ابولمى
28 - 7 - 2004, 04:14 AM
السلام عليكم
د. عائض القرني
في البداية أحييكم بتحية أهل الإسلام (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).. وهو عنوان هذه الزاوية.. وإنما اخترت هذه الجملة لأنها مصدر الأمن والسلم.. *****لم من سلم المسلمون من لسانه ويده..
فإذا قلتَ السلام عليكم.. فقد أمَّنت من سلمت عليه من الأذى.. وأعطيته عهداً على أن لا تؤذيه فهو مأمون الدم والعرض والمال.
ما أحسن أن نعيش هذه الجملة بقلوبنا.. ونجعلها في حياتنا منهجاً وخلقاً عملياً.
إن (السلام عليكم) هي باقة حب ورسالة ودٍّ وميثاق شرف..
إذا قلتها فقد رفعت الراية البيضاء بينك وبين إخوانك، وللأسف الكثير من يقول السلام عليكم.. ولكن قلبه يخالفها بكرهه وحقده حسده..
فلماذا لا تكون قلوبنا سليمة من الضغينة والكبر والبغضاء؟
دعونا نتحاب..
دعونا نتصالح..
دعونا نتآخى حتى نحقق (السلام عليكم).
***
قبل أن تموت أرجوك أن تموت الآن دقيقة واحدة، أغلق عينيك، تفكر في جنازتك وأنت على النعش، شارك المشيعين، ماذا تريد أن تكون عليه بعد الموت؟ كن عليه الآن، صحح أخطاءك، حسن خلقك، تب من معاصيك، افتح صفحة جديدة من حسن السيرة والسلوك، اغسل قلبك من الأحقاد، نظّف ضميرك من الخيانة، إنك سوف تذكر بما فعلت، فالخلق أقلام الحق، والناس شهداء الله في أرضه، إن أثنوا عليك خيراً فهي شهادة مقبولة عن الواحد الأحد، وإن أثنوا عليك شراً فوا حسرتاه ماذا ينتظرك؟
إننا في ميدان السباق ولكننا لاهون وليس لنا أمام هذا الصخب والضجيج الذي أذهلنا عن الآخرة إلا أن نموت فقط كل يوم دقيقة واحدة، ستين ثانية.. فنتدبر ونتفكر ونتوب ونصلح من أعمالنا، إن من يعيش هذه الدقيقة كل يوم سوف يعود إنسانا سوياً، محباً للخير، نافعاً للناس، كريماً حليماً رحيماً متسامحاً، والذي ينسى الموت سوف يعيش الغفلة ولا يراقب ربه ولا يحاسب نفسه.
***
ما أحوجنا إلى السلام الداخلي وهو مصالحة الإنسان مع نفسه، وقد أشار إلى ذلك صاحب كتاب (لا تهتم بصغائر الأمور) لمؤلفه ريتشارد كارل سون.. ولكن الإسلام أصل هذه المسألة من قبل.. والمقصود ألا يجعل الإنسان قلبه مستعمرة للأضغان والأحقاد وأن يجعله روضة خضراء من الحب والإيمان.. فيه من كل زوج بهيج من فضائل الأخلاق.
يا حسرة على من ملأ قلبه بالغل والحقد والغش والحسد حتى أصبح خرابة استوطنتها الحيّات والعقارب.
إن علينا أن نرحم أنفسنا قبل الناس من هذه الحروب الطاحنة في ذواتنا والتي لا يكتوي بها غيرنا.
لماذا لا نحرر أنفسنا من عقدة المؤامرة؟.. فبعضنا يعتقد أن الناس متأمرون عليه ويحبكون له الخطط وهو وحده الطيب المسالم.. وهذا هراء، فالناس مذاهب شتى والخير كثير والطيبون في كل مكان.
انظر إلى الزهرة ولا تنظر إلى شوكها، وطالع النجوم ولا تنشغل بالظلام.
ولكن:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم
***
هذه تحية من الله للصابرين الذين يؤدون عملهم بصبر، ويقومون بالطاعة بصبر، ويجتنبون المعاصي بصبر، ويستقبلون القضاء المر بصبر.
ما أجمل الصبر وما أعظم الصابرين.. نحن بحاجة إلى صبر {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا}، بحاجة إلى هذا الزاد الذي هو أغلى من كل زاد... صبر في طريق الحياة الطويل الشاق... صبر على جفاء القريب.. وتجهّم العدو.. وعقوق الابن.. وهجر الصاحب.. وكراهية الحاسد.. وتشفّي الشامت.
صبر على بؤس الفقر.. وألم المرض.. وصلف المتكبّر.. وسوء أدب الجاهل.
إذا سمعت كلمة نابية فصك سمعك. فاصبر لتتحول إلى قصيدة عصماء من الثناء.. إذا هجاك سفيه.. ونال عرضك رعديد فاصبر.. لتخلع عليك أوسمة المدح الأبدي.
اصبر إذا تأخر المطلوب.. وقلّ المساعد.. وتعطّل المقصود وتأخر الطلب..
اصبر على هذه الحياة في الدنيا التي كُدّرت بالمنغّصات.. ومُزجت بالمكروهات..
كما قال الحريري:
دار متى ما أضحكت في يومها
أبكت غداً قبحاً لها من دار
إخوتي: من عنده صبر فقد ملك أغلى كنز في العالم.. وأعظم ثروة في الدنيا، فتجده راضياً باسماً حليماً.. يضحك في وجه الأزمات.. يبتسم وهو في عين العاصفة.. يهشّ وهو في جفن الردى.. فالصبر حبيب الله.. لأن الله يحب الصابرين.
د. عائض القرني
في البداية أحييكم بتحية أهل الإسلام (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).. وهو عنوان هذه الزاوية.. وإنما اخترت هذه الجملة لأنها مصدر الأمن والسلم.. *****لم من سلم المسلمون من لسانه ويده..
فإذا قلتَ السلام عليكم.. فقد أمَّنت من سلمت عليه من الأذى.. وأعطيته عهداً على أن لا تؤذيه فهو مأمون الدم والعرض والمال.
ما أحسن أن نعيش هذه الجملة بقلوبنا.. ونجعلها في حياتنا منهجاً وخلقاً عملياً.
إن (السلام عليكم) هي باقة حب ورسالة ودٍّ وميثاق شرف..
إذا قلتها فقد رفعت الراية البيضاء بينك وبين إخوانك، وللأسف الكثير من يقول السلام عليكم.. ولكن قلبه يخالفها بكرهه وحقده حسده..
فلماذا لا تكون قلوبنا سليمة من الضغينة والكبر والبغضاء؟
دعونا نتحاب..
دعونا نتصالح..
دعونا نتآخى حتى نحقق (السلام عليكم).
***
قبل أن تموت أرجوك أن تموت الآن دقيقة واحدة، أغلق عينيك، تفكر في جنازتك وأنت على النعش، شارك المشيعين، ماذا تريد أن تكون عليه بعد الموت؟ كن عليه الآن، صحح أخطاءك، حسن خلقك، تب من معاصيك، افتح صفحة جديدة من حسن السيرة والسلوك، اغسل قلبك من الأحقاد، نظّف ضميرك من الخيانة، إنك سوف تذكر بما فعلت، فالخلق أقلام الحق، والناس شهداء الله في أرضه، إن أثنوا عليك خيراً فهي شهادة مقبولة عن الواحد الأحد، وإن أثنوا عليك شراً فوا حسرتاه ماذا ينتظرك؟
إننا في ميدان السباق ولكننا لاهون وليس لنا أمام هذا الصخب والضجيج الذي أذهلنا عن الآخرة إلا أن نموت فقط كل يوم دقيقة واحدة، ستين ثانية.. فنتدبر ونتفكر ونتوب ونصلح من أعمالنا، إن من يعيش هذه الدقيقة كل يوم سوف يعود إنسانا سوياً، محباً للخير، نافعاً للناس، كريماً حليماً رحيماً متسامحاً، والذي ينسى الموت سوف يعيش الغفلة ولا يراقب ربه ولا يحاسب نفسه.
***
ما أحوجنا إلى السلام الداخلي وهو مصالحة الإنسان مع نفسه، وقد أشار إلى ذلك صاحب كتاب (لا تهتم بصغائر الأمور) لمؤلفه ريتشارد كارل سون.. ولكن الإسلام أصل هذه المسألة من قبل.. والمقصود ألا يجعل الإنسان قلبه مستعمرة للأضغان والأحقاد وأن يجعله روضة خضراء من الحب والإيمان.. فيه من كل زوج بهيج من فضائل الأخلاق.
يا حسرة على من ملأ قلبه بالغل والحقد والغش والحسد حتى أصبح خرابة استوطنتها الحيّات والعقارب.
إن علينا أن نرحم أنفسنا قبل الناس من هذه الحروب الطاحنة في ذواتنا والتي لا يكتوي بها غيرنا.
لماذا لا نحرر أنفسنا من عقدة المؤامرة؟.. فبعضنا يعتقد أن الناس متأمرون عليه ويحبكون له الخطط وهو وحده الطيب المسالم.. وهذا هراء، فالناس مذاهب شتى والخير كثير والطيبون في كل مكان.
انظر إلى الزهرة ولا تنظر إلى شوكها، وطالع النجوم ولا تنشغل بالظلام.
ولكن:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم
***
هذه تحية من الله للصابرين الذين يؤدون عملهم بصبر، ويقومون بالطاعة بصبر، ويجتنبون المعاصي بصبر، ويستقبلون القضاء المر بصبر.
ما أجمل الصبر وما أعظم الصابرين.. نحن بحاجة إلى صبر {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا}، بحاجة إلى هذا الزاد الذي هو أغلى من كل زاد... صبر في طريق الحياة الطويل الشاق... صبر على جفاء القريب.. وتجهّم العدو.. وعقوق الابن.. وهجر الصاحب.. وكراهية الحاسد.. وتشفّي الشامت.
صبر على بؤس الفقر.. وألم المرض.. وصلف المتكبّر.. وسوء أدب الجاهل.
إذا سمعت كلمة نابية فصك سمعك. فاصبر لتتحول إلى قصيدة عصماء من الثناء.. إذا هجاك سفيه.. ونال عرضك رعديد فاصبر.. لتخلع عليك أوسمة المدح الأبدي.
اصبر إذا تأخر المطلوب.. وقلّ المساعد.. وتعطّل المقصود وتأخر الطلب..
اصبر على هذه الحياة في الدنيا التي كُدّرت بالمنغّصات.. ومُزجت بالمكروهات..
كما قال الحريري:
دار متى ما أضحكت في يومها
أبكت غداً قبحاً لها من دار
إخوتي: من عنده صبر فقد ملك أغلى كنز في العالم.. وأعظم ثروة في الدنيا، فتجده راضياً باسماً حليماً.. يضحك في وجه الأزمات.. يبتسم وهو في عين العاصفة.. يهشّ وهو في جفن الردى.. فالصبر حبيب الله.. لأن الله يحب الصابرين.