مصطفى الشاذلي
29 - 11 - 2015, 12:25 PM
يظن الإنسان أنه أدَّى ما عليه لله إذا حافظ على الفرائض في وقتها، وصام شهر رمضان، وتلا القرآن، أو تمسك بالأشياء والسنن الظاهرة، ربَّى لِحْيَتَه، وجعل له عدبة طويلة، واستخدام السواك،
كل هذا خير لكن لابد مع ذلك كله من مكارم الأخلاق ومن حسن المعاملات الإسلامية.
وإلا خبِّروني لو أن تاجراًَ يغِشُّ في وزنه أو في كيله، أو في سعره أو في بضاعته، ويؤدي العمرة في شهر رمضان كل عام، ويحجُّ بيت الله الحرام كل عام، هل ينفع حجُّه وعمرتُه كلا.
لقوله صلى الله عليه وسلم: { لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَه }(1)
وفى الأثر المشهور: { الدين المعاملة }.
فلا يقبل الله من يصلي في الليل ولو ألف ركعة ثم في الصباح لا يتورع عن الكذب ولو في مباح، لأن ديننا لا يعرف كذبة بيضاء وأخرى حمراء أو سوداء،
فقد قال صلى الله عليه وسلم: { إِني لأَمْزَحُ وَلاَ أَقُولُ إِلاَّ حَقّاً }(2)
حتى المزاح لا يكون إلا في الحقِّ وبالحقّ.
عن عبدِ الله بنِ عامرٍ رضي الله عنه قالَ: { جاءَ رسولُ الله بَـيْتَنَا وأَنَا صَبِـيٌّ صغيرٌ، فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ فقالتْ لِـي أُمِّي: يا عبدَ الله تعالَ أُعْطِيكَ، فقالَ رسولُ الله: مَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ، قالتْ: أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ تـمراً، قالَ: أَمَا إِنَّكِ لو لَـمْ تَفْعِلـي لَكُتِبَتْ علـيكِ كِذْبةً }(3)
إن من يستاك بالسواك يفعل فعلاً طيباً، لكن الأطيب منه من يطهر فمه عن الغيبة والنميمة، والسبِّ والشتم، والقذف واللعن
وهذه الأقوال الخبيثة التي تخرج من فِيه، لكن الذي يستاك ثم يسبُّ أو يشتم، أو يلعن أو يغضب، فإنه لم يَدْرِِ الحكمة النبوية من استخدام السواك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ديننا أيها المسلمون الكرام لا يفرق بين ثلاثة أمور: العبادات، والأخلاق، والمعاملات.
فمن قال أنا على خُلُقٍ طيِّب، والمهم طهارة القلب، وتكاسل عن الصلاة نقول له: هذا لا ينفع إذا كان خُلُقُكَ طيباً، وقلبك طاهراً، فلماذا تتباطئ عن نداء الله؟
ولماذا لا تؤدي الصلاة لتفوز برضا الله عزَّ وجلّ، ولا تندم على ذلك يوم القيامة؟
ومن حافظ على الصلاة وارتكب ما لا يَحِِلُّه الله في أخلاقه ومعاملاته مع عباد الله، نقول له: قال صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلاتُهُ عَنِ الفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ لَمْ يَزْدَدْ مِنَ الله إِلاَّ بُعْداً}(4)
فالذي يستبيح الرشوة بحجة أنه يحتاج وأن دخله لا يكفيه نقول له: هذه حجة واهية، والذي يستبيح استغلال الناس بحجة أنه ينفق هذه الأموال على الدعوة الإسلامية، أو طباعة الكتب الدينية، أو نشر الشرائط الإسلامية، نقول له:
قال ****** صلى الله عليه وسلم:
{ إِنَّ الله طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّباً }(5)
والرسول صلى الله عليه وسلم كان هو المثل الأعلى في الأمانة في بعثته وفي هجرته صلى الله عليه وسلم.
قد يقول له البعض: كيف تصل إلى منصب مرموق بدون التزلف والتقرب لكبار المسئولين؟
كان هذا هو الدرس الرابع، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما تمسك بهذه الفضائل حماه الله بأشياء قد لا نعيرها بالاًحماه في الغار بشجرة نبتت فوراً على باب الغار فَسَدَّتْهُ، وأمر العنكبوت الضعيف
{وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } (41-العنكبوت)
أن تنسج على هذه الشجرة بيتاً لها، وكلَّف حمامتين أو يمامتين وحشيتين غير مستأنستين أن تصنعا عشاً في الحال وتبيضا فيه، فَسَتَرَهُ عن الكفار بأشياء لا تخطر على البال
وعندما لَحِقَِ به فارس منهم، والتفت سيدنا أبو بكر وقال: يا رسول الله أدركنا الطلب، فقال:
{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا }(40-التوبة)
سخر الله له الأرض، ونزل الأمين جبريل، وقال: يا محمد، الله عزَّ وجلّ يقرئك السلام ويقول لك: الأرض طوع أمرك فمُرْهَا بِمَا شئت
فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى الفارس وفرسه وقال: يا أرض خذيه، فانشقت الأرض وأمسكت بالفرس وبقدميه أكثر من مرة، والأرض تتلقى الأمر منه صلى الله عليه وسلم لأن الله أعزَّه وأَمَرَ الكُلَّ أن يكون طوع أمره، لأنه تمسك بدين الله وبأخلاق الله، ولم يتنازل قدر أنملة، ولم يتزحزح عن مبدأه طرفة عين ولا أقل.
ثم زاد الله في إكرامه، وزاد الله في إعزازهن لأن من يتمسك بهدى الله يعزُّه الله
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }(8-المنافقون)
فدخل المدينة مُعَزَّزاً مُكَرَّماً
{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (40-الحج)
لنعلم علم اليقين أن الذي يتمسك بهدى الله مهما واجهته الفتن، ومهما تعرض للمحن، ومهما أحاطت به الظروف، لابد أن يؤيده الله ويعزِّه الله وينصره الله، فتلك سنة الله ولن تجد لسنة الله عزَّ وجلّ تبديلاً
(1)رواه البيهقي في سننه وابن حبان في صحيحه عن أنس ورواه الطبراني في الكبير وصاحب مسند الشامين عن أبي أمامة.
(2)رواه الطبراني في الكبير والأوسط عن ابن عمر والخطيب عن أنس.
(3)سنن البيهقى الكبرى .
(4)رواه السيوطي في الفتح الكبير عن ابن عباس.
(5)رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده والدارمي في سننه والترمذي والسيوطي في الفتح الكبير عن أبي هريرة.
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D 8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية الهجرة ويوم عاشوراء} لفضيلة ال*** فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً (http://www.fawzyabuzeid.com/wp-content/uploads/book/Book_Khotab_elhameya_V1_Hegra_wa_Ashouraa.pdf)
https://www.youtube.com/watch?v=CpX9IslnxQw
http://www.fawzyabuzeid.com/wp-a
كل هذا خير لكن لابد مع ذلك كله من مكارم الأخلاق ومن حسن المعاملات الإسلامية.
وإلا خبِّروني لو أن تاجراًَ يغِشُّ في وزنه أو في كيله، أو في سعره أو في بضاعته، ويؤدي العمرة في شهر رمضان كل عام، ويحجُّ بيت الله الحرام كل عام، هل ينفع حجُّه وعمرتُه كلا.
لقوله صلى الله عليه وسلم: { لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَه }(1)
وفى الأثر المشهور: { الدين المعاملة }.
فلا يقبل الله من يصلي في الليل ولو ألف ركعة ثم في الصباح لا يتورع عن الكذب ولو في مباح، لأن ديننا لا يعرف كذبة بيضاء وأخرى حمراء أو سوداء،
فقد قال صلى الله عليه وسلم: { إِني لأَمْزَحُ وَلاَ أَقُولُ إِلاَّ حَقّاً }(2)
حتى المزاح لا يكون إلا في الحقِّ وبالحقّ.
عن عبدِ الله بنِ عامرٍ رضي الله عنه قالَ: { جاءَ رسولُ الله بَـيْتَنَا وأَنَا صَبِـيٌّ صغيرٌ، فَذَهَبْتُ أَلْعَبُ فقالتْ لِـي أُمِّي: يا عبدَ الله تعالَ أُعْطِيكَ، فقالَ رسولُ الله: مَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ، قالتْ: أَرَدْتُ أَنْ أُعْطِيَهُ تـمراً، قالَ: أَمَا إِنَّكِ لو لَـمْ تَفْعِلـي لَكُتِبَتْ علـيكِ كِذْبةً }(3)
إن من يستاك بالسواك يفعل فعلاً طيباً، لكن الأطيب منه من يطهر فمه عن الغيبة والنميمة، والسبِّ والشتم، والقذف واللعن
وهذه الأقوال الخبيثة التي تخرج من فِيه، لكن الذي يستاك ثم يسبُّ أو يشتم، أو يلعن أو يغضب، فإنه لم يَدْرِِ الحكمة النبوية من استخدام السواك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ديننا أيها المسلمون الكرام لا يفرق بين ثلاثة أمور: العبادات، والأخلاق، والمعاملات.
فمن قال أنا على خُلُقٍ طيِّب، والمهم طهارة القلب، وتكاسل عن الصلاة نقول له: هذا لا ينفع إذا كان خُلُقُكَ طيباً، وقلبك طاهراً، فلماذا تتباطئ عن نداء الله؟
ولماذا لا تؤدي الصلاة لتفوز برضا الله عزَّ وجلّ، ولا تندم على ذلك يوم القيامة؟
ومن حافظ على الصلاة وارتكب ما لا يَحِِلُّه الله في أخلاقه ومعاملاته مع عباد الله، نقول له: قال صلى الله عليه وسلم:
{مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلاتُهُ عَنِ الفَحْشَاءِ والمُنْكَرِ لَمْ يَزْدَدْ مِنَ الله إِلاَّ بُعْداً}(4)
فالذي يستبيح الرشوة بحجة أنه يحتاج وأن دخله لا يكفيه نقول له: هذه حجة واهية، والذي يستبيح استغلال الناس بحجة أنه ينفق هذه الأموال على الدعوة الإسلامية، أو طباعة الكتب الدينية، أو نشر الشرائط الإسلامية، نقول له:
قال ****** صلى الله عليه وسلم:
{ إِنَّ الله طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إلاَّ طَيِّباً }(5)
والرسول صلى الله عليه وسلم كان هو المثل الأعلى في الأمانة في بعثته وفي هجرته صلى الله عليه وسلم.
قد يقول له البعض: كيف تصل إلى منصب مرموق بدون التزلف والتقرب لكبار المسئولين؟
كان هذا هو الدرس الرابع، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما تمسك بهذه الفضائل حماه الله بأشياء قد لا نعيرها بالاًحماه في الغار بشجرة نبتت فوراً على باب الغار فَسَدَّتْهُ، وأمر العنكبوت الضعيف
{وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } (41-العنكبوت)
أن تنسج على هذه الشجرة بيتاً لها، وكلَّف حمامتين أو يمامتين وحشيتين غير مستأنستين أن تصنعا عشاً في الحال وتبيضا فيه، فَسَتَرَهُ عن الكفار بأشياء لا تخطر على البال
وعندما لَحِقَِ به فارس منهم، والتفت سيدنا أبو بكر وقال: يا رسول الله أدركنا الطلب، فقال:
{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا }(40-التوبة)
سخر الله له الأرض، ونزل الأمين جبريل، وقال: يا محمد، الله عزَّ وجلّ يقرئك السلام ويقول لك: الأرض طوع أمرك فمُرْهَا بِمَا شئت
فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى الفارس وفرسه وقال: يا أرض خذيه، فانشقت الأرض وأمسكت بالفرس وبقدميه أكثر من مرة، والأرض تتلقى الأمر منه صلى الله عليه وسلم لأن الله أعزَّه وأَمَرَ الكُلَّ أن يكون طوع أمره، لأنه تمسك بدين الله وبأخلاق الله، ولم يتنازل قدر أنملة، ولم يتزحزح عن مبدأه طرفة عين ولا أقل.
ثم زاد الله في إكرامه، وزاد الله في إعزازهن لأن من يتمسك بهدى الله يعزُّه الله
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }(8-المنافقون)
فدخل المدينة مُعَزَّزاً مُكَرَّماً
{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (40-الحج)
لنعلم علم اليقين أن الذي يتمسك بهدى الله مهما واجهته الفتن، ومهما تعرض للمحن، ومهما أحاطت به الظروف، لابد أن يؤيده الله ويعزِّه الله وينصره الله، فتلك سنة الله ولن تجد لسنة الله عزَّ وجلّ تبديلاً
(1)رواه البيهقي في سننه وابن حبان في صحيحه عن أنس ورواه الطبراني في الكبير وصاحب مسند الشامين عن أبي أمامة.
(2)رواه الطبراني في الكبير والأوسط عن ابن عمر والخطيب عن أنس.
(3)سنن البيهقى الكبرى .
(4)رواه السيوطي في الفتح الكبير عن ابن عباس.
(5)رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده والدارمي في سننه والترمذي والسيوطي في الفتح الكبير عن أبي هريرة.
http://www.fawzyabuzeid.com/%D9%83%D8%AA%D8%A8/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%84%D9%87%D8%A7%D9%85%D9%8A%D 8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%AC%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D9%8A%D9%88%D9%85-%D8%B9%D8%A7%D8%B4%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1
منقول من كتاب {الخطب الإلهامية الهجرة ويوم عاشوراء} لفضيلة ال*** فوزي محمد أبوزيد
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً (http://www.fawzyabuzeid.com/wp-content/uploads/book/Book_Khotab_elhameya_V1_Hegra_wa_Ashouraa.pdf)
https://www.youtube.com/watch?v=CpX9IslnxQw
http://www.fawzyabuzeid.com/wp-a