عامر
11 - 10 - 2004, 12:23 PM
كيف تساعدين أطفالك على التأقلم في الأوقات الحرجة - الانفصال..
يؤثر الانفصال على الاطفال في مختلف مراحلهم العمرية وعلى كافة أوضاعهم. فعندما تثار عاصفة الطلاق الهوجاء، فإن البعض منهم يتأقلم مع الواقع ويتحمل المسؤولية كفرد منتج في المجتمع، بينما نرى أن البعض الآخر يذعن لخوف يتملكه مدى الحياة.
ما الذي يقود الى هذا الاختلاف بينهم؟ وماذا يحدد أو يقرر كيفية تكيف الأطفال مع الطلاق؟
تقول الابحاث أن الفئة العمرية، الجنس، والقدرات الطبيعية للطفل عوامل حاسمة، لكن تقابلها في الأهمية ثلاثة أمور أخرى وهي:
*١ ـ مدى قدرتكما، أنت وشريكك السابق، على التعامل مع التغييرات والضغوط.
*٢ ـ مدى قدرتك كأم على مواجهة احتياجات اطفالك العاطفية بينما تعيشين في هالة من الاخفاق والاضطراب والألم بسبب الانفصال.
*٣ ـ كيف سيكون بمقدور شريكك السابق اصلاح علاقته مع أطفالك.
الخطوة الأولى، مهما كان ولابد، هي ان تتحدثي إليهم وتواجهيهم بعزمك على إنهاء حياتك الزوجية.
*١ - إذا أمكن ...صارحا أطفالكما بحضوركما معا .قبل ان تخبري أطفالك بقرار الانفصال تناقشي مع شريكك حول الطريقة التي ستخبرانهم بها وماذا ستقولان حينها، لان هذه المحادثة ستكون أكثر المحادثات جدية على الإطلاق مابينكما وبين أطفالكما، فماذا ستقولانه وكيف تقولانه، سيخلف لديهم الانطباع الأخير والحاسم حول الخطوة التي انتم بصددها.
وهناك بعض من الفوائد المبنية على مصارحتكما أطفالكما معا. دعوهم يعلمون أن قراركما بالانفصال ما هو إلا قرار مشترك، ناضج، وعقلاني، وأنه اتخذ بعد تركيز وتعمق وبعد أن تمت دراسته. إن وجودكما معاً أثناءها سيبعد على الارجح عنهم الشعور بالخذلان او فقد الأمان.
سوف تنقلان إليهم رسالة مفادها إنه رغم مغادرة احد الوالدين منزل العائلة، إلا أنه سيبقى قادراً على الاستماع إليهم ومناقشة أمورهم ومشاكلهم الحرجة. ومن هذا المنطلق سيكون التواصل فيما بينكم قائماً، وسيكون باب النقاش مفتوحاً.
عندما تصارحان أطفالكما معا فإنكما ستخففان من وقع اتهامهم ولومهم لكما بالتخلي عنهم، وستكونان أقل تورطاً في التشويش الذهني الذي سيلحق بهم. إذ ان المأزق المتأصل في حادثة الطلاق عادة هو ارغام الأطفال على التنحي جانبا، وباشتراك الوالدين معا في النقاش المبدئي، ستقل فرصة أن تظهر هذه المشكلة الى حيز الوجود.
ورغم أهمية اتباع هذا الأمر إلا اننا نجد ان سلوك سير ما أوجدته المثاليات قد يكون صعباً، إذ عادة ما توجد ظروف تمنع من حضوركما جلسة النقاش معا، وفيما يلي أمثلة على ذلك. أحد الشريكين غادر العائلة رافضاً اخبار الأطفال بخطوته، قد يكون بسبب إدمانه المخدرات او أنه سكير أو لأسباب مرضية. عندما لا يستطيع أو يرفض احد الوالدين الحضور فإن الاطفال سيؤولون عدم حضوره إلى فقد في الحب وعدم الاهتمام بهم.
إذا واجهت عائلتك مثل هذا الظرف فإن أطفالك سيكونون بحاجة الى إعادة التأكيد منك بأنهم محبوبون، وألا دخل لهم بقرارك بالانفصال. عندما يحس الأطفال بحق بخذلان والديهم لهم، يصبحون في أمس الحاجة الى مزيد من الدعم والتأكيد بالحب من المتبقي معهم من الشركاء البالغين.
*
٢- قدمي الأمانة والوضوح في الشرح
أولادكم يستحقون الصدق. والأطفال عامة مرنون بطبعهم ويصبحون متعاونين مع الاحداث المربكة، إلا أن اخفاءكم للمعلومات الهامة عنهم وعدم صدقكم يحطمهم. فهم الذين يكونون في الآخر في مكمن اكتشاف الحقيقة. تخيلوا ان طفلة قيل لها كذباً ان أباها حصل على عمل في مدينة أخرى. هي سريعاً ما ستشك في الأمر، سوف تتساءل لماذا لا يتصل بها، او يزورها؟!!. ولتعديل مجرى هذه الأكذوبة يعمد الأهالي بادىء ذي بدء الى اختراع مزيد من الحيل وتفصيل الأعذار. وهنا نجد أنه عندما يحس الأطفال في النهاية بأن أهاليهم غير صادقين في طرحهم يعتريهم شعور بالغضب والتضليل، وتتضاءل ثقتهم. وهذا النوع من الخداع يسبب لهم القلق والتخبط.
إن احساس اطفالك بالصدق مبني على مدى ثقتهم فيك. عندما تضلل الثقة فيما بينكم سوف تصبح علاقتكم في خطر ولن يستطيعوا حينها تحمل المزيد من اعباء القلق.
*
٣ - امنحي أطفالك مزيداً من الوقت لاستيعاب المعلومات.
أن أحد الأسئلة المعتادة هو: "متى يجب علينا أن نخبر أطفالنا بقرار الانفصال"؟!! الحقيقة أنه لا توجد قاعدة معينة لتوقيت مناسب، ولكن هناك قليل من الخطوط الإرشادية. فالأطفال يبدون في أحسن حالاتهم عندما تسنح لهم الفرص للتعبير عن مشاعرهم وعن الصراعات التي تعتمل في نفوسهم في وجود الوالدين. وهذا يمنحهم مجالاً واسعاً للتحدث عن خصوصياتهم لكما.. من جهة أخرى، نجد أنه إذا كان هناك متسع من الوقت مابين إعلامهم بخبر الانفصال، وبين مغادرة أحد الآباء المنزل فإن هناك احتمال أن يتراجع ويستنكر الأطفال هذه الخطوة ويكذبوا مزاعم ابويهم أن لا شيء سيتغير في محيط العائلة.
إن إعطاء الأطفال مجرد ملاحظات وأخبار مختصرة حول الانفصال قد يكون ذا منفعة وغير منفعة؟!! فقد يعمل إخبارهم بخبر الانفصال قبل فترة وجيزة من مغادرة احدكما المنزل على تقليص فترة الانتظار الصعبة والحرجة... لكن لن يكون هناك متسع من الوقت لديهم للتعبير عن مشاعرهم وردود افعالهم تجاه هذا الأمر. وكثير من الآباء يتحينون يوم مغادرتهم لاخبار أطفالهم، وذلك لتجنب مشاهد تعابير الألم على محياهم بصورة مبدئية، علماً ان مشهد تأثر الآباء في هذا الموقف لا يكون محط إهتمامات الطفل عامة...
التصور هو أن أفضل توقيت يكون من بضع أيام إلى أسبوع واحد. هذه الفترة تمنح أطفالكم مزيد من الوقت لمعالجة مشاعرهم بوجود دعم من الوالدين، ورغم هذا لن يدوم الأمر طويلاً، إذ سرعان مايدخلون في دوامة الألم والجزع الفعلي مع نفاذ الوقت...
لهذا نجد أن الأطفال بحاجة إلى متسع من الوقت لهضم واستيعاب قرار الانفصال، ولطرح اسئلتهم والبدء في تعديل وضبط المتغيرات التي عصفت بحياتهم، وهذا لا يبدأ إلا عندما يتخذ يحسم القرار بالانفصال، لذلك لا تتحدثي اليهم بموضوع الانفصال قبل ان تمضيا انتِ وشريكك في اتخاذ القرار الحاسم.
*٤ - عبروا عن مشاعركم بالندم والألم
كثير من الآباء يخافون أن يعبروا عن مشاعرهم أمام الأطفال. ومن المستحيل ألا ننوه بالذكر مدى أهمية التعبير عن مشاعركما حول الإنفصال امام أطفالك. فهذا الأمر هو أحد السبل التي تمنح أطفالكما الإذن بأن يندبوا حظهم لخسارة عائلتهم التي تربوا في احضانها. وإذا لم يظهر الآباء مشاعرهم الآنية حياله فمن المحتمل أن يؤدي هذا الى أن يكبت الأطفال مشاعرهم التي قد تؤدي الى مشاكل نفسية مثل الصداع وأوجاع البطن والاكتئاب والتصرف بسلوك سيء.
من المهم للغاية ألا يتناقش الآباء مع الأطفال عندما يكونون في حالة توتر شديد. فالمشاعر المسيطرة في حال قرار الانفصام، كأن تكون الطرف الرافض له يجعلك متشنجاً بطريقة يصعب السيطرة عليها. إذاً انتظرا وامنحا انفسكما وقتاً لمعالجة قراركما والسيطرة على انفعالاتكما. لاشك أنه من الطبيعي ان يعتريكما شعور بالحزن والأسف ولامانع من ان يشارككما اولادكما مشاعركما هذه.
*٥ ـ ابقي التواصل فيما بينكم قائماً
الأولاد سوف يعانون من الإرباك بسبب قرار الانفصال والتغييرات التي ستحدث بحياتهم. لن يستطيعوا أن يتفهموا ويستوعبوا كل ما يقال لهم في وقت واحد، بل يحتاجون الى منحهم الوقت الكافي.
ومن المهم جداً أن تكونا متفتحين ومتقبلين للاسئلة التي سيحاولون طرحها عليكما، والتي أرقتهم بسبب اتخاذكما لقرار الانفصال. فأولادكما بحاجة ليشعروا بانكما مهتمين وحاضرين لاسئلتهم بكل راحة وترحيب.
وتذكرا انكما عندما تجيبا على أسئلتهم بصدق وصبر سوف يشعرون بالأمان والثقة وهذه نقطة جوهرية خلال هذه الفترة الحرجة.
إذا كان أولادكما صغاراً في السن فمن المحتمل أن تتكرر نفس الأسئلة المطروحة من قبلهم مراراً وتكراراً محاولين ايجاد سبباً للتغيرات التي تحدث في حياتهم، وهذا قد يؤدي بالوالدين إلى الجنون. خلال هذه الفترة الصبر هو المطلوب ولكن تذكرا أنكما تملكان سدة القرار بينما أولادكما لا. إن إنفصالكما قاس عليكما ولكنه وبلا شك، سيكون أكثر قساوة على اطفالكما.
وعندما يكرر الأطفال أسئلتهم فإن هذا لا يعني انهم يحاولون الحصول على معلومات أكثر بقدر ما أنهم يحاولون حملكما على إعادة منحهم مزيداً من الطمأنينة. ومحاولاتهم هذه قد تعني أنهم يبحثون عن سبب منطقي لانفصالكما.
إذا استطعتما تحمل كمية تساؤلاتهما سوف يصبحون قادرين على التعامل مع مشاعرهم بصورة أفضل، وهذا سيقود الى أن يتحسن اداءهم في المدرسة وستتحسن علاقاتهم مع أصدقائهم ويفعّلون أنشطتهم.
*٦ ـ أيتها الأم: اعدّي اطفالك لمواجهة المستقبل.
اطفالك بحاجة الى تفهم ماذا يعني الانفصال.. وطبعاً ماذا سيحصل لهم من جرائه.. وشرحك لمن هو في سن الحضانة يختلف عما سيكون عليه لمن هو في سن البلوغ لكن كل الابناء لديهم نفس الأسئلة، فهم سيقلقون من وضعهم القادم الذي سيؤولون اليه... يريدون أن يعلموا أشياء مثل: »اين سنعيش؟ هل سأستمر في رؤية والدي؟ »هل ستبقين على حبي؟ هل سأحظى بالاهتمام والرعاية؟! أين سيعيش والدي؟! هل سيتطلب مني الأمر تغيير مدرستي«...
قدمي لأبنائك أجوبة دقيقة وحاسمة إذا كنت تعلمين أين سيكون مقر الوالد الخارج عن ركب الرعاية الأسرية... اجيبي اطفالك بصورة محددة: »سوف يعيش والدك في شقة رقم *٤٥٤ في شارع باستور.. سوف يكون لديه غرفة لك وبإمكانك قضاء وقت معه في مقره الجديد«. ومع حلول أقرب فرصة اصطحبي اطفالك للتعرف على هذا المقر. إذ أن علمهم بمكانه سيخفف من قلقهم، واحساسهم بالخوف و بالخذلان وعدم الأمان. إذا لم تتوفر لديك معلومات محددة كهذه حاولي أن تزوديهم بما يتوفر لديك من معلومات وذلك في قدر الامكان، لأن عدم العلم يخيفهم، وبقدر ماتوفرين لهم من معلومات، يزداد احساسهم بالأمان أكثر.
اعترفي بصدق وأمانة أن الانفصال سيغير حياتكم ودعي اطفالك يعلمون معلومات عن التغيرات الرئيسة التي تمسهم. لكن تذكري انهم كأطفال لا يستوعبون ويعالجون إلا كم قليل من المعلومات، فإذا ما انتقل والدهم للعيش في شقة تاركاً المنزل، فهذا يعني بطبيعة الحال، التوقع انك ستتركين المنزل أيضاً للسكن في الجوار في منزل اقل كلفة. اخبري اطفالك بهذا التحول بصورة محددة ومختصرة، ولا تربكيهم بمزيد من التفاصيل في الخبر. إن مقدار تفاصيل الاخبار التي تقدمينها يعتمد على أعمار اطفالك وعلى مدى معرفتك بدرجة استيعابهم وقدراتهم الفعلية المتاحة.
وكلمة أخيرة للوالدين:
التحدث لاطفالك بشأن الانفصال وتبعاته لن ينتهي عند حد، فاتاحتكما لوجود فضاءات آمنة مغلفة بالصدق وفتح أبواب التواصل فيما بينكما، قبل وبعد الانفصال، سيساعد اطفالكما على ان يبخروا بأمان في عباب بحر متلاطم الأمواج بسبب انفصام عرى علاقتكما الزوجية.
يؤثر الانفصال على الاطفال في مختلف مراحلهم العمرية وعلى كافة أوضاعهم. فعندما تثار عاصفة الطلاق الهوجاء، فإن البعض منهم يتأقلم مع الواقع ويتحمل المسؤولية كفرد منتج في المجتمع، بينما نرى أن البعض الآخر يذعن لخوف يتملكه مدى الحياة.
ما الذي يقود الى هذا الاختلاف بينهم؟ وماذا يحدد أو يقرر كيفية تكيف الأطفال مع الطلاق؟
تقول الابحاث أن الفئة العمرية، الجنس، والقدرات الطبيعية للطفل عوامل حاسمة، لكن تقابلها في الأهمية ثلاثة أمور أخرى وهي:
*١ ـ مدى قدرتكما، أنت وشريكك السابق، على التعامل مع التغييرات والضغوط.
*٢ ـ مدى قدرتك كأم على مواجهة احتياجات اطفالك العاطفية بينما تعيشين في هالة من الاخفاق والاضطراب والألم بسبب الانفصال.
*٣ ـ كيف سيكون بمقدور شريكك السابق اصلاح علاقته مع أطفالك.
الخطوة الأولى، مهما كان ولابد، هي ان تتحدثي إليهم وتواجهيهم بعزمك على إنهاء حياتك الزوجية.
*١ - إذا أمكن ...صارحا أطفالكما بحضوركما معا .قبل ان تخبري أطفالك بقرار الانفصال تناقشي مع شريكك حول الطريقة التي ستخبرانهم بها وماذا ستقولان حينها، لان هذه المحادثة ستكون أكثر المحادثات جدية على الإطلاق مابينكما وبين أطفالكما، فماذا ستقولانه وكيف تقولانه، سيخلف لديهم الانطباع الأخير والحاسم حول الخطوة التي انتم بصددها.
وهناك بعض من الفوائد المبنية على مصارحتكما أطفالكما معا. دعوهم يعلمون أن قراركما بالانفصال ما هو إلا قرار مشترك، ناضج، وعقلاني، وأنه اتخذ بعد تركيز وتعمق وبعد أن تمت دراسته. إن وجودكما معاً أثناءها سيبعد على الارجح عنهم الشعور بالخذلان او فقد الأمان.
سوف تنقلان إليهم رسالة مفادها إنه رغم مغادرة احد الوالدين منزل العائلة، إلا أنه سيبقى قادراً على الاستماع إليهم ومناقشة أمورهم ومشاكلهم الحرجة. ومن هذا المنطلق سيكون التواصل فيما بينكم قائماً، وسيكون باب النقاش مفتوحاً.
عندما تصارحان أطفالكما معا فإنكما ستخففان من وقع اتهامهم ولومهم لكما بالتخلي عنهم، وستكونان أقل تورطاً في التشويش الذهني الذي سيلحق بهم. إذ ان المأزق المتأصل في حادثة الطلاق عادة هو ارغام الأطفال على التنحي جانبا، وباشتراك الوالدين معا في النقاش المبدئي، ستقل فرصة أن تظهر هذه المشكلة الى حيز الوجود.
ورغم أهمية اتباع هذا الأمر إلا اننا نجد ان سلوك سير ما أوجدته المثاليات قد يكون صعباً، إذ عادة ما توجد ظروف تمنع من حضوركما جلسة النقاش معا، وفيما يلي أمثلة على ذلك. أحد الشريكين غادر العائلة رافضاً اخبار الأطفال بخطوته، قد يكون بسبب إدمانه المخدرات او أنه سكير أو لأسباب مرضية. عندما لا يستطيع أو يرفض احد الوالدين الحضور فإن الاطفال سيؤولون عدم حضوره إلى فقد في الحب وعدم الاهتمام بهم.
إذا واجهت عائلتك مثل هذا الظرف فإن أطفالك سيكونون بحاجة الى إعادة التأكيد منك بأنهم محبوبون، وألا دخل لهم بقرارك بالانفصال. عندما يحس الأطفال بحق بخذلان والديهم لهم، يصبحون في أمس الحاجة الى مزيد من الدعم والتأكيد بالحب من المتبقي معهم من الشركاء البالغين.
*
٢- قدمي الأمانة والوضوح في الشرح
أولادكم يستحقون الصدق. والأطفال عامة مرنون بطبعهم ويصبحون متعاونين مع الاحداث المربكة، إلا أن اخفاءكم للمعلومات الهامة عنهم وعدم صدقكم يحطمهم. فهم الذين يكونون في الآخر في مكمن اكتشاف الحقيقة. تخيلوا ان طفلة قيل لها كذباً ان أباها حصل على عمل في مدينة أخرى. هي سريعاً ما ستشك في الأمر، سوف تتساءل لماذا لا يتصل بها، او يزورها؟!!. ولتعديل مجرى هذه الأكذوبة يعمد الأهالي بادىء ذي بدء الى اختراع مزيد من الحيل وتفصيل الأعذار. وهنا نجد أنه عندما يحس الأطفال في النهاية بأن أهاليهم غير صادقين في طرحهم يعتريهم شعور بالغضب والتضليل، وتتضاءل ثقتهم. وهذا النوع من الخداع يسبب لهم القلق والتخبط.
إن احساس اطفالك بالصدق مبني على مدى ثقتهم فيك. عندما تضلل الثقة فيما بينكم سوف تصبح علاقتكم في خطر ولن يستطيعوا حينها تحمل المزيد من اعباء القلق.
*
٣ - امنحي أطفالك مزيداً من الوقت لاستيعاب المعلومات.
أن أحد الأسئلة المعتادة هو: "متى يجب علينا أن نخبر أطفالنا بقرار الانفصال"؟!! الحقيقة أنه لا توجد قاعدة معينة لتوقيت مناسب، ولكن هناك قليل من الخطوط الإرشادية. فالأطفال يبدون في أحسن حالاتهم عندما تسنح لهم الفرص للتعبير عن مشاعرهم وعن الصراعات التي تعتمل في نفوسهم في وجود الوالدين. وهذا يمنحهم مجالاً واسعاً للتحدث عن خصوصياتهم لكما.. من جهة أخرى، نجد أنه إذا كان هناك متسع من الوقت مابين إعلامهم بخبر الانفصال، وبين مغادرة أحد الآباء المنزل فإن هناك احتمال أن يتراجع ويستنكر الأطفال هذه الخطوة ويكذبوا مزاعم ابويهم أن لا شيء سيتغير في محيط العائلة.
إن إعطاء الأطفال مجرد ملاحظات وأخبار مختصرة حول الانفصال قد يكون ذا منفعة وغير منفعة؟!! فقد يعمل إخبارهم بخبر الانفصال قبل فترة وجيزة من مغادرة احدكما المنزل على تقليص فترة الانتظار الصعبة والحرجة... لكن لن يكون هناك متسع من الوقت لديهم للتعبير عن مشاعرهم وردود افعالهم تجاه هذا الأمر. وكثير من الآباء يتحينون يوم مغادرتهم لاخبار أطفالهم، وذلك لتجنب مشاهد تعابير الألم على محياهم بصورة مبدئية، علماً ان مشهد تأثر الآباء في هذا الموقف لا يكون محط إهتمامات الطفل عامة...
التصور هو أن أفضل توقيت يكون من بضع أيام إلى أسبوع واحد. هذه الفترة تمنح أطفالكم مزيد من الوقت لمعالجة مشاعرهم بوجود دعم من الوالدين، ورغم هذا لن يدوم الأمر طويلاً، إذ سرعان مايدخلون في دوامة الألم والجزع الفعلي مع نفاذ الوقت...
لهذا نجد أن الأطفال بحاجة إلى متسع من الوقت لهضم واستيعاب قرار الانفصال، ولطرح اسئلتهم والبدء في تعديل وضبط المتغيرات التي عصفت بحياتهم، وهذا لا يبدأ إلا عندما يتخذ يحسم القرار بالانفصال، لذلك لا تتحدثي اليهم بموضوع الانفصال قبل ان تمضيا انتِ وشريكك في اتخاذ القرار الحاسم.
*٤ - عبروا عن مشاعركم بالندم والألم
كثير من الآباء يخافون أن يعبروا عن مشاعرهم أمام الأطفال. ومن المستحيل ألا ننوه بالذكر مدى أهمية التعبير عن مشاعركما حول الإنفصال امام أطفالك. فهذا الأمر هو أحد السبل التي تمنح أطفالكما الإذن بأن يندبوا حظهم لخسارة عائلتهم التي تربوا في احضانها. وإذا لم يظهر الآباء مشاعرهم الآنية حياله فمن المحتمل أن يؤدي هذا الى أن يكبت الأطفال مشاعرهم التي قد تؤدي الى مشاكل نفسية مثل الصداع وأوجاع البطن والاكتئاب والتصرف بسلوك سيء.
من المهم للغاية ألا يتناقش الآباء مع الأطفال عندما يكونون في حالة توتر شديد. فالمشاعر المسيطرة في حال قرار الانفصام، كأن تكون الطرف الرافض له يجعلك متشنجاً بطريقة يصعب السيطرة عليها. إذاً انتظرا وامنحا انفسكما وقتاً لمعالجة قراركما والسيطرة على انفعالاتكما. لاشك أنه من الطبيعي ان يعتريكما شعور بالحزن والأسف ولامانع من ان يشارككما اولادكما مشاعركما هذه.
*٥ ـ ابقي التواصل فيما بينكم قائماً
الأولاد سوف يعانون من الإرباك بسبب قرار الانفصال والتغييرات التي ستحدث بحياتهم. لن يستطيعوا أن يتفهموا ويستوعبوا كل ما يقال لهم في وقت واحد، بل يحتاجون الى منحهم الوقت الكافي.
ومن المهم جداً أن تكونا متفتحين ومتقبلين للاسئلة التي سيحاولون طرحها عليكما، والتي أرقتهم بسبب اتخاذكما لقرار الانفصال. فأولادكما بحاجة ليشعروا بانكما مهتمين وحاضرين لاسئلتهم بكل راحة وترحيب.
وتذكرا انكما عندما تجيبا على أسئلتهم بصدق وصبر سوف يشعرون بالأمان والثقة وهذه نقطة جوهرية خلال هذه الفترة الحرجة.
إذا كان أولادكما صغاراً في السن فمن المحتمل أن تتكرر نفس الأسئلة المطروحة من قبلهم مراراً وتكراراً محاولين ايجاد سبباً للتغيرات التي تحدث في حياتهم، وهذا قد يؤدي بالوالدين إلى الجنون. خلال هذه الفترة الصبر هو المطلوب ولكن تذكرا أنكما تملكان سدة القرار بينما أولادكما لا. إن إنفصالكما قاس عليكما ولكنه وبلا شك، سيكون أكثر قساوة على اطفالكما.
وعندما يكرر الأطفال أسئلتهم فإن هذا لا يعني انهم يحاولون الحصول على معلومات أكثر بقدر ما أنهم يحاولون حملكما على إعادة منحهم مزيداً من الطمأنينة. ومحاولاتهم هذه قد تعني أنهم يبحثون عن سبب منطقي لانفصالكما.
إذا استطعتما تحمل كمية تساؤلاتهما سوف يصبحون قادرين على التعامل مع مشاعرهم بصورة أفضل، وهذا سيقود الى أن يتحسن اداءهم في المدرسة وستتحسن علاقاتهم مع أصدقائهم ويفعّلون أنشطتهم.
*٦ ـ أيتها الأم: اعدّي اطفالك لمواجهة المستقبل.
اطفالك بحاجة الى تفهم ماذا يعني الانفصال.. وطبعاً ماذا سيحصل لهم من جرائه.. وشرحك لمن هو في سن الحضانة يختلف عما سيكون عليه لمن هو في سن البلوغ لكن كل الابناء لديهم نفس الأسئلة، فهم سيقلقون من وضعهم القادم الذي سيؤولون اليه... يريدون أن يعلموا أشياء مثل: »اين سنعيش؟ هل سأستمر في رؤية والدي؟ »هل ستبقين على حبي؟ هل سأحظى بالاهتمام والرعاية؟! أين سيعيش والدي؟! هل سيتطلب مني الأمر تغيير مدرستي«...
قدمي لأبنائك أجوبة دقيقة وحاسمة إذا كنت تعلمين أين سيكون مقر الوالد الخارج عن ركب الرعاية الأسرية... اجيبي اطفالك بصورة محددة: »سوف يعيش والدك في شقة رقم *٤٥٤ في شارع باستور.. سوف يكون لديه غرفة لك وبإمكانك قضاء وقت معه في مقره الجديد«. ومع حلول أقرب فرصة اصطحبي اطفالك للتعرف على هذا المقر. إذ أن علمهم بمكانه سيخفف من قلقهم، واحساسهم بالخوف و بالخذلان وعدم الأمان. إذا لم تتوفر لديك معلومات محددة كهذه حاولي أن تزوديهم بما يتوفر لديك من معلومات وذلك في قدر الامكان، لأن عدم العلم يخيفهم، وبقدر ماتوفرين لهم من معلومات، يزداد احساسهم بالأمان أكثر.
اعترفي بصدق وأمانة أن الانفصال سيغير حياتكم ودعي اطفالك يعلمون معلومات عن التغيرات الرئيسة التي تمسهم. لكن تذكري انهم كأطفال لا يستوعبون ويعالجون إلا كم قليل من المعلومات، فإذا ما انتقل والدهم للعيش في شقة تاركاً المنزل، فهذا يعني بطبيعة الحال، التوقع انك ستتركين المنزل أيضاً للسكن في الجوار في منزل اقل كلفة. اخبري اطفالك بهذا التحول بصورة محددة ومختصرة، ولا تربكيهم بمزيد من التفاصيل في الخبر. إن مقدار تفاصيل الاخبار التي تقدمينها يعتمد على أعمار اطفالك وعلى مدى معرفتك بدرجة استيعابهم وقدراتهم الفعلية المتاحة.
وكلمة أخيرة للوالدين:
التحدث لاطفالك بشأن الانفصال وتبعاته لن ينتهي عند حد، فاتاحتكما لوجود فضاءات آمنة مغلفة بالصدق وفتح أبواب التواصل فيما بينكما، قبل وبعد الانفصال، سيساعد اطفالكما على ان يبخروا بأمان في عباب بحر متلاطم الأمواج بسبب انفصام عرى علاقتكما الزوجية.