الجعيد
15 - 1 - 2005, 01:30 AM
لماذا تُدرّس التربية الفنية ؟؟
--------------------------------------------------------------------------------
حياتنا الإجتماعية ، في عصرنا الحاضر ، حافلة بالتغيرات الفنية المختلفة العفوية منها، والتلقائية فكثير ما نجد الإنسان ينحت و يرسم . يتعامل مع الفن بعشق ، ومحبة وحنان . وذلك ليكون شخصيته الإجتماعية ، والحضارية . خاصة ، وأن الفن ، في عصرنا ، أصبح كلمة على ألسنة الناس ، ولحنآ يدخل أعماقهم ، فيطربهم ، ويهز مشاعرهم ؛ ورمزا من رموز الوعي ، والذوق والثقافة (المتاحف ـ المجلات ـ اللوحات..} من هنا يبرز إفتخار الأمم و الشعوب بفنانيها و مفكريها ، مثلما تفتخر بقياديها وحكامها (ميشل انجول في إيطاليا له نفس أهمية يوليوس قيصر).
نعم للفن أهمية كبرى لا غنى عنها أبدا ، فهو يمس خصائص حياتنا اليومية ، كالملبس و المسكن والاثاث . فأي نشاط إنتاجي أو صناعي يخلو من الذوق الفني ، و الإبداع المحبب ، هو إنتاج رتيب أو رخيص . وأية صورة طبيعية تبدو حولنا خالية ، من مسحات ***** و الجمال ، هي صور جافة وميتة فلا يمكن أن نتصور الأرض دون أن تنبت أخضرا أو شجرا ، ولا يمكن أن نتصور السماء رمادية اللون . ولا كل الوجوه الإنسانية صور مكررة دون تغيير . و المباني لونها كلون الطين.
وكذلك ، لا يمكن تصور إنعدام الخط ، واللون ، فيا لها من حياة إنسانية تحيط بها هذه البيئة المحطمة الهشمة ! إنه الإنسان ، في مثل هذا الواقع ، سيلجأ إلى إرتكاب الجرائم ، وإعتناق الشر طريقا..
لأن الذوق الجمالي مغروس في الإنسان منذ وجد ، فهو لا يقدر أن يعيش بدونه ، ولا يرضى بشيء آخر بديلا عنه منذ طفولته . ومنذ أن درج على الأرض ، أخذ الفن يناجيه ، وأصغى هو بدوره إليه.
من هنا ، أصبح لزاما علينا أن نهتم بالفن و الإبداع ؛ ننميه في أطفالنا الصغار ، وهم على مقاعد الدراسة ، أو في غرفة في البيت ، نرعاهم ، ونوجههم ، دون المساس في جوهر تعبيرهم ؛ نؤمن لهم كل ما يلزم ، من أجواء و مواد و خامات ، لكي يكون بإستطاعتهم العطاء ، العطاء النافع و البناء . لأن في الفن ، يرى الطفل شخصيته المستقلة ، ويرى ذاته القادرة ، عدا عن تهذيب العقل وصقل الروح.
الطفل ولد مع التعبير و الحركة والخلق ، فهو منذ إيقاعه الأول ، إيقاع الحركة و المشي ، يلصق القلم على الورقة معطيا خطوطا عشوائية ، ليس لها إيقاعي خاص ؛ وتطورت هذه الخطوط ، مع التقدم الزمني و الإجتماعي للطفل ، حتى أصبحت خطوطا متشابكة في كل الإتجاهات ؛ فكان أن ظهرت بوادر الرسم البندولي المتشابك ، يرسمها وهو منبطح على بطنه ، وكأنه يمارس الرسم بجسمه كله . إنطلاقا من هذه الخطوط ، وهذا التعبير ندعو إلى الإهتمام بأطفالنا من خلال التربية الفنية.
هذه المادة التي يجب أن نعممها ، على المراحل الدراسية الإبتدائية و المتوسطة ، ويجب أن نعممها في كل المؤسسات التربوية العامة والخاصة . لا من أجل أن نصنع من هؤلاء الأطفال فنانين ورسامين ؛ بل ،لكي يمارس الأطفال عملية الرسم والتلوين بحرية وعفوية ؛ ليتذوقوا ما في هذه الممارسة من متعة للشعور وللتفكير ؛ خاصة وأن الفن لم يعد يقتصر على الفنانين المحترفين ، ولا على المتاحف ، وصالات العرض ، بل دخل حياتنا العامة والمدرسية ، وأصبح وسيلة تربوية أساسية ، يلعب دورا مهما في بناء الشخصية الإنسانية المتكاملة . فالقصد إذا من برامج الرسم و التلفزيون في المدارس ، هو شحذ حواس الولد الطرية ، و إيقاظ نشاطه الفكري الحر.
ومن الخطا ، إعتبار الرسم ، في المدارس ، عملية يتلقن فيها التميذ عادات و طرائق يدوية في نسخ الطبيعة والأشكال ؛ بل القصد هو أن يكتسب خصالا نفسية ، تتأصل في شخصيته ، وتصبح من طبائعه الأساسية ؛ إذ أن هذه الخصال تنمو وتتطور مع الولد ، إذا أحيط بجو الحرية و التفهم عن طريق ممارسة اللعبة الفنية . لذلك ، أعتبر أن وجود معلم الرسم الكفوء في مدارسنا قضية لها أهميتها الكبرى ، لأنه لا قيمة لمادة التربية الفنية من غير موجهها ومدبرها.
وإعداد هذا المعلم تتطلب أمور كثيرة : منها ما هو نظري ، ومنها ما هو عملي ، ووضعه أيضا في أجواء المعارض الفنية والمحترفات المتطورة.
إن رسوم الأطفال تحمل حالات (الأنا) بأبسط معاني فرحها و أحزانها . و علينا كمعلمين وكمربين أن نحترم عطاء الطفل ، وأن نوجه تصوراته برفق وحنان . إذ في هذا العطاء ، تنمو حضارتنا الفنية ، و تصبح البيئة أفضل مما كانت عليه ، لأن الطفل يعتاد خدمة الحضارة ، وهو على مقاعد الدراسة.
المعلم لا يعلم الطفل الفن كفن ، و الرسم كرسم ، بقدر ما يعلمه الملاحظة ، ولفت النظر ، بغية تنمية قدراته ، فهو ليس بحاجة إلى نظريات ومبادىء بل هو أحوج مايكون الى المحادثة ، والتشجيع ، لنعلم الطفل كيف يفكر ، ويبتكر بحرية ، ولنلاحظ إنتاجه بحذر من غير مساس مباشر ، فنكسبه فيما بعد رجلا يعتاد التفكير ، و الإبتكار بحرية تامة.
هذه الملامح التربوية في التعبير الفني ، كان قد أوصى بها المجمع العالمي للتربية الفنية في مؤسسة اليونيسكو العالمية ، حيث دعا إلى ترك حرية العمل الفني لدى الأطفال ، وإحترام إنتاجهم و تطوير عملية الإبداع لديهم.
ثم دعا لتنمية الذوق الفني داخل المدرسة و خارجها.
--------------------------------------------------------------------------------
حياتنا الإجتماعية ، في عصرنا الحاضر ، حافلة بالتغيرات الفنية المختلفة العفوية منها، والتلقائية فكثير ما نجد الإنسان ينحت و يرسم . يتعامل مع الفن بعشق ، ومحبة وحنان . وذلك ليكون شخصيته الإجتماعية ، والحضارية . خاصة ، وأن الفن ، في عصرنا ، أصبح كلمة على ألسنة الناس ، ولحنآ يدخل أعماقهم ، فيطربهم ، ويهز مشاعرهم ؛ ورمزا من رموز الوعي ، والذوق والثقافة (المتاحف ـ المجلات ـ اللوحات..} من هنا يبرز إفتخار الأمم و الشعوب بفنانيها و مفكريها ، مثلما تفتخر بقياديها وحكامها (ميشل انجول في إيطاليا له نفس أهمية يوليوس قيصر).
نعم للفن أهمية كبرى لا غنى عنها أبدا ، فهو يمس خصائص حياتنا اليومية ، كالملبس و المسكن والاثاث . فأي نشاط إنتاجي أو صناعي يخلو من الذوق الفني ، و الإبداع المحبب ، هو إنتاج رتيب أو رخيص . وأية صورة طبيعية تبدو حولنا خالية ، من مسحات ***** و الجمال ، هي صور جافة وميتة فلا يمكن أن نتصور الأرض دون أن تنبت أخضرا أو شجرا ، ولا يمكن أن نتصور السماء رمادية اللون . ولا كل الوجوه الإنسانية صور مكررة دون تغيير . و المباني لونها كلون الطين.
وكذلك ، لا يمكن تصور إنعدام الخط ، واللون ، فيا لها من حياة إنسانية تحيط بها هذه البيئة المحطمة الهشمة ! إنه الإنسان ، في مثل هذا الواقع ، سيلجأ إلى إرتكاب الجرائم ، وإعتناق الشر طريقا..
لأن الذوق الجمالي مغروس في الإنسان منذ وجد ، فهو لا يقدر أن يعيش بدونه ، ولا يرضى بشيء آخر بديلا عنه منذ طفولته . ومنذ أن درج على الأرض ، أخذ الفن يناجيه ، وأصغى هو بدوره إليه.
من هنا ، أصبح لزاما علينا أن نهتم بالفن و الإبداع ؛ ننميه في أطفالنا الصغار ، وهم على مقاعد الدراسة ، أو في غرفة في البيت ، نرعاهم ، ونوجههم ، دون المساس في جوهر تعبيرهم ؛ نؤمن لهم كل ما يلزم ، من أجواء و مواد و خامات ، لكي يكون بإستطاعتهم العطاء ، العطاء النافع و البناء . لأن في الفن ، يرى الطفل شخصيته المستقلة ، ويرى ذاته القادرة ، عدا عن تهذيب العقل وصقل الروح.
الطفل ولد مع التعبير و الحركة والخلق ، فهو منذ إيقاعه الأول ، إيقاع الحركة و المشي ، يلصق القلم على الورقة معطيا خطوطا عشوائية ، ليس لها إيقاعي خاص ؛ وتطورت هذه الخطوط ، مع التقدم الزمني و الإجتماعي للطفل ، حتى أصبحت خطوطا متشابكة في كل الإتجاهات ؛ فكان أن ظهرت بوادر الرسم البندولي المتشابك ، يرسمها وهو منبطح على بطنه ، وكأنه يمارس الرسم بجسمه كله . إنطلاقا من هذه الخطوط ، وهذا التعبير ندعو إلى الإهتمام بأطفالنا من خلال التربية الفنية.
هذه المادة التي يجب أن نعممها ، على المراحل الدراسية الإبتدائية و المتوسطة ، ويجب أن نعممها في كل المؤسسات التربوية العامة والخاصة . لا من أجل أن نصنع من هؤلاء الأطفال فنانين ورسامين ؛ بل ،لكي يمارس الأطفال عملية الرسم والتلوين بحرية وعفوية ؛ ليتذوقوا ما في هذه الممارسة من متعة للشعور وللتفكير ؛ خاصة وأن الفن لم يعد يقتصر على الفنانين المحترفين ، ولا على المتاحف ، وصالات العرض ، بل دخل حياتنا العامة والمدرسية ، وأصبح وسيلة تربوية أساسية ، يلعب دورا مهما في بناء الشخصية الإنسانية المتكاملة . فالقصد إذا من برامج الرسم و التلفزيون في المدارس ، هو شحذ حواس الولد الطرية ، و إيقاظ نشاطه الفكري الحر.
ومن الخطا ، إعتبار الرسم ، في المدارس ، عملية يتلقن فيها التميذ عادات و طرائق يدوية في نسخ الطبيعة والأشكال ؛ بل القصد هو أن يكتسب خصالا نفسية ، تتأصل في شخصيته ، وتصبح من طبائعه الأساسية ؛ إذ أن هذه الخصال تنمو وتتطور مع الولد ، إذا أحيط بجو الحرية و التفهم عن طريق ممارسة اللعبة الفنية . لذلك ، أعتبر أن وجود معلم الرسم الكفوء في مدارسنا قضية لها أهميتها الكبرى ، لأنه لا قيمة لمادة التربية الفنية من غير موجهها ومدبرها.
وإعداد هذا المعلم تتطلب أمور كثيرة : منها ما هو نظري ، ومنها ما هو عملي ، ووضعه أيضا في أجواء المعارض الفنية والمحترفات المتطورة.
إن رسوم الأطفال تحمل حالات (الأنا) بأبسط معاني فرحها و أحزانها . و علينا كمعلمين وكمربين أن نحترم عطاء الطفل ، وأن نوجه تصوراته برفق وحنان . إذ في هذا العطاء ، تنمو حضارتنا الفنية ، و تصبح البيئة أفضل مما كانت عليه ، لأن الطفل يعتاد خدمة الحضارة ، وهو على مقاعد الدراسة.
المعلم لا يعلم الطفل الفن كفن ، و الرسم كرسم ، بقدر ما يعلمه الملاحظة ، ولفت النظر ، بغية تنمية قدراته ، فهو ليس بحاجة إلى نظريات ومبادىء بل هو أحوج مايكون الى المحادثة ، والتشجيع ، لنعلم الطفل كيف يفكر ، ويبتكر بحرية ، ولنلاحظ إنتاجه بحذر من غير مساس مباشر ، فنكسبه فيما بعد رجلا يعتاد التفكير ، و الإبتكار بحرية تامة.
هذه الملامح التربوية في التعبير الفني ، كان قد أوصى بها المجمع العالمي للتربية الفنية في مؤسسة اليونيسكو العالمية ، حيث دعا إلى ترك حرية العمل الفني لدى الأطفال ، وإحترام إنتاجهم و تطوير عملية الإبداع لديهم.
ثم دعا لتنمية الذوق الفني داخل المدرسة و خارجها.