، فأبى، فقال ما أبكاك إذاً قال أبكاني أنك أمرت أن ألقى في القدر فأموت من ساعتي، وكنت أشتهي أن يكون بعدد كل شعرة في جسدي نَفْسٌ تموت في الله
فقال له الطاغية هل لك أن تقبّل رأسي وأخلّي عنك قال له عبد الله وعن جميع أساري المسلمين قال، نعم، قال عبد الله فقلت في نفسي لا أبالى أن أقبّل رأس عدوٍ من أعداء الله يطلق سراحي ومعي أساري المسلمين؛ فقبّل رأسه، فدفع إليه الأسرى،ثمانين أسيراً فقدم بهم على عمر رضي الله عنه؛ فقال عمر:
{ حقٌّ على كل مسلم أن يقبّل رأس عبد الله بن حذافة وأنا أبدأ، فقام عمر فقبّل رأسه }(2)
فانظر إلى عزَّتهم، كيف كانت على الأعداء رفعة لشأن الإسلام، وكيف كانت تلك العزة تذوب بينهم فتصير ماءاً زلالاً لينفعوا بعضهم كما
قال تعالى:( أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ) (54المائدة)
وكان خلفاء المسلمين وحكامهم أعزَّة على الكافرين في أوقات الحرب والسلم، وكانت ملوك الروم والفرس لا تستطيع أن تشرى عزَّة حكام المسلمين بهداياهم، ولا تغريهم أو ترهبهم بما لديهم أياً ما كان وأنتم تعرفون جيداً ما للهدايا من تأثير على الحكام وأصحاب الرأي والنفوذ،واسمعوا
قدم بريد ملك الروم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فاستقرضت زوجة عمر ديناراً، فاشترت به عطراً، وجعلته في قوارير، وبعثت به مع البريد إلى امرأة ملك الروم، فلما تسلمت الهدية، أفرغت القوارير وملأتهن جواهر، وأرسلتها إلى امرأة عمر ثانية، فلما أتاها أفرعتهن على البساط، فدخل عمر t فقال ما هذا فأخبرته، فأخذ عمر الجواهر فباعها، ودفع إلى امرأته ديناراً، وجعل ما بقي من ذلك في بيت المال للمسلمين(3)
فهكذا كانت عزَّتهم وتمسُّكهم بدينهم هكذا كانوا يفعلون بالهدايا التي تهدى لهم وهم فى الإمارة وهكذا علَّموا من وراءهم أن الإمارة ليست مغنماً ولا فرصة حدث ذلك فى وقت عمر ولما اتسع ملك المسلمين، تصرفوا أيضاً بعزَّة الإسلام بما يناسب وقتهم وملكهم، كيف
روى أنه أهدى ملك الروم للخليفة المأمون نفائس لتكون له بها يدٌ عليه، ومنها مئة رطل مسك، ومائة حلة سمور وهى هدايا لا تقدر بثمن وقتها، فقال المأمون أضعفوها له ردُّوا له ضعفها-ليعلم عزَّ الإسلام(4)
وفوق ذلك كانت الحكام والخلفاء يعتزُّون بدينهم وبعلمائهم وبحكمائهم، ولا يسمعون الوشاية فيهم من عدوهم لأنهم يعرفون أنهم يريدون الوقيعة بينهم وبين علمائهم وحكمائهم من أتباعهم فيقتلونهم أو يؤذونهم فيهربوا منهم وينفضوا عنهم وينهى الأمر بأن يذلُّ الحكام بعد أن فقدوا علماءهم وحكماءهم بالحاجة إلي أعدائهم، وبالإستقواء بهم وبعلمهم وبمستشاريهم وهذه للأسف من المصائب التي تعرفونها بوضوح، وقد صار إليها المسلمون اليوم كيف ذلك
حكامنا يستمعون إلى أعدائهم وينتصحون بنصحهم بل يذلُّون أنفسهم بالإستقواء بهم ويبلغون أن يتخلصوا من علمائهم