ابولمى
22 - 4 - 2005, 04:18 PM
الشيطان
د. عائض القرني
قال عبدالله بن آدم: حاورت الشيطان الرجيم، في الليل البهيم، فلما سمعت أذان الفجر أردت الذهاب إلى المسجد. فقال لي: عليك ليل طويل فارقد.
قلت: أخاف أن تفوتني الفريضة
قال: الأوقات طويلة عريضة
قلت: أخشى ذهاب صلاة الجماعة
قال: لا تشدد على نفسك في الطاعة
فما قمت حتى طلعت الشمس. فقال لي في همس: لا تأسف على ما فات، فاليوم كله أوقات. وجلست لآتي بالأذكار. ففتح لي دفتر الأفكار.
فقلت: أشغلتني عن الدعاء
قال: دعه إلى المساء
وعزمت على المتاب
فقال: تمتع بالشباب
قلت: أخشى الموت
قال: عمرك لا يفوت
وجئت لأحفظ المثاني
قال: روّح نفسك بالأغاني
قلت: هي حرام
قال: لبعض العلماء كلام
قلت: أحاديث التحريم عندي في صحيفة
قال: كلها ضعيفة
ومرت حسناء فغضضت البصر
قال: ماذا في النظر؟
قلت: فيه خطر
قال: تفكّر في الجمال. فالتفكّر حلال
وذهبت إلى البيت العتيق، فوقف لي في الطريق
فقال: ما سبب هذه السّفرة؟
قلت: لآخذ عُمرة
فقال: ركبت الأخطار، بسبب هذا الاعتمار، وأبواب الخير كثيرة. والحسنات غزيرة
قلت: لابد من إصلاح الأحوال
قال: الجنة لا تُدخل بالأعمال
فلما ذهبت لألقي نصيحة
قال: لا تجرّ إلى نفسك فضيحة
قلت: هذا نفع للعباد
فقال: أخشى عليك من الشهرة وهي رأس الفساد
قلت: فما رأيك في بعض الأشخاص؟
قال: أجيبك عن العام والخاص
قلت: أحمد بن حنبل؟
قال: قتلني بقوله: عليكم بالسنة، والقرآن المنزّل
قلت: فابن تيمية؟
قال: ضرباته على رأسي باليومية
قلت: فالبخاري؟
قال: أحرق بكتابه داري
قلت: فالحجّاج؟
قال: ليت في الناس ألف حجاج، فلنا: بسيرته ابتهاج، ونهجه لنا علاج
قلت: ففرعون؟
قال: له منا كل نصر وعون
قلت: فصلاح الدين، بطل حطين؟
قال: دعه فقد مرّغنا بالطين
قلت: محمد بن عبدالوهاب؟
قال: اشعل في صدري بدعوته الالتهاب، وأحرقني بكل شهاب
قلت: فأبوجهل؟
قال: نحن له اخوة وأهل
قلت: فأبولهب؟
قال: نحن معه أينما ذهب
قلت: فلينين؟
قال: ربطناه في النار مع استالين
قلت: فالمجلات الخليعة؟
قال: هي لنا شريعة
قلت: فالدشوش؟
قال: نجعل الناس بها كالوحوش
قلت: فالمقاهي؟
قال: نرحب فيها باللاعب واللاهي
قلت: ما هو ذكركم؟
قال: الأغاني
قلت: وعملكم؟
قال: الأماني
قلت: وما رأيكم في الأسواق؟
قال: علْمُنا بها خفّاق، وفيها يجتمع الرفاق
قلت: فالحزب الاشتراكي؟
قال: قاسمته أملاكي، وعلّمته أورادي وأنساكي
قلت: كيف تضل الناس؟
قال: بالشهوات والشبهات والملهيات والأمنيات والأغنيات
قلت: فكيف تضلّ النساء؟
قال: بالتبرج والسفور، وترك المأمور، وارتكاب المحظور
قلت: فكيف تضل العلماء؟
قال: بحب الظهور، والعجب والغرور، وحسد يملأ الصدور
قلت: فكيف تضل العامة؟
قال: بالغيبة والنميمة، والأحاديث السقيمة، وما ليس له قيمة
قلت: فكيف تضل التجار؟
قال: بالربا في المعاملات، ومنع الصدقات، والإسراف في النفقات
قلت: فكيف تضل الشباب؟
قال: بالغزل والهيام، والعشق والغرام، والاستخفاف بالأحكام، وفعل الحرام
قلت: فما رأيك في إسرائيل؟
قال: إياك والغيبة، فإنها مصيبة، وإسرائيل دولة حبيبة، ومن القلب قريبة
قلت: فالجاحظ؟
قال: الرجل بين بين، أمره لا يستبين، كما في البيان والتبيين
قلت: فأبونواس؟
قال: على العين وعلى الرأس، لنا من شعره اقتباس
قلت: فأهل الحداثة؟
قال: أخذوا علمهم منا بالوراثة
قلت: فالعلمانية؟
قال: إيماننا علماني، وهم أهل الدجل والأماني، ومن سماهم فقد سماني
قلت: فما تقول في واشنطن؟
قال: خطيبي فيها يرطن، وجيشي بها يقطن، وهي لي موطن
قلت: فما رأيك في الدعاة؟
قال: عذبوني وأتعبوني وبهذلوني وشيبوني يهدمون ما بنيت، ويقرؤون إذا غنيت، ويستعيدون إذا أتيت
قلت: فما تقول في الصحف؟
قال: تضيع بها أوقات الخلف، ونذهب بها أعمار أهل الترف، ونأخذ بها الأموال مع الأسف
قلت: فما تقول في هيئة الإذاعة البريطانية؟
قال: ندخل بها السم في الدسم، ونفسد بها بين العرب والعجم، ونثني بها على المظلوم ومن ظلم
قلت: فماذا فعلت بقابيل؟
قال: سلطته على أخيه فقتله، ولولا الغراب ما دفنه
قلت: فما فعلت بقارون؟
قال: قلت له: احفظ الكنوز وافرح، فلم يدر أن من فعل ذلك ما افلح
قلت: فماذا قلت لفرعون؟
قال: قلت له: يا عظيم القصر، قل: أليس لي ملك مصر. فسوف يأتيك النصر
قلت: فماذا قلت لشارب الخمر؟
قال: قلت له: اشرب بنت الكروم، فإنها تذهب الهموم، وتزيل الغموم، وباب التوبة معلوم
قلت: فماذا يقتلك؟
قال: آية الكرسي منها تضيق نفسي، ويطول حبسي، وفي كل بلاء أمسي
قلت: فمن أحب الناس إليك؟
قال: المغنون، والشعراء الغاوون، وأهل المعاصي والمجون، وكل خبيث مفتون
قلت: فمن أبغض الناس إليك؟
قال: أهل المساجد، والزاهد والمجاهد، والعالم أشد علي من العابد
قلت: أعوذ بالله منك، فاختفى وغاب، كأنما ساخ في التراب.
د. عائض القرني
قال عبدالله بن آدم: حاورت الشيطان الرجيم، في الليل البهيم، فلما سمعت أذان الفجر أردت الذهاب إلى المسجد. فقال لي: عليك ليل طويل فارقد.
قلت: أخاف أن تفوتني الفريضة
قال: الأوقات طويلة عريضة
قلت: أخشى ذهاب صلاة الجماعة
قال: لا تشدد على نفسك في الطاعة
فما قمت حتى طلعت الشمس. فقال لي في همس: لا تأسف على ما فات، فاليوم كله أوقات. وجلست لآتي بالأذكار. ففتح لي دفتر الأفكار.
فقلت: أشغلتني عن الدعاء
قال: دعه إلى المساء
وعزمت على المتاب
فقال: تمتع بالشباب
قلت: أخشى الموت
قال: عمرك لا يفوت
وجئت لأحفظ المثاني
قال: روّح نفسك بالأغاني
قلت: هي حرام
قال: لبعض العلماء كلام
قلت: أحاديث التحريم عندي في صحيفة
قال: كلها ضعيفة
ومرت حسناء فغضضت البصر
قال: ماذا في النظر؟
قلت: فيه خطر
قال: تفكّر في الجمال. فالتفكّر حلال
وذهبت إلى البيت العتيق، فوقف لي في الطريق
فقال: ما سبب هذه السّفرة؟
قلت: لآخذ عُمرة
فقال: ركبت الأخطار، بسبب هذا الاعتمار، وأبواب الخير كثيرة. والحسنات غزيرة
قلت: لابد من إصلاح الأحوال
قال: الجنة لا تُدخل بالأعمال
فلما ذهبت لألقي نصيحة
قال: لا تجرّ إلى نفسك فضيحة
قلت: هذا نفع للعباد
فقال: أخشى عليك من الشهرة وهي رأس الفساد
قلت: فما رأيك في بعض الأشخاص؟
قال: أجيبك عن العام والخاص
قلت: أحمد بن حنبل؟
قال: قتلني بقوله: عليكم بالسنة، والقرآن المنزّل
قلت: فابن تيمية؟
قال: ضرباته على رأسي باليومية
قلت: فالبخاري؟
قال: أحرق بكتابه داري
قلت: فالحجّاج؟
قال: ليت في الناس ألف حجاج، فلنا: بسيرته ابتهاج، ونهجه لنا علاج
قلت: ففرعون؟
قال: له منا كل نصر وعون
قلت: فصلاح الدين، بطل حطين؟
قال: دعه فقد مرّغنا بالطين
قلت: محمد بن عبدالوهاب؟
قال: اشعل في صدري بدعوته الالتهاب، وأحرقني بكل شهاب
قلت: فأبوجهل؟
قال: نحن له اخوة وأهل
قلت: فأبولهب؟
قال: نحن معه أينما ذهب
قلت: فلينين؟
قال: ربطناه في النار مع استالين
قلت: فالمجلات الخليعة؟
قال: هي لنا شريعة
قلت: فالدشوش؟
قال: نجعل الناس بها كالوحوش
قلت: فالمقاهي؟
قال: نرحب فيها باللاعب واللاهي
قلت: ما هو ذكركم؟
قال: الأغاني
قلت: وعملكم؟
قال: الأماني
قلت: وما رأيكم في الأسواق؟
قال: علْمُنا بها خفّاق، وفيها يجتمع الرفاق
قلت: فالحزب الاشتراكي؟
قال: قاسمته أملاكي، وعلّمته أورادي وأنساكي
قلت: كيف تضل الناس؟
قال: بالشهوات والشبهات والملهيات والأمنيات والأغنيات
قلت: فكيف تضلّ النساء؟
قال: بالتبرج والسفور، وترك المأمور، وارتكاب المحظور
قلت: فكيف تضل العلماء؟
قال: بحب الظهور، والعجب والغرور، وحسد يملأ الصدور
قلت: فكيف تضل العامة؟
قال: بالغيبة والنميمة، والأحاديث السقيمة، وما ليس له قيمة
قلت: فكيف تضل التجار؟
قال: بالربا في المعاملات، ومنع الصدقات، والإسراف في النفقات
قلت: فكيف تضل الشباب؟
قال: بالغزل والهيام، والعشق والغرام، والاستخفاف بالأحكام، وفعل الحرام
قلت: فما رأيك في إسرائيل؟
قال: إياك والغيبة، فإنها مصيبة، وإسرائيل دولة حبيبة، ومن القلب قريبة
قلت: فالجاحظ؟
قال: الرجل بين بين، أمره لا يستبين، كما في البيان والتبيين
قلت: فأبونواس؟
قال: على العين وعلى الرأس، لنا من شعره اقتباس
قلت: فأهل الحداثة؟
قال: أخذوا علمهم منا بالوراثة
قلت: فالعلمانية؟
قال: إيماننا علماني، وهم أهل الدجل والأماني، ومن سماهم فقد سماني
قلت: فما تقول في واشنطن؟
قال: خطيبي فيها يرطن، وجيشي بها يقطن، وهي لي موطن
قلت: فما رأيك في الدعاة؟
قال: عذبوني وأتعبوني وبهذلوني وشيبوني يهدمون ما بنيت، ويقرؤون إذا غنيت، ويستعيدون إذا أتيت
قلت: فما تقول في الصحف؟
قال: تضيع بها أوقات الخلف، ونذهب بها أعمار أهل الترف، ونأخذ بها الأموال مع الأسف
قلت: فما تقول في هيئة الإذاعة البريطانية؟
قال: ندخل بها السم في الدسم، ونفسد بها بين العرب والعجم، ونثني بها على المظلوم ومن ظلم
قلت: فماذا فعلت بقابيل؟
قال: سلطته على أخيه فقتله، ولولا الغراب ما دفنه
قلت: فما فعلت بقارون؟
قال: قلت له: احفظ الكنوز وافرح، فلم يدر أن من فعل ذلك ما افلح
قلت: فماذا قلت لفرعون؟
قال: قلت له: يا عظيم القصر، قل: أليس لي ملك مصر. فسوف يأتيك النصر
قلت: فماذا قلت لشارب الخمر؟
قال: قلت له: اشرب بنت الكروم، فإنها تذهب الهموم، وتزيل الغموم، وباب التوبة معلوم
قلت: فماذا يقتلك؟
قال: آية الكرسي منها تضيق نفسي، ويطول حبسي، وفي كل بلاء أمسي
قلت: فمن أحب الناس إليك؟
قال: المغنون، والشعراء الغاوون، وأهل المعاصي والمجون، وكل خبيث مفتون
قلت: فمن أبغض الناس إليك؟
قال: أهل المساجد، والزاهد والمجاهد، والعالم أشد علي من العابد
قلت: أعوذ بالله منك، فاختفى وغاب، كأنما ساخ في التراب.