ابولمى
6 - 9 - 2004, 05:25 AM
لقد مرت مؤسسات إعداد المعلمين التابعة لوزارة التربية والتعليم سواء للبنين أو البنات بمراحل تطويرية مختلفة، فالمتتبع لمراحل تطور كليات المعلمين يلاحظ أنه قبل حوالي ثلاثين سنة لم يكن هناك كليات معلمين، بل كان هناك معاهد إعداد معلمين تقبل الطلاب بعد المرحلة المتوسطة وشهادتها تعادل الشهادة الثانوية، واستمرت هذه المعاهد في تخريج أعداد من معلمي المرحلة الابتدائية نظراً للحاجة إلى المعلمين السعوديين، وبعد أن تم تخريج أعداد من معلمي المرحلة الابتدائية تم تقليص أعداد هذه المعاهد، والتوجه إلى افتتاح الكليات المتوسطة حيث تم افتتاح أول كلية متوسطة عام 1395هـ لتقبل الطلاب بعد المرحلة الثانوية، وتمنح شهادة دبلوم الكلية المتوسطة، واستمرت هذه الكليات في إعداد معلمي المرحلة الابتدائية حتى صدور قرار تحويل هذه الكليات إلى كليات معلمين عام 1407هـ، وهذه الكليات تمنح درجة البكالوريوس في أربع سنوات، وفي تخصصات مختلفة، وبدأت كليات المعلمين في تخريج أعداد من المعلمين، وتم توظيفهم للتدريس في المرحلة الابتدائية، وبعد ذلك تم توجيه بعض خريجيها للتدريس في المرحلتين المتوسطة والثانوية مع أن أهداف هذه الكليات واضحة ومحددة في إعداد معلمي المرحلة الابتدائية. ثم بدأت في تطوير برامجها بحيث تركز على التخصصات أو ما يعرف بالمسارات، وتمت إضافة بعض الأقسام العلمية في بعض كليات المعلمين، وفي الأعوام الماضية كانت وزارة التربية والتعليم تستوعب جميع خريجي هذه الكليات، ويتم توظيفهم على الوظائف التعليمية، وفي العام الحالي بدأ خريجو كليات المعلمين يدخلون في المفاضلة مع المتقدمين الآخرين من خريجي الكليات التربوية بالجامعات السعودية.
ولقد تطلع المسؤولون عن إعداد المعلم بالمملكة إلى توحيد الجهود والتخلي عن الازدواجية في هذا المجال، وتمت دراسات موسعة حول هذا الموضوع، وتوجت نتائج هذه الدراسات بصدور قرار مجلس الوزراء الموقر بضم كليات المعلمين والمعلمات لوزارة التعليم العالي، وهذا القرار قد أعطى وزارة التربية والتعليم الفرصة للتركيز على همها الأول المتمثل في التعليم العام وتطويره والرقي به.
مع أن الجهود التي قامت بها وزارة التربية والتعليم في مجال كليات المعلمين واضحة ومقدرة، إلا أن المرحلة التي أنشئت فيها هذه الكليات كان لها ظروفها. أما في الوقت الحاضر فقد تحققت نسب عالية في سعودة الوظائف التعليمية في كثير من التخصصات، ومن الضروري أن تكون مؤسسات إعداد المعلم تحت مظلة واحدة لضمان استمرار تطوير برامجها بما يلبي حاجات سوق العمل ويضمن الجودة في المخرجات.
ولقد تابعت ما كُتب في الصحف المحلية حول قرار مجلس الوزراء بهذا الخصوص، ولاحظت أن هناك تفاوتاً كبيراً في وجهات النظر حيال مستقبل مؤسسات إعداد المعلم. وكان هناك اقتراحات عديدة ومنها أن يتم نقل وكالة كليات المعلمين من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة التعليم العالي ويبقى كل شيء على ما هو عليه، وهنا أقول: "كأنك يا بو زيد ما غزيت" . وما ذا استفدنا ؟ وهناك وجهة نظر أخرى تنادي بتأسيس جامعة تربوية تعنى بمؤسسات إعداد المعلم، وتكون مسؤولة عنها في جميع مناطق المملكة، وهذا الاقتراح لا يخرج أو لا يبعد كثيراً عن الاقتراح الأول، وأعتقد أنه لن يخدم هذه المؤسسات بالشكل المطلوب. وهناك وجهة نظر أخرى طُرحت تركز على دمج كليات المعلمين في الجامعات القريبة منها، ويكون هذا الدمج إداريا ومالياً وتكون مستقلة أكاديميا، وهنا أرى أنه إذا كان هناك كلية للتربية في الجامعة التي ستلحق بها كلية المعلمين فيتم دمج الأقسام المتناظرة، وتتم دراسة وتقييم وضع الأقسام الأخرى ومدى حاجة سوق العمل لمخرجاتها، فإذا كانت هذه التخصصات يحتاجها سوق العمل فيتم تطوير خططها الأكاديمية بما يتوافق مع معطيات الوقت الحاضر، وإذا كان غير ذلك فيتم إيقاف القبول بها والاستفادة من إمكاناتها المختلفة في الأقسام التي بها حاجة في كلية التربية أو الجامعة.
وأما عن كيفية دمج أقسام كلية المعلمين في أقسام كلية التربية، فهي عملية سهلة من خلال افتتاح برنامج موجه لإعداد معلمي المرحلة الابتدائية، وهذا البرنامج يكون له أهداف واضحة، ومحدودة، وله خطة أكاديمية تناسب الأهداف، وتعمل على إعداد معلم المرحلة الابتدائية بمستوى يضمن مواكبته للتطورات التي نعيشها في وقتنا الحاضر، كما يكون هناك برنامج موجه لإعداد معلمي المرحلتين المتوسطة والثانوية، وهذه البرامج والأقسام التربوية الأخرى بكلية التربية تكون تحت مظلة كلية تربوية وتسمى كلية العلوم التربوية بدلاً من كلية التربية.
وإذا لم يكن هناك كلية تربية بالجامعة القريبة من كلية المعلمين فيتم ضم هذه الكلية تحت مظلة هذه الجامعة، ويتم إعادة هيكلة أقسامها وتطوير خططها بما يخدم سوق العمل،وتفتح فيها برامج لإعداد المعلمين لجميع مراحل التعليم العام. أما الكليات التي في مدن أو محافظات بعيدة عن الجامعات فيحتاج وضعها لدراسة متعمقة تدور حول أهمية استمرار هذه الكليات، وهنا يمكن استمرار هذه الكليات مع تطوير برامجها بما يضمن الجودة لمخرجاتها، وتكون هذه الكلية فرعاً لأقرب جامعة في المنطقة، وإذا كانت نتيجة الدراسة تؤكد على عدم الحاجة إلى استمرار هذه الكلية فمن المناسب العمل على وقف القبول بها وضم إمكاناتها المختلفة لأقرب جامعة تخدم المنطقة ومحافظاتها. وقد يقول البعض إن هذه الكلية تخدم الطلاب في مواقع قريبة من أهليهم وتضمن لهم التعليم الجامعي، وهنا أتساءل عن الفرق بين الكليات العلمية وكلية التربية، فكلية الهندسة أو غيرها من الكليات العلمية يسافر لها الطلاب ويدرسون بها، فإذا كان الطالب لديه ميول واتجاهات قوية نحو الالتحاق بكلية تربوية فسوف يقوم بقطع المسافات، ويلتحق بها، فلا فرق بينها وبين الكليات الأخرى.
وفيما يتعلق بكليات التربية للبنات أو كليات إعداد المعلمات وضمها لوزارة التعليم العالي، ونظراً لما لطبيعة تعليم الفتاة من خصوصية في مجتمعنا فإن ذلك يحتم على وزارة التعليم العالي دراسة هذا الموضوع دراسة متأنية والعمل على إيجاد استراتيجيات أو آليات تناسب تعليم الفتاة في المرحلة الجامعية، وتناسب تنقلها من المدينة أو المحافظة التي تسكنها إلى أماكن بعيدة عنها لمواصلة تعليمها، وقد يكون من المناسب أن يكون هناك جامعة للبنات في المناطق الكبيرة أسوة بجامعة البنات في الرياض بحيث تكون هذه الكليات تحت مظلة هذه الجامعات، ويتم افتتاح كليات علمية للبنات بما يتناسب مع حاجة سوق العمل أيضا، كما يمكن أن تستمر بعض الكليات كفروع لجامعة البنات في هذه المناطق، وقد يمكن أيضاً دمج كليات التربية للبنات مع كليات التربية للبنين في الجامعات السعودية، ويكون هذا الدمج إداريا ومالياً، ويتم تطوير البرامج الأكاديمية بما يخدم أهداف هذه الكليات، ويضمن جودة المخرجات.
وهذا التحول الكبير في تاريخ مؤسسات إعداد المعلم يعد نقلة نوعية لهذه المؤسسات، فلقد تم التخلص من الازدواجية في إعداد المعلم، وأصبحت وزارة التعليم العالي مسؤولة عن إعداد المعلم وهذه المسؤولية كبيرة، والتوقعات منها عالية في هذا المجال من حيث تطوير برامجها الأكاديمية، وتعديل أساليب القبول بها لضمان أن جميع من يلتحق بها لديه رغبة حقيقية في العمل في مجال التربية والتعليم. كما يتوقع من وزارة التعليم العالي أن تنسق بدرجة كبيرة مع وزارة التربية والتعليم في مجال الاحتياجات المستقبلية من المعلمين في مختلف المراحل (التخصصات، والأعداد)، ومن ثم يتم توجيه سياسات القبول بما يحقق هذه الاحتياجات.
كما أن فرصة وزارة التربية والتعليم أصبحت أكبر في التركيز على تطوير التعليم العام بمختلف مراحله، فالمعلم يحتاج إلى تدريب مكثف وهو على رأس العمل، والمناهج تحتاج إلى تطوير حقيقي بدلاً من التطوير الشكلي الذي نسمع عنه أو نقرأ عنه في كثير من التصريحات، والمباني المدرسية تحتاج إلى دراسة لاستبدال المباني المستأجرة بمبان أخرى حكومية، والعمل على تعزيز النشاطات التربوية التي يتطلع إليها المجتمع.
عامر بن عبدالله الشهراني*
*أكاديمي وكاتب سعودي
ولقد تطلع المسؤولون عن إعداد المعلم بالمملكة إلى توحيد الجهود والتخلي عن الازدواجية في هذا المجال، وتمت دراسات موسعة حول هذا الموضوع، وتوجت نتائج هذه الدراسات بصدور قرار مجلس الوزراء الموقر بضم كليات المعلمين والمعلمات لوزارة التعليم العالي، وهذا القرار قد أعطى وزارة التربية والتعليم الفرصة للتركيز على همها الأول المتمثل في التعليم العام وتطويره والرقي به.
مع أن الجهود التي قامت بها وزارة التربية والتعليم في مجال كليات المعلمين واضحة ومقدرة، إلا أن المرحلة التي أنشئت فيها هذه الكليات كان لها ظروفها. أما في الوقت الحاضر فقد تحققت نسب عالية في سعودة الوظائف التعليمية في كثير من التخصصات، ومن الضروري أن تكون مؤسسات إعداد المعلم تحت مظلة واحدة لضمان استمرار تطوير برامجها بما يلبي حاجات سوق العمل ويضمن الجودة في المخرجات.
ولقد تابعت ما كُتب في الصحف المحلية حول قرار مجلس الوزراء بهذا الخصوص، ولاحظت أن هناك تفاوتاً كبيراً في وجهات النظر حيال مستقبل مؤسسات إعداد المعلم. وكان هناك اقتراحات عديدة ومنها أن يتم نقل وكالة كليات المعلمين من وزارة التربية والتعليم إلى وزارة التعليم العالي ويبقى كل شيء على ما هو عليه، وهنا أقول: "كأنك يا بو زيد ما غزيت" . وما ذا استفدنا ؟ وهناك وجهة نظر أخرى تنادي بتأسيس جامعة تربوية تعنى بمؤسسات إعداد المعلم، وتكون مسؤولة عنها في جميع مناطق المملكة، وهذا الاقتراح لا يخرج أو لا يبعد كثيراً عن الاقتراح الأول، وأعتقد أنه لن يخدم هذه المؤسسات بالشكل المطلوب. وهناك وجهة نظر أخرى طُرحت تركز على دمج كليات المعلمين في الجامعات القريبة منها، ويكون هذا الدمج إداريا ومالياً وتكون مستقلة أكاديميا، وهنا أرى أنه إذا كان هناك كلية للتربية في الجامعة التي ستلحق بها كلية المعلمين فيتم دمج الأقسام المتناظرة، وتتم دراسة وتقييم وضع الأقسام الأخرى ومدى حاجة سوق العمل لمخرجاتها، فإذا كانت هذه التخصصات يحتاجها سوق العمل فيتم تطوير خططها الأكاديمية بما يتوافق مع معطيات الوقت الحاضر، وإذا كان غير ذلك فيتم إيقاف القبول بها والاستفادة من إمكاناتها المختلفة في الأقسام التي بها حاجة في كلية التربية أو الجامعة.
وأما عن كيفية دمج أقسام كلية المعلمين في أقسام كلية التربية، فهي عملية سهلة من خلال افتتاح برنامج موجه لإعداد معلمي المرحلة الابتدائية، وهذا البرنامج يكون له أهداف واضحة، ومحدودة، وله خطة أكاديمية تناسب الأهداف، وتعمل على إعداد معلم المرحلة الابتدائية بمستوى يضمن مواكبته للتطورات التي نعيشها في وقتنا الحاضر، كما يكون هناك برنامج موجه لإعداد معلمي المرحلتين المتوسطة والثانوية، وهذه البرامج والأقسام التربوية الأخرى بكلية التربية تكون تحت مظلة كلية تربوية وتسمى كلية العلوم التربوية بدلاً من كلية التربية.
وإذا لم يكن هناك كلية تربية بالجامعة القريبة من كلية المعلمين فيتم ضم هذه الكلية تحت مظلة هذه الجامعة، ويتم إعادة هيكلة أقسامها وتطوير خططها بما يخدم سوق العمل،وتفتح فيها برامج لإعداد المعلمين لجميع مراحل التعليم العام. أما الكليات التي في مدن أو محافظات بعيدة عن الجامعات فيحتاج وضعها لدراسة متعمقة تدور حول أهمية استمرار هذه الكليات، وهنا يمكن استمرار هذه الكليات مع تطوير برامجها بما يضمن الجودة لمخرجاتها، وتكون هذه الكلية فرعاً لأقرب جامعة في المنطقة، وإذا كانت نتيجة الدراسة تؤكد على عدم الحاجة إلى استمرار هذه الكلية فمن المناسب العمل على وقف القبول بها وضم إمكاناتها المختلفة لأقرب جامعة تخدم المنطقة ومحافظاتها. وقد يقول البعض إن هذه الكلية تخدم الطلاب في مواقع قريبة من أهليهم وتضمن لهم التعليم الجامعي، وهنا أتساءل عن الفرق بين الكليات العلمية وكلية التربية، فكلية الهندسة أو غيرها من الكليات العلمية يسافر لها الطلاب ويدرسون بها، فإذا كان الطالب لديه ميول واتجاهات قوية نحو الالتحاق بكلية تربوية فسوف يقوم بقطع المسافات، ويلتحق بها، فلا فرق بينها وبين الكليات الأخرى.
وفيما يتعلق بكليات التربية للبنات أو كليات إعداد المعلمات وضمها لوزارة التعليم العالي، ونظراً لما لطبيعة تعليم الفتاة من خصوصية في مجتمعنا فإن ذلك يحتم على وزارة التعليم العالي دراسة هذا الموضوع دراسة متأنية والعمل على إيجاد استراتيجيات أو آليات تناسب تعليم الفتاة في المرحلة الجامعية، وتناسب تنقلها من المدينة أو المحافظة التي تسكنها إلى أماكن بعيدة عنها لمواصلة تعليمها، وقد يكون من المناسب أن يكون هناك جامعة للبنات في المناطق الكبيرة أسوة بجامعة البنات في الرياض بحيث تكون هذه الكليات تحت مظلة هذه الجامعات، ويتم افتتاح كليات علمية للبنات بما يتناسب مع حاجة سوق العمل أيضا، كما يمكن أن تستمر بعض الكليات كفروع لجامعة البنات في هذه المناطق، وقد يمكن أيضاً دمج كليات التربية للبنات مع كليات التربية للبنين في الجامعات السعودية، ويكون هذا الدمج إداريا ومالياً، ويتم تطوير البرامج الأكاديمية بما يخدم أهداف هذه الكليات، ويضمن جودة المخرجات.
وهذا التحول الكبير في تاريخ مؤسسات إعداد المعلم يعد نقلة نوعية لهذه المؤسسات، فلقد تم التخلص من الازدواجية في إعداد المعلم، وأصبحت وزارة التعليم العالي مسؤولة عن إعداد المعلم وهذه المسؤولية كبيرة، والتوقعات منها عالية في هذا المجال من حيث تطوير برامجها الأكاديمية، وتعديل أساليب القبول بها لضمان أن جميع من يلتحق بها لديه رغبة حقيقية في العمل في مجال التربية والتعليم. كما يتوقع من وزارة التعليم العالي أن تنسق بدرجة كبيرة مع وزارة التربية والتعليم في مجال الاحتياجات المستقبلية من المعلمين في مختلف المراحل (التخصصات، والأعداد)، ومن ثم يتم توجيه سياسات القبول بما يحقق هذه الاحتياجات.
كما أن فرصة وزارة التربية والتعليم أصبحت أكبر في التركيز على تطوير التعليم العام بمختلف مراحله، فالمعلم يحتاج إلى تدريب مكثف وهو على رأس العمل، والمناهج تحتاج إلى تطوير حقيقي بدلاً من التطوير الشكلي الذي نسمع عنه أو نقرأ عنه في كثير من التصريحات، والمباني المدرسية تحتاج إلى دراسة لاستبدال المباني المستأجرة بمبان أخرى حكومية، والعمل على تعزيز النشاطات التربوية التي يتطلع إليها المجتمع.
عامر بن عبدالله الشهراني*
*أكاديمي وكاتب سعودي