-
إلى وزارة التربية.. هذا الاقتراح
-------------------------------------------------
عبد العزيز محمد الروضان - بريدة
تعيش بلادنا الغالية طفرة تنموية على مختلف الصعد، وهذه الطفرة المباركة قد استهدفت التعليم في بلادنا، فنهضة التعليم أقصد التعليم العام شهد لرقيه الأعداء قبل الأصدقاء، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على حرص المسؤولين على التعليم من قمة الهيكل التنظيمي إلى أدناه على ما من شأنه خدمة هذا الوطن العزيز تعليماً يرقى إلى مصاف الدول المتقدمة، بل إني أرى أن التعليم في بلادنا قد تجاوز ذلك، ولو أني أرى أن الكم قد تطاول على الكيف، ولعل كلاماً مثل هذا يعد من نافلة القول ليس إلا.. وإني هنا في مقالي المتواضع سأضع على طاولة المسؤولين اقتراحاً أرجو أن يلقى القبول والتأييد، ومفاد هذا الاقتراح هو: أنه في الآونة الأخيرة ظهرت ظاهرة المجمعات التعليمية في المدن والقرى.. ولعل الهدف من هذه المجمعات هو الاستفادة من المبدأ الاقتصادي ألا وهو (وفورات الحجم) وهذا المسلك مسلك سليم بالنسبة للتكلفة الاقتصادية.. ولكننا إذا أمعنا النظر رأينا أن التكلفة الاقتصادية تتدنى ولكن ضريبة ذلك هو وجود وابنعاث تكلفة اجتماعية ألا وهي.. عدد الطلاب في هذه المجمعات كبير، ومن ثم تكون نسبة قرناء السوء كبيرة فتكثر في هذه الحالة الانحرافات الاجتماعية وبؤر الفساد بين صفوف الطلاب.. فإذا ما كثرت البؤر الفاسدة فإن الفساد ينتشر بين صفوف الطلاب بصورة ذات منحى اطرادي.. لذا فإني اقترح على وزارة التربية والتعليم أن لا توجد مثل هذه المجمعات وتكتفي بإنشاء مدرسة تخدم الحي الذي توجد فيه فقط.. كما أني أرى أن هناك فائدة أخرى من عدم إيجاد المجمعات التعليمية الكبيرة، فإنه إذا ما حصل كارثة كحريق مثلاً أو انهيار في المبنى -لا سمح الله- فإن نسبة المتضررين في هذه الحالة كبيرة بعكس لو كان المبنى بحجم سكان الحي فإن أي كارثة وطأتها ستكون بسيطة.. كما أني أرى أن المجمعات التعليمية الكبيرة يأتي إليها طلاب من بعيد لابد لهم من وجود وسيلة نقل تقلهم إلى المجمع ومن ثم يتكون ازدحام في الشوارع التي فيها مجمعات وحوادث مرورية تعيق حركة المرور، كما أننا بإيجاد منشآت مناسبة لكل حي نريح أولياء الأمور من هم وسائل النقل.
وأخيراً لا أشك لحظة واحدة من أن الوزارة قد تستغرب من اقتراح كهذا الاقتراح ولكني أتحدث من واقع تجربة ولي أمر وإمعان النظر في القضية عن كثب.
والسلام عليكم..
http://www.al-jazirah.com/178930/rj11d.htm
-
أهمية مبدأ التركيز وأثر غيابه عن العملية التعليمية
------------------------------------------
محمد بن علي بنان الغامدي- الإرشاد الطلابي بإدارة التعليم بمكة المكرمة
التركيز في اللغة مأخوذ من ركز الرمح أي غرزه في الأرض، ومركز الدائرة أي وسطها، ومركز الرجل موضعه، يقال أخل فلان بمركزه أي بموضعه (انظر مختار الصحاح)، ومن هذا المعنى اللغوي فإنه يمكننا القول بأن التركيز على الشيء يكون بجعله موضع الاهتمام ومحور الأمر المراد.
وأقصد بالتركيز في التعليم: أن نجعل اهتمام الطالب وتفكيره في الفصل الدراسي الواحد يدور حول مقررات دراسية قليلة العدد، تمده بمعلومات وتطبيقات مكثفة تتناسب مع سنه وقدراته حتى يتمكن من الإلمام بمحتوياتها وإتقان المهارات المتعلقة بها. وتشير بعض كتب التربية الحديثة إلى أهمية التركيز في التعليم، لكنها لم تتحدث عن أنظمة عملية يمكن أن تساعد على تحقيقه، ويمكننا أن نشير إلى أهميته من خلال قراءتنا في سير العلماء والمبدعين من جميع الثقافات، فإننا عندما ندرس الطريقة التي ساروا عليها في طلبهم للعلم سيتبين لنا أنهم حرصوا - عفوا أو قصدا - على هذا المبدأ، ومن دلائل الاهتمام على ذلك في ثقافتنا الإسلامية ما روي عن ابن مسعود أنه قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن. (تفسير الطبري 1-60). إن إتاحة الزمن الكافي حتى يركز العقل في تعلم علم من العلوم أو إجراء تجربة من التجارب أو إتقان مهارة من المهارات يعتبر من الأولويات المهمة، ولولا التركيز لما توصل جابر بن حيان إلى قانون الاتحاد الكيميائي، وما ابتدع الخوارزمي علم الجبر، وما اخترع توماس أديسون المصباح الكهربائي.
وإذا نظرنا في واقعنا التعليمي اليوم بتركيبته المعقدة يمكننا القول بأن هذا المبدأ يغيب عن أذهان كثيرين من المخططين والمنفذين لبرامج التعليم في مؤسساتنا التعليمية، الذين لا شأن لهم إلا أن يقرروا بين حين وآخر مادة جديدة، وكأنهم يريدون أن يتعلم الطلاب كل شيء في وقت واحد، وما أجمل كلام الزهري عندما قال: من طلب العلم جملة فاته جملة وإنما يدرك العلم حديثا أو حديثين (انظر مقدمة ابن الصلاح).
وللقارئ أن يتأمل واقع الطالب في أنظمتنا عندما يستفتح يومه بالاصطفاف للطابور الصباحي الذي يستلزم وقوفه لمدة ربع ساعة تقريباً، ثم يشرع بعد ذلك في مشوار الحصص الدراسية الطويل، فيبدأ حصته الأولى بدارسة مجموعة من (نواسخ الجملة الإسمية) في القواعد، ثم تأتي بعدها (معادلات الدرجة الثانية) في الرياضيات فتنسخ ما بقي من أثر النواسخ في عقله، وما يكاد ينتهي من أرقامها ورموزه الشائكة، حتى يراد منه أن يتهيأ خاشعاً لسماع آيات من القرآن الكريم، ثم يخرج صاحبنا إلى الفناء ليستمتع بقليل من الحرية ويتناول إفطاره، وبعد وجبة الإفطار مباشرة يجب عليه أن يذهب إلى الفناء الخارجي للممارسة مادة التربية البدنية، ولا يعود منها إلا وهو متهالك القوى، ليدرس عن تقسيمات الجهاز الهضمي وعمل أعضائه، فما إن تُزال خريطة الجهاز الهضمي من أمام عينيه حتى تعلق خريطة إحدى الدول التي يجب عليه أن يعرف حدودها وتضاريسها ومدنها الرئيسة، وبعد أداء صلاة الظهر يلزم بالعودة مرة أخرى ليدرس مواضع كتابة الهمزة وسط الكلمة، وكل هذه الخلطة المعلوماتية المتنافرة يتم إلقاؤها عليه في يوم واحد، ولا يكاد يخرج بمحصلة جيدة من هذا اليوم وما تليه من أيام دراسية.
ونتيجة لهذه الأنظمة التربوية التي يزعم واضعوها أنها تراعي مشاعر الطلاب وتلبي احتياجاتهم، فإن طلاب مدارسنا يواجهون معها عددا من الصعوبات لعل من بينها تلك الحقائب الممتلئة بالكتب الدراسية والدفاتر والأدوات المدرسة الأخرى، والتي أثقلت كاهلهم خصوصا الصغار منهم، وحتى يمكن احتواء تدريس تلك الكمية الكبيرة من المقررات الدراسية فقد قاموا بزيادة الحصص اليومية حتى شملت تلك الزيادة طلاب المرحلة الابتدائية، ولذلك فقد ساهم صانوا أنظمة التعليم في تشتيت ذهنية الطالب والمعلم بكل هذه المقررات وما يصاحبها من أنشطة ولجان شكلية ليس لها أي نفع مباشر على العملية التربوية والتعليمية. ولأن مبدأ التركيز غائب عن تعليمنا فقد ضعف التحصيل العلمي، وانعدمت الفائدة المرجوة في كثير من المقررات الدراسية، ولتوضيح ذلك سأذكر مثالاً واحداً من مواد التربية الإسلامية التي تعتبر من المواد الأساسية في تعليمنا، لنقارن بين ما هو حاصل اليوم في تعليمها الذي يراعى الكم، وبين ما لو طبقنا نظاما جديدا يراعي مبدأ التركيز.
إذ يتضح من خلال تدريس مادة القرآن الكريم أن الطالب يتعلمها بشكل بسيط الكثافة في المرحلة الابتدائية، ثم يدرسها بعد ذلك حصة واحدة في الأسبوع من الصف الأول المتوسط وحتى الصف الثالث الثانوي في خلال ست سنوات دراسية، وقد لا تتاح له فرصة القراءة أمام معلمه إلا ثلاث أو أربع مرات في الفصل الدراسي الواحد، كل قراءة تتم في خلال دقائق قليلة لأسطر معدودة وينتهي الأمر على هذا النحو. وهكذا ينتقل الطالب من سنة دراسية إلى أخرى وهو ذاك لم تتحسن تلاوته - نستثني من هؤلاء الطلاب الذين استفادوا من حلقات التحفيظ الخارجية - والسبب في ذلك يعود إلى عدم إعطاء المادة زمنا كافيا يتيح للمعلم أن يلقن طلابه تلقينا جيدا يمكنهم من معرفة قراءة بعض الكلمات على النحو الصحيح ومن إتقان مهارتي التجويد والتلاوة وهكذا يخرج طلابنا من المرحلة الثانوية بل ومن الجامعات ولا يحسنون قراءة القرآن الكريم.
ولو طبق نظام تعليمي يراعي (مبدأ التركيز) في تلك السنوات الست لكان مقرر مادة القرآن الكريم يدرس في خلال خمسة فصول دراسية فقط من بين أثني عشر فصلاً دراسيا، يدرسها الطالب بشكل مكثف بواقع خمس حصص أسبوعية في كل فصل دراسي، وهو ما يتيح للمعلم أن يلقن الطلاب تلقينا جيداً، وهناك سيرى ثمرة جهده وسيلاحظ تحسناً كبيراً في قراءة معظمهم. وهكذا ينبغي مراعاة هذا المبدأ على جميع المقررات الدراسية، كل مادة بحسب الوقت والحصص التي تحتاجها، فليس بالضرورة أن يدرس الطالب المادة في كل فصل دراسي عابرة في خلال حصص مختصرة، بل الهدف أن يخرج الطالب بنتيجة من هذه الدراسة تعود عليه بالنفع في مستقبل أيامه وأثناء تخصصه في الجامعات.
ولن يتحقق مبدأ التركيز، إلا بصياغة نظام جديد في التعليم يعيد صياغة وترتيب المواد الدراسية بحيث يعطي كل مادة حقها من التعليم المركز، ويركز على المتطلبات التي يحتاجها الطالب في كل مرحلة، ويراعي أن لا تزيد الحصص الدراسية على ست حصص يوميا في جميع المراحل، وألا تزيد المواد الدراسية المقررة عن سبع مواد علمية في الفصل الدراسي الواحد، وأن يكون كل فصل دراسي مستقل بمواده ودرجاته، ويعطي الطالب فرصة لإعادة الاختبار في المادة التي لم يوفق فيها في بداية الفصل الدراسي الجديد، وبذلك نخرج من أزمة السنة الدراسية الطويلة واختبارات الدور الثاني. ولعل نظام التعليم الثانوي الجديد، بدأ يراعي هذا المبدأ بشيء من الاهتمام، ولكن من الأفضل أن يشمل ذلك جميع المراحل الدراسية.
ومن الأفضل أن يهتم ذلك النظام بتقسيم المواد إلى قسمين رئيسين:
الأول: مواد رئيسة يترتب عليها نجاح ورسوب، تؤخذ بالتناوب بشكل مستمر خلال مراحل التعليم، كمواد التربية الإسلامية ومواد اللغة العربية، والمواد العلمية التطبيقية الأخرى.
والثاني: مواد أخرى، لا يترتب عليها نجاح أو رسوب، يفيد منها الطالب معلومات ومهارات عملية، ويركز عليها بكثافة أقل وتصح أن تكون بديلاً عن حصة النشاط الحالية التي تتسم بالفوضى والأعمال الشكلية، والأفضل أن يختار الطالب منها منا يناسبه، كمادة التربية الفنية والتربية البدنية، والحاسب الآلي، والأنشطة المفيدة الأخرى، كتعلم فن الإلقاء الخطابي والشعري وتعلم مهارة الخط والنشاط المسرحي، والثقافة الصحية، والابتكار العلمي، والكشافة، والنظام، ومن خلال تلك الحصص المكثفة سيكتشف المعلمون مهارات طلابهم وميولهم كما سيكتشفها الطلاب في تلقائية سهلة.
إن نظام (التعليم المركز) الذي تقل مواده وحصصه، سوف يفيد الطلاب من نواح عدة، ولعل من أبرزها: مساعدتهم نفسياً على بذل الجهد والمثابرة ومنحهم الدافعية نحو التفوق والنجاح فيها، ويحد من نسب الرسوب العالية، والتي تتجلى زيادتها في نظامنا الحالي، كما يعينهم على معرفة اتجاهاتهم وميولهم العلمية التي تمكنهم من اختيار الجامعة أو الكلية أو المعهد المناسب بعد التخرج. كما يمكنهم من أن ينفذوا مشروع بحث أو قراءة حرة خارج إطار المنهج تحت إشراف المعلمين. ويحفز الذين يظهرون تفوقا غير عادي على أن يتجاوزوا المستوى الدراسي الذي هم فيه إلى المستوى الأعلى بطريقة ميسرة وفق شروط تعد لذلك، تشبه تلك التي نصت عليها لائحة التقويم الجديدة والتي أرى أن تطبيقها في الوضع الحالي للتعليم يواجه بعض العقبات.
كما أن ذلك النظام يعود على المعلمين بأمور مثمرة تصب في مصلحة العملية التعليمية ولعل من أهمها زيادة عطاء المعلم وتعزيز انتمائه إلى مؤسسته التعليمية. إذ ان نظاما كهذا سيقلل من حجم الحصص الدراسية الملقاة على عاتقه ويحد من تنوع المواد التي يدرسها، كما يمكنه من معرفة طلابه معرفة جيدة تساعده على استخدام طرق وأساليب متجددة وعلى تقويمها تقويماً صحيحاً.
ولا ننسى أن هذا النظام سوف يسهم بشكل قوي في إخراج المؤسسة التعليمية من دائرة الأزمات الشكلية التي يعاني منها نظام المدرسة في وضعه الحالي، وسيخلصها من الاهتمام بأمور ليست من اختصاصاتها، أسهمت في ضياع جهودها وتبديد طاقاتها.
almajd1**@hotmail.com
http://www.al-jazirah.com/178930/rj15d.htm
-
التربية والتعليم لا يكونان بالعنف
---------------------------------------------------
محمود القويحص - إدارة التربية والتعليم
إن المتأمل لسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، المعلم والمربي الأول للبشرية، ولمنهجه في التربية والتعليم يلمس شفقته وعطفه وحرصه على المتعلم والمتربي، إذ لم يُرو عنه أنه ربّى بعنف، أو علّم بغلظة، أو أمر بقسوة، فلم يضرب أو يعنف بكلام فيه سخرية واستفزاز، أو تجاهل من أمامه، أو أسكت محدثه، أو انتصر لنفسه، أو أجبر أحداً على اتّباعه، بل كانت سيرته العطرة في التربية والتعليم خير نبراسٍ يقتدى بها، فكلها رفق ولين وحرص وشفقة، فقد أمره سبحانه وتعالى بذلك قال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ}آل عمران159, وقال صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: (ما دخل الرفق في شيء إلا زانه و ما خرج من شيء إلا شانه) وقال: (إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف) وقال: (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد من يملك نفسه عند الغضب) فالتربية والتعليم يكونان بالرفق واللين، والشفقة والحرص على المتعلم والمتربي، لأن النفس البشرية مفطورة على حب من أحسن إليها وصدق الشاعر إذ قال:
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
لطالما استعبد الإنسان إحسان
وقد أوصى النبي صلى اللّه عليه وسلم أبا موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما عندما بعثهما إلى اليمن فقال لهما: (يسِّرا ولا تعسِّرا وعلِّما ولا تنفِّرا) والعنف من أعظم الأسباب المنفِّرة عن التربية والتعليم، ولهذا أمر الله عز وجل نبيه موسى عليه السلام عندما أرسله إلى أكبر طاغية عرفته البشرية بالرفق واللين معه قال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} طه44, ويكفي أن من صفات المؤمنين فيما بينهم التراحم قال تعالى: {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}، فمتى وُجِد الرفق واللين والرحمة كان ذلك أدعى إلى سرعة الاستجابة والانقياد، وإثارة الدافعية لدى المتعلم والمتربي، وقد أخطأ من يعتقد أن العنف والقسوة وسيلة إلى التربية الصحيحة، والتعليم السليم، وأنّ سبب ضياع الأبناء هذه الأيام هو البعد عن الشدة، ويستشهد بعبارة (اللحم لك والعظم لي) التي يرددها قديماً جميع أولياء الأمور للمربين والمعلمين، وأنّ مدلول هذه العبارة سبب صلاح الأبناء قديماً وبزوالها زالت التربية والتعليم، وما علموا أن التمادي في العنف والعقوبات الجسدية أو النفسية والتفنن فيها، والإسراع إليها لكونها أقصر الطرق للاستجابة الظاهريّة، واستخدامها لأدنى خطأ ليست مطلباً شرعياً أو إنسانياً أو تربوياً، ونتائجها وخيمة على الفرد والمجتمع، فالتربية بالعنف لا تولّد إلا عنفاً, والتعليم بالقسوة يولّد جهلاً وفظاظة، فبالعنف تغرس العدوانية والجبن والخور في نفوس الأبناء والطلاب، وتكسبهم الصفات الذميمة كالكذب والنفاق، وتميت فيهم حياة الضمير، وتجعلهم أكثر تمرداً وانفلاتاً، وأكثر عرضة للأمراض النفسية، وتظهر تلك السلبيات عندما يكبر الابن ويعتمد على نفسه، ويصعب عندئذٍ إنزال العقوبات البدنية عليه، ففرق بين الحزم المطلوب وبين العنف المذموم، فالهدف من العقوبة في التربية والتعليم وهي آخر العلاج - إذا تمّ الاضطرار إليها لأضيق الحالات - للإصلاح، و لمنع التمادي في الخطأ، و يجب ألّا تكون للتشفي، ولا تكون بدنية أو نفسية، أو للإجبار على التعلم والاستجابة السريعة، فالتأصيل والإقناع، وفتح باب الحوار هو المطلب في التربية والتعليم، ومثلها مثل الملح للطعام متى ما زاد أو نقص أفسده.
malqwehes@gmail.com
http://www.al-jazirah.com/178930/rj1d.htm
-
وزارة التربية والتعليم وثقافة أجيالنا
----------------------------------------------
د.سعد بن محمد الفياض
لا يخفى علينا جميعاً أن العالم أصبح قرية صغيرة متشابكة الأطراف، متصلة المعلومات متشابهة الظروف والملابسات، المعلومة فيه تنتقل من الشرق إلى الغرب في ثوان معدودة، بل إن الحدث بالصوت والصورة ينتقل من شمال كوكبنا إلى جنوبه في لحظات يسيرة، وهذا كله بسبب هذه الثورة التكنولوجية والانفجار المعلوماتي الذي أحدثته شبكة الاتصال (الإنترنت) إنها بحق ثورة في عالم الانترنت والبرمجة والاتصال، أصبح العالم يعيش هذه الثورة العظيمة ويعايشها. ومن هذه المجتمعات مجتمعنا الذي يعيش هذه الثورة وبالأخص أبناؤنا وبناتنا بل إنها أصبحت هي الثقافة السائدة في تعاملهم وحديثهم ومجالسهم، الحاسب الآلي وبرامجه وشبكة العنكبوت بمواقعه Microsoft، ميكروسوفت، أكسس، بور بوينت PowerPoint Access.lnk وغيرها و(البلاي ستيشن) بأنواعه، هي ثقافة أجيالنا فإذا لم تتواكب وتندمج تطلعات وزارة التربية والتعليم مع هذه الثقافة وتسايرها من خلال وضع الأولوية لتقنية المعلومات مدعومة بشبكة الانترنت في مقرراتنا الدراسية فسوف يكون هناك فجوة بين ثقافتنا وثقافتهم. والمتأمل في العالم كله يجده متجها إلى توظيف التقنية وشبكة الاتصالات في المناهج الدراسية بل إن تعليم المستقبل في دول أمريكا وأوروبا وبعض دول العالم قائم على دمج التعليم والتربية والمقررات الدراسية في التقنية من خلال الأسئلة المباشرة والبحث العلمي والتعلم عن بعد. ولو تأمل أحدنا في التعامل التقني الذي يعيشه بعض أبنائنا لربما وجد أن أحدهم وقبل أن يدخل المدرسة قد تمكن من إدارة وبرمجة أجهزة الحاسب الآلي وأجهزة البلاي ستيشن، بل ربما الدخول إلى مواقع الانترنت وتصفحها والتعامل معها صوتا وصورة، لذا وحتى لا يكون تعليمنا مجرد حشو معلوماتي يسبب التعب والإجهاد للمعلم، والملل والسآمة للطالب مما قد يُحدث الازدواجية في التعليم والسلوك، من أجل هذا لا بد أن تضع الوزارة نصب عينيها أهمية هذا الأمر، وما مشروع خادم الحرمين لتطوير التعليم إلا دليل واضح، على ما توليه هذه البلاد للتعليم من أهمية كبرى، لذا لا بد أن تعي وزارة التربية والتعليم أهمية هذا الموضوع وذلك من خلال وجود الرغبة الأكيدة، والهمة العالية لهذا الأمر، والاقتناع قبل كل شيء لهذه القضية ومن ثم إلزام إدارات التربية والتعليم بإقامة الدورات المتقدمة في مجال تعليم المستقبل القائم على توظيف مناهج التعليم وربطها بالتقنية وشبكة المعلومات مع الحرص الشديد على توفير أجهزة الحاسب في جميع مدارسنا وربطه بشبكة المعلومات الانترنت عندها سيكون تعليمنا تعليما مشوقا للطالب ومعززا لثقافته ومتماشيا مع رغباته، خصوصا إذا علمنا أن مصدر المعلومة في هذا الزمن ليس المعلم فقط، وأن المنهج الدراسي ليس مقصورا على المقرر.
Saad.alfayyadh@hotmail.com
http://www.al-jazirah.com/178930/rj7d.htm
-
معاناة الحدود ومروءة رجال الجوازات
-------------------------------------------------
أحمد حسن العيسى - مدارس التربية النموذجية بالرياض
حينما تبدأ الإجازات المدرسية وبخاصة الصيفية منها حيث تبدأ الحدود والمنافذ البرية بالاكتظاظ بالمسافرين وكنت واحداً منهم، ولكن بهم آخر، فقد كان يرافقني طفلي الذي يحتاج إلى عربة حتى أنقله بها لأتم إجراءات خروجه ودخوله، فقد كنت أسير باتجاه بوابات الدخول والخروج والهمُّ يملأ قلبي، كيف سأشق الزحام وهو برفقتي، والفرد السليم يحار بنفسه؟! وفي نهاية المطاف دخلت البوابة وبدأت أبحث..!! بأي الطوابير سألتحق؟ وعندها لفت انتباهي أحد العاملين وهو يشير بيده نحوي، نظرت إليه ولكنني لم أعرفه من قبل فتجاهلته، لكنه أعاد الإشارة ثانية فتجاهلته ظنا مني بأنه يشير لغيري، ولكن في الثالثة قال لي أحد المراجعين إن ذلك الموظف يناديك يا أخي، فاتجهت إليه وأنا أدفع بالعربة حتى وصلت النافذة التي يعمل خلفها، فقال لي أين جواز الطفل؟ أعطيته إياه فختم عليه ختم العبور وقال: مع السلامة، أتمنى لولدك الصحة والشفاء والعافية، حينها نزل الهمُّ عن كاهلي واقتربت عَبْرة من عيني ولكني تمالكتها، فقلت يا أخي هذا موقف إنساني نبيل أودّ أن أشير إليه في الصحافة ليعرف الناس أنه ما زال في الأمة خير كثير، فقال لي: يا أخي سواء أشرت إليه أم لم تشر فهذا واجبنا، حينها زاد في نفسي حب المعرفة، من ذاك الشخص الذي يتمتع بهذه الأخلاق والسلوكيات الراقية، فقلت له: هل من الممكن أن أتعرف عليك؟ فقال: اسمي (مد الله البلعاسي) فدعوت الله وقلت: أمدك الله بالصحة والعافية وأكثر الله من أمثالك ليكونوا نبراسا يحتذى ويقتبس منه في الإخلاص والتفاني في أداء الواجب، وليكونوا مثلا في الأخلاق الفاضلة والنبيلة.. فتحيَّة تقدير وعرفان لكم يا رجال الجوازات، وهنيئا لكم بأمثال هذه الكوادر الطيبة.
http://www.al-jazirah.com/178930/rj9d.htm