ابولمى
2 - 8 - 2004, 05:39 AM
مراكز الباصات الصيفية
علي سعد الموسى
أقفلت المراكز الصيفية في استراحة لإعادة الحسابات وبرمجة الأهداف وتأهيل المشرفين, فعادت إلينا في صورة أخرى لا تقل خطورة, بل أكثر خطورة من الوضع السابق. عادت إلينا عبر الرحلات الجماعية المكثفة التي تطوعت بها المدارس الخاصة والعامة, أقفلت من المدارس التي كانت حاوية لهذه المراكز تحت السمع والبصر فعادت إلينا عبر الباصات المكدسة بمئات الشباب اليافعين الذين سلمناهم من "الحراز للبراز" كما يقول مثلنا الجبلي الشعبي. أخذناهم من دائرة الرسمي إلى غير الرسمي ونقلناهم من المواقع التي كان بالإمكان الإشراف عليها ومتابعتها إلى المكامن التي لا يمكن أن تخضع لإشراف أو متابعة. أسئلة كثيرة: الأول: لماذا نحن شعب بارع في التحايل على القوانين والأنظمة ومبدعون حد الخيال في اختلاق البدائل رغم كل هذا التحذير مما قد تتسبب فيه هذه المعسكرات أو بعضها حين راح بعض أبنائنا ضحية لأهل المقاصد الخاصة؟ ما كتبه الإعلام وخطه يراع المسؤول عن هذه المعسكرات قد يكون به شيء من المبالغة. لكن الحقيقة تبقى أن هناك شيئاً من الحقيقة في كل ما قيل وأن الرماد لا يمكن له أن يكون من غير نار, فلماذا المغامرة بالأبناء في مخاطرة تبدو على الأقل مجهولة وغير مضمونة النتائج؟. الثاني: أي قلب يحمله بعض أولياء الأمور حين يسمعون بكل هذا التجييش وغسيل الأدمغة الذي يتعرض له الأبناء, لا في مراكزنا الصيفية فحسب, بل في الشيء الكثير من تجمعاتنا الشبابية, ومع هذا يغمضون العين وكأنهم يريدون التخلص وقتياً لفترة الصيف من أعز ما يمتلكون. لم أفهم حتى اللحظة كيف يسمح أب لابنه الذي لم يتعد المرحلة المتوسطة, بل أحياناً, لم يصلها بعد أن يذهب بعيداً عن عينيه في رحلات خلوية طويلة تبعد مئات الأميال عن منزله وفي تجمعات مع شباب آخر بعضهم يكبر ابنه سناً بعقد كامل. المسألة أخطر من حصرها في قضية فكرية, بل هي تبعات اجتماعية وتربوية وأخرى لا يصح أن نذكرها في مقال. أنا في الأصل مع المراكز الصيفية المحددة مسبقاً في المكان والزمان والأهداف والبرامج وأنا معها بكثير من الترشيد والمتابعة والإشراف. أنا دوماً أقف مع الضوء والشمس والأبواب المفتوحة والنوافذ الواسعة, وكتبت مع هذه المراكز بالإيجاب وطالبت أن يكون الإشراف عليها واضحاً لا يمنح الثقة في فريق ويحجبها عن الآخر. أنا هنا أعلن أن هذه المراكز كانت ضحية الآراء الأحادية التي لا تظن أن في الكون جملة تنافس جملتها ولا لغة أبلغ من لغتها, وأنا هنا أعلن أن الرأي الأحادي كان ضحية هائلة لنفسه أولاً وجر معه إلى "التضحية" كثيراً من أعمالنا النبيلة التي دخلت دائرة الشك تحت وطأة احتكار اليقين وكأن الآراء الأخرى مجرد أعشاش للدبابير أو جحور للأفاعي السامة. السؤال البدهي: لماذا الإصرار على التخلص من أبنائنا وإخراجهم من دوائرنا الأسرية مع كل اجازة؟ ولماذا الإصرار أيضاً على إشغالهم طوال العام وكأنهم يقضون عقوبة مع الشغل والنفاذ؟ ولماذا نصر على أن غيرنا أقدر وأفضل منّا في ملء أوقات فراغهم حتى لو حشرناهم في باص مدرسي جماعي لا نعرف ما الذي يستمعون إليه وماذا يقال لهم فيه وما هو برنامجهم خلال انتقالاته من مكان لآخر وكأن المهم لدينا ألا يكونوا معنا في منازلنا طوال الإجازة
http://www.alwatan.com.sa/daily/2**4-08-02/writers/writers01.htm
علي سعد الموسى
أقفلت المراكز الصيفية في استراحة لإعادة الحسابات وبرمجة الأهداف وتأهيل المشرفين, فعادت إلينا في صورة أخرى لا تقل خطورة, بل أكثر خطورة من الوضع السابق. عادت إلينا عبر الرحلات الجماعية المكثفة التي تطوعت بها المدارس الخاصة والعامة, أقفلت من المدارس التي كانت حاوية لهذه المراكز تحت السمع والبصر فعادت إلينا عبر الباصات المكدسة بمئات الشباب اليافعين الذين سلمناهم من "الحراز للبراز" كما يقول مثلنا الجبلي الشعبي. أخذناهم من دائرة الرسمي إلى غير الرسمي ونقلناهم من المواقع التي كان بالإمكان الإشراف عليها ومتابعتها إلى المكامن التي لا يمكن أن تخضع لإشراف أو متابعة. أسئلة كثيرة: الأول: لماذا نحن شعب بارع في التحايل على القوانين والأنظمة ومبدعون حد الخيال في اختلاق البدائل رغم كل هذا التحذير مما قد تتسبب فيه هذه المعسكرات أو بعضها حين راح بعض أبنائنا ضحية لأهل المقاصد الخاصة؟ ما كتبه الإعلام وخطه يراع المسؤول عن هذه المعسكرات قد يكون به شيء من المبالغة. لكن الحقيقة تبقى أن هناك شيئاً من الحقيقة في كل ما قيل وأن الرماد لا يمكن له أن يكون من غير نار, فلماذا المغامرة بالأبناء في مخاطرة تبدو على الأقل مجهولة وغير مضمونة النتائج؟. الثاني: أي قلب يحمله بعض أولياء الأمور حين يسمعون بكل هذا التجييش وغسيل الأدمغة الذي يتعرض له الأبناء, لا في مراكزنا الصيفية فحسب, بل في الشيء الكثير من تجمعاتنا الشبابية, ومع هذا يغمضون العين وكأنهم يريدون التخلص وقتياً لفترة الصيف من أعز ما يمتلكون. لم أفهم حتى اللحظة كيف يسمح أب لابنه الذي لم يتعد المرحلة المتوسطة, بل أحياناً, لم يصلها بعد أن يذهب بعيداً عن عينيه في رحلات خلوية طويلة تبعد مئات الأميال عن منزله وفي تجمعات مع شباب آخر بعضهم يكبر ابنه سناً بعقد كامل. المسألة أخطر من حصرها في قضية فكرية, بل هي تبعات اجتماعية وتربوية وأخرى لا يصح أن نذكرها في مقال. أنا في الأصل مع المراكز الصيفية المحددة مسبقاً في المكان والزمان والأهداف والبرامج وأنا معها بكثير من الترشيد والمتابعة والإشراف. أنا دوماً أقف مع الضوء والشمس والأبواب المفتوحة والنوافذ الواسعة, وكتبت مع هذه المراكز بالإيجاب وطالبت أن يكون الإشراف عليها واضحاً لا يمنح الثقة في فريق ويحجبها عن الآخر. أنا هنا أعلن أن هذه المراكز كانت ضحية الآراء الأحادية التي لا تظن أن في الكون جملة تنافس جملتها ولا لغة أبلغ من لغتها, وأنا هنا أعلن أن الرأي الأحادي كان ضحية هائلة لنفسه أولاً وجر معه إلى "التضحية" كثيراً من أعمالنا النبيلة التي دخلت دائرة الشك تحت وطأة احتكار اليقين وكأن الآراء الأخرى مجرد أعشاش للدبابير أو جحور للأفاعي السامة. السؤال البدهي: لماذا الإصرار على التخلص من أبنائنا وإخراجهم من دوائرنا الأسرية مع كل اجازة؟ ولماذا الإصرار أيضاً على إشغالهم طوال العام وكأنهم يقضون عقوبة مع الشغل والنفاذ؟ ولماذا نصر على أن غيرنا أقدر وأفضل منّا في ملء أوقات فراغهم حتى لو حشرناهم في باص مدرسي جماعي لا نعرف ما الذي يستمعون إليه وماذا يقال لهم فيه وما هو برنامجهم خلال انتقالاته من مكان لآخر وكأن المهم لدينا ألا يكونوا معنا في منازلنا طوال الإجازة
http://www.alwatan.com.sa/daily/2**4-08-02/writers/writers01.htm