عائض الغامدي
30 - 4 - 2005, 03:52 PM
لقد أسمعت لو ناديت حياً
علي سعد الموسى
بالأمس، توفي عبدالرحمن وزوجته وطفلته الوحيدة غرقاً في وادي ضلع مع 18 آخرين وودعهم الآلاف في مشهد حزين، بل في عادة سنوية مع الأكفان البيضاء التي ترفع كل عام من ذات المكان.
لن أقف مع تاريخ وفاة عبدالرحمن لأن قصته، أو نهايته المحزنة بدأت ليلة ولادته: وعلى طريقة وزارة النقل يقول مصدر مسؤول من أهله إنه ولد في ذات العام الذي كان فيه السيل العرمرم الشهير الذي أودى بحياة طريق ضلع قبل أربعة وعشرين عاماً بكامل الأهلة. 288 شهراً كاملة بأهلتها وهذا المكان غائب مغيب عن أجندة وزارات المواصلات ثم النقل. لا يرد إلى ذهن مسؤول بهذه الوزارة العتيدة الموقرة وإن كانت تحتفظ في المكان بأربعة "تراكتورات" وعشرة من البنغال وثلاثة براميل من الديزل لعقدين ونصف العقد من الزمن، ومع هذا لم يسحبها السيل الذي كان بالأمس. حتى السيل كان انتقائياً مفرطاً في انتقائيته: إنه يسحب الرجال والنساء والأطفال ويستحي أن يسحب معهم لوحة وزارة النقل، إنه يسحب الضعفاء الأبرياء ويترك اللوحة الرسمية للوزارة الموقرة وكأنه يقول: هذا هو المتهم الحقيقي في كل هذه الكوارث التي مرت على المكان طيلة هذه السنون، ومشوار هذه الشهور. إنه يتحالف مع المتهم ضد البريء، وهنا سأبرز السؤال الآخر الصارخ الشفاف: ما الذي سيحصل لو أن سيل الأمس قرر سحب لوحة وزارة النقل إلى أعالي البحر البعيد، بل ما الذي سيتغير لو أننا كنا بلا لوحات لوزارة النقل؟ ما الذي سيتغير لو أن هذه الوزارة أقفلت مكاتبها وسحبت كل دلائل ضعفها في الجنوب من تراكتورات وعمال وبراميل؟ ولماذا كان قدرنا مع هذه الوزارة العتيدة الموقرة أن تقتصر حظوظنا على أربعة تراكتورات وثلاث لوحات؟ لماذا كان حظنا الوحيد معها أن نعيش كل هذه العقود على الخطوط المرصوفة لعربات الخيول وعلى بقايا الأسفلت القديم لإرث المرحوم محمد بن لادن؟ ولماذا لا تسحب الوزارة العتيدة المبجلة المحترمة الوقورة آثارها من الجنوب البريء لتصفها في ذات الطوابير التي تعرفها جيداً وعلى أطراف الطرق المزدوجة التي تعرف خرائطها جيداً؟ لماذا تهدينا وزارة النقل "تراكتوراً" عرضه ثمانية أمتار وهي تعرف أن كل خطوطنا معها لا تتجاوز في العرض الأمتار الستة؟ لماذا لا تضع الوزارة الموقرة بندنا المالي معها في باب "الأكفان" من باب فعل الخير؟ بل لماذا لا تعلن رسمياً براءتها من جنوبنا لنكون في وضوح من أمرنا كي نطلب إصلاح عقبة ضلع من فاعل خير؟. رحم الله كل عباد الرحمن ورحم معهم عبدالرحمن الذي عرفته فكتبت له: إنه والله العظيم وقسماً صادقاً بوجهه الكريم ثامن شخص من دائرة معارفي وأقاربي يلقى ربه في ذات المكان خلال آخر ثلاثة أعوام.
أعرف أنني سأكتب لتقرأني كل الدنيا ولن تقرأني وزارة النقل.
علي سعد الموسى
بالأمس، توفي عبدالرحمن وزوجته وطفلته الوحيدة غرقاً في وادي ضلع مع 18 آخرين وودعهم الآلاف في مشهد حزين، بل في عادة سنوية مع الأكفان البيضاء التي ترفع كل عام من ذات المكان.
لن أقف مع تاريخ وفاة عبدالرحمن لأن قصته، أو نهايته المحزنة بدأت ليلة ولادته: وعلى طريقة وزارة النقل يقول مصدر مسؤول من أهله إنه ولد في ذات العام الذي كان فيه السيل العرمرم الشهير الذي أودى بحياة طريق ضلع قبل أربعة وعشرين عاماً بكامل الأهلة. 288 شهراً كاملة بأهلتها وهذا المكان غائب مغيب عن أجندة وزارات المواصلات ثم النقل. لا يرد إلى ذهن مسؤول بهذه الوزارة العتيدة الموقرة وإن كانت تحتفظ في المكان بأربعة "تراكتورات" وعشرة من البنغال وثلاثة براميل من الديزل لعقدين ونصف العقد من الزمن، ومع هذا لم يسحبها السيل الذي كان بالأمس. حتى السيل كان انتقائياً مفرطاً في انتقائيته: إنه يسحب الرجال والنساء والأطفال ويستحي أن يسحب معهم لوحة وزارة النقل، إنه يسحب الضعفاء الأبرياء ويترك اللوحة الرسمية للوزارة الموقرة وكأنه يقول: هذا هو المتهم الحقيقي في كل هذه الكوارث التي مرت على المكان طيلة هذه السنون، ومشوار هذه الشهور. إنه يتحالف مع المتهم ضد البريء، وهنا سأبرز السؤال الآخر الصارخ الشفاف: ما الذي سيحصل لو أن سيل الأمس قرر سحب لوحة وزارة النقل إلى أعالي البحر البعيد، بل ما الذي سيتغير لو أننا كنا بلا لوحات لوزارة النقل؟ ما الذي سيتغير لو أن هذه الوزارة أقفلت مكاتبها وسحبت كل دلائل ضعفها في الجنوب من تراكتورات وعمال وبراميل؟ ولماذا كان قدرنا مع هذه الوزارة العتيدة الموقرة أن تقتصر حظوظنا على أربعة تراكتورات وثلاث لوحات؟ لماذا كان حظنا الوحيد معها أن نعيش كل هذه العقود على الخطوط المرصوفة لعربات الخيول وعلى بقايا الأسفلت القديم لإرث المرحوم محمد بن لادن؟ ولماذا لا تسحب الوزارة العتيدة المبجلة المحترمة الوقورة آثارها من الجنوب البريء لتصفها في ذات الطوابير التي تعرفها جيداً وعلى أطراف الطرق المزدوجة التي تعرف خرائطها جيداً؟ لماذا تهدينا وزارة النقل "تراكتوراً" عرضه ثمانية أمتار وهي تعرف أن كل خطوطنا معها لا تتجاوز في العرض الأمتار الستة؟ لماذا لا تضع الوزارة الموقرة بندنا المالي معها في باب "الأكفان" من باب فعل الخير؟ بل لماذا لا تعلن رسمياً براءتها من جنوبنا لنكون في وضوح من أمرنا كي نطلب إصلاح عقبة ضلع من فاعل خير؟. رحم الله كل عباد الرحمن ورحم معهم عبدالرحمن الذي عرفته فكتبت له: إنه والله العظيم وقسماً صادقاً بوجهه الكريم ثامن شخص من دائرة معارفي وأقاربي يلقى ربه في ذات المكان خلال آخر ثلاثة أعوام.
أعرف أنني سأكتب لتقرأني كل الدنيا ولن تقرأني وزارة النقل.