ابولمى
14 - 11 - 2004, 12:05 AM
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد
فيا أيها المسلمون قد كنتم ترتقبون مجيء شهر رمضان فجاء شهر رمضان ثم خلفتموه وراء ظهوركم وهكذا كل مستقبل للمرء يرتقبه وينتظره ثم يمر به ويخلفه وراءه حتى يأتيه الموت أيها الناس لقد حل بكم شهر رمضان ضيفا كريما فأودعتموه ما شاء الله من الأعمال ثم فارقكم شاهدا عليكم أو لكم بما أودعتموه لقد فرح قوم بفراقه لأنهم تخلصوا منه تخلصوا من الصيام والعبادات التي كانت ثقيلة عليهم وفرح قوم بتمامه لأنهم تخلصوا به من الذنوب والآثام بما قاموا به فيه من عمل صالح استحقوا به وعد الله بالمغفرة والفرق بين الفرحين عظيم جدا أيها المسلمون إننا قد تولينا صيام رمضان وقيامه على تقصير منا وقصور ولكننا نسأل الله العفو والمغفرة نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ما عملناه في ذلك الشهر وفي غيره نسأل الله تعالى أن يتجاوز عن تقصيرنا نسأل الله تعالى أن نجد ذلك يوم القيامة مدخرا لنا ثوابه عند ربنا أيها المسلمون إن علامة قبول الحسنة كما قال بعض العلماء أن يعقبها الإنسان بحسنة أخرى فإن الحسنات تتبعها الحسنات وإن من علامة عدم القبول أن يكون الإنسان منتظرا للفراغ من العبادة حتى يعود إلى السيئات بعدها لأنه يحن للسيئات والعبادات ثقيلة عليه فاتقوا أيها المسلمون وحافظوا على الأعمال الصالحة في غير رمضان كما حافظتم عليها في رمضان فإن عمل المؤمن لا ينقضي بانقضاء مواسم العمل إن عمل المؤمن عمل دائب لا ينقضي إلا بالموت كما قال الله عز وجل : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر:99) وكما قال الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) وكما قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (الانشقاق:6) فأتى بالملاقاة بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب وهذا يدل على أن كدح الإنسان إلى ربه متصل إلى الموت فيا أيها المسلمون أكثروا من عبادة الله اتقوا الله عز وجل فإنكم لا تدرون متى يفجأكم الموت كم من إنسان خرج من أهله ولم يرجع إليهم وكم من إنسان نام على فراشه ولم يقم منه وكم من إنسان ذر ثوبه ولم يفك أزراره إلا غاسله فاتقوا الله عباد الله أيها المسلمون لئن انقضى شهر الصيام وهو موسم عمل فإن زمن العمل ولله الحمد لم ينقطع ولئن انقضى صيام رمضان فإن الصيام لا يزال مشروعا ولله الحمد (فمن صام رمضان وأتبعه بستة أيام من شوال كان كصيام الدهر ) وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام يوم الاثنين والخميس وقال: ( إن الأعمال تعرض فيهما على الله فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) وأوصى صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء رضي الله عنهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وقال صلى الله عليه وسلم (صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله )وحث صلى الله عليه وسلم على العمل الصالح في عشر ذي الحجة ومنه الصيام وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يدع صيامها وقال في صوم يوم عرفة ( يكفر سنتين ماضية ومستقبلة ) يعني لغير الحاج فإما الحاج فلا يصوم في عرفة وقال صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) وقال في صوم يوم العاشر منه (يكفر سنة ماضية) وقالت عائشة رضي الله عنها: ( ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم في شهر تعني تطوعا ما كان يصوم في شعبان كان يصومه إلا قليلا بل كان يصومه كله ) ولئن انقضى قيام رمضان فإن القيام لا يزال مشروعا كل ليلة من ليالي السنة حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم ورغب فيه وقال: ( أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : ( من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ) فاتقوا الله تعالى عباد الله وبادروا أعماركم بأعمالكم وحققوا أقوالكم بأفعالكم فإن حقيقة عمر الإنسان ما أمضاه في طاعة الله وإن الكيس من دان نفسه أي حاسبها وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني أيها المسلمون لقد يسر الله لكم سبل الخيرات وفتح أبوابها ودعاكم لدخولها وبين لكم ثوابها فهذه الصلوات الخمس آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين هي خمس في الفعل وخمسون في الميزان من أقامها كانت كفارة له ونجاة يوم القيامة شرعها الله لكم وأكملها بالرواتب التابعة لها وهي اثنتا عشرة ركعة أربع قبل الظهر بسلامين وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر من صلاهن بنى الله له بيتا في الجنة وهذا الوتر سنة مؤكدة سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله وقال : ( من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم من آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة ) وذلك أفضل فهو سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان تركه حتى قال بعض العلماء إن الوتر واجب يأثم بتركه وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة وأقل الوتر ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة ووقته من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ومن فاته في الليل قضاه في النهار شفعا فإذا كان عادته أن يوتر بثلاث فنسيه في الليل أو نام عنه صلاه في النهار أربعا ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ) وهذه الأذكار خلف الصلوات المكتوبة فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثة وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ومن سبح الله دبر كل صلاة ثلاث وثلاثين وحمد الله ثلاث وثلاثين وكبر الله ثلاث وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر وهذا الوضوء للصلوات الخمس ولغيرها من النوافل من الصلوات من توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء وهذه النفقات المالية من الزكوات والصدقات والمصروفات على الأهل والأولاد حتى على نفس الإنسان صدقة ما من مؤمن ينفق نفقة يبتغي بها وجه الله إلا أثيب عليها وإن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها والساعي على الأرملة و المساكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالصائم لا يفطر وكالقائم لا يفتر والساعي عليهم هو الذي يسعى بطلب رزق ويقوم بحاجتهم والعائلة الصغار والضعفاء الذين لا يستطيعون القيام بأنفسهم هم من المساكين فالسعي عليهم كالجهاد في سبيل الله أو كالصيام الدائم والقيام المستمر فيا عباد الله إن طرق الخير كثيرة فأين السالكون وإن أبوابها لمفتوحة فأين الداخلون وإن الحق لواضح لا يزيغ عنه إلا الهالكون فخذوا عباد الله من كل طاعة بنصيب فقد قال الله عز وجل: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وفقني الله وإياكم لاغتنام الأوقات وعمارتها بالأعمال الصالحات ورزقنا اجتناب الخطايا والسيئات وطهرنا منها بمنه وكرمه إنه واسع الهبات وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا الصباح وأنور وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
فإن الذين صاموا ستة أيام من شوال بعد رمضان مباشرة بعد يوم العيد وتابعوا بينها هذا آخر يوم لهم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن من صام رمضان ثم أتبعه بستةٍ أيام من شوال كان كصيام الدهر ) وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها فصيام رمضان عن عشرة شهور وصيام الست عن شهرين فهذه هي سنة كلها وإن في صيام الأيام الستة مسائل يسأل الناس فيها أسئلة كثيرة فمنها هل يشترط أن يصوم هذه الأيام متتابعة أو هو ينال الأجر إن صامها متفرقة والجواب على ذلك أن الإنسان ينال أجرها سواء صامها متتابعة أم متفرقة ولكن المبادرة بها وصيامها متتابعة أفضل لما فيه من المبادرة إلى الخير والسؤال الثاني هل يجوز للإنسان أن يصومها من ثاني يوم العيد أم لا بد أن يتأخر ثلاثة أيام قياسا على أيام التشريق في عيد الأضحى والجواب على ذلك أنه لا بأس أن يصومها من ثاني يوم العيد بل إن ذلك أفضل وليس في عيد الفطر أيام تشريق وإنما أيام التشريق في عيد الأضحى لأنه هو اليوم الذي تذبح فيه القربان وهي أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل السؤال الثالث هل ينال الإنسان أجر هذه الأيام الستة إذا صامها قبل أن يقضي ما عليه من رمضان والجواب أنه لا ينال أجرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من صام رمضان ثم أتبعه بستةٍ أيام من شوال ) فقال من صام رمضان ومن كان عليه قضاء فإنه لم يصم رمضان بعد بل بقي عليه الأيام الباقية وعلى هذا فلا ينال الانسان أجرها إلا إذا أتم رمضان كله ثم صامها بعد ذلك في شوال السؤال الرابع يقول بعض الناس إن الإنسان إذا صام هذه الأيام الستة في سنة فإنه يجب عليه أن يصومها كل سنة والجواب على ذلك أن هذا ليس بصحيح فإن صيام هذه الأيام نفل وتطوع إذا صامه الإنسان أدرك اجره وإذا تركه في سنة لم يدرك أجره ولكنه لا يأثم بذلك لأن النوافل لا يأثم الإنسان بتركها ولكن ينبغي للإنسان إذا عمل شيئا من العبادات أن يثبته ويديم عليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أحب الإعمال على الله أدومه وإن قل ) أيها المسلمون إن بعض الناس يعتقدون أن اليوم الثامن من هذا الشهر أعني شهر شوال يوم عيد ويسمونه عيد الأبرار وهذا ليس بصحيح بل هذا اليوم الثامن من شوال كاليوم السابع والتاسع منه لا فرق بين أيام شوال في هذا حتى إن بعض الناس يسأل يقول هل يجوز أن أصوم اليوم الثامن لأنه عيد الأبرار فنقول إنه ليس بعيد ولا يحدث فيه شيء من شعائر العيد لا يترك صومه ولا يحدث فيه أطعمة ولا صدقات كغيرها لأنه كسائر الأيام فاتقوا الله عباد الله وتفقهوا في دينكم وخذوا دينكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن طريق أهل العلم الذين عرفوا بالعلم و النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين و عامتهم وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ؛ شذ في النار وأعلموا وأن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم أصلح لهم البطانة وأعنهم على أداء الأمانة اللهم من كان من بطانتهم ناصحا لهم ولرعيتهم فثبته على ذلك ومن كان على سوى هذا فأبعده عنهم وأبدلهم بخير منه يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير اللهم أصلح شعوب المسلمين اللهم أصلح شعوب المسلمين شبابهم وكهولهم وشيوخهم ذكورهم وإناثهم يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في أقطار الدنيا كلها يا رب العالمين اللهم كن معهم ولا تكن عليهم يا رب العالمين اللهم أيدهم بنصرك اللهم ثبت أقدامهم اللهم أنصرهم على القوم الكافرين يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا أنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وافوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم و اشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ...
وتفضلوا رابط الخطبة صوتية من موقع ال*** رحمه الله ..
http://www.ibnothaimeen.com/publish/article_510.shtml
أما بعد
فيا أيها المسلمون قد كنتم ترتقبون مجيء شهر رمضان فجاء شهر رمضان ثم خلفتموه وراء ظهوركم وهكذا كل مستقبل للمرء يرتقبه وينتظره ثم يمر به ويخلفه وراءه حتى يأتيه الموت أيها الناس لقد حل بكم شهر رمضان ضيفا كريما فأودعتموه ما شاء الله من الأعمال ثم فارقكم شاهدا عليكم أو لكم بما أودعتموه لقد فرح قوم بفراقه لأنهم تخلصوا منه تخلصوا من الصيام والعبادات التي كانت ثقيلة عليهم وفرح قوم بتمامه لأنهم تخلصوا به من الذنوب والآثام بما قاموا به فيه من عمل صالح استحقوا به وعد الله بالمغفرة والفرق بين الفرحين عظيم جدا أيها المسلمون إننا قد تولينا صيام رمضان وقيامه على تقصير منا وقصور ولكننا نسأل الله العفو والمغفرة نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ما عملناه في ذلك الشهر وفي غيره نسأل الله تعالى أن يتجاوز عن تقصيرنا نسأل الله تعالى أن نجد ذلك يوم القيامة مدخرا لنا ثوابه عند ربنا أيها المسلمون إن علامة قبول الحسنة كما قال بعض العلماء أن يعقبها الإنسان بحسنة أخرى فإن الحسنات تتبعها الحسنات وإن من علامة عدم القبول أن يكون الإنسان منتظرا للفراغ من العبادة حتى يعود إلى السيئات بعدها لأنه يحن للسيئات والعبادات ثقيلة عليه فاتقوا أيها المسلمون وحافظوا على الأعمال الصالحة في غير رمضان كما حافظتم عليها في رمضان فإن عمل المؤمن لا ينقضي بانقضاء مواسم العمل إن عمل المؤمن عمل دائب لا ينقضي إلا بالموت كما قال الله عز وجل : ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر:99) وكما قال الله عز وجل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) وكما قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (الانشقاق:6) فأتى بالملاقاة بالفاء الدالة على الترتيب والتعقيب وهذا يدل على أن كدح الإنسان إلى ربه متصل إلى الموت فيا أيها المسلمون أكثروا من عبادة الله اتقوا الله عز وجل فإنكم لا تدرون متى يفجأكم الموت كم من إنسان خرج من أهله ولم يرجع إليهم وكم من إنسان نام على فراشه ولم يقم منه وكم من إنسان ذر ثوبه ولم يفك أزراره إلا غاسله فاتقوا الله عباد الله أيها المسلمون لئن انقضى شهر الصيام وهو موسم عمل فإن زمن العمل ولله الحمد لم ينقطع ولئن انقضى صيام رمضان فإن الصيام لا يزال مشروعا ولله الحمد (فمن صام رمضان وأتبعه بستة أيام من شوال كان كصيام الدهر ) وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام يوم الاثنين والخميس وقال: ( إن الأعمال تعرض فيهما على الله فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم) وأوصى صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا ذر وأبا الدرداء رضي الله عنهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وقال صلى الله عليه وسلم (صوم ثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله )وحث صلى الله عليه وسلم على العمل الصالح في عشر ذي الحجة ومنه الصيام وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يدع صيامها وقال في صوم يوم عرفة ( يكفر سنتين ماضية ومستقبلة ) يعني لغير الحاج فإما الحاج فلا يصوم في عرفة وقال صلى الله عليه وسلم: ( أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم) وقال في صوم يوم العاشر منه (يكفر سنة ماضية) وقالت عائشة رضي الله عنها: ( ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم في شهر تعني تطوعا ما كان يصوم في شعبان كان يصومه إلا قليلا بل كان يصومه كله ) ولئن انقضى قيام رمضان فإن القيام لا يزال مشروعا كل ليلة من ليالي السنة حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم ورغب فيه وقال: ( أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل) وصح عنه صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول : ( من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له ) فاتقوا الله تعالى عباد الله وبادروا أعماركم بأعمالكم وحققوا أقوالكم بأفعالكم فإن حقيقة عمر الإنسان ما أمضاه في طاعة الله وإن الكيس من دان نفسه أي حاسبها وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني أيها المسلمون لقد يسر الله لكم سبل الخيرات وفتح أبوابها ودعاكم لدخولها وبين لكم ثوابها فهذه الصلوات الخمس آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين هي خمس في الفعل وخمسون في الميزان من أقامها كانت كفارة له ونجاة يوم القيامة شرعها الله لكم وأكملها بالرواتب التابعة لها وهي اثنتا عشرة ركعة أربع قبل الظهر بسلامين وركعتان بعدها وركعتان بعد المغرب وركعتان بعد العشاء وركعتان قبل الفجر من صلاهن بنى الله له بيتا في الجنة وهذا الوتر سنة مؤكدة سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله وقال : ( من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم من آخر الليل فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة ) وذلك أفضل فهو سنة مؤكدة لا ينبغي للإنسان تركه حتى قال بعض العلماء إن الوتر واجب يأثم بتركه وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة وأقل الوتر ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة ووقته من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر ومن فاته في الليل قضاه في النهار شفعا فإذا كان عادته أن يوتر بثلاث فنسيه في الليل أو نام عنه صلاه في النهار أربعا ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة ) وهذه الأذكار خلف الصلوات المكتوبة فقد كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا سلم من الصلاة استغفر ثلاثة وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ومن سبح الله دبر كل صلاة ثلاث وثلاثين وحمد الله ثلاث وثلاثين وكبر الله ثلاث وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له ؛ له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر وهذا الوضوء للصلوات الخمس ولغيرها من النوافل من الصلوات من توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء وهذه النفقات المالية من الزكوات والصدقات والمصروفات على الأهل والأولاد حتى على نفس الإنسان صدقة ما من مؤمن ينفق نفقة يبتغي بها وجه الله إلا أثيب عليها وإن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها والساعي على الأرملة و المساكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالصائم لا يفطر وكالقائم لا يفتر والساعي عليهم هو الذي يسعى بطلب رزق ويقوم بحاجتهم والعائلة الصغار والضعفاء الذين لا يستطيعون القيام بأنفسهم هم من المساكين فالسعي عليهم كالجهاد في سبيل الله أو كالصيام الدائم والقيام المستمر فيا عباد الله إن طرق الخير كثيرة فأين السالكون وإن أبوابها لمفتوحة فأين الداخلون وإن الحق لواضح لا يزيغ عنه إلا الهالكون فخذوا عباد الله من كل طاعة بنصيب فقد قال الله عز وجل: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) وفقني الله وإياكم لاغتنام الأوقات وعمارتها بالأعمال الصالحات ورزقنا اجتناب الخطايا والسيئات وطهرنا منها بمنه وكرمه إنه واسع الهبات وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدا الصباح وأنور وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
فإن الذين صاموا ستة أيام من شوال بعد رمضان مباشرة بعد يوم العيد وتابعوا بينها هذا آخر يوم لهم وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن من صام رمضان ثم أتبعه بستةٍ أيام من شوال كان كصيام الدهر ) وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها فصيام رمضان عن عشرة شهور وصيام الست عن شهرين فهذه هي سنة كلها وإن في صيام الأيام الستة مسائل يسأل الناس فيها أسئلة كثيرة فمنها هل يشترط أن يصوم هذه الأيام متتابعة أو هو ينال الأجر إن صامها متفرقة والجواب على ذلك أن الإنسان ينال أجرها سواء صامها متتابعة أم متفرقة ولكن المبادرة بها وصيامها متتابعة أفضل لما فيه من المبادرة إلى الخير والسؤال الثاني هل يجوز للإنسان أن يصومها من ثاني يوم العيد أم لا بد أن يتأخر ثلاثة أيام قياسا على أيام التشريق في عيد الأضحى والجواب على ذلك أنه لا بأس أن يصومها من ثاني يوم العيد بل إن ذلك أفضل وليس في عيد الفطر أيام تشريق وإنما أيام التشريق في عيد الأضحى لأنه هو اليوم الذي تذبح فيه القربان وهي أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل السؤال الثالث هل ينال الإنسان أجر هذه الأيام الستة إذا صامها قبل أن يقضي ما عليه من رمضان والجواب أنه لا ينال أجرها لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من صام رمضان ثم أتبعه بستةٍ أيام من شوال ) فقال من صام رمضان ومن كان عليه قضاء فإنه لم يصم رمضان بعد بل بقي عليه الأيام الباقية وعلى هذا فلا ينال الانسان أجرها إلا إذا أتم رمضان كله ثم صامها بعد ذلك في شوال السؤال الرابع يقول بعض الناس إن الإنسان إذا صام هذه الأيام الستة في سنة فإنه يجب عليه أن يصومها كل سنة والجواب على ذلك أن هذا ليس بصحيح فإن صيام هذه الأيام نفل وتطوع إذا صامه الإنسان أدرك اجره وإذا تركه في سنة لم يدرك أجره ولكنه لا يأثم بذلك لأن النوافل لا يأثم الإنسان بتركها ولكن ينبغي للإنسان إذا عمل شيئا من العبادات أن يثبته ويديم عليه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أحب الإعمال على الله أدومه وإن قل ) أيها المسلمون إن بعض الناس يعتقدون أن اليوم الثامن من هذا الشهر أعني شهر شوال يوم عيد ويسمونه عيد الأبرار وهذا ليس بصحيح بل هذا اليوم الثامن من شوال كاليوم السابع والتاسع منه لا فرق بين أيام شوال في هذا حتى إن بعض الناس يسأل يقول هل يجوز أن أصوم اليوم الثامن لأنه عيد الأبرار فنقول إنه ليس بعيد ولا يحدث فيه شيء من شعائر العيد لا يترك صومه ولا يحدث فيه أطعمة ولا صدقات كغيرها لأنه كسائر الأيام فاتقوا الله عباد الله وتفقهوا في دينكم وخذوا دينكم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم عن طريق أهل العلم الذين عرفوا بالعلم و النصح لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين و عامتهم وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ؛ شذ في النار وأعلموا وأن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم أصلح لهم البطانة وأعنهم على أداء الأمانة اللهم من كان من بطانتهم ناصحا لهم ولرعيتهم فثبته على ذلك ومن كان على سوى هذا فأبعده عنهم وأبدلهم بخير منه يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير اللهم أصلح شعوب المسلمين اللهم أصلح شعوب المسلمين شبابهم وكهولهم وشيوخهم ذكورهم وإناثهم يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في أقطار الدنيا كلها يا رب العالمين اللهم كن معهم ولا تكن عليهم يا رب العالمين اللهم أيدهم بنصرك اللهم ثبت أقدامهم اللهم أنصرهم على القوم الكافرين يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا أنك رؤوف رحيم عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وافوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم و اشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ...
وتفضلوا رابط الخطبة صوتية من موقع ال*** رحمه الله ..
http://www.ibnothaimeen.com/publish/article_510.shtml