ياسر الفهد
10 - 10 - 2004, 12:09 PM
أشارت الأستاذة وفاء بنت على الشامي في كتابها الثالث (علاج التوحد - الطرق التربوية والنفسية والطبية) عن مدرسة هيقاشي حيث قالت:
تنبثق سياسة واجراءات مدرسة هيقاشي من فلسفة "علاج الحياة اليومية" Daily Life Therapy والتي طورتها الدكتورة "كيّيو كيتاهارا" عام 1964 في مدينة طوكيو في اليابان. كانت الدكتورة كيتاهارا تعلّم أطفالا طبيعيين في مرحلة رياض الأطفال، وبعد عدد من السنوات، انضم إلى فصلها طفل توحدي وشرعت في تعليمه. وتدريجيا، فقدت اهتمامها بالإطفال الطبيعيين وعملت على تطوير برنامج تربوي للأشخاص التوحديين في اليابان. وهناك ثلاث مباديء أساسية لبرنامجها وهي:
1- العمل على استقرار وتوازن المشاعر لدى الأشخاص التوحديين وتدريبهم على اكتساب مهارات الاعتماد على أنفسهم مما يكسبهم الثقة بأنفسهم ويمكنّهم من العيش دون مساعدة من الغير.
2- العمل على تطوير واتباع ما يسمى "نغمة إيقاع الحياة
" Rhythm Of Life" من خلال تدريبات رياضية مكثفة.
3- العمل على تنشيط العمليات الذهنية والمهارات الإدراكية.
وقد لقي هذا البرنامج اهتماما واضحا واكتسب شهرة دولية. ونظرا لهذا الإقبال وطلب ذوي الأطفال التوحديين افتتاح برامجها في بلاد أخرى غير اليابان، تم افتتاح فرع من مدرسة هيقاشي في عام 1987 في ولاية بوستون في الولايات المتحدة الأمريكية.
الخصائص العامة للبرنامج
سياسة قبول التلاميذ:
يقبل الأطفال الذين يعانون من التوحد (أو اضطرابات نمائية شاملة أخرى) ممن تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و 12 سنة. وفي بعض الحالات، قد يقبل الطفل الى عمر 16 سنة ان اجتمعت لديه متطلبات أساسية مثل اللغة ودرجة ذكاء مرتفعة. ويظل الأطفال ملتحقين بالبرنامج إلى أن يصلوا عمر 22 سنة - ووفق الأستاذة وفاء الشامي - لايوجد معلومات ة عن درجة ذكاء التلاميذ الملتحقين بالبرنامج، إلا أن إجراءات القبول صعبة بعض الشيء حيث يتعين على أهل الطفل تصوير شريط فيديو للطفل، وتعبئة بيانات متعددة ومقابلة الأسرة شخصيا.
مؤهلات وخصائص المعلمين:
يحمل كل المعلمين لدى مدرسة هيقاشي درجة الماجستير في التربية الخاصة. هذا بالإضافة إلى شرط اللياقة البدنية لكل المعلمين مما يمكنهم من المشاركة في أنشطة الرياضة البدنية والتي تعتبر عنصرا أساسيا من عناصر البرنامج (Jordan, Jones, &Murray,1998)
نسبة المعلمين إلى التلاميذ:
هناك تقريبا معلم واحد ومساعد معلم لكل 6 أطفال في الفصول الدراسية، ومعلم واحد لكل 3 أطفال في كل من حصص التربية الفنية والموسيقى والرياضة البدنية
(Jordan, Jones, &Murray,1998)
ولا يوجد أي تعليم فردي في مدرسة هيقاشي، بل تتم كل الأنشطة من خلال التعليم الجماعي. وبناء على ما تعتقده الدكتورة كيّيو كيتاهارا، يعود ذلك إلى 3 أسباب هي:
1- حيث أن معظم الأنشطة والأعمال اليومية تتم بشكل جماعي لدى الأشخاص الطبيعيين، كان من الأفضل تعليم الأشخاص التوحديين العمل في مجموعات لكي تصبح سلوكياتهم أقرب إلى السلوكيات الطبيعية.
2- إن التعليم الجماعي يمّكن الأطفال من التعلم من خلال التقليد.
3- إن التعليم الجماعي يخفض من درجة القلق والتوتر لدى الأشخاص التوحديين لأن ذلك يمكّنهم من مراقبة زملائهم في الفصل ومعرفة مايجب القيام بعمله.
موقع التعليم:
تعتبر مدرسة هيقاشي مدرسة داخلية حيث أن أغلبية الأطفال الملتحقين بالبرنامج ينامون في المركز. وبالتالي يحدث معظم التدريب في المدرسة على مدار اليوم بأكمله. إلاّ أن هناك قلة من التلاميذ ينامون في منازلهم إن كانو يقيمون على مقربة من المدرسة. وفي هذه الحالات، تعطى لهم واجبات منزلية حيث يكون من المتوقع مشاركة الأسرة في انجازها.
دور الأسرة:
تعتبر الأسرة أمرا أساسيا لسعادة التلاميذ وتعلمهم. ويتم التواصل بشكل يومي مع أسر التلاميذ الذين يمكثون في منازلهم من خلال ملاحظات يومية يبعثها المعلمون مع التلاميذ، وتكتب عليها أسرهم ملاحظاتها. أما بالنسبة لباقي التلاميذ، فيتم التواصل بشأنهم مع أسرهم من خلال الرسائل والمكالمات الهاتفية وال الاليكتروني. كما أن المركز يقدم تدريبا للأسرة لمدة يوم واحد في كل شهر في موضوعات مختلفة ومنها أنشطة منزلية والتطور اللغوي ومهارات الاعتماد على النفس.
مبادىء وطرق التعلم:
1- الرياضة البدنية: تعتبر الرياضة البدنية ركنا أساسيا للبرنامج، وقد تستغرق مابين 30 دقيقة إلى ساعتين ونصف الساعة موزعة على فترات متقطعة يوميا لكل تلميذ. وهذا مبني على إفتراض أنه عندما يمارس الفرد رياضة بدنية شديدة، يفرز الجسم كيماويات عصبية تسمى "الاندورفين" والتي تخفض من نسبة التوتر والحركات النمطية التي غالبا ما تظهر على الأشخاص التوحديين. يتعلم التلاميذ السباحة، وقيادة الدراجة، والتزلج عل مزلجة بعجلات، والتوازن. هذا بالإضافة إلى أنواع أخرى من الرياضة تعرف بـ "رياضة هيقاشي" و "الأوضاع الجسدية البدائية والمتقدمة" نشرحها بشكل مختصر فيما يلي :
أ- رياضة هيقاشي: وهي عبارة عن سلسلة منظمة من الحركات تتبع إيقاع نغمات موسيقية.
ب- الأوضاع الجسدسة البدائية والمتقدمة
Basic Advanced Postures : عند التحاقهم بالمدرسة، يقوم المربون بتدريب التلاميذ على اتخاذ أوضاع بدنية معينة حينما يطلب منهم ذلك وفي أي وقت خلال اليوم. فعندما يقول المربي كلمة "انتباه" على سبيل المثال فإن هذا يعني أن التلميذ يجب أن يقف وقدماه متقاربتان جنبا إلى جنب ويداه على جنبيه، وعندما يقول كلمة "راحة" ينبغي على التلميذ أن يتخذ وضعا بدنيا مرتخيا نوعا ما حيث تكون قدماه مبتعدتان بعض الشيء إحداهما عن الأخرى وأن يضع يديه خلف ظهره. وتعني كلمة "انتظار" أن يجلس التلميذ على كرسي ويرفع ركبتيه إلى صدره ويضمها بيديه. ويفترض أن هذه الأوضاع الجسدية تساعد التلاميذ على اتباع الأوامر وتنظم عملية التعليم
2- الانتقال والتنظيم: يعتبر الانتقال والتنظيم من نشاط إلى آخر أو مكان إلى آخر مهمة صعبة على الأشخاص التوحديين. وبالتالي، هناك عدة طرق متبعة في مدارس هيقاشي لمساعدة التلاميذ على الانتقال. وأول هذه الطرق هي أن جميع التلاميذ في مدرسة هيقاشي يبدّلون ملابسهم الاعتيادية بالزي المدرسي لهيقاشي مما يفترض أن يساعدهم ذلك على الانتقال من الأنشطة الاعتيادية إلى أنشطة المدرسة (حيث يفهمون من خلال الزي المدرسي أنه حان وقت الأنشطة الدراسية). كما أن الجداول تستخدم بكثرة، فلكل تلميذ جدوله الخاص والذي يوضح من خلال الصور أو الكلمات (أو كلتيهما) كل مايقوم به خلال يومه الدراسي، ويسمى هذا "الجدول الأساسي". ويقوم المعلم بمراجعة هذا الجدول عدة مرات يوميا مع تلاميذ الفصل ليذكرهم ماهي الأنشطة التي تم انجازها، وماهي الأنشطة التي مازال عليهم القيام بها. هذا بالإضافة إلى أن المعلم يقوم بكتابة خطة تحضير الدرس على اللوح مما يوضح خطوات العمل والأدوات المستخدمة وما هو المطلوب انجازه في كل درس من دروس مدرسة هيقاشي. ومثل هذا الإجراء يتطلب تحضيرا مسبقا من قبل المعلم، وبهذا تصبح الدروس أكثر تنظيما ووضوحا للتلاميذ. وإضافة إلى الزي المدرسي والجداول وكتابة خطوات الدرس على اللوح، يقوم المعلم بإجراءات إضافية لتوضيح البداية والنهاية لكل درس أو نشاط يقوم به التلميذ. عند إنتهاء درس الحساب على سبيل المثال، يقف التلاميذ ويتخذون الوضع الجسدي لكلمة "انتباه" بعد تفّوه المعلم بالكلمة. ثم يقول المعلم "انتهى درس الحساب" ويجيب التلاميذ "شكرا". وعند بداية النشاط يقول المعلم "هل أنتم مستعدون لدرس "الــ ...؟" (قراءة أو رياضة غيرهما من الدروس)" فيجيب التلاميذ بـ "نعم".
3- الموضوعات الخاصة: تعتبر الموضوعات الخاصة والتي تشمل التربية الفنية والموسيقى من أهم ركائز برنامج هيقاشي. فبالرغم من أن التلاميذ يتلّقون بعض التدريبات على القراءة والكتابة والرياضيات والعلوم وما إليها، تعطى الموضوعات الخاصة أهمية أكبر. يتعلم جميع التلاميذ الإيقاع الموسيقي والبدني. وأول آلة موسيقية يعزفها التلاميذ هي آلات النقر مثل الطبلة والصنوج (Percussion Instrument)، ويتبع ذلك آلة الهارمونيكا ليتعلموا النفخ والتنفس (مما يفترض أن يساعدهم على الاسترخاء)، ثم يتعلمون العزف على الكمان للتحكم في حركة اليد والأصابع. ويقوم التلاميذ الذين يبدون موهبة ومقدرة جيدتين في عزف آلات موسيقية بالاشتراك في الأداء مع الفرقة الموسيقية للمدرسة. أما الغناء، فبالإضافة إلى المتعة التي يتيحها للتلميذ، فإنه يعتبر وسيلة تسهّل عليه تعلّم الكلام. وفي ضوء ذلك، يتعلم التلاميذ أغنية جديدة كل شهر ويغنونها بين مجموعة كبيرة.
4- المهارات الاجتماعية: بناء على فلسفة البرنامج، يفترض أن الأشخاص التوحديين قادرون على تكوين علاقات إجتماعية وروابط مع الآخرين. يتعلم التلاميذ الروابط الاجتماعية من خلال الممارسة والتكرار حيث ينظم المعلم فرصا كثيرة تمكنهم من تطبيق وتعميم المهارات الاجتماعية التي يتعلمونها.
5- إدراك السلوك: تتصف الطرق المتبعة لإدراك سلوك التلاميذ بأنها تعتمد على مدخل وقائي يستهدف تعليم الأطفال التحكم الذاتي وتصميم البيئة الدراسية بطريقة تخفض من مستوى توترهم وخوفهم. ويتم ذلك باستخدام الجداول التي توضح البداية والنهاية لكل نشاط، كما توضح الدروس من خلال كتابة خطواتها على لوح الفصل وما إلى ذلك. هذا بالإضافة إلى إفتراض أن الرياضة البدنية والموسيقى تخفضان أيضا من درجة توتر التلاميذ.
والجدير بالذكر أن التقنيات السلوكية التي تشتمل على أي نوع من العقاب مثل الإقصاء (Time-Out) وغيره من أساليب العقاب لاتٌستخدم إطلاقا في برامج هيقاشي. هذا بالإضافة إلى أنه لا يسمح للتلاميذ باستخدام العقاقير الطبية لمعالجة أي من السلوكيات الناتجة عن الإصابة بالتوحد.
6- التريب المهني: عندما يبلغ التلاميذ من العمر 12-13 عاما، يبتدىء تدريبهم على مهارات تمكنهم من العمل في وظيفة خارج المدرسة. وبعد حوالي أربع سنوات من التدريب، يحاول المختصون في المراكز إيجاد وظائف للتلاميذ.
مدى تقدم التلاميذ والملاحظات:
لا يوجد كثير من الدراسات العلمية التي عنيت بقياس مدى تقدم التلاميذ الملتحقين بمدرسة هيقاشي. إلا أنه في عام 1987، قام الدكتور برنارد ريملاند بإرسال استقصاءات إلى بعض الأسر التي التحق أبناؤها بمدرسة هيقاشي. وقد كانت النتيجة أن الأسر التي شاركت في الدراسة ذكرت أن برنامج مدرسة هيقاشي قد ساعد أبناؤهم وبناتهم إلى حد كبير.
وبالرغم مما ذكرته هذه الأسر، فإن هناك انتقادات كثيرة توجه لمدرسة هيقاشي نستعرض أهمها فيما يلي:
- إن نتائج الدراسة السالفة تعتبر موضوع تساؤل الكثيرين لأن عدد المجموعة التي شاركت في الدراسة كان قليلا، وبالتالي فهو لا يمثل رأي جميع من شارك أبناؤهم وبناتهم في البرنامج.
- بعض عناصر المنهج المقدم للتلاميذ ليس لها أساس علمي وأهمها إعطاء التدريب على التربية الفنية والموسيقى أهمية أكبر من أهمية تعليم اللغة والمهارات الاجتماعية.
- وحيث أن التدريب بأكمله يتم بشكل جماعي، فقد يٌحرم بعض الأطفال من تلقي التدريب على احتياجاتهم الفردية. وبالإضافة إلى ذلك، قد يعيق التعلم الجماعي من تقدم التلاميذ التوحديين ذوي الأداء المرتفع وذلك لأن عليهم الانتظار إلى أن يتم تعليم باقي التلاميذ في الفصل للمهارات المراد تعليمها. وهذا، يضيع عليهم وقت يمكن من خلاله تعلم مهارات أخرى.
- توجد اختلافات كبيرة بين البيئة التعليمية في مدرسة هيقاشي وبين البيئة الاعتيادية مما قد يؤثر بدرجة كبيرة على أداء الفرد خارج البيئة المدرسية (بالرغم من أنه في منشورات علاج الحياة اليومية أن التعليم في بيئة قريبة من البيئات الطبيعية يعتبر ركنا أساسيا للبرنامج).
وبالرغم من هذه الانتقادات المتعددة، يظل برنامج الحياة اليومية في مدارس هيقاشي معروفا دوليا وله عدد من المؤيدين ولا سيما من أسر الأشخاص الذين يعانون من التوحد.
تنبثق سياسة واجراءات مدرسة هيقاشي من فلسفة "علاج الحياة اليومية" Daily Life Therapy والتي طورتها الدكتورة "كيّيو كيتاهارا" عام 1964 في مدينة طوكيو في اليابان. كانت الدكتورة كيتاهارا تعلّم أطفالا طبيعيين في مرحلة رياض الأطفال، وبعد عدد من السنوات، انضم إلى فصلها طفل توحدي وشرعت في تعليمه. وتدريجيا، فقدت اهتمامها بالإطفال الطبيعيين وعملت على تطوير برنامج تربوي للأشخاص التوحديين في اليابان. وهناك ثلاث مباديء أساسية لبرنامجها وهي:
1- العمل على استقرار وتوازن المشاعر لدى الأشخاص التوحديين وتدريبهم على اكتساب مهارات الاعتماد على أنفسهم مما يكسبهم الثقة بأنفسهم ويمكنّهم من العيش دون مساعدة من الغير.
2- العمل على تطوير واتباع ما يسمى "نغمة إيقاع الحياة
" Rhythm Of Life" من خلال تدريبات رياضية مكثفة.
3- العمل على تنشيط العمليات الذهنية والمهارات الإدراكية.
وقد لقي هذا البرنامج اهتماما واضحا واكتسب شهرة دولية. ونظرا لهذا الإقبال وطلب ذوي الأطفال التوحديين افتتاح برامجها في بلاد أخرى غير اليابان، تم افتتاح فرع من مدرسة هيقاشي في عام 1987 في ولاية بوستون في الولايات المتحدة الأمريكية.
الخصائص العامة للبرنامج
سياسة قبول التلاميذ:
يقبل الأطفال الذين يعانون من التوحد (أو اضطرابات نمائية شاملة أخرى) ممن تتراوح أعمارهم بين 3 سنوات و 12 سنة. وفي بعض الحالات، قد يقبل الطفل الى عمر 16 سنة ان اجتمعت لديه متطلبات أساسية مثل اللغة ودرجة ذكاء مرتفعة. ويظل الأطفال ملتحقين بالبرنامج إلى أن يصلوا عمر 22 سنة - ووفق الأستاذة وفاء الشامي - لايوجد معلومات ة عن درجة ذكاء التلاميذ الملتحقين بالبرنامج، إلا أن إجراءات القبول صعبة بعض الشيء حيث يتعين على أهل الطفل تصوير شريط فيديو للطفل، وتعبئة بيانات متعددة ومقابلة الأسرة شخصيا.
مؤهلات وخصائص المعلمين:
يحمل كل المعلمين لدى مدرسة هيقاشي درجة الماجستير في التربية الخاصة. هذا بالإضافة إلى شرط اللياقة البدنية لكل المعلمين مما يمكنهم من المشاركة في أنشطة الرياضة البدنية والتي تعتبر عنصرا أساسيا من عناصر البرنامج (Jordan, Jones, &Murray,1998)
نسبة المعلمين إلى التلاميذ:
هناك تقريبا معلم واحد ومساعد معلم لكل 6 أطفال في الفصول الدراسية، ومعلم واحد لكل 3 أطفال في كل من حصص التربية الفنية والموسيقى والرياضة البدنية
(Jordan, Jones, &Murray,1998)
ولا يوجد أي تعليم فردي في مدرسة هيقاشي، بل تتم كل الأنشطة من خلال التعليم الجماعي. وبناء على ما تعتقده الدكتورة كيّيو كيتاهارا، يعود ذلك إلى 3 أسباب هي:
1- حيث أن معظم الأنشطة والأعمال اليومية تتم بشكل جماعي لدى الأشخاص الطبيعيين، كان من الأفضل تعليم الأشخاص التوحديين العمل في مجموعات لكي تصبح سلوكياتهم أقرب إلى السلوكيات الطبيعية.
2- إن التعليم الجماعي يمّكن الأطفال من التعلم من خلال التقليد.
3- إن التعليم الجماعي يخفض من درجة القلق والتوتر لدى الأشخاص التوحديين لأن ذلك يمكّنهم من مراقبة زملائهم في الفصل ومعرفة مايجب القيام بعمله.
موقع التعليم:
تعتبر مدرسة هيقاشي مدرسة داخلية حيث أن أغلبية الأطفال الملتحقين بالبرنامج ينامون في المركز. وبالتالي يحدث معظم التدريب في المدرسة على مدار اليوم بأكمله. إلاّ أن هناك قلة من التلاميذ ينامون في منازلهم إن كانو يقيمون على مقربة من المدرسة. وفي هذه الحالات، تعطى لهم واجبات منزلية حيث يكون من المتوقع مشاركة الأسرة في انجازها.
دور الأسرة:
تعتبر الأسرة أمرا أساسيا لسعادة التلاميذ وتعلمهم. ويتم التواصل بشكل يومي مع أسر التلاميذ الذين يمكثون في منازلهم من خلال ملاحظات يومية يبعثها المعلمون مع التلاميذ، وتكتب عليها أسرهم ملاحظاتها. أما بالنسبة لباقي التلاميذ، فيتم التواصل بشأنهم مع أسرهم من خلال الرسائل والمكالمات الهاتفية وال الاليكتروني. كما أن المركز يقدم تدريبا للأسرة لمدة يوم واحد في كل شهر في موضوعات مختلفة ومنها أنشطة منزلية والتطور اللغوي ومهارات الاعتماد على النفس.
مبادىء وطرق التعلم:
1- الرياضة البدنية: تعتبر الرياضة البدنية ركنا أساسيا للبرنامج، وقد تستغرق مابين 30 دقيقة إلى ساعتين ونصف الساعة موزعة على فترات متقطعة يوميا لكل تلميذ. وهذا مبني على إفتراض أنه عندما يمارس الفرد رياضة بدنية شديدة، يفرز الجسم كيماويات عصبية تسمى "الاندورفين" والتي تخفض من نسبة التوتر والحركات النمطية التي غالبا ما تظهر على الأشخاص التوحديين. يتعلم التلاميذ السباحة، وقيادة الدراجة، والتزلج عل مزلجة بعجلات، والتوازن. هذا بالإضافة إلى أنواع أخرى من الرياضة تعرف بـ "رياضة هيقاشي" و "الأوضاع الجسدية البدائية والمتقدمة" نشرحها بشكل مختصر فيما يلي :
أ- رياضة هيقاشي: وهي عبارة عن سلسلة منظمة من الحركات تتبع إيقاع نغمات موسيقية.
ب- الأوضاع الجسدسة البدائية والمتقدمة
Basic Advanced Postures : عند التحاقهم بالمدرسة، يقوم المربون بتدريب التلاميذ على اتخاذ أوضاع بدنية معينة حينما يطلب منهم ذلك وفي أي وقت خلال اليوم. فعندما يقول المربي كلمة "انتباه" على سبيل المثال فإن هذا يعني أن التلميذ يجب أن يقف وقدماه متقاربتان جنبا إلى جنب ويداه على جنبيه، وعندما يقول كلمة "راحة" ينبغي على التلميذ أن يتخذ وضعا بدنيا مرتخيا نوعا ما حيث تكون قدماه مبتعدتان بعض الشيء إحداهما عن الأخرى وأن يضع يديه خلف ظهره. وتعني كلمة "انتظار" أن يجلس التلميذ على كرسي ويرفع ركبتيه إلى صدره ويضمها بيديه. ويفترض أن هذه الأوضاع الجسدية تساعد التلاميذ على اتباع الأوامر وتنظم عملية التعليم
2- الانتقال والتنظيم: يعتبر الانتقال والتنظيم من نشاط إلى آخر أو مكان إلى آخر مهمة صعبة على الأشخاص التوحديين. وبالتالي، هناك عدة طرق متبعة في مدارس هيقاشي لمساعدة التلاميذ على الانتقال. وأول هذه الطرق هي أن جميع التلاميذ في مدرسة هيقاشي يبدّلون ملابسهم الاعتيادية بالزي المدرسي لهيقاشي مما يفترض أن يساعدهم ذلك على الانتقال من الأنشطة الاعتيادية إلى أنشطة المدرسة (حيث يفهمون من خلال الزي المدرسي أنه حان وقت الأنشطة الدراسية). كما أن الجداول تستخدم بكثرة، فلكل تلميذ جدوله الخاص والذي يوضح من خلال الصور أو الكلمات (أو كلتيهما) كل مايقوم به خلال يومه الدراسي، ويسمى هذا "الجدول الأساسي". ويقوم المعلم بمراجعة هذا الجدول عدة مرات يوميا مع تلاميذ الفصل ليذكرهم ماهي الأنشطة التي تم انجازها، وماهي الأنشطة التي مازال عليهم القيام بها. هذا بالإضافة إلى أن المعلم يقوم بكتابة خطة تحضير الدرس على اللوح مما يوضح خطوات العمل والأدوات المستخدمة وما هو المطلوب انجازه في كل درس من دروس مدرسة هيقاشي. ومثل هذا الإجراء يتطلب تحضيرا مسبقا من قبل المعلم، وبهذا تصبح الدروس أكثر تنظيما ووضوحا للتلاميذ. وإضافة إلى الزي المدرسي والجداول وكتابة خطوات الدرس على اللوح، يقوم المعلم بإجراءات إضافية لتوضيح البداية والنهاية لكل درس أو نشاط يقوم به التلميذ. عند إنتهاء درس الحساب على سبيل المثال، يقف التلاميذ ويتخذون الوضع الجسدي لكلمة "انتباه" بعد تفّوه المعلم بالكلمة. ثم يقول المعلم "انتهى درس الحساب" ويجيب التلاميذ "شكرا". وعند بداية النشاط يقول المعلم "هل أنتم مستعدون لدرس "الــ ...؟" (قراءة أو رياضة غيرهما من الدروس)" فيجيب التلاميذ بـ "نعم".
3- الموضوعات الخاصة: تعتبر الموضوعات الخاصة والتي تشمل التربية الفنية والموسيقى من أهم ركائز برنامج هيقاشي. فبالرغم من أن التلاميذ يتلّقون بعض التدريبات على القراءة والكتابة والرياضيات والعلوم وما إليها، تعطى الموضوعات الخاصة أهمية أكبر. يتعلم جميع التلاميذ الإيقاع الموسيقي والبدني. وأول آلة موسيقية يعزفها التلاميذ هي آلات النقر مثل الطبلة والصنوج (Percussion Instrument)، ويتبع ذلك آلة الهارمونيكا ليتعلموا النفخ والتنفس (مما يفترض أن يساعدهم على الاسترخاء)، ثم يتعلمون العزف على الكمان للتحكم في حركة اليد والأصابع. ويقوم التلاميذ الذين يبدون موهبة ومقدرة جيدتين في عزف آلات موسيقية بالاشتراك في الأداء مع الفرقة الموسيقية للمدرسة. أما الغناء، فبالإضافة إلى المتعة التي يتيحها للتلميذ، فإنه يعتبر وسيلة تسهّل عليه تعلّم الكلام. وفي ضوء ذلك، يتعلم التلاميذ أغنية جديدة كل شهر ويغنونها بين مجموعة كبيرة.
4- المهارات الاجتماعية: بناء على فلسفة البرنامج، يفترض أن الأشخاص التوحديين قادرون على تكوين علاقات إجتماعية وروابط مع الآخرين. يتعلم التلاميذ الروابط الاجتماعية من خلال الممارسة والتكرار حيث ينظم المعلم فرصا كثيرة تمكنهم من تطبيق وتعميم المهارات الاجتماعية التي يتعلمونها.
5- إدراك السلوك: تتصف الطرق المتبعة لإدراك سلوك التلاميذ بأنها تعتمد على مدخل وقائي يستهدف تعليم الأطفال التحكم الذاتي وتصميم البيئة الدراسية بطريقة تخفض من مستوى توترهم وخوفهم. ويتم ذلك باستخدام الجداول التي توضح البداية والنهاية لكل نشاط، كما توضح الدروس من خلال كتابة خطواتها على لوح الفصل وما إلى ذلك. هذا بالإضافة إلى إفتراض أن الرياضة البدنية والموسيقى تخفضان أيضا من درجة توتر التلاميذ.
والجدير بالذكر أن التقنيات السلوكية التي تشتمل على أي نوع من العقاب مثل الإقصاء (Time-Out) وغيره من أساليب العقاب لاتٌستخدم إطلاقا في برامج هيقاشي. هذا بالإضافة إلى أنه لا يسمح للتلاميذ باستخدام العقاقير الطبية لمعالجة أي من السلوكيات الناتجة عن الإصابة بالتوحد.
6- التريب المهني: عندما يبلغ التلاميذ من العمر 12-13 عاما، يبتدىء تدريبهم على مهارات تمكنهم من العمل في وظيفة خارج المدرسة. وبعد حوالي أربع سنوات من التدريب، يحاول المختصون في المراكز إيجاد وظائف للتلاميذ.
مدى تقدم التلاميذ والملاحظات:
لا يوجد كثير من الدراسات العلمية التي عنيت بقياس مدى تقدم التلاميذ الملتحقين بمدرسة هيقاشي. إلا أنه في عام 1987، قام الدكتور برنارد ريملاند بإرسال استقصاءات إلى بعض الأسر التي التحق أبناؤها بمدرسة هيقاشي. وقد كانت النتيجة أن الأسر التي شاركت في الدراسة ذكرت أن برنامج مدرسة هيقاشي قد ساعد أبناؤهم وبناتهم إلى حد كبير.
وبالرغم مما ذكرته هذه الأسر، فإن هناك انتقادات كثيرة توجه لمدرسة هيقاشي نستعرض أهمها فيما يلي:
- إن نتائج الدراسة السالفة تعتبر موضوع تساؤل الكثيرين لأن عدد المجموعة التي شاركت في الدراسة كان قليلا، وبالتالي فهو لا يمثل رأي جميع من شارك أبناؤهم وبناتهم في البرنامج.
- بعض عناصر المنهج المقدم للتلاميذ ليس لها أساس علمي وأهمها إعطاء التدريب على التربية الفنية والموسيقى أهمية أكبر من أهمية تعليم اللغة والمهارات الاجتماعية.
- وحيث أن التدريب بأكمله يتم بشكل جماعي، فقد يٌحرم بعض الأطفال من تلقي التدريب على احتياجاتهم الفردية. وبالإضافة إلى ذلك، قد يعيق التعلم الجماعي من تقدم التلاميذ التوحديين ذوي الأداء المرتفع وذلك لأن عليهم الانتظار إلى أن يتم تعليم باقي التلاميذ في الفصل للمهارات المراد تعليمها. وهذا، يضيع عليهم وقت يمكن من خلاله تعلم مهارات أخرى.
- توجد اختلافات كبيرة بين البيئة التعليمية في مدرسة هيقاشي وبين البيئة الاعتيادية مما قد يؤثر بدرجة كبيرة على أداء الفرد خارج البيئة المدرسية (بالرغم من أنه في منشورات علاج الحياة اليومية أن التعليم في بيئة قريبة من البيئات الطبيعية يعتبر ركنا أساسيا للبرنامج).
وبالرغم من هذه الانتقادات المتعددة، يظل برنامج الحياة اليومية في مدارس هيقاشي معروفا دوليا وله عدد من المؤيدين ولا سيما من أسر الأشخاص الذين يعانون من التوحد.