ابولمى
3 - 11 - 2004, 05:56 AM
العبيكان لـ"الرياض": ناشرو الفكر التكفيري والإرهابي كُثر في مجتمعنا ومازالوا يتصدرون حلقات العلم والمحاضرات
حوار - أحمد الجميعة:
دعا ال*** عبدالمحسن العبيكان المفتش القضائي بوزارة العدل إلى تحديث جهاز هيئة كبار العلماء وجهاز الافتاء عموماً، مع مراعاة زيادة اجتماعات أعضاء هيئة كبار العلماء، وزيادة عددهم، وإيجاد مركز بحوث متقدم يساندهم في إصدار الفتوى، وإنشاء مراكز للإفتاء في جميع مناطق المملكة، إلى جانب تولي هيئة كبار العلماء مسؤولية الفتوى في المسائل العامة.
وقال في حديث ل "الرياض" إننا في هذا الزمان بحاجة إلى أن نجدد الفقه، ودراسة النوازل والحوادث دراسة متأنية، وأن نوجد لها الأحكام المناسبة، لأننا في هذا الزمان نفتقد الفقهاء الذين يفقهون الدين والنصوص، ولسنا بحاجة إلى حفظة فقه.
وأضاف: مازلنا نواجه الآن من يتحجرون في الفتوى ولا يستطيعون الخروج عن الكلام المسطر منذ قرون، مشيراً إلى انه يتألم لوضع مخيف وخطير، وهو أن هناك أناساً منغلقون على أنفسهم، وليس عندهم من بُعد النظر شيء ويتصدرون الفتاوى والدروس، وبخاصة في بعض المناطق، ويسيطرون سيطرة كاملة على الشباب الذين حولهم، ثم يغذونهم بالأحكام التي فيها التشديد والغلو، لذلك خرج من هؤلاء الشباب من يحمل فكراً مغالياً ومتشدداً حتى وصل الأمر بهم إلى التكفير ثم العمليات الإرهابية.
وأشار إلى اننا لم نعان من فكر الإرهاب إلا بعد ان جاءنا عدد من المدرسين من جماعة الاخوان المسلمين، ودخلوا إلى بلادنا، وسمموا أفكار الشباب، ثم خرجوا إلى أفغانستان واحتواهم أصحاب تلك الجماعات، فحل التوجيه المفسد لعقائدهم ومناهجهم فرجع إلينا بعضهم وهم يحملون هذا الفكر الضال.
وقال: إن من ينشر الفكر التكفيري والإرهابي كُثر في مجتمعنا، ومازالوا للأسف يتصدرون حلقات العلم، ويلقون المحاضرات، وبعضهم الخطب، وقد تُرك لهم الحبل على الغارب.
وأضاف: لقد سكتنا عن هؤلاء المفسدين الذين هم أعظم فساداً من الشخص الذي يفجر نفسه، أو يدمر منشأة، أو يقتل معاهدين، فهم موجودون بيننا، فكلما سقط أناس ربوا لنا آخرين وأخرجوهم إلينا.
وأشار إلى ان المشكلة فيمن يحمل هذا الفكر الضال ليست فيمن هم داخل السجون يناصحون الآن، ولكن فيمن هم خارج السجون، ولايزالون في تنظيماتهم واجتماعاتهم السرية.
وبيّن ال*** العبيكان انه التقى اسامة بن لادن مرتين، وذهب إلى أفغانستان، ووجد في تلك المعسكرات من يكفر الحكام والعلماء أمثال ال*** عبدالعزيز بن باز - رحمه الله.
وقال: إن الإنكار العلني على الولاة لا يجوز لما يسببه ذلك من الفتنة والانقسامات في المجتمع، بعكس المناصحة السرية التي تؤتي ثمارها، وتحقق أهدافها.
وأضاف: أن الفهم السقيم لبعض الناس لدعوة ال*** محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - جعل بعض المتشددين الغلاة أن يفعلوا ما ليس في الدين من شيء، وينسبوا ذلك إلى ال*** - رحمه الله -.
وأشار إلى ان المختلفين معي هم حفظة فقه وليسوا فقهاء.
وفيما يلي نص الحوار مع ال*** عبدالمحسن العبيكان:
(السيرة الذاتية)
@ بداية نرغب من فضيلتكم التعريف بسيرتكم الذاتية؟
- ولدت عام 1372ه، وأكملت دراستي النظامية في مراحل التعليم العام ثم في دار التوحيد، ثم انتقلت إلى كلية الشريعة بمكة المكرمة وكانت تابعة لجامعة الملك عبدالعزيز قبل أن تتحول إلى جامعة أم القرى، ومكثت فيها عدة أشهر، بعد ذلك انتقلت إلى كلية الشريعة في الرياض قبل أن تقوم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتخرجت فيها عام 94- 1395ه، ثم عينت ملازماً قضائياً في المحكمة الكبرى بالرياض، ورغبت في المواصلة بالمعهد العالي للقضاء ولكني وجدت أن الدراسة الفردية بالنسبة لي والاطلاع عن كثب على الكتب والمراجع العلمية، بالإضافة إلى القيام بالدروس الخاصة أفضل وأنفع لي من الدراسة النظامية، ولما كنت في مكة المكرمة التقيت بعدد من المشايخ، ودرست التجويد على يد ال*** محمد بن مخدوم البخاري - رحمه الله -، ومن عادتي الحرص على الالتقاء بعدد من العلماء والمشايخ الكبار للمناقشة والتحاور حول بعض المسائل الفقهية، وكنت دائم الحضور في مجلس ال*** عبدالعزيز بن صالح المرشد - رحمه الله - وكان ذلك شبه يومي، ومكثت على ذلك سنوات، كما كنت ألقي الدروس في جامع العم ال*** محمد العبيكان، ثم جامع الجوهرة بالرياض الذي أنا إمامه الآن، حيث استفدت خلال هذه ال
مدة من الاطلاع على كتب العلماء في الحديث والفقه والتفسير، مما ساهم في رصيدي المعرفي.
أما عملي الوظيفي فقد كنت ملازماً قضائياً لمدة شهرين مع أن الملازمة في النظام يجب أن تكون ثلاث سنوات، حيث كتب رئيس المحكمة إلى وزارة العدل بأنه يرى تكليفي بمكتب قضائي خلفاً لأحد القضاة الذي انتقل إلى رئاسة محاكم حائل، فعمدت بالعمل قاضياً، وبعد عام صدر قرار مجلس القضاء الأعلى برئاسة سماحة ال*** عبدالله بن محمد بن حميد - رحمه الله - بتعييني قاضياً في السيل الكبير بالطائف وضم إلى عملي هناك القضاء في بلدة المضيق قرب مكة المكرمة، وبلدة عشيرة ثم انتقلت إلى المحكمة الكبرى بالرياض وعملت قاضياً بها، عقب ذلك عينت مفتشاً قضائياً بوزارة العدل ولا أزال في هذا المنصب إلى الآن..
وقمت بالإشراف على رسالة دكتوراه بالمعهد العالي للقضاء، كما قمت بتدريس الطلاب هناك مدة من الزمن، وألفت عدداً من الكتب، أشهرها كتاب يعد موسوعة فقهية هو "غاية المرام شرح مغنى ذوي الافهام" طبع منه سبعة مجلدات وهو يصل إلى أربعين مجلداً.
(مرحلة الإنكار العلني)
@ دعني فضيلة ال*** أركز في سيرتكم الذاتية على العام 1991م أثناء أزمة الخليج الثانية وموقفكم من الاستعانة بالقوات الأجنبية، كذلك موقفكم من الإنكار العلني، والسؤال هل كانت هذه المرحلة تعبّر عن فكر متشدد لدى ال*** العبيكان أم رغبة في الإصلاح أم أنه حماس زائد - إن صح التعبير - في مجال الدعوة والاحتساب؟
- الواقع أنه لم يكن لي موقف متشدد ضد الاستعانة بالقوات الأجنبية، والأمريكية على وجه الخصوص، ولم أتكلم بكلمة واحدة في هذا الموضوع، ولا يوجد لي كلام لا في شريط ولا خطبة يشير إلى ما ذكرت عن اعتراضي على القوات الأمريكية، بل على العكس كنت مؤيداً تأييداً كاملاً لقرار هيئة كبار العلماء بجواز الاستعانة بهذه القوات، ولكن حصل في بعض الخطب والمحاضرات نوع من الإنكار العلني.
(الإنكار العلني)
@ معنى هذا يا فضيلة ال*** انك لا تجيز الإنكار العلني على ولاة الأمر؟
- بعد المراجعة المستفيضة لكتب العلماء، والبحث المستمر عن هذا الموضوع توصلت عن قناعة تامة بأنه لا يجوز الإنكار العلني على الولاة، لما يسببه من الفتنة، والأحقاد، والانقسامات في المجتمع، بعكس المناصحة السرية التي تؤتي ثمارها، وتحقق أهدافها.
(لقاء أسامة بن لادن)
@ دعنا نبقى في هذه المرحلة من حياتك.. واسأل عن زيارة أسامة بن لادن لكم مرتين في منزلكم بالرياض قبل خروجه من المملكة، وذهابك إلى أفغانستان، مما جعل بعض الناس يفهم أن ال*** العبيكان ينتسب إلى فكر معين أو حزب؟
- ما نقل عني في تلك الفترة من أني أنتسب إلى فكر أو حزب معين هو كذب وافتراء، وولاة الأمر يعرفون حقيقة ذلك، أما ما ذكرت أن أسامة بن لادن زارني في منزلي فهذا صحيح كما ذهبت إلى أفغانستان بدعوة منه، وزرت مراكز التدريب هناك، ووصلت إلى جبهة القتال، وشاركت مشاركة بسيطة بهدف الحصول على الأجر والثواب، وكان أسامة بن لادن آنذاك لايزال في المملكة وأثناء زيارتي لمراكز التدريب وجدت فيها من يكفر الحكام والعلماء مثل سماحة ال*** عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - وطلبت من القائمين على المراكز أن يجمعوا لي الشباب الموجودين في هذه المعسكرات وهي معسكر الصديق، ومعسكر الفاروق، ومعسكر ذي النورين، وألقيت عليهم محاضرة استمرت ثلاث ساعات في الليل الدامس، لأنهم يخشون من قصف طائرات الاتحاد السوفييتي، وأوضحت لهم عدم جواز تكفير الحكام والعلماء، كما شرحت لهم موقف ال*** بن باز - رحمه الله - واجتهاده بجواز الاستعانة بالقوات الأجنبية أثناء أزمة الخليج الثانية، التي كانت سبب تكفيره من وجهة نظرهم.
(فضيلة التحول والمراجعة)
@ إذن فضيلة ال*** أنت تؤمن بفضيلة التحول ومراجعة النفس؟
- العبيكان: لاشك أن كل مسلم يجب عليه إذا عرف الحق أن يعود إليه، ويترك ما كان عليه من خطأ، فعمر رضي الله عنه قال في المسألة الفرضية المشهورة "تلك على ما قضينا، وهذه على ما نقضي"، فتحول اجتهاده ورأيه من القول الأول إلى القول الآخر، وهناك أمثلة كثيرة جداً لعدد من العلماء كانت لهم فتاوى واجتهادات وتراجعوا عنها بعد أن تبين لهم أن اجتهادهم كان خاطئاً، فأنا مثلاً تحولت من الانكار العلني للولاة إلى المناصحة السرية التي حققت أهدافها دون إثارة أو انقسام أو تأجيج، ومازلت مستمراً في ذلك، وهم - حفظهم الله - يتقبلون هذا النوع من المناصحة، وتنشرح صدورهم له، والحمد لله حصل لي من لقاء سمو ولي العهد - جزاه الله خيراً - استجابة كبيرة نحو بعض القضايا التي عُدلت، وأمور أخرى ما زلنا ننتظرها.
(مدرسة ال*** محمد بن عبدالوهاب)
@ *** عبدالمحسن أنت تنتسب إلى مدرسة ال*** محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وهذه المدرسة واجهت فهماً متفاوتاً بين الغلاة والوسطيين لبعض الفتاوى والأقوال الصادرة عنها، فما موقفكم من ذلك؟
- مدرسة ال*** محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - هي مدرسة تجديد لدعوة التوحيد، وهناك فرق بين دعوة التوحيد وبين المسائل الفقهية الفرعية، أما مسألة التوحيد والعقيدة فهي لا تتغير ولا تتبدل، وفيها نصوص ثابتة لا تقبل الاجتهاد أو التغيير أو التأويل، وال*** محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - إنما جاء مجدداً لدعوة التوحيد التي هي دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقام بتجديدها قبله عدد من العلماء ومن ضمنهم *** الإسلام أحمد بن تيمية وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله -، حيث تتلمذ ال*** محمد على كتبهما ونهل من علمهما واستفاد كثيراً من دعوتهما، ولكن الفارق بينهما ان ال*** محمد وجد من يعينه ويناصره في هذه الدعوة بخلاف *** الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، حيث مَنّ الله على ال*** محمد بن عبدالوهاب ب آل سعود الذين قاموا بنشر هذه الدعوة والاهتمام بها والتحمل في سبيلها إلى أن قاتلوا الناس عليها، لأنها عقيدة التوحيد، ونبذ الشرك، وهذا الأمر لا يتغير ولا يتبدل، ولا يجوز لأحد أن يطالب بدراسة أو إعادة دراسة تلك الدعوة.. ولكن المشكلة في الفهم السقيم لبعض الناس لهذه الدعوة، والكلام الذي يصدر منه - رحمه الله -، مما جعل بعض المتشددين الغلاة
أن يفعلوا ما ليس في الدين من شيء وينسبوا ذلك إلى ال*** محمد بن عبدالوهاب.
بينما الذي يرجع إلى كتب ال*** وعلماء الدعوة - رحمهم الله - لا يجد فيها ما يؤيد ما يذهبون إليه، مثل حكم التكفير، فهؤلاء الغلاء الذي ينتسبون إلى مدرسة ال*** محمد يتوسعون في التفكير بشكل كبير جداً، ويفهمون كلام ال*** - رحمه الله - فهماً خاطئاً، مع أن ال*** محمد يكرر دائماً "انني لا أكفر إلا من أجمع المسلمين على تكفيره" وهذا يكفي في دحض شبه أولئك المتشددين ويرد على أباطيلهم.
@ يفهم من كلامك أن منهج ال*** محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - في المسائل الفرعية يمكن أن يكون محل نقاش ومراجعة؟
- كل يؤخذ من قوله ويرد، وكل إنسان معرض للخطأ، فالمسائل الفقهية هي التي يحصل فيها الخطأ والتغيير والتبديل والمراجعة، أما المسلمات العقدية التي جاءت فيها نصوص جلية فهي لا تقبل النقاش والمراجعة، أمّا لو كان هناك خطأ من أي شخص فالخطأ مردود على صاحبه، ولهذا الأئمة الكبار يقولون كما قال الإمام مالك - رحمه الله - "كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر"، يعني الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول الإمام الشافعي "إذا صح الحديث فهو مذهبي، وإذا عارض الحديث قولي فاضربوا بقولي عرض الحائط"، فهم يبحثون عن الحق بدليله.
حوار - أحمد الجميعة:
دعا ال*** عبدالمحسن العبيكان المفتش القضائي بوزارة العدل إلى تحديث جهاز هيئة كبار العلماء وجهاز الافتاء عموماً، مع مراعاة زيادة اجتماعات أعضاء هيئة كبار العلماء، وزيادة عددهم، وإيجاد مركز بحوث متقدم يساندهم في إصدار الفتوى، وإنشاء مراكز للإفتاء في جميع مناطق المملكة، إلى جانب تولي هيئة كبار العلماء مسؤولية الفتوى في المسائل العامة.
وقال في حديث ل "الرياض" إننا في هذا الزمان بحاجة إلى أن نجدد الفقه، ودراسة النوازل والحوادث دراسة متأنية، وأن نوجد لها الأحكام المناسبة، لأننا في هذا الزمان نفتقد الفقهاء الذين يفقهون الدين والنصوص، ولسنا بحاجة إلى حفظة فقه.
وأضاف: مازلنا نواجه الآن من يتحجرون في الفتوى ولا يستطيعون الخروج عن الكلام المسطر منذ قرون، مشيراً إلى انه يتألم لوضع مخيف وخطير، وهو أن هناك أناساً منغلقون على أنفسهم، وليس عندهم من بُعد النظر شيء ويتصدرون الفتاوى والدروس، وبخاصة في بعض المناطق، ويسيطرون سيطرة كاملة على الشباب الذين حولهم، ثم يغذونهم بالأحكام التي فيها التشديد والغلو، لذلك خرج من هؤلاء الشباب من يحمل فكراً مغالياً ومتشدداً حتى وصل الأمر بهم إلى التكفير ثم العمليات الإرهابية.
وأشار إلى اننا لم نعان من فكر الإرهاب إلا بعد ان جاءنا عدد من المدرسين من جماعة الاخوان المسلمين، ودخلوا إلى بلادنا، وسمموا أفكار الشباب، ثم خرجوا إلى أفغانستان واحتواهم أصحاب تلك الجماعات، فحل التوجيه المفسد لعقائدهم ومناهجهم فرجع إلينا بعضهم وهم يحملون هذا الفكر الضال.
وقال: إن من ينشر الفكر التكفيري والإرهابي كُثر في مجتمعنا، ومازالوا للأسف يتصدرون حلقات العلم، ويلقون المحاضرات، وبعضهم الخطب، وقد تُرك لهم الحبل على الغارب.
وأضاف: لقد سكتنا عن هؤلاء المفسدين الذين هم أعظم فساداً من الشخص الذي يفجر نفسه، أو يدمر منشأة، أو يقتل معاهدين، فهم موجودون بيننا، فكلما سقط أناس ربوا لنا آخرين وأخرجوهم إلينا.
وأشار إلى ان المشكلة فيمن يحمل هذا الفكر الضال ليست فيمن هم داخل السجون يناصحون الآن، ولكن فيمن هم خارج السجون، ولايزالون في تنظيماتهم واجتماعاتهم السرية.
وبيّن ال*** العبيكان انه التقى اسامة بن لادن مرتين، وذهب إلى أفغانستان، ووجد في تلك المعسكرات من يكفر الحكام والعلماء أمثال ال*** عبدالعزيز بن باز - رحمه الله.
وقال: إن الإنكار العلني على الولاة لا يجوز لما يسببه ذلك من الفتنة والانقسامات في المجتمع، بعكس المناصحة السرية التي تؤتي ثمارها، وتحقق أهدافها.
وأضاف: أن الفهم السقيم لبعض الناس لدعوة ال*** محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - جعل بعض المتشددين الغلاة أن يفعلوا ما ليس في الدين من شيء، وينسبوا ذلك إلى ال*** - رحمه الله -.
وأشار إلى ان المختلفين معي هم حفظة فقه وليسوا فقهاء.
وفيما يلي نص الحوار مع ال*** عبدالمحسن العبيكان:
(السيرة الذاتية)
@ بداية نرغب من فضيلتكم التعريف بسيرتكم الذاتية؟
- ولدت عام 1372ه، وأكملت دراستي النظامية في مراحل التعليم العام ثم في دار التوحيد، ثم انتقلت إلى كلية الشريعة بمكة المكرمة وكانت تابعة لجامعة الملك عبدالعزيز قبل أن تتحول إلى جامعة أم القرى، ومكثت فيها عدة أشهر، بعد ذلك انتقلت إلى كلية الشريعة في الرياض قبل أن تقوم جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وتخرجت فيها عام 94- 1395ه، ثم عينت ملازماً قضائياً في المحكمة الكبرى بالرياض، ورغبت في المواصلة بالمعهد العالي للقضاء ولكني وجدت أن الدراسة الفردية بالنسبة لي والاطلاع عن كثب على الكتب والمراجع العلمية، بالإضافة إلى القيام بالدروس الخاصة أفضل وأنفع لي من الدراسة النظامية، ولما كنت في مكة المكرمة التقيت بعدد من المشايخ، ودرست التجويد على يد ال*** محمد بن مخدوم البخاري - رحمه الله -، ومن عادتي الحرص على الالتقاء بعدد من العلماء والمشايخ الكبار للمناقشة والتحاور حول بعض المسائل الفقهية، وكنت دائم الحضور في مجلس ال*** عبدالعزيز بن صالح المرشد - رحمه الله - وكان ذلك شبه يومي، ومكثت على ذلك سنوات، كما كنت ألقي الدروس في جامع العم ال*** محمد العبيكان، ثم جامع الجوهرة بالرياض الذي أنا إمامه الآن، حيث استفدت خلال هذه ال
مدة من الاطلاع على كتب العلماء في الحديث والفقه والتفسير، مما ساهم في رصيدي المعرفي.
أما عملي الوظيفي فقد كنت ملازماً قضائياً لمدة شهرين مع أن الملازمة في النظام يجب أن تكون ثلاث سنوات، حيث كتب رئيس المحكمة إلى وزارة العدل بأنه يرى تكليفي بمكتب قضائي خلفاً لأحد القضاة الذي انتقل إلى رئاسة محاكم حائل، فعمدت بالعمل قاضياً، وبعد عام صدر قرار مجلس القضاء الأعلى برئاسة سماحة ال*** عبدالله بن محمد بن حميد - رحمه الله - بتعييني قاضياً في السيل الكبير بالطائف وضم إلى عملي هناك القضاء في بلدة المضيق قرب مكة المكرمة، وبلدة عشيرة ثم انتقلت إلى المحكمة الكبرى بالرياض وعملت قاضياً بها، عقب ذلك عينت مفتشاً قضائياً بوزارة العدل ولا أزال في هذا المنصب إلى الآن..
وقمت بالإشراف على رسالة دكتوراه بالمعهد العالي للقضاء، كما قمت بتدريس الطلاب هناك مدة من الزمن، وألفت عدداً من الكتب، أشهرها كتاب يعد موسوعة فقهية هو "غاية المرام شرح مغنى ذوي الافهام" طبع منه سبعة مجلدات وهو يصل إلى أربعين مجلداً.
(مرحلة الإنكار العلني)
@ دعني فضيلة ال*** أركز في سيرتكم الذاتية على العام 1991م أثناء أزمة الخليج الثانية وموقفكم من الاستعانة بالقوات الأجنبية، كذلك موقفكم من الإنكار العلني، والسؤال هل كانت هذه المرحلة تعبّر عن فكر متشدد لدى ال*** العبيكان أم رغبة في الإصلاح أم أنه حماس زائد - إن صح التعبير - في مجال الدعوة والاحتساب؟
- الواقع أنه لم يكن لي موقف متشدد ضد الاستعانة بالقوات الأجنبية، والأمريكية على وجه الخصوص، ولم أتكلم بكلمة واحدة في هذا الموضوع، ولا يوجد لي كلام لا في شريط ولا خطبة يشير إلى ما ذكرت عن اعتراضي على القوات الأمريكية، بل على العكس كنت مؤيداً تأييداً كاملاً لقرار هيئة كبار العلماء بجواز الاستعانة بهذه القوات، ولكن حصل في بعض الخطب والمحاضرات نوع من الإنكار العلني.
(الإنكار العلني)
@ معنى هذا يا فضيلة ال*** انك لا تجيز الإنكار العلني على ولاة الأمر؟
- بعد المراجعة المستفيضة لكتب العلماء، والبحث المستمر عن هذا الموضوع توصلت عن قناعة تامة بأنه لا يجوز الإنكار العلني على الولاة، لما يسببه من الفتنة، والأحقاد، والانقسامات في المجتمع، بعكس المناصحة السرية التي تؤتي ثمارها، وتحقق أهدافها.
(لقاء أسامة بن لادن)
@ دعنا نبقى في هذه المرحلة من حياتك.. واسأل عن زيارة أسامة بن لادن لكم مرتين في منزلكم بالرياض قبل خروجه من المملكة، وذهابك إلى أفغانستان، مما جعل بعض الناس يفهم أن ال*** العبيكان ينتسب إلى فكر معين أو حزب؟
- ما نقل عني في تلك الفترة من أني أنتسب إلى فكر أو حزب معين هو كذب وافتراء، وولاة الأمر يعرفون حقيقة ذلك، أما ما ذكرت أن أسامة بن لادن زارني في منزلي فهذا صحيح كما ذهبت إلى أفغانستان بدعوة منه، وزرت مراكز التدريب هناك، ووصلت إلى جبهة القتال، وشاركت مشاركة بسيطة بهدف الحصول على الأجر والثواب، وكان أسامة بن لادن آنذاك لايزال في المملكة وأثناء زيارتي لمراكز التدريب وجدت فيها من يكفر الحكام والعلماء مثل سماحة ال*** عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - وطلبت من القائمين على المراكز أن يجمعوا لي الشباب الموجودين في هذه المعسكرات وهي معسكر الصديق، ومعسكر الفاروق، ومعسكر ذي النورين، وألقيت عليهم محاضرة استمرت ثلاث ساعات في الليل الدامس، لأنهم يخشون من قصف طائرات الاتحاد السوفييتي، وأوضحت لهم عدم جواز تكفير الحكام والعلماء، كما شرحت لهم موقف ال*** بن باز - رحمه الله - واجتهاده بجواز الاستعانة بالقوات الأجنبية أثناء أزمة الخليج الثانية، التي كانت سبب تكفيره من وجهة نظرهم.
(فضيلة التحول والمراجعة)
@ إذن فضيلة ال*** أنت تؤمن بفضيلة التحول ومراجعة النفس؟
- العبيكان: لاشك أن كل مسلم يجب عليه إذا عرف الحق أن يعود إليه، ويترك ما كان عليه من خطأ، فعمر رضي الله عنه قال في المسألة الفرضية المشهورة "تلك على ما قضينا، وهذه على ما نقضي"، فتحول اجتهاده ورأيه من القول الأول إلى القول الآخر، وهناك أمثلة كثيرة جداً لعدد من العلماء كانت لهم فتاوى واجتهادات وتراجعوا عنها بعد أن تبين لهم أن اجتهادهم كان خاطئاً، فأنا مثلاً تحولت من الانكار العلني للولاة إلى المناصحة السرية التي حققت أهدافها دون إثارة أو انقسام أو تأجيج، ومازلت مستمراً في ذلك، وهم - حفظهم الله - يتقبلون هذا النوع من المناصحة، وتنشرح صدورهم له، والحمد لله حصل لي من لقاء سمو ولي العهد - جزاه الله خيراً - استجابة كبيرة نحو بعض القضايا التي عُدلت، وأمور أخرى ما زلنا ننتظرها.
(مدرسة ال*** محمد بن عبدالوهاب)
@ *** عبدالمحسن أنت تنتسب إلى مدرسة ال*** محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - وهذه المدرسة واجهت فهماً متفاوتاً بين الغلاة والوسطيين لبعض الفتاوى والأقوال الصادرة عنها، فما موقفكم من ذلك؟
- مدرسة ال*** محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - هي مدرسة تجديد لدعوة التوحيد، وهناك فرق بين دعوة التوحيد وبين المسائل الفقهية الفرعية، أما مسألة التوحيد والعقيدة فهي لا تتغير ولا تتبدل، وفيها نصوص ثابتة لا تقبل الاجتهاد أو التغيير أو التأويل، وال*** محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - إنما جاء مجدداً لدعوة التوحيد التي هي دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقام بتجديدها قبله عدد من العلماء ومن ضمنهم *** الإسلام أحمد بن تيمية وتلميذه ابن القيم - رحمهما الله -، حيث تتلمذ ال*** محمد على كتبهما ونهل من علمهما واستفاد كثيراً من دعوتهما، ولكن الفارق بينهما ان ال*** محمد وجد من يعينه ويناصره في هذه الدعوة بخلاف *** الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، حيث مَنّ الله على ال*** محمد بن عبدالوهاب ب آل سعود الذين قاموا بنشر هذه الدعوة والاهتمام بها والتحمل في سبيلها إلى أن قاتلوا الناس عليها، لأنها عقيدة التوحيد، ونبذ الشرك، وهذا الأمر لا يتغير ولا يتبدل، ولا يجوز لأحد أن يطالب بدراسة أو إعادة دراسة تلك الدعوة.. ولكن المشكلة في الفهم السقيم لبعض الناس لهذه الدعوة، والكلام الذي يصدر منه - رحمه الله -، مما جعل بعض المتشددين الغلاة
أن يفعلوا ما ليس في الدين من شيء وينسبوا ذلك إلى ال*** محمد بن عبدالوهاب.
بينما الذي يرجع إلى كتب ال*** وعلماء الدعوة - رحمهم الله - لا يجد فيها ما يؤيد ما يذهبون إليه، مثل حكم التكفير، فهؤلاء الغلاء الذي ينتسبون إلى مدرسة ال*** محمد يتوسعون في التفكير بشكل كبير جداً، ويفهمون كلام ال*** - رحمه الله - فهماً خاطئاً، مع أن ال*** محمد يكرر دائماً "انني لا أكفر إلا من أجمع المسلمين على تكفيره" وهذا يكفي في دحض شبه أولئك المتشددين ويرد على أباطيلهم.
@ يفهم من كلامك أن منهج ال*** محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله - في المسائل الفرعية يمكن أن يكون محل نقاش ومراجعة؟
- كل يؤخذ من قوله ويرد، وكل إنسان معرض للخطأ، فالمسائل الفقهية هي التي يحصل فيها الخطأ والتغيير والتبديل والمراجعة، أما المسلمات العقدية التي جاءت فيها نصوص جلية فهي لا تقبل النقاش والمراجعة، أمّا لو كان هناك خطأ من أي شخص فالخطأ مردود على صاحبه، ولهذا الأئمة الكبار يقولون كما قال الإمام مالك - رحمه الله - "كل يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر"، يعني الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول الإمام الشافعي "إذا صح الحديث فهو مذهبي، وإذا عارض الحديث قولي فاضربوا بقولي عرض الحائط"، فهم يبحثون عن الحق بدليله.